الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1007 ـ الحسن بن على الصّقلّىّ، أبو على الدمشقى:
توفى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة بمكة بعد الحج، كما ذكر ابن الأكفانى، ولم يذكر له رواية.
1008 ـ حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى، يكنى أبا عالى، ويلقب شهاب الدين:
أمير مكة. ولى إمرتها بعد أبيه نحو ثلاث سنين. وقد ذكر ابن الأثير شيئا من خبره؛ لأنه قال فى كامله بعد أن ذكر موت قتادة والد حسن هذا: ولما مات ملك بعده ابنه الحسن، وكان له ابن آخر اسمه راجح، يقيم فى العرب بظاهر مكة يفسد وينازع أخاه فى ملك مكة، فلما سار حجاج العراق، كان الأمير عليهم مملوك من مماليك الخليفة الناصر لدين الله، اسمه آقباش. وكان حسن السيرة مع الحاج، كثير الحماية، فقصده راجح بن قتادة وبذل له وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك. ووصلوا إلى مكة، ونزلوا بالزّاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها.
وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله. وتقدم أمير الحاج من بين عسكره منفردا، وصعد جبلا إدلالا بنفسه، وأنه لا يقدم أحد عليه، فأحاط به أصحاب حسن فقتلوه وعلقوا رأسه، فانهزم عسكر أمير الحاج.
وأحاط أصحاب حسن بالحجاج لينهبوهم، فأرسل إليهم حسن عمامته بالأمان، أمانا للحاج. فعاد أصحابه عنهم ولم ينهبوا منهم شيئا. وسكن الناس، وأذن لهم حسن فى دخول مكة، وفعل ما يريدونه من الحج والبيع وغير ذلك، وأقاموا بمكة عشرة أيام، وعادوا فوصلوا إلى العراق سالمين، وعظم الأمر على الخليفة، فوصلته رسل حسن يعتذر ويطلب العفو منه. فأجيب إلى ذلك. انتهى.
وذكر أبو شامة عن آقباش، ما يقتضى خلاف ما ذكره عنه ابن الأثير؛ لأنه قال: فلما وصل آقباش إلى عرفات، جاءه راجح بن قتادة أخو حسن، وسأله أن يولّيه إمارة مكة، وقال: أنا أكبر ولد قتادة، فلم يجبه، وظن حسن أن آقباش قد ولاه فأغلق أبواب مكة.
وقال أبو شامة أيضا بعد ذكره لقتل آقباش: وأراد حسن نهب الحاج العراقى، فمنعه
1008 ـ انظر ترجمته فى: (الأعلام 2/ 211، الكامل 9/ 345، ذيل الروضتين 123، والنجوم الزاهرة 6/ 210).
أمير حج الشام، المبارز المعتمد، وخوفه من الأخوين: الكامل والمعظم، ملكى مصر والشام. فأجابه وكف عن ذلك. انتهى.
وإنما ذكرنا هذا؛ لأنه يوهم أن حسن بن قتادة إنما كف عن الحجاج بتخويف أمير الشام له من الكامل والمعظم. وما ذكره ابن الأثير، يقتضى أنه ليس لكف حسن عن نهب الحجاج سبب، والله أعلم أى ذلك كان.
وذكر أبو شامة ما يقتضى أن حسن بن قتادة كان مهتما لهذه الفتنة؛ لأنه قال: قلت: كان فى حاج الشام هذه السنة، شيخنا فخر الدين أبو منصور بن عساكر، فأخبرنى بعض الحجاج فى ذلك العام، أن حسن بن قتادة أمير مكة، جاء إليه وهو نازل داخل مكة، فقال له: قد أخبرت أنك خير أهل الشام، فأريد أن تصير معى إلى دارى، فلعل ببركتك تزول هذه الشدة عنا، فصار معه إلى داره مع جماعة من الدمشقيين، فأكلوا شيئا، فما استتم خروجهم من عنده حتى قتل آقباش، وزال ذلك الاستيحاش. انتهى.
