الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوَى اَلنَّظَافَة أَوْ اَلتَّبَرُّد
قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَالتَّبَرُّدَ أَجْزَأَهُ - أَيْ عَنْ رَفْعِ الْحَدَثِ - لأَنَّ مَا نَوَاهُ مَعَ رَفْعِ الْحَدَثِ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَلا تَضَادَّ، وَهَذِهِ النِّيَّةُ إِذَا صَحِبَهَا قَصْدُ التَّبَرُّدِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَلا يَضُرُّهَا مَا صَحِبَهَا، وَقِيلَ: لا يُجْزِئُ لأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ عَلَى الْعِبَادَةِ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، وَهَاهُنَا الأَمْرَانِ. (1)
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ أَوِ الْغُسْلَ وَالتَّبَرُّدَ، فَفِي وَجْهٍ لا يَصِحُّ لِلتَّشْرِيكِ، وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ؛ لأَنَّ التَّبَرُّدَ حَاصِلٌ قَصَدَهُ أَمْ لا، فَلَمْ يَجْعَلْ قَصْدَهُ تَشْرِيكًا وَتَرْكًا لِلإِخْلاصِ، بَلْ هُوَ قَصْدٌ لِلْعِبَادَةِ عَلَى حَسَبِ وُقُوعِهَا؛ لأَنَّ مِنْ ضَرُورَتِهَا حُصُولَ التَّبَرُّدِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ أَوِ الْحِمْيَةَ أَوِ التَّدَاوِيَ وَفِيهِ الْخِلافُ الْمَذْكُورُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى الصَّلاةَ وَدَفْعَ غَرِيمِهِ، صَحَّتْ صَلاتُهُ لأَنَّ الاشْتِغَالَ عَنِ الْغَرِيمِ لا يَفْتَقِرُ إِلَى قَصْدٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ خَرَّجَهُ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ الشَّامِلِ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّبَرُّدِ. (2)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ شَرِكَ بَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ قَصْدِ التَّبَرُّدِ أَوْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوِ الْوَسَخِ أَجْزَأَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ؛ لأَنَّ هَذَا الْقَصْدَ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَلا مَكْرُوهٍ، وَلِهَذَا لَوْ قَصَدَ مَعَ رَفْعِ الْحَدَثِ تَعْلِيمَ الْوُضُوءِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْصِدُ أَحْيَانًا بِالصَّلاةِ تَعْلِيمَهَا لِلنَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ كَمَا قَالَ:" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ ".
وَعِنْدَهُمْ كَذَلِكَ: لا يَضُرُّ مَعَ نِيَّةِ الصَّلاةِ قَصْدُ تَعْلِيمِ الصَّلاةِ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَغَيْرِهِ، أَوْ قَصْدُ خَلاصٍ مِنْ خَصْمٍ أَوْ إِدْمَانِ سَهَرٍ، أَيْ لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بَعْدَ إِتْيَانِهِ بِالنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ، لا أَنَّهُ لا يُنْقِصُ ثَوَابَهُ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا يُنْقِصُ الأَجْرَ، وَمِثْلُهُ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الصَّوْمِ هَضْمَ الطَّعَامِ، أَوْ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الْحَجِّ رُؤْيَةَ الْبِلادِ النَّائِيَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ قَصَدَ مَا يَلْزَمُ ضَرُورَةً. (3)
(1) الذخيرة 1/ 251، ومواهب الجليل 1/ 235.
(2)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص 20 ـ 23، والمنثور في القواعد 3/ 302، ومغني المحتاج 1/ 49.
(3)
كشاف القناع 1/ 314.