الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا، وَرِثَتْهُ، وَسَقَطَتِ الْمُحَابَاةُ. نَصَّ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، تُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ.
ــ
ثَمانِيَةٌ، ولوَرَثَتِها سَبْعَةٌ. وإن كان عليها دَينٌ ثلاثةٌ، قلتَ: يَبْقَى مع وَرَثَةِ الزَّوْجِ سِتّةٌ إلَّا نِصْفَ شيءٍ، تَعْدِلُ شَيئَين، فالشيءُ دِيناران وخُمْسانِ. والبابُ في هذا أن نَنْظُرَ ما يَبْقَى في يَدِ وَرَثَةِ الزَّوْجِ، فخُمْساه هو الشيءُ الَّذي صَحَّتِ المُحاباةُ فيه؛ وذلك لأنه بعدَ الجَبْرِ يَعْدِلُ شَيئَين ونِصْفًا، والشَّيءُ هو خُمْساها، وإن شِئْتَ أسْقَطْتَ خَمْسَةً، وأخَذْتَ نِصْفَ ما بَقِيَ.
2646 - مسألة: (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا، وَرِثَتْهُ، وَسَقَطَتِ الْمُحَابَاةُ)
لأنَّ حُكْمَها في المَرَضِ حُكْمُ الوَصِيَّةِ في أنّها لا تَصِحُّ لوارِثٍ (وعنه، تُعْتَبَرُ المُحاباةُ مِن الثُّلُثِ) لأنَّها مُحاباةٌ لمَن تَجُوزُ لة الصَّدَقَةُ عليه، فاعْتُبِرَتْ مِن الثُّلُثِ، كمُحاباةِ الأجْنَبِيِّ، إلَّا أن أبا بكرٍ قال: هذا قولٌ قَدِيمٌ رَجَع عنه.
فَصْلٌ: وَلَوْ مَلَكَ ابْنَ عَمِّهِ، فَأَقَرَّ في مَرَضِهٍ أَنَّهُ أعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ كَان
ــ
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(وَلَوْ مَلَكَ ابْنَ عَمِّهِ، فَأَقَرَّ في مَرَضِهٍ أَنَّهُ أعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ) وهو وارِثُه (عَتَقَ ولم يَرِثْ. ذَكَرَه أبو الخَطّابِ؛ لأنَّه لو وَرِثَه كان إقْرارُه لوارِثٍ) فيَبْطُلُ عِتْقه؛ لأنَّه مُرَتَّبٌ على صِحَّةِ الاقْرارِ، ولا يَصِحُّ الإِقْرارُ للوارِثِ، وإذا بَطَل عِتْقُه، سَقَط الإرثُ. فعلى هذا، تَثْبُتُ الحُرِّيَّةُ ولا يَرِثُ؛ لأنَّ تَوْرِيثَه يُفْضِي إلى إسْقاطِ
إِقْرَارُهُ لِوَارِثٍ، وَكَذَلِكَ عَلَى قِياسِهِ، لَو اشْتَرَى ذَا رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ وَارِثُهُ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ، أَوْ وَهَبَ لَهُ فَقَبِلَهُ فِي مَرَضِهِ. وَقَال الْقَاضِي: يَعْتِقُ وَيَرِثُ.
