الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَصَّى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، فَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، لَهُ سُدْسٌ بِمَنْزِلَةِ سُدْسٍ مَفْرُوضٍ إِنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْألةِ، أوْ كَانُوا عَصَبَةً أُعْطِيَ سُدْسًا كَامِلًا، وَإنْ كَمَلَتْ فُرُوضُهَا أُعِيلَتْ بِهِ، وإنْ عَالتْ أُعِيلَ مَعَهَا. وَالثَّانِيَةُ، لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْألةُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدْسِ. وَالثَّالِثَةُ، لَهُ مِثْلُ نصِيبِ أقَلِّ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدْسَ.
ــ
2753 - مسألة: (وإن وَصَّى له بسَهْم مِن مَالِه، ففيه ثلاث رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، له السُّدْسُ بمَنْزِلَةِ سُدْسِ المَفْرُوضِ إن لم تَكْمُلْ فُرُوضُ المسألةِ، أو كانوا عَصبَةً أُعْطِيَ سُدْسًا كامِلًا، وإن كَمَلَتْ فُرُوضُها، أُعِيلَتْ به، وإن عالتْ أُعِيلَ معها. والثانيةُ، له سَهْمٌ ممَّا تَصِحُّ منه المسألةُ ما لم يَزِدْ على السُّدْسِ. والثالثةُ، له مِثْلُ نَصِيبِ أقَلِّ الورثةِ ما لم يَزِدْ على السُّدْسِ)
اخْتَلَفَتِ الروايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في مَن أوْصَى بسَهْمٍ مِن مالِه، فرُوىَ عنه، أنَّ للمُوصَى له السُّدْسَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رُوِيَ ذلك عن (1) عليٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهما. وبه قال الحسنُ، وإياسُ بنُ مُعاويَةَ، والثّوْرِيُّ. والروايةُ الثانيةُ، أنَّه يُعْطىَ سَهْمًا ممّا تَصِحُّ منه الفَرِيضَةُ، فيُنْظرُ كم سهْمًا صَحَّتْ منه الفريضةُ، فيُزادُ عليها مِثْلُ سَهْمٍ مِن سِهامِها للمُوصَى له. وهذا قولُ شُرَيحٍ، قال: تُرْفَعُ السِّهامُ، فيكونُ للمُوصَى له سَهْمٌ (2). قال القاضِي: هذا ما لم يَزِدْ على السُّدْسِ، فإن زاد السَّهْمُ على السُّدْسِ، فله السُّدْسُ؛ لأنَّه مُتَحَقِّقٌ. وَوَجْهُ ذلك أنَّ قَوْلَه: سَهْمًا. يَنْصَرِفُ إلى سِهامِ فَرِيضَتِه؛ لأنَّ وصيَّتَه منها، فيَنْصَرِفُ السَّهْمُ إليها، فكان واحِدًا مِن سِهَامِها، كما لو قال: فَرِيضَتِي كذا وكذا سَهْمًا، لك منها سَهْمٌ. والثالثةُ، له سَهْمٌ مِن سِهامِ أقَلِّ الورثةِ. اخْتارَها الخَلَّالُ وصاحِبُه. قال أحمدُ، في رِوايةِ أبي طالِبٍ والأثْرَمِ: إذا أوْصَى له بسَهْمٍ مِن مالِه، يُعْطَى سهْمًا مِن الفريضةِ. قِيلَ: أنَصِيبُ رجلٍ أو نَصِيبُ امرأةٍ؟ فقال: أقَلُّ ما يكونُ مِن السِّهامِ. قال القاضي: ما لم يَزِدْ على السُّدْسِ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ. وقال صاحِباه: إلَّا أن يَزِيدَ على الثُّلُثِ، فيُعْطىَ الثُّلُثَ. ووَجهُ هذا القولِ أنَّ سِهامَ الورثةِ
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 11/ 171.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنْصِباؤهم، فيكونُ له أقَلُّها؛ لأنَّه اليَقِينُ، فإذا زاد على السُّدْسِ، دُفِع إليه السُّدْسُ، لأنَّه أقَلُّ سَهْمٍ يَرِثُه ذو قَرابَةٍ. وقال أبو ثَوْرٍ: يُعْطَى سَهْمًا مِن أرْبعةٍ وعِشْرِين؛ لأنَّها أكثَرُ أصُولِ الفَرائِضِ، فالسَّهْمُ منها أقَلُّ السِّهامِ. وقال الشافعيّ، وابنُ المُنْذِرِ: يُعْطِيه الورثةُ ما شاءُوا؛ لأنَّ ذلك يَقَعُ عليه اسْمُ السَّهْمِ، فأشْبَهَ ما لو وَصَّى له بجُزْءٍ أو حَظٍّ. وقال عَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ: لا شيءَ له. ولَنا، ما رَوى ابنُ مسعودٍ، أنَّ رجلًا أوْصَى لرجلٍ بسَهْم مِن المالِ، فأعْطاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم السُّدْسَ (1). ولأنَّ السَّهْمَ في كلامِ العَرَبِ السُّدْسُ. قاله إياسُ بنُ مُعاويَةَ، فتَنْصَرِفُ الوصيةُ إليه، كما لو لَفَظ به، ولأنَّه قولُ عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، ولا