الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن سعد، وآخرون. ومدح غير واحد من أمراء مكة، منهم ثقبة بن رميثة بن أبى نمى، بقصيدة أولها:
ما خفقت فوق منكب عذبه
…
على فتى كابن منجد ثقبه
ولم أظفر منها إلا بأبيات يأتى ذكرها فى ترجمة ثقبة.
وبلغنى أن بعض الناس ينكر أن تكون هذه القصيدة لابن غنائم، ويزعم أنه انتحلها، وأن بعض الأشراف ولاة مكة، غضب على ابن غنائم غضبا كثيرا بسبب هذه القصيدة؛ لما فيها من تفضيل ثقبة عليهم.
وله فى مبارك بن عطيفة بن أبى نمى قصيدة مدحه بها، أولها [من الكامل]:
إن شط من قرب الحبيب مزاره
…
ونأت بغير رضا المتيم داره
وتواصلت أجفانه وسهاده
…
وجرى بماق دموعه تياره
فغرامه أضحى لديه غريمه
…
وحنينه أمسى عليه شعاره
ولربما يقضى بأحكام الهوى
…
وجدا عليك وما انقضت أوطاره
أخفى هواه وما أسر ونفسه
…
دمع يحدر سيله تذكاره
وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا
…
وقف على من طاب منه فخاره
توفى ابن غنائم المذكور، سابع عشرى جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة، وله بها الآن بنت تسمى رحمة.
613 ـ أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى، مفتى مكة، شهاب الدين الحرازى الشافعى، يكنى أبا العباس:
ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وقدم مكة، فقرأ بها على الفخر التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، وصحيح مسلم، وسنن أبى داود، وغير ذلك، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: صحيح البخارى، وعلى الرضى بمفرده: صحيح مسلم، وسنن أبى داود، والنسائى، وصحيح ابن حبان، وغير ذلك كثيرا، عليهم وعلى غيرهم بمكة. وكرر كثيرا من ذلك على الرضى، لأجل أولاده أسباط الرضى.
وسمع بالمدينة من أبى القاسم القتبورى كتاب الشفاء للقاضى عياض، وحدث به. قرأه عليه شيخنا المفتى برهان الدين الأبناسى، وذكر أن عند ختمه وقع المطر، وأن
613 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 69، الدرر 1/ 250، المنهل الصافى 2/ 61).
الشيخ شهاب الدين الحرازى، أخبره أن المطر وقع عند ختمه مرات؛ لأنه سأل الله تعالى فى ذلك.
وألفيت منقولا من خط شيخنا برهان الدين الأبناسى فى استدعاء أجاز فيه، وذكر فيه شيئا من مسموعاته، فقال بعد أن ذكر شيئا مما قرأه بمكة: وبها قرأت الشفاء للقاضى عياض على الشيخ شهاب الدين الحرازى.
وأخبرنى أنه ما قرئ عليه قط هذا الكتاب، إلا أمطرت مكة. فلما كان يوم ختمه ضعف الشيخ شهاب الدين، فذهب جماعة إلى بيته، وليس فى السماء سحاب ولا قزعة (1) فقرأت عليه المجلس الأخير، فو الله ما ختمت الكتاب إلا وأبواب السماء تفتحت بالأمطار، وجاء السيل حتى دخل الحرم الشريف. انتهى. وهذا أفود مما سمعته من شيخنا؛ ولذلك ذكرته.
وقد سمع عليه جماعة من شيوخنا، منهم الحافظان: زين الدين العراقى ـ وانتقى عليه جزء من حديثه ـ وأبو الحسن الهيثمى.
وكانت له معرفة تامة بالفقه، مع مشاركة فى غيره وعبادة وديانة. ودرس وأفتى مدة بمكة، وصار شيخها والمعتمد عليه فى الفتوى بها، وكان أذن له فى ذلك قاضى حماة شرف الدين البارزى.
وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أن الفتيا بمكة بعد القاضى نجم الدين، دارت عليه وعلى الأصفونى، حتى مات الأصفونى، ثم دارت عليه بمفرده حتى مات. وكان يرجح على الأصفونى، وبعضهم يرجح الأصفونى عليه، وهو أقرب. انتهى.
توفى ليلة الاثنين ثانى عشر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بعد أن صار يحمل إلى المسجد، عجزا عن المشى. نقلت وفاته من خط شيخنا العراقى.
ومولده سنة خمس وسبعين وستمائة، وعلى ما وجدت بخط ولده أبى عبد الله الحرازى فيما أظن. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، أنه ولد سنة ست وسبعين، فى اليوم الذى مات فيه التوزرى، رحمهم الله. والله أعلم بحقيقة ذلك.
* * *
(1) القزعة: قطعة من الغيم، وجمعها: قزع. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (قزع).