الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: أخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثي. فَقَال الْقَاضِي: يُبْدأُ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّع، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يُزَاحِمُ بِهِ أَصْحَابَ الْوَصَايَا. فَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أنْ يُقْسَمَ الثُّلُثُ بَينَهُمَا، أوْ يُتَمَّمَ الْوَاجبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْخُلُهُ الدَّوْرُ، فَلَوْ كَانَ الْمَالُ
ــ
2682 - مسألة: (وإن قال: أخْرِجُوا الواجِبَ مِن ثُلُثي)
أُخْرِجَ مِن الثُّلُثِ وتُمِّمَ مِن رَأْسِ المالِ على ما قال المُوصِي، كأنَّه قَصَد إرْفاقَ وَرَثَتِه بذلك. فإن كان معها وصيةٌ بتَبَرُّعٍ (فقال القاضي: يُبْدَأُ بالواجِبِ، فإن فَضَل) عنه (مِن الثُّلُثِ شيءٌ فهو لصاحِبِ التبرُّعِ) وإن لم يفضُلْ منه شيءٌ سَقَط، وذلك لأنَّ الدَّينَ تَجِبُ البَداءَةُ به قَبْلَ الميراثِ والتَّبَرُّعِ، فإذا عَيَّنَه في الثُّلُثِ وَجَب البدايةُ به، وما فَضَل للتَّبَرُّعِ. فإنْ لم يفْضُلْ شيءٌ سَقَطَ؛ لأنَّه لم يُوصِ له بشيءٍ، إلَّا أن يُجِيزَ الوَرَثةُ، فيُعْطَى ما أُوصِيَ له به (وقال أبو الخَطّابِ: يُزاحِمُ به أصحابَ الوصايا) فيَحْتَمِلُ ما قاله القاضي. ويَحْتَمِلُ أن يُقْسَمَ الثُّلُثُ بينَ الواجِبِ والتبرُّعِ بالحِصَّةِ، فما بَقِيَ مِن الواجِبِ تُمِّمَ مِن الثُّلُثَين، فيَدْخُلُه الدَّوْرُ، ويَحْتاجُ إلى العَمَلِ
ثَلَاثينَ، وَالْوَاجبُ عَشَرَةً، وَالْوَصِيَّةُ عَشَرَةً، جَعَلْتَ تَتِمَّةَ الْوَاجِب شَيئًا يَكُنِ الثُّلُثُ عَشَرَةً إلا ثُلُثَ شَيْءٍ بَينَهُمَا، لِلْوَاجِبِ خَمْسَةٌ إلَّا سُدْسَ شَيْءٍ، تَضُمُّ إِلَيهِ شَيئًا يَكُنْ عَشَرَةً، فَتَجْبُرُ الْخَمْسَةَ بِسُدْسِ شَيْءٍ مِنَ الشَّيءِ، فَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسَةً، فَالشَّيْءُ سِتَّةٌ، وَيَحْصُلُ لِلْوَصِيِّ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ.
ــ
بطَرِيقِ الجَبْرِ (1). (فلو كان المالُ ثَلاثينَ، والواجِبُ عَشَرَةً، والوصيةُ عَشَرَةً) فاجْعَلْ (تَتِمَّةَ الواجِبِ شيئًا) يَبْقَى ثَلاثُون إلا شيئًا، فثُلُثُه عَشَرَةٌ إلَّا ثُلُثَ شيءٍ، اقْسِمْها بينَ الواجِبِ والتبرُّعِ، يَحْصُلُ (للواجِبِ خَمْسَةٌ إلَّا سُدْسَ شيءٍ) فإذا أضَفْتَ إليها الشيءَ الذي هو تَتِمَّةُ الواجِبِ، كان عَشَرَةً، فاجْبُرِ الخَمْسَةَ مِن الشيءِ بسُدْسِه، يَبْقَى خَمْسَةُ أسْداسِ شيءٍ تَعْدِلُ خَمْسَةً، فتَبَيَّنَ أنَّ الشيءَ سِتَّةٌ، وللوَصِيِّ الآخَرِ، وهو صاحِبُ
(1) في م: «الخبر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّبَرُّعِ أرْبَعَةٌ.
