الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا أَوْصَى إِلَيهِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيرِهِ.
ــ
2777 - مسألة: (وإذا أوْصَى إليه في شيءٍ لم يَصِرْ وَصيًّا في غيرِه)
يجوزُ أن يوُصِيَ إلى رجلٍ بشيءٍ دُونَ شيءٍ، مثلَ أن يُوصِيَ إليه بتفريقِ ثُلُثِه دُونَ غيرِه، أو بقَضاءِ دُيُونِه، أو بالنَّظَرِ في أمرِ أطْفالِه حَسْبُ، فلا يكونُ له غيرُ ما جَعَل إليه. ويجوزُ أن يُوصِيَ إلى إنْسانٍ بتفرِيقِ وصيتِه، وإلى آخَرَ بقَضاءِ دُيُونِه، وإلى آخَرَ بالنَّظَرِ في أمرِ أطفالِه، فيكونُ لكلِّ واحدٍ ما جَعَل إليه دُونَ غيرِه. ومتى أوْصَى إليه بشيءٍ، لم يَصِرْ وصيًّا في غيرِه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يكونُ وصيًّا في كلِّ ما يَمْلِكُه المُوصِي؛ لأنَّ هذه ولايَةٌ تَنْتَقِلُ مِن الأبِ بمَوْتِه، فلا تَتَبَعَّضُ، كولايةِ الجَدِّ. ولَنا، أنَّه استفادَ التَّصَرُّفَ بالإذْنِ مِن جِهَةِ الآدَمِيِّ، فكان مَقْصُورًا على ما أذِنَ فيه، كالوَكِيلَ، وولايةُ الجَدِّ ممنوعةٌ، ثم تلك ولايةٌ استفادَها بقَرابَتِه، وهي لا تَتَبَعَّضُ، والإذْنُ يَتَبَعَّضُ، فافْتَرَقا.
فصل: ولا بَأْس بالدُّخُولِ في الوصيةِ، فإنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم، كان بعضُهم يُوصِي إلى بعضٍ فيَقْبَلُون الوصيةَ، فرُوىَ عن أبي عُبَيدَةَ أنَّه لَمّا عَبَر الفُراتَ أوْصَى إلى عُمَرَ. وأوْصَى إلى الزُّبَيرِ سِتَّةٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ عُثْمانُ، وابنُ مسعودٍ، والمِقْدادُ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومُطِيعُ بنُ الأسْوَدِ، وآخَرُ (1). ورُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه كان وَصِيًّا لرجلٍ. وفي وصيةِ ابنِ مسعودٍ: إن حَدَث بي حادِثُ الموتِ مِن مَرَضِي هذا، أنَّ مَرْجِعَ وَصِيَّتِي إلى اللهِ عز وجل، ثم إلى الزُّبَيرِ بنِ العَوّامِ وابنِه عبدِ الله (2). ولأنها (3) وكالةٌ وأمانَةٌ، فأشْبَهَتِ الوَدِيعَةَ والوَكالةَ في الحياةِ. وقِياسُ مَذْهَبِ أحمدَ أنَّ تَرْكَ الدُّخُولِ فيها أوْلَى؛ لِما فيها مِن الخَطَرِ، وهو لا يَعْدِلُ بالسَّلامَةِ شيئًا، ولذلك يَرَى تَرْكَ الالْتِقاطِ وتَرْكَ الإِحْرام قبلَ المِيقاتِ أفْضَلَ؛ طلبًا للسلامةِ واجْتِنابًا للخَطَرِ، وقد رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذَرٍّ:«إنِّي أرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، فَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَينِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَال يَتِيمٍ» . أخرَجَه مسلمٌ (4).
فصل: فإن مات رجلٌ لا وَصِيَّ له، ولا حاكمَ في بَلَدِه، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه يجوزُ لرجلٍ مِن المسلمين أن يَتَولَّى أمْرَه، ويَبِيعَ ما دَعَتِ الحاجةُ إلى بَيعِه، فإنَّ صالِحًا نَقَل عنه، في رجلٍ بأرْضَ غُرْبَةٍ لا قاضِيَ بها، مات وخَلَّفَ جَوارِيَ ومالًا، أتَرَى لرجلٍ
(1) أخرجه البيهقي، في: باب الأوصياء، من كتاب الوصايا. السنن الكبرى 6/ 282.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 208.
(3)
في الأصل: «لأنه» .
(4)
في: باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، من كتاب الإمارة: صحيح مسلم 3/ 1458.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الدخول في الوصايا، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود 2/ 102. والنسائي، في: باب النهي عن الولاية على مال اليتيم، من كتاب الوصايا. المجتبى 6/ 214. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 180.