الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حلفوا لأَوْلَاد الداية وأُخرجوا جَمِيعًا من القلعة
قلت وَفِي آخر هَذِه السّنة توفّي مرّي الفرنجي الْملك الَّذِي كَانَ حاصر الْقَاهِرَة وأشرف على أَخذ الديّار المصرّية
وَفِي كتاب فاضلي ورد كتاب من الدّاروم يذكر أَنه لما كَانَ عَشِيَّة الْخَمِيس تَاسِع ذِي الْحجَّة هلك مرّي ملك الفرنج لَعنه الله وَنَقله إِلَى عَذَاب كاسمه مشتقا وأقدمه على نَار تلظى {لَا يصلاها إِلَّا الأشقى}
ثمَّ دخلت سنة سبعين وَخمْس مئة
قَالَ ابْن أبي طيّ فَفِي أولّها ضمن القطب ابْن العجمي أَبُو صَالح وَابْن أَمِين الدّولة لجرديك إِن قتل ابْن الخشاب ردوا عَلَيْهِ جَمِيع مَا نهب لَهُ فِي دَار ابْن أَمِين الدولة فَدخل على الْملك الصَّالح وتحدّث مَعَه وَأخذ خَاتمه أَمَانًا لِابْنِ الخشاب وَنُودِيَ عَلَيْهِ فَحَضَرَ وَركب إِلَى القلعة فَقتل وعلّق رَأسه على أحد أبراج القلعة
وَبَقِي الْملك الصَّالح فِي قلعة حلب وَمضى الْعِمَاد الْكَاتِب إِلَى الْموصل قَالَ وعزمت على خدمَة سيف الدّين صَاحبهَا وَقد أَخذ من بِلَاد الجزيرة إِلَى حدّ الْفُرَات وَمضى إِلَيْهِ ابْن العجمي للإصلاح فَأصْلح بَين ابْني الْعم وغلق رهن إخْوَة مجد الدّين فِي الاعتقال وضيّقوا عَلَيْهِم فِي الْقُيُود والأغلال وألزموهم بِتَسْلِيم الْحُصُون وَتَقْدِيم الرهون إِلَى أَن
غصبوا دُورهمْ وخربوا معمورهم
قَالَ وَكَانَ المّوفق خَالِد بن القيسراني قد وصل وَنحن بِدِمَشْق من مصر فَلَزِمَ دَاره وَلم يدْخل مَعَ الْقَوْم
فَأَما صَلَاح الدّين فَإِنَّهُ اعْتقد أَن ولد نور الدّين يَتَوَلَّاهُ بعده إخْوَة مجد الدّين فَلَمَّا جرى مَا جرى سَاءَهُ وَقَالَ أَنا أحقّ برعى العهود والسعيّ الْمَحْمُود فَإِنَّهُ إِن استمرت ولَايَة هَؤُلَاءِ تَفَرَّقت الْكَلِمَة المجتمعة وَضَاقَتْ المناهج المتسعة وانفردت مصر عَن الشَّام وطمع أهل الْكفْر فِي بِلَاد الْإِسْلَام وَكتب إِلَى ابْن المقدّم يُنكر مَا أقدموا عَلَيْهِ من تَفْرِيق الْكَلِمَة وَكَيف اجترؤوا على أعضاد الدّولة وأركانها بل أَهلهَا وإخوانها وَأَنه يلْزمه أَمرهم وأمرها ويضره ضرهم وضرها فَكتب ابْن الْمُقدم إِلَيْهِ يردعه عَن هَذِه الْعَزِيمَة ويقبح لَهُ اسْتِحْسَان هَذِه الشيمة وَيَقُول لَهُ لَا يُقَال عَنْك إِنَّك طمعت فِي بَيت من غرسك وربّاك وأسسك وأصفى مشربك وأضفى ملبسك وَأجلى سكونك لملك مصر وَفِي دسته أجلسك فَمَا يَلِيق بحالك ومحاسن أخلاقك وخلالك غير فضلك وأفضالك
فَكتب إِلَيْهِ صَلَاح الدّين بالإنشاء الفاضلي إِنَّا لانؤثر لِلْإِسْلَامِ وَأَهله إِلَّا مَا جمع شملهم وَألف كلمتهم وللبيت الأتابكي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى إِلَّا مَا حفظ أَصله وفرعه وَدفع ضرّه وجلب نَفعه فالوفاء إِنَّمَا يكون بعد الْوَفَاة والمحبة إِنَّمَا تظهر آثارها عِنْد تكاثر أطماع العداة وَبِالْجُمْلَةِ إِنَّا فِي وَاد والظانون بِنَا ظن السوء فِي وَاد وَلنَا من الصّلاح مُرَاد وَلمن يبعدنا