الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَصّى لَهُ بزَوْجَتِهِ فَأَوْلَدَهَا قَبْلَ الْقَبُول لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ. وَمَنْ أُوْصِيَ لَهُ بِأَبِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ، فَقَبِلَ ابْنُهُ، عَتَقَ الْمُوصَى بِهِ حِيَنَئِذٍ، وَلَمْ يَرِثْ شَيئًا.
ــ
الوَجْهِ الآخَرِ، يكونُ وَلَدُه رَقِيقًا والأمَةُ باقِيَةً على الرِّقِّ. فإن وَطِئَهَا المُوصَى له [قبلَ قَبُولِها، كان ذلك قَبُولًا لها](1)، ويَثْبُتُ المِلْكُ له به؛ لأنَّه لا يجوزُ إلَّا في المِلْكِ، فإقْدامُه عليه دَلِيلٌ على اخْتِيارِه المِلْكَ، فأشْبَهَ ما لو وَطِئَ مَن له الرَّجْعَةُ زَوْجَتَه الرَّجْعِيَّةَ، أو وَطِئَ مَن له الخِيارُ في البَيعِ الأمَةَ المَبِيعَةَ، أو وَطِئَ مَن له خِيارُ فَسْخِ النِّكاحِ امرأتَه.
2671 - مسألة: (وإن وَصَّى له بزَوْجَتِه فأوْلَدَها)
بعدَ مَوْتِ المُوصِي و (قبلَ القَبُولِ، فوَلَدُه رَقِيقٌ) للوارِثِ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يكونُ (2) حُرَّ الأصْلِ، ولا وَلاءَ عليه، وأُمُّه أُمُّ وَلَدٍ؛ لأنَّها عَلِقَتْ منه بحُرٍّ في مِلْكِه.
2672 - مسألة: (وإن وَصَّى له بأبيه فمات قبلَ القَبُولِ، فقَبِلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنه، عَتَقَ المُوصَى به، ولم يَرِثْ شيئًا) وجملةُ ذلك، أنَّه إذا وَصَّى له بأبِيه، فمات المُوصَى له بعدَ مَوْتِ المُوصِي وقبلَ الرَّدِّ والقَبُولِ، فلوَارِثِه قَبُولُها، على قولِ الخِرَقِيِّ. وهو الصحيحُ، إن شاء اللهُ تعالى. فإن قَبِلَها ابنه، صَحَّ، وعَتَقَ عليه الجَدُّ، ولم يَرِثْ مِن ابنِه شيئًا؛ لأنَّ حُرِّيَّتَه إنَّما حَدَثَتْ حينَ القَبُولِ بعدَ أن صار المِيراثُ لغيرِه. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، تَثْبُت حُرِّيَّتُه مِن حينِ مَوْتِ المُوصِي، ويَرِثُ مِن ابنِه السُّدْسَ. وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: لا يَرِثُ أيضًا؛ لأنَّه لو وَرِث لاعْتبِرَ قَبُولُه، ولا يجوز اعْتِبارُ قَبُولِه قبلَ الحُكْمِ بحُرِّيَّتِه، وإذا لم يَجُزِ اعْتِبارُه لم يَعْتِقْ، فيُؤَدِّي تَوْرِيثُه إلى إبْطالِ تَوْرِيثِه. وهذا فاسِدٌ؛ فإنَّه لو أقَرَّ جَميعُ الوَرَثَةِ بمُشارِكٍ لهم في المِيرَاثِ، ثَبَتَ نَسَبُه، ووَرِث، مع أنَّه يَخْرُجُ المُقِرُّون
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ حِينَ الْمَوْتِ، فَتَنْعَكِسَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ.
