الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنَ السَّفِيهِ في أصَحِّ الْوَجْهَينِ،
ــ
2651 - مسألة: (و)
تَصِحُّ (مِن السفِيهِ في أصَحِّ الوَجْهَين) المَحْجُورُ عليه للسَّفَهِ تَصِحُّ وَصِيته في قياسِ قولِ أحمدَ. قال الخَبْرِي: وهو قولُ الأكْثَرِين. وفيه وَجْه آخَرُ، أنها لا تَصِحُّ. حَكاه أبو الخَطّابِ؛ لأنّه مَحْجُورٌ عليه في تَصَرُّفاتِه، فلم تَصِحّ منه، كالهِبَةِ. ولَنا، أنّه عاقِلٌ مُكَلفٌ، فصَحَّت وَصِيَّتُه، كالرشِيدِ، ولأن وَصِيَّتُه مَحْضُ مَصلحةٍ مِن غيرِ ضَرَرٍ؛ لأنّه إن عاش لم يَذْهَبْ مِن مالِه شيءٌ، وإن مات فهو مُحْتاجٌ إلى الثَّوابِ، فصَحَّتْ وَصِيَّتُه، كعِباداتِه.
وَمِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا جَاوَزَ الْعَشْرَ، وَلَا تَصِحُّ مِمنْ لَهُ دُونَ السَّبْعِ، وَفِيمَا بَينَهُمَا رِوَايَتَانِ.
ــ
فصل: (و) تَصِحُّ (مِن الصبِيِّ العاقِلِ إذا جاوَزَ العَشْرَ، ولا تَصِحُّ ممن له دُونَ السَّبْعِ، وفيما بينَهما رِوايتان) المَنْصُوصُ عن أحمدَ صِحة وَصيةِ الصَّبِيِّ العاقِلِ إذا جاوَزَ العَشْرَ. رَواه عنه صالِحٌ، وحَنْبَلٌ. قال أبو بكر: لا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ أن مَن له عَشْرُ سِنِين تَصِحُّ وصيتُه، ومَن له دُونَ السَّبْعِ لا تَصِحُّ وَصمته، وفيما بينَ السَّبْعِ والعَشْرِ رِوايتان. وقال ابن أبي مُوسى: لا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الغُلامِ لدُونِ العَشْرِ، ولا الجارِيَةِ لدونِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تِسْعٍ، قولًا واحِدًا. وما زاد على العَشْرِ، فتَصِحُّ على المَنْصُوصِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا تَصِح حتى يبلُغ. وقال القاضي، وأبو الخَطّابِ: تَصِحُّ وصيةُ الصَّبِيِّ إذا عَقَل. وقد رُوِيَ عن عُمَرَ، رضي الله عنه، أنّه أجاز وَصِيَّةَ الصَّبِيِّ. وهو قولُ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وشُرَيحٍ، وعَطاءٍ، والزُّهرِيِّ، وإياس، وعبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، والشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، ومالكٍ، وإسحاقَ. قال إسحاقُ: إذا بَلَغ اثنَتَى عَشْرَةَ. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ. وعن ابنِ عباسٍ، لا تصِحُّ وصيتُه حتى يَبْلُغ. وبه قال الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وأصحابُ الرأي. وللشافعيِّ قولان كالمَذْهَبَين. ولأنَّه تَبَرُّعٌ بالمالِ، فلا يَصِحُّ مِن الصَّبِي، كالهبة والعتقِ. ولَنا، ما رُوِيَ أن صَبيًّا مِن غَسّانَ لَه عَشْرُ سِنين أوْصَى لأخوالٍ له، فرُفِعَ ذلك إلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، رضي الله عنه، فأجازَ وَصِيَّتَه. رَواه سعيد (1). وروَى مالكٍ في «مُوَطَّئِه» (2) عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بكرٍ، عن أبيه، أنَّ عمرو بنَ سُلَيم أخْبَرَه أنه قِيلَ لعُمَرَ بنِ الخَطّابِ: إنَّ ها هُنا غُلَامًا يَفَاعًا لم يَحْتَلِمْ، ووَرَثته بالشّامِ، وهو ذو مالٍ، وليس له ها هُنا إلَّا ابنَةُ
(1) في: باب وصية الصبيّ، من كتاب الوصايا. السنن 1/ 127.
(2)
في: باب جواز وصية الصغر. . . .، من كتاب الوصية. الموطأ 2/ 762.
كما أخرجه الدارمي، في: باب الوصية للغلام، كتاب الوصايا. سنن الدارمي 2/ 424 مختصرًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَمٍّ. فقال عُمَرُ: فلْيُوصِ لها. فأوْصَى لها (1) بمالٍ يُقالُ له: بِئْرُ جُشَمَ (2). قال عمرُو بنُ سليم: فبِعْتُ (3) ذلك المال بثَلاثين ألْفًا. وابنةُ عَمِّه التي أوْصَى لها هي أُمُّ عمرٍو (4) بنِ سُلَيمٍ. قال أبو بكرٍ: وكان الغُلامُ ابنَ عَشْر أو اثْنَتَى عَشْرَةَ سنة. وهذه قَضِيَّة انْتَشَرَتْ ولم تُنْكَرْ؛ ولأنه تَصَرُّفٌ تَمَحَّضَ نَفْعًا للصَّبِيِّ، فصَحَّ منه كالإسْلامِ والصلاةِ، وذلك لأنَّ الوَصِيَّةَ صَدَقَةٌ يَحْصُلُ ثَوابُها له بعدَ غِناه عن مِلْكِه، فلا يَلْحَقُه ضَرَرٌ في عاجِلِ دُنْياه ولا أخْراه، بخِلافِ الهِبَةِ والعِتْقِ المُنْجَزِ، فإنَّه يُفَوِّت مِن مالِه ما يَحْتاجُ إليه، وإذا رُدَّتْ رَجَعَتْ إليه، وها هُنا لا يَرْجِعُ إليه بالرَّدِّ، والطِّفْلُ لا عَقلَ له، ولا تَصِحُّ عِباداتُه ولا إسْلامُه. وأمّا مَن له فوقَ السَّبْعِ ولم يَبْلُغِ العَشْرَ، فقد ذَكَرْنا فيه رِوايَتَين؛ إحْداهما، تَصِحُّ وَصِيته. وهو
(1) سقط من: م.
(2)
في النسخ: «خشم» والمثبت من مصادر التخريج ومعجم البلدان.
(3)
في م: «فبعث» .
(4)
في النسخ: «عمر» . والمثبت من مصادر التخريج.