الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمِسْكُ وَالزَّبَادُ وَالْعَنْبَرُ
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ حَلالٌ، فَيُؤْكَلُ بِكُلِّ حَالٍ، وَكَذَا نَافِجَتُهُ طَاهِرَةٌ مُطْلَقًا عَلَى الأَصَحِّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا، وَبَيْنَ مَا انْفَصَلَ مِنَ الْمَذْبُوحَةِ وَغَيْرِهَا، وَبَيْنَ كَوْنِهَا بِحَالِ لَوْ أَصَابَهَا الْمَاءُ فَسَدَتْ أَوْ لا.
وَكَذَا الزَّبَادُ طَاهِرٌ لاسْتِحَالَتِهِ إِلَى الطِّيبِيَّةِ.
وَكَذَا الْعَنْبَرُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، قَالَ فِي خِزَانَةِ الرِّوَايَاتِ نَاقِلا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: الزَّبَادُ طَاهِرٌ، وَفِي الْمِنْهَاجِيَّةِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمَسَائِلِ: الْمِسْكُ طَاهِرٌ لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَمًا لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ، وَكَذَا الزَّبَادُ طَاهِرٌ، وَكَذَا الْعَنْبَرُ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمِسْكَ - كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ - طَاهِرٌ، وَفِي فَأرَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي حَيَاةِ الظَّبْيَةِ وَجْهَانِ: الأَصَحُّ الطَّهَارَةُ كَالْجَنِينِ، فَإِنِ انْفَصَلَتْ بَعْدَ مَوْتِهَا فَنَجِسَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ كَاللَّبَنِ، وَطَاهِرَةٌ فِي وَجْهٍ كَالْبَيْضِ الْمُتَصَلِّبِ.
وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ لأَنَّهُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ، وَهُوَ الأَصَحُّ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعَرٍ فِيهِ عُرْفًا فِي مَأخُوذٍ جَامِدٍ، وَفِي مَأخُوذٍ مِنْهُ مَائِعٍ.
وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ لأَنَّهُ نَبَاتٌ بَحْرِيٌّ عَلَى الأَصَحِّ، نَعَمْ مَا يَبْتَلِعُهُ مِنْهُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ ثُمَّ يُلْقِيهِ نَجِسٌ لأَنَّهُ مِنَ الْقَيْءِ وَيُعْرَفُ بِسَوَادِهِ. (2)
وَيَقُولُ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ لا خِلافَ فِي طَهَارَةِ الْمِسْكِ وَحِلِّ أَكْلِهِ، وَهُوَ الدَّمُ الْمُنْعَقِدُ يُوجَدُ عِنْدَ بَعْضِ الْحَيَوَانِ كَالْغَزَالِ وَاسْتَحَالَ إِلَى صَلاحٍ، وَكَذَا فَأرَتُهُ وَهِيَ وِعَاؤُهُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَخْصُوصِ، لأَنَّه عليه الصلاة والسلام تَطَيَّبَ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا تَطَيَّبَ بِهِ. (3)
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الْمِسْكُ وَفَأرَتُهُ طَاهِرَانِ وَهُوَ سُرَّةُ الْغَزَالِ، وَكَذَا الزَّبَادُ طَاهِرٌ لأَنَّهُ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ، وَفِي الإِقْنَاعِ نَجِسٌ، لأَنَّهُ عَرَقُ حَيَوَانٍ أَكْبَرَ مِنَ الْهِرِّ، وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ. (4)
(1) الأشباه والنظائر 76، والفتاوى الخانية على هامش الفتاوى الهندية 1/ 24، وحاشية ابن عابدين 1/ 139 ـ 140، ومراقي الفلاح ص 33، وفتح القدير 1/ 141، 147.
(2)
القليوبي على المنهاج 1/ 72، وروضة الطالبين 1/ 17، والإقناع للشربيني 1/ 26، ونهاية المحتاج 1/ 224.
(3)
أسهل المدارك شرح إرشاد السالك 1/ 65، 66، وحاشية الدسوقي 1/ 52، وجواهر الإكليل 1/ 9، وحاشية الزرقاني 1/ 27.
(4)
شرح منتهى الإرادات 1/ 103، 104، ومطالب أولي النهى 1/ 237 ـ 238، 6/ 308.