الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأبَى الْحَجَّ، وَقَال: اصْرِفُوا إِلَيَّ الْفَضْلَ. لَمْ يُعْطَهُ، وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ في حَقِّهِ.
ــ
2699 - مسألة: فإن (أبَى الحَجَّ، وقال: اصْرِفُوا لي الفَضْلَ. لم يُعْطَه، وبَطَلَتِ الوصيةُ في حَقِّه)
إذا قال المُعَيَّنُ ذلك، بَطَل التَّعْيِينُ، ويُحَجُّ عنه بأقَلِّ ما يُمْكِنُ إنْسانٌ ثِقَةٌ سِواه، ويُصْرَفُ الباقِي إلى الورثةِ. ويَحْتَمِلُ أن تَبْطُلَ الوصيةُ إن كان الحَجُّ تَطَوُّعًا؛ لأنَّه عَيَّنَ لها جِهَةً، فإذا لم يَقْبَلْها، بَطَلَتْ، كما لو قال: بِيعُوا عبدِي لفلانٍ بمائةٍ. فأبَى شِراءَه. والظّاهِرُ أنَّها لا تَبْطُلُ؛ لأنَّه قَصَد القُرْبَةَ والتَّعْيِينَ، فإذا بَطَل التَّعْيِينُ، لم تَبْطُلِ القُرْبَةُ، كما لو قال: بِيعُوا عبدِي لفلانٍ وتَصَدَّقُوا بثَمَنِه. فلم يَقْبَل فلانٌ، فإنَّه يُباعُ مِن غيره ويُتَصَدَّقُ بثَمَنِه. فإن قال المُعَيَّنُ: اصْرِفوا لي الفَضْلَ عن نَفَقَةِ الحَجِّ؛ لأنَّه مُوصًى أتى لي به. لم يُصْرَفْ إليه شيءٌ؛ لأنَّه إنَّما أوْصَى به بالزِّيادَةِ بشَرْطِ أن يَحُجَّ، فإذا لم يُوجَدِ الشَّرْطُ، لم يَسْتَحِقَّ شيئًا.
فصل: فإذا قال: حُجُّوا عني حَجَّةً. ولم يَذْكُرْ قَدْرًا مِن المالِ، فإنَّه لا يُدْفَعُ إلى مَن يَحُجُّ إلَّا قَدْرُ نَفَقَةِ المِثْلِ؛ لِما ذَكَرْنا، والباقِي للورثةِ. وهذا يَنْبَنِي على أنَّه لا (1) يجوزُ الاسْتِئْجارُ عليه، إنَّما يَنُوبُ عنه نائِبٌ، فما
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُنْفَقُ عليه فيما يَحْتاجُ إليه فهو مِن مالِ المُوصِي، وما بَقِيَ للورثةِ. فإن تَلِفَ المالُ في الطَّريقِ، فهو مِن مالِ المُوصِي، وليس على النّائِبِ إتْمامُ الحَجِّ. وإن قُلْنا: يجوزُ الاسْتِئْجارُ على الحَجِّ. فلا يَسْتَأْجِرُ إلَّا ثِقَةً بأقَلِّ ما يُمْكِن، وما فَضَل فهو للأجِيرِ؛ لأنَّه مَلَك ما أُعْطِيَ بعَقْدِ الإِجارَةِ. وإن تَلِف المالُ في الطَّرِيقِ بعدَ قَبْضِ الأجيرِ له، فهو مِن مالِه، ويَلْزَمُه إتْمامُ الحَجِّ. وإن قال: حُجُّوا عنِّي. ولم يَقُل: حَجَّة واحِدَةً. لم يحَجَّ عنه إلَّا حَجَّةٌ؛ لأنَّه أقَلُّ ما يَقَعُ عليه الاسْمُ. فإن عَيَّنَ مع هذا، فقال: يَحُجُّ عنى فلان. دُفِع إليه بقَدْرِ نفَقَتِه مِن بَلَدِه إذا خَرَج مِن الثُّلُثِ. فإن أبَى الحَجَّ إلَّا بزِيادَةٍ تُصْرَفُ إليه، فيَنْبَغِي أن يُصْرَفَ إليه أقَلُّ قَدْرٍ يُمْكِنُ أن يَحُجَّ به غيرُه. فإن أبَى الحَجَّ وكان واجِبًا، اسْتُنِيبَ غيرُه بأقَلِّ ما يمكنُ اسْتِنابَتُه. واللهُ أعلمُ.
