الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ، مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ، لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا
، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ، وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ، وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ، قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ، وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ، عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} (1)
قَالَ الْبُخَارِيُّ ج4ص116: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} ، قَالَ الحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الوُجُوهِ ، وَالسُّرُورُ فِي القَلْبِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الأَرَائِكُ} : السُّرُرُ.
{دَانِيَة} : قَرِيبَة.
وَقَالَ البَرَاءُ: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا} : يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلًا} : حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ.
(1)[الإنسان: 11 - 18]
(خ م ت حم)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ)(1)(وَمَعَهُ بِلَالٌ)(2)(فَأَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ (3)) (4) وفي رواية: (فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ)(5)(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " انْتَظِرْ ، انْتَظِرْ ")(6)(ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَبْرِدْ ")(7)(قَالَ: حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ (8)) (9) وفي رواية: حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ (10)) (11)(ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى)(12)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الْحَارُّ ، فَأَبْرِدُوا (13) بِالصَلَاةِ) (14) وفي رواية: (فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ)(15)(فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ (16) اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ) (17)(فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ)(18)(فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ)(19)(وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ (20)) (21)(فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ (22)) (23)
وفي رواية (24): " فَأَمَّا نَفَسُهَا فِي الشِّتَاءِ فَزَمْهَرِيرٌ، وَأَمَّا نَفَسُهَا فِي الصَّيْفِ فَسَمُومٌ "(25)
وفي رواية (26): " فَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْبَرْدِ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا ، وَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ مِنْ سَمُومِهَا "
(1)(خ) 514
(2)
(ت) 158
(3)
وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ فِي رِوايَةٍ لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْأَذَان مِنْهُ، فَيُجْمِعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَذَانِ ، فَقِيلَ لَهُ: أَبْرِدْ ، فَتَرَكَ، فَمَعْنَى (أَذَّنَ): شَرَعَ فِي الْأَذَانِ وَمَعْنَى (أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ): أَيْ: يُتِمَّ الْأَذَانَ ، وَالله أَعْلَمُ. فتح (ج 2 / ص 305)
(4)
(خ) 514 ، (م) 616
(5)
(ت) 158
(6)
(خ) 511 ، (م) 616
(7)
(خ) 511 ، (د) 401
(8)
الْفَيْءُ: هُوَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الظِّلِّ، وَالتُّلُولُ: جَمْعُ تَلٍّ، وَهِيَ فِي الْغَالِبِ مُنْبَطِحَةٌ غَيْرُ شَاخِصَةٍ ، فَلَا يَظْهَرُ لَهَا ظِلٌّ إِلَّا إِذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ وَقْتِ الظُّهْرِ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غَايَةِ الْإِبْرَادِ، وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَمْتَدَّ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ. فتح (ج 2 / ص 309)
(9)
(خ) 511 ، (م) 616
(10)
ظَاهِرُ هذه الرواية يَقْتَضِي أَنَّهُ أَخَّرَهَا إِلَى أَنْ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَذِهِ الْمُسَاوَاةِ: ظُهُورُ الظِّلِّ بِجَنْبِ التَّلِّ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا ، فَسَاوَاهُ فِي الظُّهُورِ ، لَا فِي الْمِقْدَارِ.
أَوْ يُقَالُ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ، فَلَعَلَّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا مَعَ الْعَصْرِ. فتح الباري - (ج 2 / ص 309)
(11)
(خ) 603
(12)
(ت) 158
(13)
قَوْله (فَأَبْرِدُوا) أَيْ: أَخِّرُوا إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ ، يُقَالُ:(أَبْرَدَ) إِذَا دَخَلَ فِي الْبَرْدِ ، كَأَظْهَرَ ، إِذَا دَخَلَ فِي الظَّهِيرَةِ، وَمِثْله فِي الْمَكَانِ: أَنْجَدَ ، إِذَا دَخَلَ نَجْدًا، وَأَتْهَمَ: إِذَا دَخَلَ تِهَامَة.
وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ أَمْر اِسْتِحْبَاب، وَقِيلَ: أَمْر إِرْشَاد، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِلْوُجُوبِ ، وجُمْهُور أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ تَأخِيرَ الظُهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ وَيَنْكَسِرَ الْوَهَج.
وَخَصَّهُ بَعْضُهمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ ، فَالتَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ ، وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا ، لَكِنْ خَصَّهُ بِالْبَلَدِ الْحَارِّ ، وَقَيَّدَ الْجَمَاعَةَ بِمَا إِذَا كَانُوا يَنْتَابُونَ مَسْجِدًا مِنْ بُعْدِ، فَلَوْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ ، أَوْ كَانُوا يَمْشُونَ فِي كَنٍّ ، فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِمْ التَّعْجِيل.
