الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ سَوَّى بَينَهُمْ فِي الْوَقْفِ، أوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ، جَازَ. نصَّ عَلَيهِ. وَقِياسُ الْمَذْهَبِ، أَنْ لَا يَجُوزَ.
ــ
2618 - مسألة
(1): (فإن سَوَّى بينَهم في الوَقْفِ، أو وَقَف ثُلُثَه في مَرَضِه على بعضِهم، جاز. نَصَّ عليه. وقِياسُ المَذْهَبِ، أنَّ لا يَجُوزَ) إذا سَوَّى بينَ أوْلادِه في الوَقْف، الذَّكَرِ والأُنْثَى، جاز. ذَكَرَه القاضي، وقال: هو المُسْتَحَبُّ؛ لأنَّ القَصْدَ القُرْبَةُ على وَجْهِ الدَّوامِ، وقد اسْتَوَوْا في القَرابَةِ. وقال شيخُنا (2): المُسْتَحَبُّ أنَّ يَقْسِمَ الوَقْفَ على أوْلادِه كقِسْمَةِ المِيراثِ، للذَّكَرِ مثلُ حَظِّ الأُنثَيَين، كما قَسَمَ اللهُ تعالى بينَهم المِيراثَ؛ لأنَّه إيصالٌ للمالِ إليهم، فيَنْبَغِي أنَّ يكونَ بينَهم على حَسَب المِيراثِ، كالوَصِيَّةِ، ولأنَّ الذَّكَرَ في مَظِنَّةِ الحاجَةِ أكْثَرَ مِن الأُنثَى؛ لأنَّ الذَّكَرَ تَجِبُ عليه نَفَقةُ زَوْجَتِه وأوْلادِه، والمرأةُ يُنْفِقُ عليها زَوْجُها، ولا تَلْزَمُها نَفَقَةُ وَلَدِها إذا كان لهم أبٌ، وقد فَضَّلَ الله سبحانه الذَّكَرَ على الأُنْثَى
(1) في حاشية الأصل: «قال الشيخ رحمه الله: هذه المسألة مذكورة في الوقف فلا حاجة إلى إعادتها» . وانظر ما تقدم في 16/ 484، من كتاب الوقف.
(2)
في: المغني 8/ 206.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في المِيراثِ على وَفْقِ هدْا المَعْنَى، فيَصِحُّ تَعْلِيلُه به، فيَنْبَغِي أنَّ يتَعَدَّى إلى الوَقْفِ. وما ذَكَرَه القاضي لا أصْلَ له، وهو مُلْغًى بالمِيراثِ. فإن خالفَ فسَوَّى بينَ الذَّكَرِ والأنثَى، أو فَضَّلَها عليه، أو فَضَّلَ بعضَ البَنِينَ على بعض في الوَقْفِ، أو بعضَ البَناتِ، أو خَصَّ بعضَهم بالوَقْفِ، فقد رُوِيَ عن أحمدَ، في رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ: إن كان في طَرِيقِ الأثَرَةِ، فأكْرَهُه، وإن كان على أنَّ بعضَهم له عِيالٌ أو به حاجَة، فلا بَأْسَ به. وذلك لأنَّ الزُّبَيرَ خَصَّ المَرْدُودَةَ مِن بَناتِه دُونَ المُسْتَغْنِيَةِ مِنْهُنَّ بصَدَقَتِه. [وقد ذَكَرْنا ذلك في الوَقْفِ](1).
