الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَينٍ مُعَيَّنٍ فَأَبَى ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، قَضَاهُ بِغَيرِ عِلْمِهِمْ. وَعَنْهُ، فِي مَنْ عَلَيهِ دَينٌ لِمَيِّتٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَينٌ، أَنَّهُ يَقْضِي دَينَ الْمَيِّتِ إِنْ لَمْ يَخَفْ تَبِعَةً.
ــ
2779 - مسألة: (وإن أوْصاه بقَضاءِ دَينٍ مُعَيَّنٍ فأبَى الورثةُ ذلك، قَضاه بغيرِ عِلْمِهم)
لأنه واجِبٌ سواءٌ رَضُوا به أو أبَوْه، فإذا أبَوْه قَضاهُ، كما لو وَصَّى لرجلٍ بمُعَيَّنٍ يَخْرُجُ مِن الثُّلُثِ فلم يَقْبَلُوا الوصيةَ، فإنَّه يَدْفَعُ إليه وصيتَه بغيرِ رِضاهم، ولا يُعْتَبرُ عِلْمُهم، كذا ههُنا. وعن أحمدَ (في مَن عليه دَينٌ لمَيِّتٍ وعلى المَيِّتِ دَينٌ، أنَّه يَقْضِي دَينَ المَيِّتِ إن لم يَخَفْ تَبِعَةً) يَعْنِي إذا خاف أن يَطْلُبَه الورثةُ بما عليه ويُنْكِرُوا الدَّينَ الذي على مَوْرُوثِهم، فلا يَقْضِيه؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ رُجُوعَهم عليه. وإن لم يَخَفْ ذلك قَضَى دَينَ المَيِّتِ الذي عليه بدَينِ المَيِّتِ الذي له، لِما فيه مِن تَبْرِئَةِ ذِمَّتِه وذِمَّةِ المَيِّتِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا عَلِم المُوصَى إليه أنَّ على المَيِّتِ دَينًا، إمّا بوصيةِ المَيِّتِ أو غيرِها، فقال أحمدُ: لا يَقْضِيه إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قيل له: فإن كان ابنُ المَيِّتِ يُصَدِّقُه. قال: يكونُ ذلك في حِصَّةِ مَن أقَرَّ بقَدْرِ حِصَّتِه. وقال في مَن اسْتَوْدَعَ رجلًا ألْفَ دِرهمٍ، فقال: إن أنا مِتُّ، فادْفَعْها إلى ابْنِي الكَبِيرِ. وله ابْنان، أو قال: ادْفَعْها إلى أجْنَبِيٍّ. فقال: إن دَفَعَها إلى أحَدِ الابْنَين ضَمِن للآخَرِ قَدْرَ حِصَّتِه، وإن دَفَعَها إلى الآخَرِ ضَمِن. وَلَعَلَّ هذا مِن أحمدَ فيما إذا لم يُصَدِّقِ الورثةُ الوَصِيَّ ولم يُقِرُّوا، فلا يُقْبَلُ قولُه عليهم، وليس له الدَّفْعُ بغيرِ إذْنِهم؛ لأنَّ قولَه: أقَرَّ عندِي، وأذِنَ لي. إثْباتُ ولايَةٍ (1)، فلا يُقْبَلُ قولُه فيه، ولا شَهادَتُه؛ لأنَّه يَشْهَدُ لنفسِه
(1) في م: «ولائه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالولايةِ. وقد نَقَل أبو داودَ، في رجلٍ أوْصَى أنَّ لفُلانٍ عَلَيَّ كذا: يَنْبَغِي للوَصِيِّ أن يُنْفِذَه، ولا يَحِلُّ له إن لم يُنْفِذْه. فهذه المسألةُ محمولةٌ على أنَّ الورثةَ يُصَدِّقُون الوَصِيَّ أو المُدَّعِيَ، أو له بَيِّنةٌ بذلك، جمعًا بينَ الرِّوايَتَين، ومُوافَقَةَ الدَّلِيلِ. قيل لأحمدَ: فإن عَلِم المُوصَى إليه لرجلٍ حَقًّا على المَيِّتِ، فجاء الغرِيمُ يُطالِبُ الوَصِيَّ، وقَدَّمَهْ إلى القاضي ليَسْتَحْلِفَه أنَّ مالي في يَدَيكَ حَقٌّ. فقال: لا يَحْلِفُ، ويُعْلِمُ القاضِيَ بالقَضِيَّةِ، فإن أعْطاه القاضي فهو أعْلَمُ. فإنِ ادَّعَى رجلٌ دَينًا على المَيِّتِ وأقامَ بَيِّنَةً، فهل يجوزُ للوَصِيِّ قَبُولُها وقَضاءُ الدَّينِ بها مِن غيرِ حُضُورِ حاكمٍ؟ فكلامُ أحمدَ يَدُلُّ على رِوايَتَين؛ إحْداهما، لا يجوزُ الدَّفْعُ إليه بدَعْواه، إلَّا أن تَقُومَ بَيِّنَةٌ. فظاهِرُ هذا أنَّه جَوَّزَ الدَّفْعَ بالبينةِ مِن غيرِ حُكمِ حاكمٍ؛ لأنَّ البيِّنَةَ حُجَّةٌ له. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إلَّا أن تَثْبُتَ بَيِّنةٌ عندَ الحاكمِ بذلك. فأمّا إن صَدَّقَهم الورثةُ، قُبِل؛ لأنَّه إقْرارٌ منهم على أنْفسِهم.