مُخالِفَ لهما في الصحابةِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ السُّدْسَ الذي يَسْتَحِقُّه المُوصَى له يكونُ بمَنْزِلَةِ سُدْسٍ مَفْرُوضٍ، فإن كانتِ المسألةُ كامِلةَ الفُرُوضِ، أُعِيلَتْ به، وإن كانت عائِلَةً، زاد عَوْلُها به. وإن كان فيها رَدٌّ أو كانوا عَصَبَةً، أُعْطِيَ سُدْسًا كامِلًا. قال أحمدُ، في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وحَرْبٍ: إذا أوْصَى لرجلٍ بسَهْمٍ مِن مالِه، يُعْطَى السُّدْسَ، إلَّا أن تعُولَ الفريضةُ، فيُعْطَى سَهْمًا مع العَوْلِ. فكأنَّ مَعْنَى الوصيةِ: أوْصَيتُ لك بسَهْمِ مَن يَرِثُ
(1) أورده الهيثمي بلفظين قريبين وعزا الأول إلى البزار، والثاني إلى الطبراني في الأوسط، وقال: فيهما محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو ضعيف. مجمع الزوائد 4/ 213 وأخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا على ابن مسعود، في: المصنف 11/ 171.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السُّدْسَ. فإن وَصَّى له بسَهْمٍ في (1) مسألةٍ فيها زَوْجٌ وأخْتٌ، كان له السُّبْعُ، كما لو كان معهما (2) جَدَّةٌ، على الرواياتِ الثلاثِ. وكذلك لو كان في المسألةِ أُمٌّ وثلاثُ أخواتٍ مُفْتَرِقاتٍ (3)، فإن كان معهم زوجٌ، فالمسألةُ مِن تِسْعَةٍ، وللمُوصَى له العُشْرُ. وإن كان الورثةُ ثلاثَ أخَواتٍ مُفْتَرِقاتٍ، فللمُوصَى له السُّدْسُ، على الرِّواياتِ الثلاثِ. وإن كانوا زوجًا وأبوَين وابنتَين، فالمسألةُ مِن خَمْسَةَ عَشَرَ، وتَعُولُ بسُدْسٍ آخَرَ إلى سَبْعَةَ عَشَرَ، وكذلك على قولِ الخَلَّالِ؛ لأنَّ أقَلَّ سِهامِ الورثةِ سُدْسٌ. وعلى الرِّوايةِ الأخْرَى، يكونُ للوصِيِّ سَهْمٌ واحِدٌ، يُزادُ على المسألةِ، فتَصيرُ سِتَّةَ عَشَرَ. وإن كانوا زوجةً وأبوَين وابْنًا، فالفريضةُ مِن أربعةٍ وعِشْرِين، وتَعُولُ بالسُّدْسِ المُوصَى به إلى ثمانيةٍ وعِشْرِين. وعلى الرِّوايةِ الثانيةِ، يُزادُ عليها سَهْم واحِدٌ للمُوصَى له، فتكونُ مِن خَمْسَةٍ وعِشْرِين. وعلى الرِّوايةِ الثالثةِ التي اخْتارَها الخَلَّالُ، يُزادُ عليها مِثْلُ سَهْمِ الزوجةِ (4)
(1) في الأصل: «من» .
(2)
في م: «معها» .
(3)
في م: «متفرقات» .
(4)
في الأصل: «للزوجة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثلاثةٌ، فتكونُ مِن سَبْعَةٍ وعِشرِين. وإن كانوا خَمْسَةَ (1) بَنِينَ، [فللمُوصَى له](2) السُّدْسُ كامِلًا، وتَصِحُّ مِن سِتَّةٍ على الرِّواياتِ الثلاثِ. فإن كان معهم زَوجةٌ، صَحَّتِ الفريضةُ مِن أرْبَعِين، فتزِيدُ عليها سَهْمًا للوَصِيِّ، على إحْدَى الرِّواياتِ، فتصيرُ أحَدًا (3) وأرْبَعِين. وعلى قولِ الخَلَّالِ، تَزِيدُ مِثْلَ نَصِيبِ الزوجةِ، فتصِيرُ خَمْسَةً وأرْبَعِين. وعلى الروايةِ الأولَى، تَزِيدُ عليها مثلَ سُدْسِها، ولا سُدْسَ لها صحيحًا، فتَضْرِبُها في سِتَّةٍ ثم تَزِيدُ عليها سُدْسَها، تكونُ مائَتَين وثَمانِين؛ للوصِيِّ أرْبَعُونَ، وللزوجةِ ثَلاثُون، ولكلِّ ابنٍ اثْنان وأرْبَعُون، وتَرْجِعُ بالاخْتِصارِ إلى مائةٍ وأرْبَعِين. والذي يَقْتَضِيه القِياسُ فيما إذا وَصَّى بسَهْمٍ مِن مالِه، أنَّه إن صَحَّ أنَّ السَّهْمَ في لسانِ العَرَبِ السُّدْسُ، أو صَحَّ الحديثُ المَذْكُورُ، فهو كما لو وَصَّى له بسُدْسِ مالِه، وإلَّا فهو كما لو وَصَّى له بجُزْءٍ مِن مالِه على ما اخْتارَه الشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، أنَّ الورثةَ يُعْطُونَه ما شاءُوا. والأوْلَى أنَّه
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «فللوصى» .
(3)
في الأصل: «إحدى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن ثَبَت أنَّ السَّهمَ في كلامِ العرب يُرادُ به السُّدْسُ، فالحُكْمُ في ذلك كما لو وَصَّى بالسُّدْسِ سواءً، وإن لم يَثْبُتْ ذلك، أُعْطِيَ مثلَ سَهْمِ أقَلِّ الورثةِ. وهو اختِيار الخَلَّالِ [وصاحِبه](1). وإحْدَى الرِّوايات عن أحمدَ، رحمه الله.
(1) زيادة من: الأصل.