(1) زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وأمّا إذا وَقَف ثُلُثَه في مَرَضِه على بعضِ وَرَثَتِه، فقد اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في ذلك فرُويَ عنه عَدَمُ الجَوازِ، فإن فَعَل، وَقَف على إجازَةِ الوَرَثَةِ، فإَّنه قال، في رِوايَةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، في مَن وَصَّى لأولادِ بِنْتِه بأرْض تُوقَفُ عليهم، فقال: إن لم يَرِثوه فجائِزٌ. فظاهرُ هذا أنَّه لا يَجُوزُ الوَقْفُ عليهم في المَرَضِ. اخْتارَه أبو حَفْص العُكْبَرِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وإليه ذَهَب الشافعيُّ. والثانيةُ، يَجُوزُ أنَّ يَقِفَ عليهم ثُلُثَه، كالأجانِبِ، فإنَّه قال، في رِوايَةِ جَماعَةٍ منهم المَيمُونِيُّ: يَجُوزُ للرجلِ أنَّ يَقِفَ في مَرَضِه على وَرَثَتِه. فقِيلَ له: أليس تَذْهَبُ إلى أنَّه لا وَصِيَّةَ لوَارِثٍ؟ فقال: نعم، والوَقْفُ غيرُ الوَصِيَّةِ، ولأنَّه لا يُباعُ ولا يُورَثُ، ولا يَصِيرُ مِلْكًا للوَرَثَةِ، بل يَنْتَفِعُون بغَلَّتِها. وقال، في رِوايَةِ أحمدَ بنِ الحسنِ: إنَّه صَرَّحَ في مَسْألَتِه بوَقْفِ ثُلُثِه على بعضِ وَرَثَتِه دُونِ بعضٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: جائزٌ. قال الخَبْرِيُّ (1): وأجاز هذا الأكْثَرُون. واحْتَجَّ أحمدُ بحديثِ عُمَرَ، رضي الله عنه، أنَّه قال: هذا ما أوْصَى به عبدُ اللهِ عُمَرُ أمِيرُ المُومِنِين إن حَدَث به حَدَثٌ، أنَّ ثَمْغًا صَدَقَةٌ، والعَبْدَ الذي فيه، والسَّهْمَ الذي بخَيبَرَ، ورَقِيقَه الذي فيه، والمائةَ وَسْقٍ التي أطْعَمَنِي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، تَلِيه حَفْصَةُ ما عاشَتْ ثم يَلِيه ذو (2) الرَّأْي مِن أهْلِه، لا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى، يُنْفِقُه حيث يَرى؛ مِن السّائِلِ، والمَحْرُومِ، وذوي القُرْبَى، ولا حَرَجَ على مَن وَلِيَه إن أكَلَ أو اشْتَرَى رَقِيقًا. رَواه أبو داودَ (3) بنَحْو مِن هذا. فالحُجَّةُ فيه أنَّه جَعَل حَفْصَةَ تَلِي وَقْفَه، وتَأْكُلُ منه، وتَشْتَرِي رَقِيقًا. قال المَيمُونِيُّ: قُلْتُ لأحمدَ: إنَّما أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بالإيقافِ، وليس في الحديثِ «الوارِثُ». قال: فإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَرَه وهو ذا قد وَقَفَها على وَرَثَتِه وحَبَّسَ الأصْلَ عليهم جَمِيعًا. ولأنَّ الوَقْفَ ليس في مَعْنَى المالِ؛ لأنَّه لا يَجُوزُ التَّصَرفُ فيه، فهو كعِتْقِ الوارِثِ. ولَنا، أنَّه
(1) أبو حكيم عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الخبري، فقيه شافعي، يعرف العربية، ويكتب الخط الحسن، ويضبط الضبط الحسن، توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة. طبقات الشافعية الكبرى 5/ 6، 63.
(2)
في الأصل: «ذوو» .
(3)
تقدم تخريجه في 16/ 400.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَخْصِيصٌ لبعضِ الوَرَثَةِ بمالِه في مَرَضِه، فمُنِعَ منه، كالهِباتِ، ولأنَّ كلَّ مَن لا تَجُوزُ له الوَصِيَّةُ بالعَينِ، لا تجوزُ له بالمَنْفَعَةِ، كالأجْنَبِيِّ فيما زاد على الثُّلُثِ. وأمّا خَبَرُ عُمَرَ فإنَّه لم يَخُصَّ بعضَ الوَرَثَةِ بوَقْفِه، والنِّزاعُ إنَّما هو في تَخْصِيصِ بعضِهم. وأمّا جَعْلُ الولايةِ إلى حَفْصَةَ، فليس ذلك وَقْفًا عليها، فلا يكونُ ذلك وارِدًا في مَحَلِّ النِّزاعِ، وكونُه انتِفاعًا بالغَلَّةِ لا يَقْتَضِي