وَالْمَشْهُور عَنْ أَحْمَدَ: التَّسْوِيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا قَيْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَالْكُوفِيِّينَ ، وَابْن الْمُنْذِر.
وَاسْتَدَلَّ لَهُ التِّرْمِذِيُّ " بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَر "، فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، لَمْ يَأمُرْ بِالْإِبْرَادِ ، لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي السَّفَرِ ، وَكَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْ يَنْتَابُوا مِنْ الْبُعْدِ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الظُهْرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ، وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَدِيث خَبَّابٍ:" شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا ، فَلَمْ يُشْكِنَا "، أَيْ: فَلَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِم.
وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَبِأَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ مَشَقَّةً ، فَتَكُونُ أَفْضَلُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأخِيرًا زَائِدًا عَنْ وَقْتِ الْإِبْرَادِ ، وَهُوَ زَوَالُ حَرِّ الرَّمْضَاءِ ، وَذَلِكَ قَدْ يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ الْوَقْتِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُمْ.
أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْإِبْرَاد ، فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَة عَنْهُ ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الطَّحَاوِيّ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة قَالَ:" كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الظُهْر بِالْهَاجِرَةِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ " الْحَدِيث، وَهُوَ حَدِيثُ رِجَالِهِ ثِقَات ، رَوَاهُ أَحْمَد ، وَابْن مَاجَة وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ ، وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْإِبْرَادَ رُخْصَةٌ ، وَالتَّعْجِيلَ أَفْضَلُ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ أَمْرُ إِرْشَادِ.
وَعَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: الْإِبْرَادُ أَفْضَلُ ، وَحَدِيثُ خَبَّابٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ ، وَهُوَ الصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ.
وَلَا اِلْتِفَاتَ إِلَى مَنْ قَالَ: التَّعْجِيلُ أَكْثَرُ مَشَقَّةً ، فَيَكُونُ أَفْضَل؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْأَشَقِّ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَخَفُّ أَفْضَلُ، كَمَا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ. فتح الباري - (ج 2 / ص 304)
(14)
(م) 615 ، (خ) 512
(15)
(جة) 678 ، (حم) 8887
(16)
فَيْحُ جَهَنَّمَ: غَلَيَانُهَا ، وَانْتِشَارُ لَهَبِهَا وَوَهَجِهَا ، وسَجْرُ جَهَنَّمَ سَبَبُ فَيْحِهَا ، وَفَيْحُهَا سَبَبُ وُجُودِ شِدَّةِ الْحَرِّ ، وَهُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ سَلْبِ الْخُشُوعِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِيهَا ، والتَّعْلِيلُ إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ ، وَجَبَ قَبُولُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ. فتح الباري - (ج 2 / ص 304)
(17)
(خ) 512 ، (م) 617
(18)
(خ) 3087 ، (م) 617
(19)
(م) 617
(20)
الْمُرَادُ بِالزَّمْهَرِيرِ: شِدَّةُ الْبُرْدِ، وَاسْتُشْكِلَ وُجُودُهُ فِي النَّارِ ، وَلَا إِشْكَالَ ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّارِ مَحَلُّهَا ، وَفِيهَا طَبَقَةٌ زَمْهَرِيرِيَّةٌ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 388)
(21)
(خ) 3087 ، (م) 617
(22)
قَضِيَّة التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ ، قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهَا مَشْرُوعِيَّةُ تَأخِيرِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ غَالِبًا فِي وَقْتِ الصُّبْحِ ، فَلَا تَزُولُ إِلَّا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلَوْ أُخِّرَتْ لَخَرَجَ الْوَقْت. فتح الباري - (ج 2 / ص 306)
(23)
(م) 617
(24)
(ت) 2592
(25)
السَّمُوم: الرِّيحُ الْحَارَّةُ ، تَكُونُ غَالِبًا بِالنَّهَارِ. تحفة الأحوذي (ج 6 / ص388)
(26)
(جة) 4319 ، انظر الصَّحِيحَة: 1457
(الفوائد المنتقاة لابن أبي الفوارس)، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} قَالَ: أَهْلُ الْجَنَّةِ يَأكُلُونَ مِنْهَا قِيَامًا وَقُعُودًا وَمُضْطَجِعِينَ ، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ شَاءُوا " (1)
(1)(الثالث من الفوائد المنتقاة لابن أبي الفوارس) ، (ش) 34085 ، (ك) 3884، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3734