فصل: فإن كان عليه دَينٌ خَمْسَةٌ أيضًا، عُزِلَتْ تَتِمَّةُ الواجِبِ شيءٌ، وتَتِمَّةُ الدَّينِ نِصْفُ شيءٍ، بَقِيَ ثُلُثُ المال عَشَرَةٌ إلَّا نِصْفَ شيءٍ، فاقْسِمْه بينَ الوصايا، فيَحْصُلُ للواجِبِ أرْبَعَةٌ إلا خُمْسَ شيءٍ، اضْمُمْ إليها تَتِمَّتَه، يَصِيرُ شيئًا وأرْبَعَةً إلَّا خُمْسَ شيءٍ، تَعْدِلُ (1) عَشَرَةً، وبعدَ الجَبْرِ تَصِيرُ أرْبعةَ أخَمْاسِ شيءٍ (2)، تَعْدِلُ شيئًا، فرُدَّ على السِّنَّةِ رُبْعَها، تكنْ سَبْعَةً ونِصْفًا (3)، تَعْدِلُ شيئًا، فالشيءُ سَبْعَةٌ ونِصْفٌ، ونِصْفُ الشيءِ ثلاثةٌ ونصفٌ ورُبْعٌ، وبَقِيَّةُ المالِ ثمانيةَ عَشَرَ وثلاثةُ أرْباعٍ، ثُلُثُها سِتَّةٌ ورُبْعٌ، للدَّينِ خُمْسُها أحَدٌ ورُبْعٌ، إذا ضُمَّتْ إليه تَتِمَّتُه، كَمَل خَمْسَةٌ، وللواجِبِ اثْنان ونِصْفٌ، يَكْمُلُ بتَتِمَّتِه، وللصدقةِ اثْنان ونِصْفٌ. وفي عَمَلِها طَرِيقٌ آخَرُ، وهو أن يُقْسَمَ الثُّلُثُ بكَمالِه بينَ الوَصايا الواجِبِ أخَذْتَه مِنِ الوَرَثَةِ وصاحِبِ التَّبَرُّعِ بالقِسْطِ، ففي المسألةِ الأُولَى يَحْصُلُ للواجِبِ خمْسَة، يَبقَى له خمسةٌ، يَأْخُذُ مِن صاحِبِ التبرُّعِ دِينارًا، ومِن الوَرَثةِ أرْبَعَةً. وفي المسألةِ الثانيةِ، حَصَل للواجِبِ أرْبَعَةٌ، وبَقِيَ له سِتَّةٌ، وحَصَل للدَّينِ دِينارٌ، وبَقِيَ له ثلاثةٌ، فيَأْخُذان ما بَقِيَ لهما، وذلك تِسْعَةٌ، مِن الورثةِ نِصْفَها وثُلُثَها، وذلك سَبْعَةٌ ونِصْفٌ، ومِن صاحِبِ
(1) في م: «تصير» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «نصفها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّبَرُّعِ سُدْسَها دِينارًا [ونِصفا](1)، للواجبِ منها ثُلُثاها وللدَّينِ ثُلُثُها. فإن أوْصَى بالواجِبِ وأطْلَقَ، فهو مِن رأْسِ المالِ، فيُبْدأُ بإخْراجِه قبلَ التَّبَرُّعاتِ والمِيراثِ، فإن كانت ثَمَّ وَصِيَّةٌ بتَبَرُّع، فلِصاحِبِها ثُلُثُ الباقِي. وهذا قولُ أكْثَرِ أصحابِ الشافعيِّ. وذَهَب بعضُهم إلى أنَّ الواجِبَ مِن الثُّلُثِ كالقِسْمِ الذي قبلَه؛ لأنَّه إنَّما يَمْلِكُ الوصيةَ بالثُّلُثِ. ولَنا، أنَّ الواجِبَ مِن رَأْسِ المالِ، وليس في وَصِيَّتِه ما يَقْتَضِي تَغْيِيرَه، فيَبْقَى على ما كان عليه، كما لو لم يُوصِ به. وقولُهم: لا يَمْلِكُ الوَصِيَّةَ إلَّا بالثُّلُثِ. قُلْنا: في التَّبَرُّعِ، وأمّا في الواجِباتِ فلا تَنْحَصِرُ في الثُّلُثِ، ولا تَتَقَيَّدُ به. فإن أوْصَى بالواجِب وقَرَنَ به الوصيةَ بتَبَرُّعٍ، مثلَ أن يقولَ: حُجُّوا عني، وأدُّوا دَينِي، وتَصَدَّقُوا عني. ففيه وَجْهان؛ أصَحُّهما، أن الواجِبَ مِن رَأْسِ المالِ؛ لأنَّ الاقْتِرانَ في اللَّفْظِ لا يَدُلُّ على الاقْتِرانِ في الحُكْمِ ولا في كَيفِيَّتِه، ولذلك قال الله تعالى:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (2). والأكْلُ لا يَجِبُ، والإِيتاءُ يَجِبُ. ولأنَّه ههُنا قد عَطَف غيرَ الواجِبِ عليه، فكما لم يَسْتَويا في الوُجُوبِ لا يَلْزَمُ اسْتواؤُهما في مَحَلِّ الإِخْراجِ. والثانِي، أنَّه مِن الثُّلُثِ؛ لأنَّه قَرَن به ما مَخْرَجُه مِن الثُّلُثِ. واللهُ سبحانه وتعالى أعلمُ.
(1) في م: «ونصفها» .
(2)
سورة الأنعام 141.