فصل: وإن وَصّى أن يَحُجَّ عنه زيدٌ بمائةٍ، ولعمرٍو بتَمامِ الثُّلُثِ، ولسعدٍ بثُلُثِ مالِه، فأجاز الورثةُ، أُمْضِيَتْ على ما قال المُوصِي. فإن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَفْضُلْ عن المائةِ شيءٌ، فلا شيءَ لعمرٍو؛ لأنَّه إنّما وَصَّى له بالفَضْلِ، ولا فَضْلَ. وإن رَدَّ الوَرَثةُ، قُسِم الثُّلُثُ بينَهم نِصْفَين؛ لسعدٍ السُّدْسُ، ولزيدٍ مائةٌ، وما فَضَل مِن الثُّلْثِ فلعمرٍو. فإن لم يَفْضُلْ منه شيءٌ، فلا شيءَ لعمرٍو؛ لأنَّه إنَّما وَصَّى له بالزِّيادَةِ، ولا زِيادَةَ. ولا تَمْتَنِعُ المُزاحَمَةُ به، ولا يُعْطَى شيئًا، كوَلَدِ الأبِ مع وَلَدِ الأبَوَين، في مُزاحَمَةِ الجَدِّ. ويَحْتملُ أنَّه متى كان في الثُّلُثِ فَضْلٌ عن المائةِ، أن يُرَدَّ كل واحِدٍ إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه؛ لأنَّ زيدًا إنَّما اسْتَحَقَّ المائةَ بالإجازَةِ، فمع الرَّدِّ يدْخُلُ عليه مِن النَّقْصِ بقَدْرِ وَصِيّتِه، كسائِرِ الوَصايا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن وَصَّى لزيدٍ بعبدٍ بعينِه، ولعمرٍو ببَقِيةِ الثُّلُثِ، قُوِّمَ العبْدُ يومَ مَوْتِ المُوصِي -لأنَّه حالُ نُفُوذِ الوصيَّةِ- ودُفِع إلى زيدٍ، ودُفِعَ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ إلى عمرٍو. فإن لم يَبْقَ مِن الثُّلُثِ شيءٌ، بَطَلَتْ وصيةُ عمرٍو. وإن مات العَبْدُ بعدَ مَوْتِ المُوصِي، [أو رَدّ زيدٌ وصيتَه، بَطَلَتْ، ولم تَبْطُلْ وصيةُ عمرٍو. وهكذا إن مات زيدٌ قبلَ موتِ المُوصِي (1). وإن مات العبدُ قبلَ موتِ المُوصِي](2)، قَوَّمْنا التَّرِكَةَ حال موتِ المُوصِي بدُونِ العبدِ، ثم نُقَوِّمُ العبدَ لو كان حَيًّا، فإن بَقِيَ مِن الثُّلُثِ بعدَ قِيمَتِه شيءٌ، فهو لعمرٍو، وإلَّا بَطَلَتْ وصيَّتُه. ولو قال لأحَدِ عَبْدَيه: أنت مُدَبَّرٌ. ثم قال لآخَرَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ في زِيادَةِ الثُّلُثِ عن قِيمَةِ الأوَّلِ. ثم بَطَل تَدْبِيرُ الأوَّلِ بمَوْتِه، فهي كالتي قبلَها، على ما ذَكَرْنا، أو رُجُوعِه فيه، أو خُرُوجِه مُسْتَحَقًّا، أو غيرِ ذلك.
(1) بعده في المغني 8/ 548: «أو بعده» .
(2)
سقط من: م.