الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أتصبر إِن أتتك بحار خيل
…
وقدماً مَا صبرت على السواقي)
(مَتى رفعت لَك السودَان رَأْسا
…
وَقد خلاهم مثل الزقاق)
(وعيشك مَا لَهُ من مصر بُد
…
وَمن عِنْدِي ثَلَاثًا بِالطَّلَاق)
(هُوَ الْأسد الَّذِي مَا زَالَ حَتَّى
…
بنى مجداً على السَّبع الطباق)
فصل
قَالَ ابْن الْأَثِير وَفِي هَذِه السّنة أرسل نور الدّين إِلَى أَخِيه قطب الدّين يطْلب أَن يعبر الْفُرَات إِلَيْهِ بعساكره فتجهز وَسَار هُوَ وزين الدّين فِي العساكر الْكَثِيرَة فَاجْتمعُوا بِنور الدّين على حمص فَدخل بالعساكر الإسلامية بِلَاد الفرنج واجتاز على حصن الأكراد فَأَغَارُوا ونهبوا وأسروا وقصدوا عرقة ونزلوا عَلَيْهَا وحاصروها وحصروا جَبَلَة وأخربوها وتوجهت عَسَاكِر الْمُسلمين يَمِينا وَشمَالًا تغير وتخرب الْبِلَاد وَفتح العَرِيمة وصافيثا وَعَاد إِلَى حمص فصَام بهَا شهر رَمَضَان ثمَّ سَار إِلَى بانياس وَقصد قلعة هُونين وَهِي للفرنج ايضاً من قلاعهم المنيعة فَانْهَزَمَ الفرنج عَنْهَا وأحرقوها فقصدها نور الدّين فوصلها من الْغَد وَخرب سورها جَمِيعه وَأَرَادَ الدُّخُول إِلَى بيروت فتجدد فِي الْعَسْكَر خُلف أوجب التَّفَرُّق فَعَاد وَسَار قطب الدّين إِلَى الْموصل وأقطعه مَدِينَة الرقة فَأَخذهَا فِي طَرِيقه
قَالَ وَفِي هَذِه السّنة عصى الْأَمِير غَازِي بن حسان المنبجي صَاحب مَنْبِج على نور الدّين وَهُوَ كَانَ أقطعه إِيَّاهَا فَأرْسل إِلَيْهِ نور الدّين عسكرا
حصروه بهَا وَأَخذهَا مِنْهُ وأقطعها أَخَاهُ قطب الدّين ينَال بن حسان وَكَانَ عَاقِلا خيرا حسن السِّيرَة فبقى بهَا إِلَى أَن أَخذهَا مِنْهُ صَلَاح الدّين سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين كَمَا سَيَأْتِي
وَفِي هَذِه السّنة توفّي القَاضِي الرشيد أَحْمد بن عَليّ بن الزبير صَاحب كتاب الْجنان
قَالَ الْعِمَاد فِي الخريدة كَانَ ذَا علم غزير وَفضل كثير قَتله شاورَ صبرا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَنسب إِلَيْهِ أَنه شَارك أَسد الدّين شيركوه فِي قَصده
وَأَخُوهُ الْمُهَذّب أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ بن الزبير أشعر مِنْهُ وَتُوفِّي قبله بِسنة وَلم يكن فِي زَمَانه أشعر مِنْهُ أحد وَله شعر كثير مِنْهُ قصيدة غراء فِي مدح الصَّالح بن رزيك وَذكر فِيهَا نور الدّين أَولهَا
(أعلمت حِين تجَاوز الْحَيَّانِ
…
أَن الْقُلُوب مواقد النيرَان)
(يَا كاسر الْأَصْنَام قُم فانهض بِنَا
…
حَتَّى تصير مكسِّر الصلبان)
(فالشام ملكك قد ورثت بِلَاده
…
عَن قَوْمك الماضين من غَسَّان)
(وَإِذا شَككت بِأَنَّهَا أوطانهم
…
قدما فسل عَن حَارِث الجولان)
(أَو رمت أَن تتلوا محَاسِن ذكرهم
…
فاسند رِوَايَتهَا إِلَى حسان)
(مَا زلزلت أَرض العدى بل ذَاك مَا
…
بقلوب أهليها من الخفقان)
(وَأَقُول إِن حصونهم سجدت لما
…
أُوتيت من ملك وَمن سُلْطَان)
(وَلَقَد بعثت إِلَى الفرنج كتائباً
…
كالأسد حِين تصول فِي خّفَّان)
(لبسوا الدروع وَلم نخل مِنْ قبلهم
…
أَن الْبحار تحل فِي غُدران)
(عجلت فِي تل العَجُول قراهم
…
وهم لَك الضيفان بالذِّيفان)
(وثللت فِي يَوْم الْعَريش عروشهم
…
بشبا ضراب صَادِق وطعان)
(ألجأتهم للبحر لما أَن جرى
…
مِنْهُ وَمن دمهم مَعًا بحران)
(وَلَقَد أَتَى الأسطول حِين غزا بِمَا
…
لم يَأْتِ فِي حِين من الأحيان)
(وأعدت رُسل ابْن القسيم إِلَيْهِ فِي
…
شعْبَان كي يتلاءم الشَّعبان)
(والفال يشْهد فِي اسْمه أَن سَوف يَغْدُو
…
الشَّام وَهُوَ عَلَيْكُمَا قِسْمَانِ)
