الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدَ الْمَوْتِ. فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ، ثُمَّ مَلَكَ مَالًا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ. وَإنْ صَارَ عَلَيهِ دَينٌ يَسْتَغْرِقُهُ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ.
ــ
2639 - مسألة: (ويُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عندَ المَوْتِ)
لأنَّه وَقْتُ لُزُومِ الوَصِيَّةِ واسْتِحْقاقِها، وتَثْبُتُ له ولايَةُ القَبُولِ والرَّدِّ (فلو أعْتَقَ عَبْدًا لا يَمْلِكُ غيرَه، ثم مَلَك مالًا يَخْرُجُ مِن ثُلُثِه، تَبَيَّنّا أنَّه عَتَقَ كلُّه) لخُرُوجه مِن الثُّلُثِ عندَ المَوْتِ (وإن صار عليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُه، لم يَعْتِقْ منه شيءٌ) لأنَّ الدَّينَ يُقَدَّمُ على الوَصِيَّةِ؛ لِما رُوِيَ عن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدَّينِ قبلَ الوَصِيَّةِ (1). ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَ ثُلُثُه؛ لأنَّ تَصَرُّفَ المَرِيضِ في الثُّلُثِ كتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ في الجَمِيعِ.
(1) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ميراث الأخوة من الأب والأم، من أبواب الفرائض، وفي: باب ما جاء يُبدأُ بالدين قبل الوصية، من أبواب الوصايا. عارضة الأحوذي 8/ 246، 279. وابن ماجه، في: باب الدين قبل الوصية، من كتاب الوصايا. سنن ابن ماجه 2/ 906. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 79، 131، 144.
فَصْلٌ: وَتفَارِقُ الْعَطِيَّة الوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ اشيَاءَ، أَحَدُهَا، أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ مِنْهَا، وَالْوَصَايَا يُسَوِّي بَينَ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا. وَالثَّانِي، أَنَّه لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِي الْعَطِيَّةِ بخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. الثَّالِثُ، أَنَّهُ يُعْتَبَر قَبُولهُ لِلعَطِيَّةِ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَالوَصِيَّةُ بِخِلَافِهِ.
ــ
فصل: قال الشيخُ، رضي الله عنه:(وتُفارِقُ العَطِيَّةُ الوَصِيَّةَ في أرْبَعَةِ أشْياءَ؛ أحَدُها، أنَّه يُبْدَأُ بالأوَّلِ فالأوّلِ منها، والوَصايا يُسَوَّى بينَ المُتَقَدِّمِ والمُتَأخِّرِ منها) أمّا العَطايا فقد ذَكَرْنا حُكْمَها والخِلافَ فيها. وأمّا الوَصايا فإنها تَبَرُّعٌ بعدَ المَوْتِ، فتُؤْخَذُ دَفْعةً واحِدَةً، ولذلك اسْتَوَى فيها المُتَقَدِّمُ (1) والمُتَأخِّرُ. (الثانِي، أنَّه لا يَجُوزُ الرُّجُوعُ في العَطِيَّةِ، بخِلافِ الوَصِيَّةِ) لأنَّ العَطِيَّةَ تَقَعُ لازِمَةً في حَقِّ المُعْطِي، تَنْتَقِلُ إلى المُعْطَى في الحَياةِ إذا اتَّصَلَ بها القَبُولُ والقَبْضُ، وإن كَثُرَتْ، فلم يكنْ له الرجُوعُ فيها، كالهِبَةِ، وإنَّما مُنِع المَرِيضُ مِن التَّبَرُّعِ بزِيادَةٍ على الثُّلُثِ لحَقِّ الوَرَثةِ، لا لِحَقِّه، فلم يَمْلِكْ إجازَتَها ولا رَدَّها بخِلافِ الوَصِيَّةِ [وإنَّما كان له الرُّجُوعُ في الوَصِيَّةِ](2)؛ لأنَّ التَّبَرُّعَ بها مَشْرُوطٌ بالمَوْتِ، ففِيما قبلَ المَوْتِ لم يُوجَدِ التَّبَرُّعُ ولا العَطِيَّةُ، فهي كالهِبَةِ قبلَ القَبُولِ. (الثالثُ، أنَّه يُعْتَبَرُ قَبُولُه للعَطِيَّةِ عندَ وُجُودِها) ويَفْتَقِرُ إلى شُرُوطِ الهِبَةِ
(1) آخر الجزء الخامس من مخطوطة جامعة الرياض (ر 1).
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَذْكُورَةِ؛ لأنَّها هِبَةٌ مُنْجَزَةٌ. فاعْتُبِرَ لها القَبُولُ عندَ وُجُودِها، كعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ، بخِلافِ الوَصِيَّةِ، فإنَّه لا حُكْمَ لقَبُولِها ولا رَدها إلَّا بعدَ المَوْتِ على ما يَأْتِي.
فصل: والعَطِيَّةُ تُقَدَّمُ على الوَصِيَّةِ. وهو قولُ الشافعيِّ وجُمْهُورِ العُلَماءِ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ، وزُفَرُ، إلَّا في العِتْقِ، فإنَّه حُكِيَ عنهم تَقْدِيمُه؛ لأنَّ العِتْقَ يتَعَلَّقُ به حَقُّ اللهِ تعالي، ويَسْرِي ويَنْفُذُ في مِلْكِ الغيرِ، فيَجبُ تَقْدِيمُه. ولَنا، أنَّ العَطِيَّةَ لازِمَةٌ في حَقِّ المَرِيضِ، فقُدِّمَتْ على الوَصِيَّةِ، كعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ، أو فقُدِّمَتْ على العِتْق، كعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ.