الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اَلْهِبَة
مَوْتُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْهِبَة
(ط)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه كَانَ نَحَلَهَا (1) جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا (2) مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللهِ يَا بُنَيَّةُ ، مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ (3) وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا ، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ (4) وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ (5) وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ (6) فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ ، وَاللهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ (7) إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنْ الْأُخْرَى؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ ، أُرَاهَا جَارِيَةً (8). (9)
(1) الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهُ خَصَّهَا بِالنِّحْلَةِ دُونَ سَائِرِ أَخَوَاتِهَا وَرَأَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ لِبَشِيرٍ فِي مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ النُّعْمَانِ:" أَكُلَّ وَلَدِك نَحَلْته مِثْلَ هَذَا؟ "، قَالَ: لَا ، قَالَ:" أَرْجِعْهُ " ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ تَأَوَّلَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بَعْضَ الْوُجُوهِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي تَفْسِيرِهِ، وَأَنَّ نِحْلَتَهُ لِعَائِشَةَ ك لَمْ تَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِفَضْلِ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ إخْوَتِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا:" لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبُّ إلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْك " ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْوَلَدُ فَيَبَرُّهُ بَعْضُهُمْ فَيُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ عَطِيَّةً مِنْ مَالِهِ دُونَ غَيْرِهِ لَا بَأسَ بِذَلِكَ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(2)
الْجَادّ بِمَعْنَى الْمَجْدُود أَيْ: نَخْل يُجَدّ - يَعْنِي يُقْطَع - مِنْ ثَمَرَته عِشْرِينَ وَسْقًا ، قَالَ الْأَصْمَعِيّ: لِفُلَانٍ أَرْضٌ جَادَّ مِائَةِ وَسْقٍ ، أَيْ: تُخْرِج مِائَةَ وَسْقٍ إِذَا زُرِعَتْ. عون المعبود - (ج 4 / ص 70)
(3)
يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ مِنْهُ ، وَأَحَسَّ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ مَا تَيَقَّنَ بِهِ الْوَفَاةَ ، قَالَ لَهَا الْقَوْلَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى سَبِيلِ التَّأنِيسِ لَهَا ، وَالْإِعْلَامِ لَهَا بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ إمْضَاءِ هِبَتِهِ لَهَا عَدَمُ إشْفَاقِهِ عَلَيْهَا وَمَحَبَّتِهِ لَهَا ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(4)
هَذَا الْأَثَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ ، لِقَوْلِهِ:" لَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ وَاحْتَرَثْتِهِ كَانَ لَكِ " ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَبْضَ الثَّمَرَةِ يَكُونُ بِالْجِذَاذِ ، وَقَبْضَ الْإِرْثِ بِالْحَرْثِ ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ: اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ هُوَ غَايَةُ الْقَبُولِ ، قَالَ الْحَافِظُ: وَغَفَلَ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَشْتَرِطُونَ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْهَدِيَّةِ. نيل الأوطار (ج9 ص206)
(5)
يُرِيدُ أَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ قَدْ تَعَلَّقَ ، فَيَمْنَعُ ذَلِكَ الْحِيَازَةَ كَمَا يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(6)
يُرِيدَ إنَّمَا يَرِثُنِي بِالْبُنُوَّةِ أَنْتَ وَأَخَوَاك وَأُخْتَاك ، وَقَدْ وَرِثَهُ زَوْجَتهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ ، وَزَوْجَتهُ بِنْتُ خَارِجَةَ ، فَيُرِيدُ أَنَّ الَّذِينَ يُشَارِكُونَك فِي هَذِهِ الْعَطِيَّةِ إنَّمَا هُمْ إخْوَتُك عَلَى مَعْنَى التَّسْلِيَةِ لَهَا عَمَّا صَارَ إِلَى غَيْرِهَا مِنْ ذَلِكَ ، بِأَنَّ مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ مِمَّنْ يَسُرُّك غِنَاهُمْ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(7)
تُرِيدَ لَتَرَكْته إِذَا لَمْ أَسْتَحِقَّهُ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(8)
فَوَلَدَتْ بِنْتُ خَارِجَةَ بِنْتًا سُمِّيَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 56)
(9)
(ط) 1438 ، (طح) 5844 ، (بغ) 2204 ، (هق) 11728 ، وصححه الألباني في الإرواء: 1619