(ورآك من بعد الشَّهِيد أَبَا لَهُ
…
وَجَعَلته من أقرب الإخوان)
(وَهُوَ الَّذِي مَا زَالَ يفعل فِي العدى
…
مَا لم يكن لِيُعَدَّ فِي الْإِمْكَان)
(قتل الْبُرْنُس وَمن عساه أَعَانَهُ
…
لما عسا فِي الْبَغي والعدوان)
(وَأرى الْبَريَّة حِين عَاد بِرَأْسِهِ
…
مُرَّ الجنى يَبْدُو على المران)
(وتعجبوا من زرقة فِي طرفه
…
وَكَأن فَوق الرمْح نصلاً ثَانِي)
(عجبا لجود يَدَيْهِ إِذْ يَبْنِي الْعلَا
…
والسيل يهدم ثَابت الْأَركان)
(قلدت أَعْنَاق الْبَريَّة كلهَا
…
منناً تحمل ثقلهَا الثَّقَلَان)
(حَتَّى تساوى النَّاس فِيك وَأصْبح القاصي
…
بِمَنْزِلَة الْقَرِيب الداني)
وَفِي هَذِه السّنة ذكر القَاضِي كَمَال الدّين بن الشَّهْرَزَوْرِي للسُّلْطَان نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى حَال الْعِمَاد الْكَاتِب وعرفه بِهِ وَعرض عَلَيْهِ قصيدة لَهُ فِي مدحه مطْلعهَا
(لَو حفظت يَوْم النَّوَى عهودها
…
مَا مُطلت بوصلكم وعودها)
وَمِنْهَا
(وَإِنَّمَا يحمد عيشي بَلْدَة
…
مَالِكهَا بعدله محمودها)
(مؤيد أُمُوره بعزمة
…
من السَّمَوَات الْعلَا تأييدها)
(آثاره حميدة وَإِنَّمَا
…
للمرء من آثاره حميدها)
(إِن الورى بحبه وبغضه
…
يعرف من شقيها سعيدها)
(قد جَاءَكُم نور من الله فَمن
…
بِهِ اهْتَدَى فَإِنَّهُ رشيدها)
(جلا ظلام الظُّلم نور الدّين عَن
…
أَرض الشآم فَلهُ تحميدها)
(إِن الرعايا مِنْهُ فِي رِعَايَة
…
ونعمة مستوجب مزيدها)
(لنومها يسهر بل لأمنها
…
يخَاف بل لخصبها يجودها)
(بِالدّينِ وَالْملك لَهُ قِيَامه
…
وللملوك عَنْهُمَا قعودها)
(ودأبه ثلم ثغور الْكفْر لَا
…
لثم ثغور ناقع برودها)
(قد أَسْبغ الله لنا بعدله
…
ظلال أَمن وارف مديدها)
(غَدا مُلُوك الرّوم فِي دولته
…
وهم على رغمهم عبيدها)
(لما أَبَت هاماتهم سجودها
…
لله أضحى للظبي سجودها)
(إِن فَارَقت سيوفه غمودها
…
فَإِن هاماتهم غمودها)
(كم مغلقات من حصون عزمه
…
مفتاحها وسيفه إقليدها)
(قد ودَّت الفرنج لَو فرَّت نجت
…
مِنْك وَلَكِن روعها مبيدها)
(قهرتها حَتَّى لودَّ حيُّها
…
من ذلة لَو أَنه فقيدها)
(أماتها رعبك فِي حصونها
…
كَأَنَّمَا حصونها لحودها)
(وَإِن مصرا لَك تعنوا بَعْدَمَا
…
لسيفك العضب عَنَّا صعيدها)
(وَالْملَّة الغراء خَال بالها
…
عَال سناها بك حالٍ جيدها)
(مفترة ثغورها مَمْنُوعَة
…
ثغورها مَحْفُوظَة حُدُودهَا)
(وَإِن بغى جالوتها ضَلَالَة
…
فَأَنت فِي إهلاكه داودها)
(يَا ابْن قسيم الدولة الْملك الَّذِي
…
خرت لَهُ من الْمُلُوك صيدها)
(دع العدى بغيظها فَإِنَّمَا
…
تذيب أكباد العدى حقودها)
(يَا دولة نورية أَمن الورى
…
وخصبها وجودهَا وجودهَا)
(مَا مثل الدُّنْيَا لمن يجمعها
…
بالحرص إِلَّا قَزَّة ودودها)
(أَنْت الَّذِي ترفضها عَن قدرَة
…
فَلَا يشوب زهده زهيدها)
(فابق لنا يَا ملكا بَقَاؤُهُ
…
فِي كل عَام للرعايا عيدها)
(فِي نعْمَة جَدِيدَة سعودها
…
ودولة سعيدة جدودها)
وَهِي طَوِيلَة فرتبه نور الدّين فِي ديوانه منشئاً لاستقبال سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ
قَالَ وَوجدت على الْأَيَّام مِنْهُ الإعزاز والتمكين
قلت وَذَلِكَ بعد أَن استعفى أَبُو اليُسر شَاكر بن عبد الله من الْخدمَة فِي كِتَابَة الْإِنْشَاء وَقعد فِي بَيته كَذَا ذكر الْعِمَاد فِي الخريدة
وَقَالَ تولى ديوَان الْإِنْشَاء بِالشَّام سِنِين كَثِيرَة وَله مَقَاصِد حَسَنَة فِي الْكتب وَهُوَ حميد السِّيرَة جميل السريرة
وفيهَا توفّي الْحَافِظ أَبُو سعد عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ الْمروزِي رَحمَه الله تَعَالَى