ــ
تَوْرِيثِه. ويحتَمِلُ أن يَرِثَ؛ لأنَّه حينَ الإِقْرارِ لم يكنْ وارِثًا، فوَجَبَ أن يَرِثَ، كما لو لم يَصِرْ وارِثًا. وعلى قياسِ ذلك (لَو اشْتَرَى ذَا رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ وَارِثُهُ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ، أَوْ وَهَبَ لَهُ فَقَبِلَهُ فِي مَرَضِهِ) فالحُكْمُ في ذلك كالمسألةِ قبلَها سَواءٌ؛ لِما ذَكَرْنا. وذَكَر شيخُنا (1)، أنَّه إذا مَلَكَه بغيرِ عِوَضٍ، كالهِبَةِ والمِيراثِ، أنَّه يَعْتِقُ، ويَرِثُ المَرِيضَ إذا مات. وبه قال مالِكٌ، وأكْثَرُ أصْحاب الشافعيِّ. وقال بعضُهم: يَعْتِقُ ولا يَرِثُ. كما قال أبو الخَطّابِ؛ لأنَّ عِتْقَه وَصِيَّةٌ، فلا تَجْتَمِعُ مع المِيراثِ. وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو كان وَصِيَّةً لاعْتُبِرٍ مِن الثُّلُثِ، كما لو اشْتَراه، [وجَعَلِ أهْلُ العِرَاقِ عِتْقَ المَوْهُوبِ وَصِيَّة يُعْتَبَرُ خُرُوجُه من الثُّلُثِ](2). وإن خرَج مِن الثُّلُثِ، عَتَقَ وَوَرِثَ، وإن لم يَخْرُجْ مِن
(1) في: المغني 8/ 479.
(2)
مضروب عليها في الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثُّلُثِ، سَعَى في قِيمَةِ باقِيه، ولم يَرِث في قولِ أبي حنيفةَ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يُحْتَسبُ بقِيمَتِه مِن مِيراثِه، فإن فَضَل مِن قِيمَتِه شيءٌ، سَعَى فيه. ولَنا، أنَّ الوَصِيَّةَ هي التَّبَرُّعُ بمَالِه (1) بعَطِيَّةٍ أو إتْلافٍ، أو التَّسَبُّبُ إلى ذلك، ولم يُوجَدْ واحِدٌ منهما؛ لأنَّ العِتْقَ ليس مِن فِعْلِه، ولا يَقِفُ على اخْتيارِه، وقَبُولُ الهِبَةِ ليس بعَطِيَّةٍ ولا إتْلافٍ لمالِه، إنَّما هو
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَحْصِيلٌ لشيءٍ يَتْلَفُ بتَحْصِيلِه، فأشْبَهَ قَبُولَه لشيءٍ لا يُمْكِنُه حِفْظُه، أو لِما يَتْلَفُ ببَقائِه في وَقْتٍ لا يُمْكِنُه التَّصَرُّفُ فيه، وفارَقَ الشِّراءَ، فإنَّه تَضْيِيعٌ لمالِه في ثَمَنِه. قال القاضي: هذا المَذْكُورُ قِياسُ قولِ أحمدَ؛ لأنَّه قال في مَواضِعَ: إذا وَقَف في مَرَضِه على وَرَثَتِه، صَحَّ، ولم تكنْ وَصِيَّةً؛ لأنَّ الوَقْف ليس بمالٍ؛ لأنَّه لا يُبَاعُ ولا يُورَثُ. قال الخَبْرِيُّ: هذا قولُ أحمدَ، وابنِ الماجِشُون، وأهْلِ البَصْرَةِ. ولم يَذْكُرْ فيه عن أحمدَ خِلافه. فأمّا إنِ اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ عليه، فقال القاضي: إن حَمَلَه الثُّلُثُ، عَتَقَ ووَرِثَه. وهذا قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ. وإن لم يَخْرُجْ مِن الثُّلُثِ، عَتَقَ منه بقَدْرِ الثُّلُثِ، ويَرِثُ بقَدْرِ ما فيه مِن الحُرِّيَّةِ، وباقِيه على الرِّقِّ. فإن كان الوارِثُ ممَّن يَعْتِقُ عليه إذا مَلَكَه، عَتَقَ عليه إذا وَرِثَه. وقال أبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُوسُفَ، ومحمدٌ، لا وَصِيَّةَ لوارثٍ، ويُحْتَسَبُ بقِيمَتِه مِن مِيراثِه، وإن فَضَل مِن قِيمَتِه شيءٌ سَعَى فيه. وقال بعضُ أصحابِ مالكٍ: يَعْتِقُ مِن رَأْسِ المالِ ويَرِثُ، كالمَوهُوب والمَوْرُوثِ. وهو قِياسُ قولِ أحمدَ؛ لكَوْنِه لم يَجْعَلِ الوَقْفَ وَصِيَّةً، وأجَازَه للوارِثِ، فهذا أوْلَى؛ لأنَّ العَبْدَ لا يَمْلِكُ رَقَبَتَه، فيُجْعَلُ ذلك وَصِيَّةً له، ولا يَجُوزُ أن يُجْعَلَ الثَّمَنُ وَصِيَّةً له؛ لأنَّه لم يَصِلْ إليه، ولا وَصِيَّةَ للبائِعِ؛ لأنَّه قد عاوَضَ عنه، وإنَّما هو كبناءِ مَسْجِدٍ. وقَنْطَرَةٍ، في أنَّه ليس بوَصِيَّةٍ لمَن يَنْتَفِعُ به، فلا يَمْنَعُه ذلك المِيراثَ. واخْتَلَفَ أصحابُ الشافعيِّ في قِياسِ قَوْلِه؛ فقال بعضُهم: إذا حَمَلَه الثُّلُثُ عَتَقَ وَورِثَ؛ لأنَّ عِتْقَه ليس بوَصِيَّةٍ له على ما ذَكَرْنا. وقِيلَ: يَعْتِقُ ولا وَرِثُ؛ لأنَّه لو وَرِث، لصارت وَصِيَّةً لوارِثِه، فتَبْطُلُ وَصِيَّتُه، ويَبْطُلُ عِتْقه وإرْثُه، فيُفضِي تَوْرِيثُه إلى إبْطال تَوْرِيثِه، فكان إبْطالُ تَوْرِيثِه أوْلَى. وقِيلَ على مَذْهَبِه: شِراؤُه باطِلٌ؛ لأنَّ ثَمَنَه وَصِيَّةٌ، والوَصِيَّةُ يَقِفُ خُرُوجُها مِن الثُّلُثِ، أو إجازَةِ الوَرَثَة، والبَيعُ عندَه لا يَجُوزُ أن يكونَ مَوْقُوفًا. ومن مسائِلِ ذلك: مَرِيضٌ وُهِب له ابنُه فقَبِلَه، وقِيمَتُه مائةٌ، وخَلَّفَ مائَتَيْ دِرْهَمٍ وابْنًا آخَرَ، فإنَّه يَعْتِقُ، وله مائةٌ ولأخِيه مائةٌ. وهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولُ مالِكٍ، وأبي حَنِيفةَ، والشافعيِّ. وقِيلَ على قولِ الشافعيِّ: لا يَرِثُ، والمِئَتان كلُّها للابنِ الآخَرِ. وقال أبو يُوسُف، ومحمدٌ: يَرِثُ نِصْفَ نَفسِه ونِصْفَ المائَتَين، ويَحْتَسِبُ بقِيمَةِ نِصْفِه الباقِي مِن مِيراثِه. وإن كانت قيمَتُه مائَتَين، وبَقِيَّةُ التَّرِكَةِ مائةً، عَتَقَ مِن رَأْسِ المالِ، والمائة بينَه وبينَ أخِيه. وبهذا قال مالِكٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ منه نِصْفه؛ لأنَّه قَدْرُ ثُلُثِ التَّرِكَةِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ باقِيه ولا يَرِثُ؛ لأنَّ المُسْتَسْعَى عندَه كالعَبْدِ لا يَرِثُ إلا في أرْبَعَةِ مواضِعَ؛ الرجلُ يُعْتِقُ أمَتَه على أن تَتَزَوَّجَه. والمرأةُ تُعْتِقُ عَبْدَها على أن يَتَزَوَّجَها، فيَأْبَيانِ ذلك. والعَبْدُ المَرْهُونُ يُعْتِقُه سَيِّدُه. والمُشْتَرِي للعَبْدِ يُعْتِقُه (1) قبلَ قَبْضِه وهما مُعْسِران. ففي هذه المَواضِعِ يَسْعَى كلُّ واحِدٍ في قِيمَتِه، وهو حُرٌّ يَرِث. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ نِصْفَ التَّرِكَةِ، وذلك ثَلَاثَةُ أرْباعِ رَقَبَتِه، ويَسْعَى في رُبْعِ قِيمَتِه لأخِيه. فإن وُهب له ثلاثُ أخواتٍ مُفْتَرِقاتٍ لا مال له سِواهُنَّ ولا وارِثَ، عَتَقْنَ مِن رَأْسِ المالِ. وهذا قولُ مالكٍ. وإن كان اشْتَراهُنَّ فكذلك، فيما ذَكَرَه الخَبْرِيُّ عن أحمدَ. وهو قولُ ابنِ
(1) في النسخ: «نصفه» وانظر المغني 8/ 481.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الماجِشُون، وأهْلِ البَصْرَةِ، وبعضِ أصحابِ مالِكٍ. وعلى قولِ القاضِي، يَعْتِقُ ثُلُثُهُنَّ، في أحَدِ الوَجْهَينِ. وهو قولُ مالِكٍ. وفي الآخَرِ، يَعْتِقْنَ كُلهُنَّ؛ لكَوْنِ وَصِيَّةِ مَن لا وارِثَ له جائِزَةً في جَمِيع مالِه، في أصَحِّ الرِّوايَتَين. وإن تَرَك مالًا يَخْرُجْنَ مِن ثُلُثِه، عَتَقْنَ ووَرِثنَ. وقال أبو حنيفةَ: إذا اشْتَراهُنَّ أو وُهِبْنَ له، ولا مال له سِواهُنَّ ولا وارِثَ، عَتَقْنَ، وتَسْعَى كلُّ واحِدَةٍ مِن الأُخْتِ للأب والأُخْتِ مِن الأُمِّ في نِصْفِ قِيمَتِها لأُخْتِ للأَبَوَينِ، وإنَّما لم تَرِثا؛ لأَنَّهما لو وَرِثَتَا، لكان لهما [خُمْسا الرِّقابِ](1)، وذلك رَقَبَةٌ وخُمْسٌ، بينَهما نِصْفَين، فكان يَبْقَى عليهما سِعايَةٌ، وإذا بَقِيَتْ عليهما سِعايَةٌ، لم تَرِثا، وكانت لهما الوَصِيَّةُ، وهي رَقَبَةٌ بينَهما نِصْفَين. وأمّا الأُخْتِ للأَبَوَينِ، فإذا وَرِثَتْ عَتَقَتْ؛
(1) في م: «خمس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ لها ثلاثَةَ أخْماسَ الرِّقابِ، وذلك أكْثَرُ مِن قِيمَتِها، فورثَتْ وبَطَلَتْ وَصِيَّتُها. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقْنَ، وتَسْعَى كلُّ واحِدَةٍ مِن الأُخْتِ للأبِ والأُخْتِ لأُمِّ للأُخْتِ مِن الأبوَين في خُمْسَيْ قِيمَتِها؛ لأنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهما (1) تَرِثُ ثلاثَةَ أخْماسِ رَقَبةٍ. وعلى قولِ الشافعيِّ، لا يَعْتِقْنَ.