جَوازَ التَّخْصِيصِ، بدَلِيلِ ما لو وَصَّى لوارِثِه بمَنْفَعَةِ عَبْدٍ، لم يَجزْ. ويَحْتَمِلُ أنَّ يُحْمَلَ كَلامُ أحمدَ، في رِوايَةِ الجَماعَةِ، على أنَّه وَقفٌ على جَمِيعِ الوَرَثَةِ؛ ليكونَ على وَفْقِ حديثِ عُمَرَ، وعلى وَفْقِ الدَّلِيلِ الذي ذَكَرْناه. والله أعلمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن وَقَف دارَه وهي تَخْرُجُ مِن ثُلُثِه بينَ ابْنِه وبِنْتِه نِصْفَين في مَرَضِ مَوْته، صَحَّ على رِوايَةِ الجَماعَةِ، ولَزِم؛ لأنَّه لَمّا كان يَجُوزُ تَخْصِيصُ البِنْتِ بوَقْفِ الدّارِ كُلِّها، فنِصْفُها أوْلَى. وعلى الرِّوايَةِ التي نَصَرْناها، إن أجازَه الابنُ، جاز، وإن رَدَّه، بَطَل الوَقْفُ فيما زاد على نَصِيبِ الابنِ، وهو السُّدْسُ، ويَرْجِعُ إلى الابْنِ مِلْكًا، فيكونُ له النِّصْفُ وَقْفًا، والسُّدْسُ مِلْكًا طَلْقًا، والثُّلُثُ جَمِيعُه. للبِنْتِ وَقْفًا. ويَحْتَمِلُ أنَّ يَبْطُلَ الوَقْفُ في نِصْفِ ما وَقَف على البِنْتِ، وهو الرُّبْعُ، ويَبْقَى ثلاثةُ أرْباعِ الدّارِ وَقْفًا، نِصْفُها للابنِ، ورُبْعُها للبِنْتِ، والرُّبْعُ الذي بَطَل الوَقْفُ فيه بينَهما أثلاثًا. وتَصِحُّ المسألةُ مِن اثْنَيْ عَشَرَ؛ للابنِ سِتَّةُ أسْهُم وَقْفًا وسَهْمان مِلْكًا، وللبِنْتِ ثلاثةُ أسْهُمٍ وَقْفًا وسَهْمٌ مِلْكًا. ولو وَقَفَها على ابنِه وزَوْجَتِه نِصْفَين، وهي تَخْرُجُ مِن ثُلُثِه، فرَدَّ الابنُ، صَحَّ الوَقْف على الابنِ في نِصْفِها، وعلى المرأةِ في ثُمْنِها. وللابنِ إبْطالُ الوَقْفِ في ثَلاثَةِ أثْمانِها، وتَرْجِعُ إليه مِلْكًا على الوَجْهِ الأوَّلِ، وعلى الوَجْهِ الثانِي، يَصِحُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَقْفُ [على الابنِ في نِصْفِها، وهو أرْبَعَةُ أسْباعِ نَصِيبِه، ويَرْجِعُ إليه باقِي نَصِيبِه مِلْكًا، ويَصِحُّ الوَقْف](1) في أرْبَعةِ أسْباعِ الثمْنِ الذي للمرأةِ، وباقِيه يكون لها مِلْكًا، فاضْرِبْ سَبْعَةً في ثمانيةٍ تَكنْ سِتَّةً وخَمْسِين، للابنِ ثمانية وعِشْرون وَقْفًا، وأحَدٌ وعِشْرون مِلْكًا، وللمرأةِ أرْبَعة أسْهُمٍ وَقْفًا، وثلاثةٌ مِلْكًا. وهكذا ذَكَر أصحابُ الشافعيِّ. فأمّا إن كانتِ الدّارُ جَمِيعَ مِلْكِه فَوقَفَها كلَّها، فعَلى ما اخْتَرْناه، الحكْمُ فيها كما لو كانت تَخْرُجُ مِن الثُّلُثِ، فإن الوارِثَ في جَمِيعِ المالِ كالأجْنَبِيِّ في الزّائِدِ عن الثُّلُثِ. وأمّا على ما رَواه الجَماعَةُ، فإن الوَقْفَ يَلْزَمُ في الثُّلُثِ مِن غيرِ اخْتِيارِ الوَرَثَةِ، وما زاد فلهما إبْطالُ الوَقْفِ فيه، وللابنِ إبْطالُ التَّسْويَةِ، فإنِ اخْتارَ إبْطال التَّسْويَةِ دُونَ إبْطالِ الوَقفِ، خرِّجَ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، أنَّه يَبطُل الوَقْف في التُّسْعِ، ويَرْجِعُ إليه مِلْكًا، فيَصِيرُ له النِّصْفُ وَقْفًا، والتُّسْعُ مِلْكًا، وللبِنْتِ الثُّلُثُ وَقْفًا، ونِصْفُ التُّسْعِ مِلْكًا؛ لِئلَّا تَزْدادَ البِنْت على الابنِ في الوَقْفِ. وتَصِح المَسْألة في هذا الوَجْهِ مِن ثمانيةَ عَشَرَ؛ للابنِ تِسْعَةٌ وَقْفًا، وسَهْمان مِلْكًا، وللبِنْتِ سِتَّة وَقْفًا، وسَهْمٌ مِلْكًا. وقال أبو الخَطَّابِ: له إبْطالُ الوَقْفِ في الرُّبْعِ كلِّه، ويَصِير له [النِّصْفُ وَقْفًا، والسُّدْس مِلْكًا، ويكونُ للبِنْتِ الرُّبعُ وَقْفًا، ونِصْفُ السُّدْسِ مِلْكًا، كما لو كانت](1) الدّارُ تَخْرجُ مِن الثُّلثِ، وتَصِحُّ مِن اثْنَيْ عَشَرَ.
(1) سقط من: الأصل.