الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ غَيْرِ المُسْلِمِين (هَلْ هُمْ طَاهِرُونَ أَمْ لَا)
أَعْيَانُ الْمُشْرِكِين
(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ (2) فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) (3)(سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ)(4)(فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ (5) ") (6)
تقدم شرحه
فَوائِدُ الْحَدِيث:
فيه عدم نجاسة الكافر الجسدية ، وإلا لم يربطوه في المسجد. ع
وفي هذا: دليل على جواز إدخال المشرك إلى المسجد، لكن بإذن المسلمين.
وقد أنزل النبي صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف في المسجد؛ ليكون أرق لقلوبهم.
خرجه أبو داود من رواية الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.
وروى وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال: إن وفدا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم من ثقيف، فدخلوا عليه المسجد، فقيل له: إنهم مشركون؟ قال: ((الأرض لا ينجسها شيء)).
وخرجه أبو داود في ((المراسيل)) من رواية أشعث، عن الحسن، أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب لهم قبة في مؤخرة المسجد؛ لينظروا صلاة المسلمين، إلى ركوعهم، وسجودهم، فقيل: يا رسول الله، أتنزلهم المسجد وهم مشركون؟ قال:((أن الأرض لا تنجس، إنما ينجس ابن آدم)).
وكذلك سائر وفود العرب ونصارى نجران، كلهم كانوا يدخلون المسجد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجلسون فيه عنده.
ولما قدم مشركو قريش في فداء أسارى بدر كانوا يبيتون في المسجد.
وقد روى ذلك الشافعي بإسناد له.
وقد خرج البخاري حديث جبير بن مطعم - وكان ممن قدم في فداء الاسارى -، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرا في المغرب بالطور. قال: وكان ذلك أول ما وقر الأيمان في قلبي.
وخرج البخاري فيما سبق في ((كتاب: العلم)) حديث دخول ضمام بن ثعلبة المسجد، وعقله بعيره فيه، وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، ثم أسلم عقب ذلك. وروى أبو داود في المراسيل بإسناد عن الزهري، قال: اخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا سفيان كان يدخل المسجد بالمدينة وهو كافر، غير أن ذلك لا يصلح في المسجد الحرام؛ لما قَالَ الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28].فتح الباري لابن رجب 469
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْكَافِرَ الْحَيَّ طَاهِرٌ لأَنَّهُ آدَمِيٌّ، وَالآدَمِيُّ طَاهِرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا (7) لِقَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، نَجَاسَةَ الأَبْدَانِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَجَاسَةُ مَا يَعْتَقِدُونَهُ، وَقَدْ رَبَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأَسِيرَ فِي الْمَسْجِدِ.
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْكَافِرِ مَسُّ الْمُصْحَفِ لأَنَّ فِي ذَلِكَ إِهَانَةً لِلْمُصْحَفِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لا بَأسَ أَنْ يَمَسَّ الْكَافِرُ الْمُصْحَفَ إِذَا اغْتَسَلَ، لأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْحَدَثُ وَقَدْ زَالَ بِالْغُسْلِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِ وَذَلِكَ فِي قَلْبِهِ لا فِي يَدِهِ. (8)
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ حِرْزًا مِنْ قُرْآنٍ وَلَوْ بِسَاتِرٍ لأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى امْتِهَانِهِ. (9)
(1)[المائدة/5]
(2)
أَيْ: بَعَثَ فُرْسَان خَيْل إِلَى جِهَة نَجْد. فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 189)
(3)
(خ) 450 ، (م) 1764
(4)
(خ) 2290 ، (م) 1764
(5)
فيه عدم نجاسة الكافر الجسدية ، وإلا لم يربطوه في المسجد. ع
(6)
(خ) 450 ، (م) 1764
(7)
حاشية ابن عابدين 1/ 148، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 50، ونهاية المحتاج 1/ 221، وكشاف القناع 1/ 193.
(8)
بدائع الصنائع 1/ 37، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 1/ 119.
(9)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1/ 126.