الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لأحَدِهِمَا الانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا أن يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيهِ.
ــ
2769 - مسألة: (وليس لأحَدِهما الانْفِرادُ بالتَّصَرُّفِ إلَّا أن يَجْعَلَ ذلك إليه)
وجملةُ ذلك، أنَّه يجوزُ أن يُوصِيَ إلى رَجُلَين معًا في شيءٍ واحدٍ، ويَجْعَلَ لكلِّ واحدٍ منهما التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، فيقولَ: أوْصَيتُ إلى كلِّ واحدٍ منكما وجَعَلْتُ له أن يَنْفَرِدَ بالتَّصَرُّفِ. فإنَّ هذا يَقْتَضي تَصَرُّفَ كلِّ واحدٍ منهما على الانْفِرادِ. وله أن يُوصِيَ إليهما ليَتَصَرَّفا مُجْتَمِعَين، فلا يجوزُ لأحَدِهما الانْفِرادُ بالتَّصَرُّفِ؛ لأنَّه لم يَجْعَلْ ذلك إليه، ولم يَرْضَ بنَظَرِه وحدَه. ولا نَعْلَمُ خِلافًا في هاتَين الصُّورَتَين. فإن أطْلَقَ، فقال: أوْصَيتُ إليكما في كذا. فليس لأحَدِهما الانْفِرادُ بالتَّصَرُّفِ. وبه قال مالكٍ، والشافعيُّ. وقال أبو يُوسُفَ: له ذلك؛ لأنَّ الوصيةَ والولايةَ لا تَتَبَعَّضُ، فمَلَكَ كلُّ واحِدٍ منهما الانْفِرادَ بها، كالأخَوَين في تَزْويج
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُخْتِهما. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ: يُسْتَحْسَنُ على خِلافِ القِياسِ. فيُبِيحُ أن يَنْفَرِدَ كلُّ واحِدٍ منهما بسبعةِ أشْياءَ؛ كَفْنِ المَيِّتِ، وقَضاءِ دَينِه، وإنْفاذِ وصيته، ورَدِّ الوَدِيعَةِ بعينها، وشِراءِ ما لا بُدَّ للصغيرِ منه مِن الكُسْوَةِ والطعامِ، وقَبُولِ الهِبَةِ له، والخُصُومَةِ عن المَيِّتِ فيما يُدَّعَى له وعليه؛ لأنَّ هذه يَشُقُّ الاجْتِماعُ، عليها، يَضُرُّ تَأْخِيرُها، فجاز الانْفِرادُ بها. ولَنا، أنَّه شَرَّكَ بينَهما في النَّظَرِ، فلم يكنْ لأحَدِهما الانْفِرادُ، كالوَكِيلَين. وما قاله أبو يُوسُفَ نَقُولُ به، فإنَّه جَعَل الولايةَ إليهما باجْتماعِهما، فليست مُتَبَعِّضَةً، كما لو وَكَّلَ وَكِيلَين أو صَرَّح للوَصيين بأن لا يتَصَرَّفا إلَّا مُجْتَمِعَين. ويَبْطُلُ ما قاله بهاتَين الصُّورَتَين، وبهما يَبْطُلُ ما قاله أبو حنيفةَ أيضًا. ومتى تَعَذَّرَ اجْتِماعُهما أقام الحاكِمُ أمِينًا مُقامَ الغائِبِ.
فصل: إذا قال: أوْصَيتُ إلي زيدٍ، فإن مات فقد أوْصَيتُ إلى عَمْرو. صَحَّ ذلك، روايةً واحِدَةً، ويكونُ كلُّ واحدٍ منهما وَصِيًّا إلَّا (1) أنَّ عَمْرًا وَصِيٌّ بعدَ زيدٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في جَيشِ مُؤْتَةَ:«أمِيرُكُم زَيدٌ، فإن قُتِلَ فأميرُكُم جَعْفَرٌ، فإن قُتِلَ فأمِيرُكُم عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ» (2). والوصيةُ في مَعْنَى التَّأْمِيرِ. وكذلك إن قال: أوْصَيتُ إليكَ، فإذا كَبِر ابني كان وَصِيِّي. صَحَّ؛ لذلك، وإذا كَبِر ابنُه صار وَصِيَّه. ومِثلُه لو قال: أوْصَيتُ إليكَ، فإذا تاب ابني عن فِسْقِه. أو: قَدِم مِن غَيبَتِه. أو:
(1) في م: «إلى» .
(2)
تقدم تخريجه في 13/ 439.