الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَجْهُولًا، لَمْ تَصِحَّ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَال: يُرْضِيهِ بِشيْءٍ. فَعَلَى هَذَا، أنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، أَوْ فِي عِوَضِهَا إِنْ كَانَتْ تَالِفَةً.
ــ
2603 - مسألة: (وإن شَرَط ثَوابًا مَجْهُولًا، لم تَصِحَّ)
الهِبَةُ، وحُكْمُها حُكْمُ البَيعِ الفاسِدِ؛ لأنَّه عِوَضٌ مَجْهُولٌ في مُعاوَضَةٍ، فلم يَصِحَّ، كالبَيعِ، ويَرُدُّها المَوْهُوبُ له بزِيادَتِها المُتَّصِلَةِ والمُنْفَصِلَةِ؛ لأنَّه نَماءُ مِلْك الواهِبِ. وإن كانت تالِفَةً رَدَّ قِيمَتَها. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ (وعنه، أنَّه قال: يُرْضِيه بشيءٍ) وظاهِرُ كَلامِ أحمدَ، أنَّها تَصِحُّ، فإذا أعْطاه عنها عِوَضًا رَضِيَه، لَزِم العَقْدُ بذلك. قال أحمدُ، في رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَكَم: إذا قال الواهِبُ: هذا لك على أن تُثِيبَنِي. فله أن يَرْجِعَ إذا لم يُثِبْه؛ لأنَّه شَرْطٌ. وقال، في رِوايَةِ إسماعيلَ بنِ سعيدٍ: إذا وَهَب له على وَجْهِ الإثابَةِ، فلا يجوزُ إلَّا أن يُثِيبَه منها (فعلى هذا) عليه أن يُعْطِيَه حتى يُرْضِيَه، فإن لم يَفْعَلْ فللواهِبِ (الرُّجُوعُ فيها، أو عِوَضُها إن كانت تالِفَةً) لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ فاسِدٌ، فلَزِمَه ضَمانُ العَينِ إذا تَلِفَتْ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالبَيعِ الفاسِدِ. ويَحْتَمِلُ أن يُعْطِه قَدْرَ قِيمَتِها. والأوّلُ أصَحُّ؛ لأن هذا بَيعٌ، فيُعْتَبَرُ له التَّراضِي، إلَّا أنَّه بَيع بالمُعاطاةِ. فإذا عَوَّضَه عِوَضًا رَضِيَه حَصَل البَيعُ بما حَصَل مِن المُعاطاةِ مع التَّراضِي جمها، وإن لم يَحْصُلِ التَّراضِي لم يَصِحَّ؛ لعَدَمِ العَقْدِ، فإنَّه لم يُوجَدِ الإيجابُ والقَبُولُ ولا المُعاطاةُ ولا التَّراضِي. والأصْلُ في هذا قولُ عُمَرَ، رضي الله عنه: مَنْ وَهَب هِبَةً أراد بها الثَّوابَ فهو على هِبَتِه، يَرْجِعُ فيها ما لم يُرْضَ منها. ورُوِيَ مَعْنَى ذلك عن علِيٍّ، وفَضالةَ بن عُبَيدٍ، ومالِكِ بنِ أنَسٍ. وهو قولُ الشافعيِّ، على القولِ الذي يَرَى أنَّ الهِبَةَ المُطْلَقَةَ تَقْتَضِي ثَوابًا. وقد روَى أبو هُرَيرةَ، أنَّ أعْرابِيًّا وَهَب النبيَّ صلى الله عليه وسلم ناقَةً، فأعْطاه ثَلاثًا فأبَى فزادَه ثَلاثًا، [فأبَى، فزادَه ثَلاثًا](1) فلمّا كَمَلَتْ تِسْعًا، قال: رَضِيت. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ لَا أتَّهِبَ إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أوْ أنْصَارِيٍّ أو ثَقَفِيٍّ أوْ دَوْسِيٍّ» . من «المُسْنَدِ» (2). فإن تَغَيَّرَتِ العَينُ المَوْهُوبَةُ بزِيادَةٍ أو
(1) سقط من: م.
(2)
المسند 2/ 247.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في قبول الهدايا، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 260. والترمذي، في باب مناقب ثقيف وبني حنيفة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي 13/ 295، 296. والنسائي، في: باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، من كتاب العمرى. المجتبى 6/ 237.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نُقْصانٍ، أو لم يُثِبْه منها، فقال أحمدُ: لا أرَى عليه نُقْصانَ ما نَقَصَه عندَه إذا رَدَّه إلى صاحِبِه، إلَّا أن يكونَ ثَوْبًا لَبِسَه، أو جارِيَةً اسْتَخْدَمَها، فأمّا غيرُ ذلك إذا نَقَص فلا شيءَ عليه، فكان عندِي مثلَ الرَّهْنِ، الزِّيادَةُ والنُّقْصانُ لصاحِبِه.