فصل: وإذا اشْتَرَى المَرِيضُ أباه بألْفٍ لا مال له سِواه، ثم مات وخَلَّفَ ابنًا، فعلى القولِ الَّذي حَكاه الخَبْرِيُّ، يَعْتِقُ كلُّه على المَرِيضِ وله وَلاؤُه. وعلى قولِ القاضي: يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ ويَعْتِقُ الباقِي على الابنِ؛ لأنَّه جَدُّه، ويكونُ ثُلُثُ وَلائِه للمُشْتَرِي، وثُلُثاه لابنِه. وهذا قولُ مالِكٍ. وقِيلَ: هو مَذْهَبٌ للشافعيِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، ويَسْعَى للابنِ في قِيمَةِ ثُلُثَيه. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقُ سُدْسُه؛ لأنَّه وَرِثَه، ويَسْعَى في خَمْسَةِ أسْداسِ قِيمَتِه للابنِ، ولا وَصِيَّةَ له. وقِيلَ على قولِ الشافعيِّ: يَنْفَسِخُ البَيعُ، إلَّا أن يُجِيزَ الابنُ عِتْقَه. وقِيلَ: يُفْسَخُ في ثُلُثَيه، ويَعْتِقُ ثُلثه، وللبائِعِ الخِيارُ؛ لتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عليه. وقِيلَ: لا خِيار له؛ لأنَّه مُتْلِفٌ. فإن تَرَكَ ألْفَين سواه، عَتَقَ كلُّه، ووَرِثَ سُدْسَ الألْفَين، والباقِي للابنِ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ. وقيلَ: نَحْوُه قولُ الشافعيِّ. وقِيلَ على قَوْلِه: يَعْتِقُ ولا يَرِث. وقِيلَ:
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شِراؤُه مَفْسُوخٌ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ الأبُ سُدْسَ التَّرِكَةِ، وهي (1) خَمْسُمائةٍ، يَحْتَسِبُ بها مِن رَقَبَتِه، ويَسْعَى في نِصْفِ قِيمَتِه، ولا وَصِيَّةَ له. فإنِ اشْتَرَى ابنَه بألْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، ومات وخَلَّفَ أباه، عَتَقَ كلُّه بالشِّراءِ، في الوَجْهِ الأوَّلِ. وفي الثانِي، يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، وثُلُثاه على جَدِّه عندَ المَوْتِ، ووَلاؤُه بينَهما أثْلاثًا. وبهذا قال مالِكٌ. وقولُ الشافعيِّ فيه على ما ذَكَرْنا في مَسْأَلةِ الأبِ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه بالوَصِيَّةِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ ثُلُثَيه للأبِ ولا يَرِثُ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمد: يَرِثُ خَمْسَةَ أسْداسِه، ويَسْعَى في قِيمَةِ سُدْسِه. فإن تَرَك ألْفَين سِواه، عَتَقَ كلُّه، وَوَرِثَ خَمْسَةَ أسْداسِ الألْفَين، وللأبِ السُّدْسُ. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: للأبِ سُدْسُ التَّرِكَةِ خَمْسُمائةٍ، وباقِيها للابنِ، يَعْتِقُ منها ويَأْخُذُ ألْفًا وخَمْسَمائةٍ. وإن خَلَّفَ مالًا يَخْرُجُ المَبِيعُ مِن ثُلُثِه، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَعْتِقُ كلُّه ويَرِثُ منه، كأنَّه حُرُّ الأصْلِ. وعلى الوَجْهِ الثانِي، يَعْتِقُ منه بقَدْر ثُلُثِ التَّرِكَةِ، ويَرِثُ بقَدْرِ ما فيه مِن الحُرِّيّةِ. فإن لم يُخَلِّفِ المُشْتَرِي إلا أخًا حُرًّا ولم يَتْرُكْ مالًا، عَتَقَ مِن رَأسِ المالِ على الوَجْهِ الأوّلِ، ويَعْتِقُ ثُلُثُه على الثانِي، ويَرِثُ الأخُ ثُلُثَيه، ثم يَعْتِقُ عليه. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ. ثُلُثُه، ويَسْعَى لعَمِّه في قِيمَةِ ثُلُثَيه. وقال أبو يُوسُف، ومحمدٌ: يَعْتِقُ كلُّه، ولا سِعايَةَ. وإن خَلَّفَ ألْفَين سِواه، عَتَقَ، ووَرِث الألْفَين، ولا شيءَ للأخِ في
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأقْوالِ، إلَّا فيما قِيلَ على قولِ الشافعيِّ: إَّنه يَعْتِقُ ولا يَرِثُ. وقِيلَ: شِراؤُه باطِلٌ. فإنِ اشْتَرَى ابنَه بألْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وقِيمَتُه ثُلُثا الألْفِ، وخَلَّفَ ابْنًا آخَرَ، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَعْتِقُ مِن رَأْسِ المالِ، ويَسْتَقِرُّ مِلْكُ البائِع على قَدْرِ قِيمَتِه مِن الثَّمَنِ، وله ثُلُثُ الباقِي؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ حاباه ولم يَبْقَ مِن التَّرِكَةِ سِواه، فيكونُ له ثُلُثُه، وهو تُسْعُ ألْفٍ، ويَرُدُّ التُّسْعَين، فتكونُ بينَ الابْنَين (1). وعلى الوَجْهِ الثاني، يَعْتِقُ ثُلُثُه، ويَرِثُ أخُوه ثُلُثَيه، ويَعْتِقُ عليه، وللبائِعِ ثُلُثُ المُحاباةِ، ويَرُدُّ ثُلُثَيها، فيكونُ مِيراثًا. وقال أبو حنيفةَ: الثلُثُ للبائِعِ، ويَسْعَى المُشْتَرِي في قِيمَتِه لأخِيه. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَسْعَى في نِصْفِ رَقَبَتِه ويَرِث نِصْفَها. وقال الشافعيُّ: المُحاباةُ مُقَدَّمَة لتَقَدُّمِها، ويَرِثُ الابنُ الحُرُّ أخاه فيَمْلِكُه. وقِيلَ: يُفْسَخُ البَيعُ في ثُلُثَيه ويَعْتِقُ ثُلُثُه، ولا تُقَدَّمُ المُحاباةُ، لأنَّ في تَقْدِيمِها تَقْرِيرَ مِلْك الأبِ على وَلَدِه. وقِيلَ: يُفْسَخُ البَيعُ في جَمِيعِه. فإن كانت قِيمَتُه [ثُلُثَ ألْفٍ](2)، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَعْتِقُ مِن رَأْسِ المالِ، وتَنْفُذُ المُحاباةُ في ثُلُثِ الباقِي، وهو تُسْعَا الألْفِ، ويَرُدُّ البائِعُ أرْبَعَةَ أتْساعِ الألْفِ، فتكونُ بينَ الابنَينِ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحَدُهما، يُقَدَّمُ العِتْقُ على المُحاباةِ، فيَعْتِقُ
(1) في م: «الاثنين» .