ــ
به عن كونِهم جَمِيعَ الوَرَثَةِ. ومِن فُرُوعِ ذلك، أنَّه لو مات المُوصَى له فقَبِلَ وارِثُه، لثَبَتَ المِلْكُ للوارِثِ القابِلِ ابْتِداءً مِن جِهَةِ المُوصِي، لا مِن جِهَةِ مَوْرُوثِه، ولم يَثْبُتْ للموصَى له شيءٌ، فحِينَئِذٍ لا تُقْضَى دُيُونُه ولا تَنْفُذُ وصاياه، ولا يَعْتِقُ مَن يَعْتِقُ عليه. فإن كان منهم مَن يَعْتِقُ على الوارِثِ، عَتَقَ عليه، وكان وَلاؤُه له دُونَ المُوصَى له. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، نَتبَيَّنُ أنَّ المِلْكَ كان ثابِتًا للمُوصَى له، وأنَّه انْتَقَلَ منه إلى وارِثِه، فتَنْعَكِسُ هذه الأحْكامُ، فتُقْضَى دُيُونُه، وتَنْفُذُ وصاياه، ويَعْتِقُ مَن يَعْتِقُ عليه، وله وَلاؤُه يَخْتَصُّ به الذُّكُورُ مِن وَرَثَتِه (ويَحْتَمِلُ أن يَثْبُتَ المِلْكُ مِن حينِ المَوْتِ، فتَنْعَكِسَ هذه الأحْكامُ) وقد ذَكَرْناه.
فصل: وتَصِحُّ الوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً ومُقَيَّدةً: فالمُطلَقَة، أن يقولَ: إن مِتُّ فثُلُثِي للمَساكِينِ. أو: لزيدٍ. والمُقَيَّدَةُ، أن يقولَ: إن مِتُّ في مَرَضِي هذا. أو: في هذه البَلْدَةِ. أو: في سَفَرِي هذا، فثُلُثِي للمَساكِينِ. فإن بَرَأ مِن مَرَضِه، أو قَدِمَ مِن سَفَرِه، أو خرَج مِن البلدةِ، ثم مات، بطَلَتِ الوَصِيَّةُ المُقَيَّدَةُ دُونَ المُطْلَقَةِ. قال أحمدُ، في مَن وَصَّى وَصِيَّةً إن مات مِن مَرَضِه هذا أو مِن سَفَرِه هذا، ولم يُغَيِّرْ وَصِيَّتَه، ثم مات بعدَ ذلك: فليس له وَصِيَّةٌ. وبهذا قال الحسن، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ،
فَصْلٌ: وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ.
ــ
وأصحابُ الرَّأْي. وقال مالكٌ: إن قال قولًا، ولم يَكْتُبْ كِتابًا، فهو كذلك، وإن كَتَب كتابًا ثم صَحَّ مِن مَرَضِه، وأقَرَّ الكِتابَ، فوَصِيَّتُه بحالِها ما لم يَنْقُضْها. ولَنا، أنَّها وصيةٌ بشَرْطٍ لم يُوجَدْ شَرْطُها، فبَطَلَتْ، كما لو لم يَكْتُبْ كتابًا، أو كما لو وَصَّى لقَوْمٍ فماتُوا قبلَه، ولأنَّه قَيَّدَ وَصِيته بقَيدٍ، فلا تَتَعدَّاه، كما ذَكَرْنا. وإن قال لأحَدِ عَبْدَيه: أنت حُرٌّ بعدَ مَوْتي. وقال للآخَرِ: أنت حُرٌّ إن مِتُّ مِن مَرَضِي هذا. فمات مِن مَرَضِه، فالعَبْدانِ سَواءٌ في التَّدْبِيرِ. وإن بَرَأ مِن مَرَضِه ذلك، بَطَل تَدْبِيرُ المُقَيَّدِ وبَقِيَ تَدْبِيرُ المُطْلَقِ بحالِه. ولو وَصَّى لرجلٍ بثُلُثِه، وقال: إن مِتَّ قبلِي فهو لعمرٍو. صَحَّتْ وَصِيَّتُه على حَسَبِ ما شَرَطَه. وكذلك سائِرُ الشُّرُوطِ، فإنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» (1).
فصل: قال، رضي الله عنه:(ويَجُوزُ الرُّجُوعُ في الوَصِيَّةِ) اتَّفَقَ أهلُ العلمِ على أنَّ للمُوصِي أن يَرْجِعَ في كلِّ ما وَصَّى به، وفي بعضِه،
(1) تقدم تخريجه في 10/ 149.