الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْعِمَاد وَلما دَخَلنَا دمشق وجدنَا رُسُل دَار الْخلَافَة قد وصلوا بِأَسْبَاب العاطفة والرأفة وَكَانَ حِينَئِذٍ صَاحب المخزن ظهير الدّين أَبُو بكر مَنْصُور بن نصر العطَّار وَهُوَ من ذَوي الأخطار وَله التحكم فِي الْإِيرَاد والإصدار وَقد توفَّر على محبَّة السُّلطان وتربية رجائه وتلبية دُعَائِهِ وَوصل كِتَابه وَرَسُوله بِكُل مَا سر السَّرائر ونوّر البصائر
فصل فِي ذكر أَوْلَاد السُّلْطَان
قَالَ الْعِمَاد وَفِي هَذِه السَّنة ولد بِمصْر للسُّلطان ابْنه أَبُو سُلَيْمَان دَاوُد
وَكتب الْفَاضِل إِلَى السُّلْطَان يهنئه بِهِ وَيَقُول إِنَّه وُلد لِسَبْع بَقينَ من ذِي الْقعدَة وَهَذَا الولدُ المُبارك هُوَ المُوفى لاثني عشر ولدا بل لاثني عشر نجماً متوقداً فقد زَاد الله فِي أنجمه على أنجم يُوسُف عليه السلام نجماً ورآهم الْمولى يقظة وَرَأى تِلْكَ الأنجم حلما ورآهم ساجدين لَهُ ورأينا الْخلق لَهُ سجوداً وَهُوَ قادرٌ سُبْحَانَهُ أَن يزِيد جدود الْمولى إِلَى أَن يراهم أباءً وجدوداً
قَالَ الْعِمَاد وَكنت فِي بعض اللَّيَالِي عِنْد السُّلطان فِي آخر عَهده وَجرى ذكر أَوْلَاده واعتضاده بهم واعتداده فَقلت لَهُ لَو عرفت أَيَّام
مواليدهم فِي أعوامها لأنشأت رِسَالَة على نظامها فَذكر لي مَا أثْبته على تَرْتِيب اسنانهم
الْملك الْأَفْضَل نور الدّين أَبُو الْحسن عليّ ولدُ بِمصْر لَيْلَة عيد الْفطر عِنْد الْعَصْر سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مئة
الْعَزِيز أَبُو الْفَتْح عُثْمَان عماد الدِّين ولد بِمصْر ثامن جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ
الظافر أَبُو الْعَبَّاس خضر مظفر الدِّين ولد بِمصْر فِي خَامِس شعْبَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَهُوَ أَخُو الْأَفْضَل لِأَبَوَيْهِ
الظَّاهِر أَبُو مَنْصُور غَازِي غياث الدّين ولد بِمصْر منتصف رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ
الْمعز أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق فتح الدِّين وُلد بِمصْر فِي ربيع الأول سنة سبعين.
الْمُؤَيد أَبُو الْفَتْح مَسْعُود نجم الدّين وُلد بِدِمَشْق فِي ربيع الأول سنة
إِحْدَى وَسبعين وَهُوَ أَخُو الْعَزِيز لِأَبَوَيْهِ
الأعزُّ أَبُو يُوسُف يَعْقُوب شرف الدِّين وُلد بِمصْر فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَهُوَ لأم الْعَزِيز
الزَّاهر أَبُو سُلَيْمَان دَاوُد مجير الدِّين ولد بِمصْر فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَهُوَ لأم الظَّاهِر
الْمفضل أَبُو مُحَمَّد مُوسَى قطب الدِّين ثمَّ نعت بالمظفَّر ولد بِمصْر سنة ثَلَاث وَسبعين وَهُوَ لأم الْأَفْضَل
الْأَشْرَف أَبُو عبد الله مُحَمَّد عز الدّين ولد بِالشَّام سنة خمس وَسبعين
المحسن أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ظهير الدِّين وُلد بِمصْر فِي ربيع الأول سنة سبع وَسبعين وَهُوَ لأم الْأَشْرَف
المعظَّم أَبُو مَنْصُور تورانشاه فَخر الدّين ولد بِمصْر فِي ربيع الأول سنة سبع وَسبعين أَيْضا
قلت وَمَات سنة ثَمَان وَخمسين وست مئة وَهِي السّنة الَّتِي أخرب الْعَدو من التتار خذلهم الله تَعَالَى فِيهَا مَدِينَة حلب وَغَيرهَا وَالله أعلم
الْجواد أَبُو سعيد أَيُّوب ركن الدِّين ولد فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَهُوَ لأم الْمعز
الْغَالِب أَبُو الْفَتْح ملكشاه نصير الدِّين مولده بالشَّام فِي رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَهُوَ لأم الْمُعظم
