الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدّين وَكَانَ وَصله خلعة أَمِير الْمُؤمنِينَ فخلعها عَلَيْهِ فَدخل إِلَى الْموصل بهَا وانتقل إِلَى جَانب الشط الآخر وَلم يدْخل إِلَى الْموصل إِلَى أَن جَاءَ مطر شَدِيد جدّاَ فَدخل من بَاب السِّرّ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ورتب أمورها وَولي فِيهَا كمشتكين فَرَأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول لَهُ جِئْت إِلَى بلدك وطاب لَك الْمقَام بِهِ وَتركت الْجِهَاد وقتال أَعدَاء الدّين فَاسْتَيْقَظَ من مَنَامه وَسَار سحرة ذَلِك الْيَوْم وَلم يلبث وَلم يعلم بِهِ أَكثر النَّاس حَتَّى خرج ولحقوه رَحمَه الله تَعَالَى
فصل
وصل الْخَبَر بِمَوْت الإِمَام المستنجد بِاللَّه أبي المظفر يُوسُف بن المقتفي ونورُ الدّين مخيم بشرقي الْموصل بتل تَوْبَة وَكَانَت وَفَاته يَوْم السبت تَاسِع ربيع الآخر وبويع ابْنه المستضيء بِأَمْر الله أَبُو مُحَمَّد الْحسن
وَكَانَ مولد المستنجد مستهل ربيع الآخر سنة عشر وَخمْس مئة وَكَانَت خِلَافَته إِحْدَى عشرَة سنة وَسِتَّة أَيَّام وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من خلفاء بني الْعَبَّاس وَهَذَا الْعدَد لَهُ بِحِسَاب الجمَّل اللَّام وَالْبَاء وَفِيه يَقُول بعض الأدباء
(أَصبَحت لب بني الْعَبَّاس كلهم
…
إِن عددت بِحِسَاب الجمَّل الخلفا)
وَكَانَ أسمر تَامّ الْقَامَة طَوِيل اللِّحْيَة وَكَانَ من أحسن الْخُلَفَاء سيرة
مَعَ الرّعية كَانَ عادلا فيهم كثير الرِّفْق بهم وَأطلق من المكوس كثيرا وَلم يتْرك بالعراق مكسا وَكَانَ شَدِيدا على أهل العيث وَالْفساد والسعاية بِالنَّاسِ
قَالَ ابْن الْأَثِير بَلغنِي أَنه قبض على إِنْسَان كَانَ يسْعَى بِالنَّاسِ وَيكْتب فيهم السِّعايات فَأطَال حَبسه فَحَضَرَ بعض أَصْحَابه وشفع فِيهِ وبذل عَنهُ عشرَة آلَاف دِينَار فَقَالَ لَهُ أَنا أُعْطِيك عشرَة آلَاف دِينَار وتحضر لي إنْسَانا آخر مثله أحبسه لأكفَّ شَره عَن النَّاس
وَتُوفِّي فِي أَيَّامه شيخ الشُّيُوخ إِسْمَاعِيل بن أبي سعد وَصَارَ بعده ابْنه صدر الدّين عبد الرَّحِيم شيخ الشُّيُوخ وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين
وَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين توفّي مُحَمَّد بن نصر القيسراني وَأحمد بن مُنِير الشاعران وَقد تقدم ذَلِك
وَفِي سنة تسع وَأَرْبَعين توفّي الْحَكِيم أَبُو الحكم الشَّاعِر الأندلسي
وَفِي سنة إِحْدَى وَخمسين توفّي الوأواء الشَّاعِر الْحلَبِي
وَفِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ توفّي الشَّيْخ أَبُو النجيب الصُّوفِي الْفَقِيه الْوَاعِظ
قَالَ الْعِمَاد وجاءنا رسل دَار الْخلَافَة مبشرين بخلافة المستضيء وَاتفقَ ذَلِك يَوْم عبور دجلة وَركب يَوْم النُّزُول على تل تَوْبَة فِي الأهبة السَّوْدَاء وَالْيَد الْبَيْضَاء وَذَلِكَ بمرأى ومنظر من أهل الْموصل الحدباء ثمَّ أرسل الشَّيْخ شرف الدّين بن أبي عصرون إِلَى بَغْدَاد نَائِبا عَنهُ فِي خدمَة الإِمَام
وَمِمَّا نظمه الْعِمَاد فِيهِ
(قد أَضَاء الزَّمَان بالمستضيء
…
وَارِث الْبرد وَابْن عَم النبيء)
(جَاءَ بِالْحَقِّ والشريعة وَالْعدْل
…
فيا مرْحَبًا بِهَذَا الْمَجِيء)
(فهنيئاً لأهل بَغْدَاد فازوا
…
بعد بؤس بِكُل عَيْش هنيء)
(ومضيء إِن كَانَ فِي الزَّمن المظلم
…
فالعود فِي الزَّمَان المضيء)
وَله من قصيدة أُخْرَى
(لهفي على زمن الشَّبَاب فإنني
…
بسوى التأسف عَنهُ لم أتعوض)
(نقضت عهود الغانيات وَإِنَّهَا
…
لَوْلَا انْقِضَاء شبيبتي لم تنقض)