الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال فِي الْمُوصَى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي. أوْ: مَا أوْصَيتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ. كَانَ رُجُوعًا. وَإنْ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، فَهُوَ بَينَهُمَا.
ــ
الرجوعِ (وإن قال في المُوصَى به: هو لوَرَثَتي) أو: في ميراثي. فهو رُجوعٌ؛ لأنَّ ذلك يُنافِي كونَه وصيَّةً.
2674 - مسألة: وإن قال: (ما أوْصَيتُ به لفُلانٍ فهو لفلانٍ
.
كان رُجُوعًا) وبه قال الشافعي، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه صَرَّحَ بالرُّجُوعِ عن الأوَّلِ بذِكْرِه أنَّ ما أوْصَى به مَرْدُودٌ إلى الثانِي، أشْبَهَ ما لو قال: رَجَعْتُ عن وَصِيَّتِي لفلانٍ وأوْصَيتُ بها لفلانٍ.
2675 - مسألة: (وإن وَصَّى به لآخَرَ ولم يَقُلْ ذلك، فهو بينَهما)
إذا وَصَّى لإِنسانٍ بمُعَيَّنٍ مِن مالِه ثم وَصَّى به لآخَرَ، أو وَصَّى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لرجلٍ بثُلُثِه ثم وَصَّى لآخَرَ بثُلُثِه، أو وَصَّى بجَمِيعِ مالِه لرجلٍ ثم وَصَّى به لآخرَ، فهو بينَهما، وليس ذلك رُجُوعًا في الوَصِيَّةِ الأولَى. وبه قال رَبيعَةُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ، وأَصحابُ الرَّأْي. وقال جابرُ بن زيدٍ، والحسنُ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، وداودُ: وَصِيَّتُه للأخِيرِ منهما؛ لأنه وَصَّى للثانِي بما وَصَّى به للأوَّلِ، فكان رُجُوعًا، كما لو قال: ما وَصَّيتُ به لفلانٍ فهو لفلانٍ. ولأن الثانيةَ تُنافِي الأُولَى، فإذا أتَى بها كان رُجُوعًا، كما لو قال: هذا لوَرَثَتِي. ولَنا، أنَّه وَصَّى بها لهما، فاسْتَوَيا فيها، كما لو قال: وَصَّيتُ لكما بهذه العَينِ. وما قاسُوا عليه صَرَّحَ فيه بالرُّجُوعِ عن وَصِيَّةُ للأوَّلِ، وفي مسألتِنا يَحْتَمِلُ أنَّه قَصَد التَّشْرِيكَ، فلم تَبْطُلْ وَصِيَّةُ الآخَرِ بالشَّكِّ.
فصل: إذا وَصَّى بعَبْدٍ لرجل ثم وَصَّى لآخَرَ بثُلُثِه، فهو بينَهما أرْباعًا. وعلى قولِ الآخَرِين يَنْبَغِي أن يكونَ للثانِي ثُلثه كامِلًا. وإن وَصَّى بعَبْدِه لاثْنَين، فرَدَّ أحَدُهما وَصِيتَّهَ، فللآخَرِ نِصْفُه. وإن وَصَّى لاثْنَين بثُلُثَي ماله، فرَدَّ الوَرَثَةُ ذلك، ورَدَّ أحَدُ الوَصِيَّين وَصِيَّتَه، فللآخَرِ الثُّلُثُ كامِلًا؛ لأنَّه وَصَّى له به مُنْفَرِدًا وزالتِ المُزاحَمَةُ، فكَمُلَ له، كما لو انْفَرَدَ به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا أقَرَّ الوارِثُ أنَّ أباه وَصَّى بالثُّلُثِ لرجل، وأقام آخَرُ شاهِدَين أنَّه أوْصَى له بالثُّلُثِ، فرَدَّ الوارِثُ الوَصِيَّين، وكان الوارِثُ رجلًا عَدْلًا، وشَهِد بالوَصِيَّةِ، حَلَف معه المُوصَى له، واشتَرَكا في الثُّلُثِ. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ. وهو قِياسُ قولِ الشافعيِّ. وقال أصحابُ الرَّأْي: لا يُشارِكُه المُقَرُّ له. بناءً منهم على أنَّ الشّاهِدَ واليَمِينَ ليس بحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ. وقد ثَبَت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بشاهِدٍ ويَمِينٍ. رَواهُ مسلمٌ (1). وإن كان المُقِرُّ ليس بعَدْلٍ، أو كان امرأةً، فالثُّلُثُ لمَن شَهِدَتْ له البَيِّنَةُ؛ لأنَّ وَصِيَّتَه ثابِتةٌ، ولم تَثبُتْ وَصِيَّةُ الآخَرِ. وإن لم يكنْ لواحدٍ منهما بَيِّنَةٌ، فأقَرَّ الوارِثُ أنَّه أقَرَّ لفُلانٍ بالثُّلُثِ، أو بهذا العَبْدِ، و (2) أقَرَّ لآخَرَ به بكلامٍ مُتَّصِلٍ، فالمُقَرُّ به بينَهما. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا. وإن أقَرَّ به لواحِدٍ، ثم أقَرَّ به لآخَرَ في مجلِس آخَرَ، لم يُقْبَلْ إقْرارُه؛ لأنَّه ثَبَت للأوَّلِ بإقْرارِه، فلا يُقْبَلُ قولُه فيما يَنْقُصُ به حَقُّ الأوَّلِ، إلَّا أن يكونَ عَدْلًا فيَشْهَدَ بذلك ويَحْلِفَ معه المُقَرُّ له، فيُشارِكَه، كما لو ثَبَت للأوَّل ببَيِّنَةٍ. وإن أقَرَّ للثانِي، في المَجْلِسِ بكَلامٍ مُنْفَصِلٍ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ حَقَّ الأوَّلِ ثَبَت في الجميعِ، فأشْبَهَ ما لو أقَرَّ له في مَجْلِسٍ آخَرَ. والثانِي، يُقْبَلُ؛ لأن المَجْلِسَ الواحِدَ كالحالِ الواحِدَةِ.
(1) في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم 3/ 1337.
كما أخرجه أبو داود، في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأفضية. سنن أبي داود 2/ 277. وابن ماجه، في: باب القضاء بالشاهد واليمين، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 793. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 248، 315، 323.
(2)
في م: «أو» .