الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَولهَا
(قد جَاءَك النَّصْر والتوفيق فاصطحبا
…
فَكُن لأضعاف هَذَا النَّصْر مرتقبا)
(لله أَنْت صَلَاح الدّين من أَسد
…
أدنى فريسته الْأَيَّام إِن وثبا)
(رَأَيْت جلق ثغرا لَا نَظِير لَهُ
…
فجئتها عَامِرًا مِنْهَا الَّذِي خربا)
(نادتك بالذل لما قل ناصرها
…
وأزمع الْخلق من أوطانها هربا)
(أحييْتها مثل مَا أَحييت مصر فقد
…
أعدت من عدلها مَا كَانَ قد ذَهَبا)
(هَذَا الَّذِي نصر الْإِسْلَام فاتضحت
…
سَبيله وأهان الْكفْر والصُّلبا)
(وَيَوْم شاور والإيمانُ قد هزمت
…
جيوشه كَانَ فِيهِ الجحفل اللجبا)
(أَبَت لَهُ الضيم نفس مرّة وَيَد
…
فعالة وفؤاد قطّ مَا وجبا)
(يستكثر الْمَدْح يُتْلَى فِي مكارمه
…
زهدا ويستصغر الدُّنْيَا إِذا وهبا)
(وَيَوْم دمياط والإسكندرية قد
…
أصارهم مثلا فِي الأَرْض قد ضربا)
(وَالشَّام لَو لم تدارك أَهله اندرست
…
آثاره وعفت آيَاته حقبا)
فصل فِيمَا جرى بعد فتح دمشق من فتح حمص وحماة وحصار حلب
قَالَ ابْن أبي طيّ لما أتصل بِمن فِي حلب حُصُول دمشق للْملك
النَّاصِر وميل النَّاس إِلَيْهِ وانعكافهم عَلَيْهِ خَافُوا وَأَشْفَقُوا وَأَجْمعُوا على مراسلته فحّملوا قطب الدّين ينَال بن حسان رِسَالَة أرعدوا فِيهَا وأبرقوا وَقَالُوا لَهُ هَذِه السيوف الَّتِي ملكّتك مصر بِأَيْدِينَا والرماح الَّتِي حويت بهَا قُصُور المصريين على أكتافنا وَالرِّجَال الَّتِي وَردت عَنْك تِلْكَ العساكر هِيَ ترّدك وعمّا تصديت لَهُ تصدّك وَأَنت فقد تعدّيت طورك وتجاوزت حدك وَأَنت أحد غلْمَان نور الدّين وَمِمَّنْ يجب عَلَيْهِ حفظه فِي وَلَده
قَالَ وَلما بلغ السُّلْطَان وُرُود ابْن حسان عَلَيْهِ رَسُولا تلّقاه بموكبه وبنفسه وَبَالغ فِي إكرامه وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ ثمَّ أحضرهُ بعد ثَالِثَة لسَمَاع الرسَالَة مِنْهُ فَلَمَّا فَاه ابْن حسان بِتِلْكَ الشقاشق الْبَاطِلَة وقعقع بِتِلْكَ التمويهات العاطلة لمُ يُعره السُّلْطَان رَحمَه الله تَعَالَى طرفا وَلَا سمعا وَلَا رد عَلَيْهِ خفضا وَلَا رفعا بل ضرب عَنهُ صفحا وتغاضيا وَترك جَوَابه إحسانا وتجافيا وَجرى فِي ميدان أريحيته واستن فِي سنَن مروءئه وخاطبه بِكَلَام لطيف رَقِيق وَقَالَ لَهُ يَا هَذَا اعْلَم أنني وصلت إِلَى الشَّام لجمع كلمة الْإِسْلَام وتهذيب الْأُمُور وحياطة الْجُمْهُور وسدّ الثغور وتربية ولد نور الدّين وكف عَادِية الْمُعْتَدِينَ فَقَالَ لَهُ ابْن حسان إِنَّك إِنَّمَا وَردت لأخذ الْملك لنَفسك وَنحن لَا نطاوعك على ذَلِك وَدون مَا ترومه خرط القتاد وفتّ الأكباد وإيتام الْأَوْلَاد فَتَبَسَّمَ السُّلْطَان لمقاله وتزايد فِي احْتِمَاله وَأَوْمى إِلَى رِجَاله بإقامته من بَين يَدَيْهِ بعد أَن كَاد يَسْطُو عَلَيْهِ
ونادى فِي عساكره بالاستعداد لقصد الشَّام الْأَسْفَل ورحل مُتَوَجها إِلَى
وَكَانُوا تعصّبوا عَلَيْهِ حَتَّى نَفَاهُ نور الدّين من حلب قصيدة مِنْهَا
(بُنو فُلَانَة أعوان الضّلالة قد
…
قضى بذلهم الأفلاك وَالْقدر)
(وَأَصْبحُوا بعد عزّ الْملك فِي صفد
…
وقعر مظْلمَة يغشى لَهَا الْبَصَر)
(وجرّد الدَّهْر فِي جرديك عزمته
…
والدهر لَا ملْجأ مِنْهُ وَلَا وزر)
قَالَ وَلم يزل السُّلْطَان مُقيما على الرَّسْتَن ثمَّ طَال عَلَيْهِ الْأَمر فَسَار إِلَى جباب التركمان فَلَقِيَهُ أحد غلْمَان جرديك وَأخْبرهُ بِمَا جرى على جرديك من الاعتقال والقهر فَرَحل السُّلْطَان من سَاعَته عَائِدًا إِلَى حماة وَطلب من أخي جرديك تَسْلِيم حماة إِلَيْهِ وَأخْبرهُ بِمَا جرى على أَخِيه فَفعل وَصعد السُّلْطَان إِلَى قلعة حماة وَاعْتبر أحوالها وولاها مبارز الدّين عليّ بن أبي الفوارس وَذَلِكَ مستهل جُمَادَى الْآخِرَة
وَسَار السُّلْطَان إِلَى حلب وَنزل على أنف جبل جوشن فَوق مشْهد الدكة ثَالِث جُمَادَى وامتدت عساكره إِلَى الخناقية وَإِلَى السعدى وَكَانَ من بحلب يظنون أَن السُّلْطَان لَا يقدم عَلَيْهِم فَلم يرعهم إِلَّا وعساكره قد نازلت حلب وخيمه تضرب على جبل جوشن وأعلامه قد نشرت فخافوا من الحلبيين أَن يسلمُوا الْبَلَد كَمَا فعل أهل دمشق فأرادوا تطييب قُلُوب الْعَامَّة فأشير على ابْن نور الدّين أَن يجمعهُمْ فِي الميدان وَيقبل عَلَيْهِم بِنَفسِهِ ويخاطبهم بِلِسَانِهِ أَنهم الْوَزَرُ والملجأ فَأمر أَن يُنَادى باجتماع النَّاس إِلَى ميدان بَاب الْعرَاق فَاجْتمعُوا حَتَّى غصّ الميدان بِالنَّاسِ فَنزل الصَّالح من بَاب الدرجَة وَصعد من الخَنْدَق ووقف فِي رَأس الميدان من الشمَال وَقَالَ لَهُم يَا أهل حلب أَنا ربيبكم ونزيلكم واللاجئ إِلَيْكُم كبيركم