الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ. فَإن كَانَ لَهُ شَفِيعٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، فَإنْ أخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي.
ــ
ثَمَنِه، فله نِصْفُه بجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لأنَّه تَبرَّعَ له بنِصْفِ الثَّمَنِ، فبَطَلَ التصَرُّفُ فيما تَبَرَّعَ له به (وللمُشْتَرِي الخِيارُ؛ لأنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ في
حَقِّه).
2637 - مسألة: (فإن كان له شَفِيعٌ، فله أخْذُه، فإن أخَذَه فلا خِيارَ للمُشتَرِي)
لزَوالِ الضَّرَرِ عنه؛ لأنَّه لو فسَخ البَيعَ رَجَع بالثَّمَنِ، وقد حَصَل له الثَّمَنُ مِن الشَّفِيعِ.
فصل: فإن باع أجْنَبِيًّا وحاباه، لم يَمْنَعْ ذلك صِحَّةَ العَقْدِ عندَ الجُمْهُور. وقال أهلُ الظّاهِرِ: يَبْطُلُ العَقْدُ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ} (1). ولأنَّه تَصَرُّفٌ صَدَر مِن أهْلِه في مَحَلِّه،
(1) سورة البقرة 275.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصَحَّ، كغيرِ المَرِيضِ. فعلى هذا، لو باع عَبْدًا لا يَمْلِكُ غيرَه قِيمَتُه ثَلاثُونَ بعَشَرَةٍ، فقد حابَى المُشْتَرِيَ بثُلُثَيْ مالِه، وليس له المحاباةُ بأكْثَرَ مِن الثُّلُثِ، فإن أجاز الوَرَثَةُ ذلك، لَزِم البَيعُ، وإن رَدُّوا فاخْتارَ المُشْتَرِي فَسْخَ البَيعِ، فله ذلك؛ لأن الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ في حَقِّه، فإنِ اخْتارَ إمْضاءَ البَيعِ، فقال شيخُنا (1): عندِي أَنه يَأْخُذُ نِصْفَ المَبِيعِ بنِصْفِ الثَّمَنِ، ويُفْسخُ البَيعُ في الباقِي. وهذا أحَدُ الوَجْهَين لأصحابِ الشافعيِّ. والوَجْهُ الثانِي، أنَّه يَأْخُذُ ثُلُثَيِ المَبِيعِ بالثَّمَنِ كلِّه. وإلى هذا أشارِ القاضي في نحو هذه المَسْألَةِ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ بالمُحاباةِ والثُّلُثَ الآخرَ بالثمنِ. وقال أهلُ العِراقِ: يقالُ له: إن شِئْتَ أدَّيتَ عَشَرَةً أُخْرى وأخَذْتَ المَبِيعَ، وإن شِئْتَ فَسَخْتَ ولا شيءَ لك. وعندَ مالِكٍ، له أن يَفْسَخَ ويَأْخُذَ ثُلُثَ المَبِيعِ بالمُحاباةِ، ويُسَمِّيه أصْحابُه خُلْعَ الثُّلُثِ. ولَنا، أنَّ ما ذَكَرْناه مُقابَلَةُ بعضِ المَبِيعِ بقِسْطِه مِن الثَّمَنِ عندَ تَعذُّرِ أخْذِ جَمِيعِه بجَمِيعِه، فصَحَّ ذلك، كما لو اشْتَرَى سِلْعَتَين بثَمَنٍ فانْفسَخَ البَيعُ في إحْداهما لعَيبٍ أو غيرِه، أو كما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيفًا، فأخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، أو كما لو اشْتَرَى قَفِيزًا يُساوى ثَلاثينَ بقَفِيزٍ قِيمَتُه عَشَرَةٌ. وأمّا الوَجْهُ الثاني الذي اخْتارَه القاضي، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه أوْجَبَ له المَبِيعَ بثَمَنٍ، فيَأْخُذُ بعضه بالثَّمَنِ كلِّه، فلا يَصِحُّ،؛ لو قال: بِعْتُكَ هذا بمائةٍ. فقال: قد قَبِلْتُ نِصْفَه بها. ولأَنه إذا فَسَخ البَيعَ في بعضِه وَجَب أن يَفْسَخَه بقَدْرِه مِن ثَمَنِه،
(1) في: المغني 8/ 498.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يَجُوزُ فَسْخُ البَيعِ (1) فيه مع بَقاءِ ثَمَنِه، كما لا يَجُوزُ فَسْخُ البَيعِ (1) في الجَمِيعِ مع بَقاءِ ثَمَنِه. وأمّا قولُ أهلِ العِراقِ، فإنَّ فيه إجْبارًا للوَرَثَةِ على المُعاوَضَةِ على غيرِ الوَجْهِ الذي عاوَضَ مَوْرُوثُهم. وأمّا قولُ مالِكٍ، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه إذا فَسَخ البَيعَ لم يَسْتَحِقَّ شيئًا؛ لأنَّ المُحاباةَ إنَّما حَصَلَتْ في ضِمْنِ البَيعِ، فإذا بَطَل البَيعُ بَطَلَتْ، كما لو وَصَّى لرجلٍ بعَينِه أن يَحُجَّ عنه بمائةٍ، وأجْرُ المِثْلِ خَمْسُون، فطَلَبَ الخَمْسِين الفاضِلَةَ بدُونِ الحَجِّ. وإنِ اشْتَرَى عَبْدًا يُساوي عَشَرَةً بثَلاثِينَ، فإَّنه يَأْخُذُ [نِصْفَه بنِصْفِ الثَّمَنِ](2). وإن باع العَبْدَ الذي يُساوي ثَلاثِين بخَمْسَةَ عَشَرَ، جاز البَيعُ في ثُلُثَيه بثُلُثَي الثَّمَنِ في قولِ شيخِنا. وعلى قولِ القاضي، للمُشْتَرِي خَمْسَةُ أسْداسِه بكلِّ الثمَنِ. وطَرِيقُ هذا أن يُنْسَبَ الثَّمَنُ وثُلُثُ المَبِيعِ إلى قِيمَتِه، فيَصِحَّ البَيعُ في مِقْدارِ تلك النِّسْبَةِ، وهو خَمْسَةُ أسْداسِه. وعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَسْقُطُ الثَّمَنُ مِن قِيمَةِ المَبِيعِ، ويُنْسَبُ الثلُثُ إلى الباقِي، فيَصِحُّ البَيعُ في قَدْرِ تلك النِّسْبَةِ، وهو ثُلُثاه بثُلُثَي الثّمَنِ. فإن خَلَّفَ البائِعُ عَشَرَةً أخْرَى، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَصِحُّ في ثَمانيةِ أتْساعِه بثمانيةِ أتْساعِ الثَّمَنِ، وعلى الوَجْهِ الثانِي، يَأْخُذ المُشْتَرِي نِصْفَه وأرْبَعَةَ أتْساعِه بجَمِيعِ الثمنِ.
(1) في الأصل: «المبيع» .
(2)
في الأصل: «نصفه بنصفه» . وفي م: «نصفها بنصفه» .