(2)
في م: «ثلاثة آلاف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَمِيعُه، ويَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَي الألْفِ، فيكونُ بينَهما. والثانِي، يَعْتِقُ ثُلُثُه، ويكونُ للبائِعِ تُسْعَا الألْفِ، ويَرُدُّ أرْبَعَةَ أتْساعِها، كما قُلْنا في الوَجْهِ الأوَّلِ. وقال أبو حنيفةَ: للبائِعِ بالمُحاباةِ الثُّلُثُ، ويَرُدُّ الثُّلُثَ، ويَسْعَى الابنُ في قِيمَتِه لأخِيه. وفي قولِ أبي يُوسُفَ، ومحمدٍ، يَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَ الألْفِ، [فيكونُ للابنِ الحُرِّ، ويَعْتِقُ الآخَرُ بنَصِيبِه مِن المِيراثِ. وقِيلَ على قول الشافعيِّ: يَرُدُّ البائِعُ ثُلُثَ الألْفِ](1)، فيكونُ ذلك مع المُشْتَرِي للابنِ الحُرِّ. وقِيلَ غيرُ ذلك. وإنِ اشْتَراه بألْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، [وقِيمَتُه ثلاثَةُ آلافٍ](2)، فمَن أعْتَقَه مِن رَأْسِ المالِ، جَعَلَه حُرًّا، ومَن جَعَل ذلك وَصِيَّةً، أعْتَقَ ثُلُثَه بالشِّراءِ، ويَعْتِقُ باقِيه على أخِيه، إلا في قولِ الشافعيِّ ومَن وافَقَه، فإنَّ الحُرَّ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ أخِيه، فيَمْلِكُ مِن رَقَبَتِه قَدْرَ ثُلُثَي الثَّمَنِ، وذلك تُسْعا رَقَبَتِه؛ لأنَّهُ يَجْعَلُ ثَمَنَه مِن الثُّلُثِ دُونَ قِيمَتِه. وقِيلَ: يُفْسَخُ البَيعُ في ثُلُثَيه. وقيلَ: في جَمِيعِه. وقال أبو حنيفةَ: يَسْعَى لأخِيه في قِيمَةِ ثُلُثَيه. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَسْعَى له في نِصْفِ قِيمَتِه. فإن تَرَكَ ألْفَين سِواه، عَتَقَ كلُّه؛ لأنَّ التَّرِكَةَ هي الثَّمَنُ مع الألْفَينِ، والثَّمَنُ يَخْرُجُ مِن الثُّلُثِ، فيَعْتِقُ، ويَرِثُ نِصْفَ الألْفَين. وهو قولٌ للشافعيِّ. وقِيلَ: يَعْتِقُ ولا يَرِثُ. وعندَ أبي حنيفةَ وأصحابِه، التَّرِكَةُ قِيمَتُه مع الألْفَينِ، وذلك خَمْسَةُ آلافٍ. فعلى قولِ أبي حنيفةَ: يَعْتِقُ منه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَدْرُ ثُلُثِ ذلك، وهو ألْفٌ وثُلُثَا أَلْفٍ، ويَسْعَى لأخِيه في ألْفٍ وثُلُثِ ألْفٍ. وفي قولِ صاحِبَيه، يَعْتِقُ منه نِصْفُ ذلك، وهو خَمْسَةُ أسْداسِه، ويَسْعَى لأخِيه في خَمْسِمائةٍ. والأَلْفانِ لأخِيه في قَوْلِهم جَمِيعًا.
فصل: ولو اشْتَرَى المَرِيضُ ابنيْ عَمٍّ له بألْفٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وقِيمَةُ كل واحِدٍ منهما ألْفٌ، فأعْتَقَ أحَدَهما، [ثم وَهَبَه أخاه](1)، ثم مات وخَلَّفَهما وخَلَّفَ مَوْلاه، فإنَّ قِياسَ قولِ القاضي، إن شاء اللهُ، أن يَعْتِقَ ثُلُثا المُعْتَقِ، إلَّا أن يُجِيزَ المَوْلَى عِتْقَ جَمِيعِه، ثم يَرثُ بثُلُثَيه ثُلُثَيْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ، فيَعْتِقُ منه ثمانيةُ أتْساعِه، يَبقَى تُسْعُة وثُلُثُ أخِيه للمَوْلَى. ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ كلُّه، ويَرِثَ أخاه، فيَعْتِقانِ جَمِيعًا؛ لأنَّه يَصِيرُ بالإِعْتاقِ وارِثًا لثُلُثَيِ التَّرِكَةِ، فتَنْفُذُ إجازَتُه في إعْتاقِ باقِيه، فتَكْمُلُ له الحُرِّيَّةُ، ثم يَكْمُلُ له المِيراثُ. وفي قِياسِ قولِ أبي الخَطّابِ، يَعْتِقُ ثُلُثاه، ولا يَرِثُ؛ لأنَّه لو وَرِث لكان إعْتاقُه وَصِيَّةً له، فيَبْطُلُ إعْتاقُه، ثم يَبْطُلُ إرْثُه، فيُؤدِّي تَوْرِيثُه إلى إبْطالِ تَوْرِيثِه. وهذا قولُ الشافعيِّ. ويَبْقَى ثُلُثُه وابنُ العَمْ الآخَرِ للمَوْلَى. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثَا المُعْتَقِ ويَسْعَى في قِيمَةِ ثُلُثِه، ولا يَرِثُ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَعْتِقُ كلُّه، ويَعْتِقُ عليه أخوه بالهِبَةِ، ويكونُ أحَقَّ بالمِيراثِ مِن المَوْلَى. فإن كان للمَيِّتِ مالٌ سِواهما، أخَذا ذلك المال بالمِيراثِ، ويَغْرَمُ المُعْتَقُ لأخِيه المَوْهُوبِ نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِه ونِصْفَ قِيمَةِ أخِيه؛ لأنَّ عِتْقَ الأوَّلِ وَصِيَّة، ولا وَصِيَّةَ لوارِثٍ،
(1) مضروب عليها في الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد صار وارِثًا مع أخيه، فوَرِثَ نِصْفَ قِيمَةِ رَقَبَتِه ونِصْفَ قِيمَةِ أخِيه، ووَرِثَ أخُوه الباقِيَ، وكان أخوه المَوْهُوبُ له هِبَةً مِن المَريضِ له، فيَعْتِقُ بقَرابَتِه له، ولم يَعْتِقْ مِن المَرِيضِ، فلم يكُنْ عِتْقُه وَصِيَّةً، بل اسْتَهْلَكَها بالعِتْقِ الَّذي جَرَى فيها فيَغْرَمُ الأوَّلُ نِصْف قِيمَتِه ونِصْفَ قِيمَةِ أخِيه لأخِيه. وأمّا قولُ أبي حنيفةَ، فإن كان المَيِّتُ لم يَدَعْ وارِثًا غيرَهما، عَتَقَ (1)، وغَرِمَ الأوَّلُ لأخِيه نِصْفَ قِيمَةِ أخِيه، ولم يَغْرَمْ له نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِه؛ لأنَّه إذا لم يَدَعْ وارِثًا، جازت وَصِيَّتُه؛ لأَنهما لا يَرِثانِ، ولا يَعْتِقانِ حتَّى تَجُوزَ وَصِيَّةُ الأوَّلِ؛ لأنَّه متى بَقِيَتْ عليه سِعايَةٌ، لم يَرِث واحِدٌ منهما، ولم يَعْتِقْ، فلا بُدَّ مِن أن تَنْفُذَ للمُعْتَقِ وَصِيَّة ليَصِيرَ حُرًّا، فيَعْتِقَ أخوه بعِتْقِه، وقد جازت له الوَصِيَّةُ في جَمِيعِ رَقَبَتِه؛ لأنَّ المَيِّتَ إذا لم يَدَعْ وارِثًا، جازت وَصِيَّتُه بجَمِيعِ مالِه، ويَرِثانِ جَمِيعًا، ويَرْجِعُ الثانِي على الأوَّلِ بنِصْفِ قِيمَتِه؛ لأنَّه يقولُ: قد صِرْتُ أنا وأنت وارِثَين، فلا تَأْخُذ مِن المِيراثِ شيئًا دُونِي، وقد كاتت رَقَبَتِي لك وَصِيَّةً فعَتَقَت مِن قِبَلِك، فاضْمَنْ لي نِصْفَ رَقَبَتِي. فإن كان مُعْسِرًا، أو هناك مالٌ غيرُهما، أخَذَ الثانِي نِصْفَه، ثم أخَذَ مِن النِّصْفِ الثانِي نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِه، وكان ما بَقِيَ مِيراثًا لأخِيه الأوَّلِ.
(1) في المغني 8/ 486: «عتقا» .