الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ؛ كَقَضَاءِ الدَّينِ، وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَالنَّظَرِ فِي أمْرِ الْأطْفَالِ.
ــ
فصل: إذا اخْتَلَفَ الوَصِيّان: عندَ مَن يُجْعَلُ المالُ منهما؟ لم يُجْعَلْ عندَ واحدٍ منهما، ولم يُقْسَمْ بينَهما، وجُعِل في مكانٍ تحتَ أيدِيهما جميعًا؛ لأنَّ المُوصِيَ لم يَأْمَنْ أحَدَهما على حِفْظِه ولا التَّصَرُّفِ فيه. وقال مالكٌ: يُجْعَلُ عندَ أعْدَلِهما. وقال أصحابُ الرَّأْي: يُقْسَمُ بينَهما. وهو المَنْصُوصُ عن الشافعيِّ، إلَّا أنَّ أصحابَه اخْتَلَفُوا في مُرادِه بكَلامِه، فقال بعضُهم: إنَّما أراد إذا كان كلُّ واحدٍ مُوصًى إليه مُنْفَرِدًا. وقال بعضُهم: بل هو عامٌّ فيهما. ولَنا، أنَّ حِفْظَ المال مِن جملةِ المُوصَى به، فلم يَجُزْ لأحَدِهما الانْفِرادُ به، كالتَّصَرُّفِ، ولأنَّه لو جاز لكلِّ واحدٍ منهما أن يَنْفَرِدَ بحِفْظِ بعضِه، لجاز له أن يَنْفَرِدَ بالتَّصَرُّفِ في بعضِه.
2776 - مسألة: (ولا تَصِحُّ الوصيةُ إلَّا في مَعْلُومٍ يَمْلِكُ المُوصِي فِعْلَه؛ كقَضاءِ الدَّينِ، وتفرِيقِ الوصيةِ، والنَّظَرِ في أمرِ الأطْفالِ)
لأنَّ الوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بالإِذْنِ، فلم يَجُزْ إلَّا في مَعْلُومٍ يَمْلِكُ المُوصِي فِعْلَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالوَكالةِ، فيَجُوزُ أن يُوصِيَ إليه بقَضاءِ دُيُونِه واقْتِضائِها، ورَدِّ الوَدائِعِ واسْتِرْدادِها؛ لأنَّه يَمْلِكُ ذلك، فمَلَكَه وَصِيُّه. فأمّا النَّظَرُ لورثتِه في أمْوالِهِم، فإن كان ذا ولايةٍ عليهم، كأولادِه الصِّغارِ والمَجانِينِ، ومَن لم يُؤْنَسْ رُشْدُه، فله أن يُوصِيَ إلى مَن يَنْظُرُ لهم في أمْوالِهم بحِفْظِها، ويَتَصَرَّفُ لهم فيها بما لهمُ الحَظُّ فيه. فأمّا مَن لا ولايةَ له عليهم، كالعُقلاءِ الراشِدِين، وغيرِ أولادِه مِن الإِخوةِ والأعْمامِ وسائِرِ مَن عَدَا الأولادِ، فلا تصحُّ الوصيةُ عليهم؛ لأنَّه لا ولايَةَ للمُوصِي عليهم في الحياةِ، فلا يكونُ ذلك لنائِبهِ بعدَ المماتِ. ولا نَعْلَمُ في هذا كُلِّه خِلافًا. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، ومالكٌ، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ والشافعيَّ قالا: للجَدِّ ولايةٌ على ابنِ ابْنِه وإن سَفَل؛ لأنَّ له ولادَةً وتَعْصِيبًا، فأشْبَهَ الأبَ. ولأصحابِ الشافعيِّ في الأُمِّ عندَ عَدَمِ الأبِ والجَدِّ وَجْهان؛ أحَدُهما، لها ولايةٌ؛ لأنَّها أحَدُ الأبَوَين، فأشْبَهَتِ الأَبَ. ولَنا، أنَّ الجَدَّ يُدْلِي بواسطَةٍ، أشْبَهَ الأخَ والعَمَّ، بخلافِ الأبِ، فإنَّه يُدْلِي بنَفْسِه، ويَحْجُبُ الجَدَّ، ويُخالِفُه في مَنْزِلَتِه وحَجْبِه، فلا يَصِحُّ إلْحاقُه به ولا قِياسُه عليه. وأمّا المرأةُ فلا تَلِي؛ لأنَّها قاصِرَةٌ لا تَلي النِّكاحَ بحالٍ، ولا تَلِي مال غيرِها، كالعبدِ.