الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
637 ـ أحمد بن محمد بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى، أبو العباس النحوى المالكى شهاب الدين، نحوى الحجاز:
ولد سنة تسع وسبعمائة بمصر، وسافر منها إلى بلاد المغرب مع والده، واجتمع فيها على جماعة من الصالحين والعلماء، منهم الفقيه أبو زيد عبد الرحمن الجزولى، وحضر دروسه، وأخذ الفقه بمصر عن الشيخ عبد الله المنوفى، قرأ عليه الرسالة مرارا، وسمع عليه مختصر ابن الحاجب، ودروسا فى التهذيب، والجلاب والتلقين، والعربية عن الشيخ أبى حيان الأندلسى، قرأ عليه التسهيل لابن مالك، فأذن له فى إقرائها. وروى عنه شعرا. وعن الحافظ صلاح الدين خليل العلائى، سمع عليه بمكة، وعلى جماعة من شيوخها، والقادمين إليها، كثيرا من الكتب والأجزاء، منها: سنن النسائى على الزين الطبرى، وسنن أبى داود على عثمان بن الصفى، وانتصب بمكة للاشتغال فى العربية والعروض، وكان فيهما بارعا أيضا، وله فى ذلك تواليف، وانتفع به فى ذلك جماعة من شيوخنا وغيرهم، منهم والدى أعزه الله، وأذن له فى الفتوى والتدريس.
وكان حسن التعليم، ودرس فى الفقه درسا قرره له القاضى ناصر الدين بن سلام، وكان له نظم كثير.
وكتب بخطه الحسن كثيرا من كتب العلم، وناب فى العقود بمكة، وبها توفى يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من المحرم، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة.
وأخبرنى بعض أصحابنا العارفين بحاله، أنه توفى فى صفر من السنة المذكورة، والله أعلم بالصواب.
وقد أجاز لى مروياته باستدعاء شيخنا ابن سكر. ومن خطه نقلت وفاته المؤرخة بالمحرم، ونقلت مولده من خطه وكان حسن الأخلاق، سليم الباطن، كثير التودد للناس، مواظبا على الخير. انتهى.
وبلغنى أن شيخنا كمال الدين الدميرى، رأى فى المنام جدى لأمى القاضى أبا الفضل النويرى؛ فسأله عن حال الشيخ أبى العباس هذا، فقال له ما معناه: إنه فى مقعد صدق.
وأخبرنى بعض أصحابنا عن امرأة خيرة كانت مجاورة بمكة، أنها رأت النبىصلى الله عليه وسلم فى
637 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى ج 1 ص 83 رقم 291، بغية الوعاة 161، إنباء الغمر 1/ 321 ترجمة 4، الدرر 1/ 295).
النوم، وقال لها: سلمى على أبى العباس ـ يعنى المذكور ـ وقولى له: رسول الله يسلم عليك؛ فلما مر بها أبو العباس يريد الطواف، نادته إليها وكان بالمسجد، فأخبرته بقول النبى صلى الله عليه وسلم لها فى حقه، فسر بذلك وكشف رأسه وطاف بالبيت سبعا شكرا لله تعالى، وهو مكشوف الرأس. هذا معنى ما أخبرنى به صاحبنا فى هذه القصة.
وبلغنى أنه لم يطف مكشوف الرأس إلا شوطا واحدا، وأنه بكى كثيرا لما أخبر بهذه الرؤيا.
ومن أخباره الحسنة، ما صح لى عن الشيخ كمال الدين الدميرى، قال: اتفق بمكة مطر منعنى من الحضور ليلا إلى عيالى، وهم بمنزل الشيخ أبى العباس المذكور، فنمت برباط الخوزى؛ فلما صليت الصبح، أتيت إلى منزلى، فسمعت الشيخ أبا العباس يفتح بعض الأبواب، وسمع طرقى للباب، فقال: من؟ فقلت: محمد، فقال: كمال الدين؟ قلت: نعم. فقال لى: صلوا الصبح؟ فقلت: نعم، فبكى كثيرا، فقلت له: ما يبكيك يا سيدى؟ فقال: لى أربعون سنة ما فاتتنى صلاة الصبح فى الجماعة.
هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية.
وقد رويت للشيخ أبى العباس المذكور منامات تدل على خيره.
أنشدنى العلامة أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى لنفسه إجازة [من البسيط]:
لم تغمض العين بعد الهجر أجفانا
…
لا وأخذ الله بالهجران أجفانا
يا أهل ذاك الحمى من حى كاظمة
…
لا تبعدوا بالنوى من ذاق أشجانا
مذ بنتم بان صبرى بعدكم ونفا
…
عنا الكرى بانكم فالبين أشجانا
لا تجنحوا لو شاة الحى ما نظرت
…
مذ غاب حيكم العينان إنسانا
ما غاب عن ناظرى محياكم أبدا
…
إلا وذكراكم فى القلب أحيانا
جودوا علينا بوصل من جنابكم
…
وسامحونا ولو بالطيف أحيانا
من لى برد زمان فى دياركم
…
أجر تيها بها ذيلا وأردانا
آه على ما مضى من عيشنا رغدا
…
لو دام وصلكم ما كان أسنانا
إذا ذكرت اجتماعى فى معالمكم
…
أبكى الدماء كأنى كنت وسنانا
ما كان أحسن أيامى بقربكم
…
ما كان أبهجها ما كان أهنانا
والله لا حلت عن أقصى ودادكم
…
يا أهل كاظمة سرا وإعلانا