الْمَنْصُور أَبُو بكر وَهُوَ أَيْضا أَخُو الْمُعظم لِأَبَوَيْهِ ولد بحرّان بعد وَفَاة السُّلْطَان
قلت فَهَذِهِ خَمْسَة عشر ولدا ذكرهم الْعِمَاد فِي هَذَا الْموضع
وَقَالَ فِي آخر كتاب الْفَتْح القُدسي على مَا سَنذكرُهُ فِي آخر هَذَا الْكتاب إِن السُّلْطَان لما توفّي خلَّف سَبْعَة عشر ولدا وَابْنَة صَغِيرَة
فقد فَاتَهُ هُنَا ذكر اثْنَيْنِ وهما عماد الدّين شاذي لأم ولد ونصرة الدّين مَرْوَان لأم ولد وَأما الْبِنْت فَهِيَ مؤنسة خاتون تزَوجهَا الْملك الْكَامِل مُحَمَّد على مَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ ابْن عَمها الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب
وللسلطان غير هَؤُلَاءِ الْأَوْلَاد مِمَّن درج فِي حَيَاته كالملك الْمَنْصُور حسن وَسَيَأْتِي ذكر وَفَاته والأمير أَحْمد وَهُوَ الَّذِي رثاه العرقلة بقوله
(أيّ هِلَال كُسفا
…
وَأي غصنٍ قصفا)
(كَانَ سِرَاجًا قد طفا
…
على الورى ثمّ انطفا)
(لم يركب الْخَيل وَلم
…
يقلدوه مرهفاً)
(قل للنحاة وَيحكم
…
أحمدكم قد صرفا)
(صبرا صَلَاح الدّين يَا
…
ربّ السماح والوفا)
قَالَ الْعِمَاد وَورد من الْفَاضِل كتاب تَارِيخه منتصف ذِي الْحجَّة من سنة ثَلَاث وَسبعين ذكر فِيهِ فصولا مُتعَدِّدَة مِنْهَا للْمولى أولادٌ وَقد صَارُوا رجَالًا وَيجب أَن يستجيد للقلاع رجَالًا كَمَا فعل السَّابِقُونَ أعماراً وأعمالا وَقيل القلاع أنوفٌ من حلهَا شمخ بهَا
(مَا فِي الرِّجَال على النِّسَاء أَمِين
…
)
وَمِنْهَا أَبْيَات فِي ذكر السَّلَام
(مَمْلُوك مَوْلَانَا ومملوكُ ابْنه
…
وأخيه وَابْن أَخِيه وَالْجِيرَان)
(طيّ الْكتاب إِلَيْهِ مِنْهُ إِجَابَة
…
لسلام مَوْلَانَا ابْنه عُثْمَان)
(وَالله قد ذكر السَّلَام وَأَنه
…
يَجْزِي بِأَحْسَن مِنْهُ فِي الْقُرْآن)
(وغريبة قد جِئْت فِيهَا أوّلا
…
وَمن اقتفاها كَانَ بعدِي الثَّانِي)
(فرسولي السُّلْطَان فِي إرسالها
…
وَالنَّاس رسلهم إِلَى السُّلْطَان)
قلت وَوصف الْفَاضِل الْملك الْمُؤَيد فِي كتاب آخر فَقَالَ وَقد تمطت بِهِ السن وامتدت وتأهبت السَّعَادَة لخطبته واعتدت وَلَا حظته الْعُيُون بالوقار وطرفت دون جلالته وارتدت
وَفِي بعض كتب الْفَاضِل عَن السُّلْطَان إِلَى وَلَده الْأَفْضَل إعزازه لأهل الْفضل دليلٌ على فَضله وأنّ الأولى أَن تكون كتب الْأَدَب عِنْد أَهله وَمَا أبهجنا إِذْ جال فِي فضاء الْفَضَائِل وخطب من أبكار الْمعَانِي كرائم العقائل وآخى بَين السَّيْف والقلم وَصَارَ فِي موكبه الْعلم وَالْعلم
وَمن كتاب آخر فِي الْمَعْنى فَلَقَد زَادَت هَذِه المنقبة فِي مناقبه ونظمت عُقُود سؤدد فِي ترائبه
(فَمَا ترْجم الْإِنْسَان عَن سرّ فَضله
…
بِأَفْضَل من تقريبه لأولى الْفضل)
قَالَ الْعِمَاد وَخرج السُّلْطَان للصَّيْد فِي ذِي الْحجَّة نَحْو قارا فشكوت ضرسي وعدمت أنسي فَرَجَعت مَعَ عزّ الدّين فرخشاه لحميّ عرته فَشَكا مِنْهَا أَلا تزور إِلَّا نَهَارا جهارا وَلَا تفارق بعرق بالضد من الحمي الَّتِي وصفهَا أَبُو الطّيب المتنبي فنظمت فِيهِ كلمة طَوِيلَة أَولهَا
(يَمِينك دأبها بذل الْيَسَار
…
وكفك صوبها بدر النضار)
(وَإنَّك من مُلُوك الأَرْض طُرَّا
…
بِمَنْزِلَة الْيَمين من الْيَسَار)
(وَأَنت الْبَحْر فِي بَث العطايا
…
وَأَنت الطود فِي نَادِي الْوَقار)
وَمِنْهَا فِي وصف الْحمى
(وزائرة وَلَيْسَ بهَا حَيَاء
…
فَلَيْسَ تزور إِلَّا فِي النَّهَار)
(وَلَو رهبت لَدَى الْإِقْدَام جوري
…
لما رغبت جهارا فِي جواري)
(أَتَت وَالْقلب فِي وهج اشتياق
…
لتظهر مَا أواري من أواري)