وقال ابن الأثير فى أخبار سنة عشرين وستمائة: فى هذه السنة سار الملك المسعود أتسز بن الملك الكامل محمد إلى مكة، وصاحبها حينئذ حسن بن قتادة إدريس العلوى الحسنى، وقد ملكها بعد أبيه كما ذكرنا. وكان حسن قد أساء السيرة إلى الأشراف والمماليك الذين كانوا لأبيه، وقد تفرقوا عنه، ولم يبق عنده غير أخواله من عنزة، فوصل صاحب اليمن إلى مكة رابع، ربيع الآخر، فلقيه الحسن وقاتله بالمسعى ببطن مكة، فلم يثبت وولى منهزما فقارق مكة فيمن معه، وملكها أتسز صاحب اليمن ونهبها عسكره إلى العصر، فحدثنى بعض المجاورين المتأهلين، أنهم نهبوها حتى أخذوا الثياب عن الناس، وأخفروهم وأمر صاحب اليمن أن ينبش قبر قتادة ويحرق، فنبشوه، فظهر التابوت الذى دفنه ابنه الحسن، والناس ينظرون إليه، فلم يروا به شيئا، فعلموا حينئذ أن الحسن دفن أباه سرا، وأنه لم يفعل فى التابوت شيئا، وذاق الحسن عاقبة قطيعة الرحم وعجل الله مقابلته، وزال عنه ما قتل أباه وعمه وأخاه لأجله:(خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)[الحج: 11]. انتهى.
وسنذكر قريبا ما قيل من قتل حسن بن قتادة لأبيه وأخيه وعمه.
وذكر ابن محفوظ: أن إخراج الملك المسعود لحسن بن قتادة من مكة، كان فى سنة تسع عشرة وستمائة. وذكر ذلك غيره، ولنذكر كلامه لإفادته ذلك وغيره. قال: فى سنة تسع عشرة: توجه الملك السمعود إلى مكة فوصلها فى ربيع الأول، وخرج حسن
من البلاد، فتسلمها السلطان وراجح معه، ورد السلطان على أهل الحجاز جميع أموالهم ونخلهم جميعا، وما كان أخذ من الوادى جميعه، ومن مكة من الدور.
وولى راجحا حلى ونصف المخلاف، واستناب السلطان على مكة الأمير نور الدين عمر بن على بن رسول، ورتب معه ثلاثمائة فارس، وحج فى هذا العام الملك المسعود، وأما حسن بن قتادة، فإنه راح إلى ينبع وجاء بجيش، وخرج إليه نور الدين وكسره على الخربة.
ووجدت فى تاريخ الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى ترجمة لآقباش الناصرى، ذكر فيها شيئا من حاله، وقتل أصحاب حسن له بمكة، ثم قال: وأراد حسن نهب الحاج العراقى، خوفه المبارز المعتمد من المعظم والكامل، فأجابه، يعنى إلى ترك النهب.
ووجدت فيه ترجمة لحسن بن قتادة؛ لأنه قال فى أخبار سنة ثلاث وعشرين وستمائة: وفيها توفى حسن بن قتادة بن إدريس الحسنى أمير مكة، زادها الله شرفا، وكان قد ولى الإمارة بعد أبيه، ويقال إنه دخل إلى أبيه وهو مريض فقتله خنقا وولى الإمارة مغالبة.
وكان سيئ العشرة والسيرة ظلوما مقداما، وهو الذى قتل أمير الحاج آقباش فى سنة سبع عشرة، وأحدث فى مكة أمورا منكرة، فأريد القبض عليه، فخرج عنها هاربا على أقبح وجه، وقصد الشام، فلم يلتفت إليه، فتوجه إلى العراق، ووصل إلى بغداد، فأدركه أجله فى الجانب الغربى على دكة، فلما علم به، غسّل وجهّز وصلّى عليه، وحمل إلى مشهد موسى عليه السلام ودفن هناك. انتهى.
ورأيت فى كلام بعضهم، وأظنه الشيخ شهاب الدين أبا شامة المقدسى: أن حسن ابن قتادة لما وصل إلى بغداد، همّ أهل بغداد بقتله قودا بآقباش الناصرى، الذى قتله أصحابه بمكة، فعاجلت المنيّة حسن بن قتادة قبل قتلهم له. انتهى.
وأما ما قيل من قتل حسن بن قتادة لأبيه وأخيه وعمه. فقد ذكر ابن الأثير فى كامله صورة ذلك، لأنه قال لما ذكر موت قتادة: وقيل فى موت قتادة: أن ابنه حسنا خنقه، وسبب ذلك: أن قتادة جمع جموعا كثيرة، وسار عن مكة يريد المدينة، فنزل بوادى الفرع وهو مريض، وسير أخاه على الجيش ومعه ابنه الحسن بن قتادة، فلما أبعدوا بلغه أن عمه الحسن قال لبعض الجند: إن أخى مريض وهو ميت لا محالة، وطلب منهم أن
يحلفوا له ليكون هو الأمير بعد أخيه قتادة، فحضر الحسن عنده، واجتمع إليه كثير من الأشراف والمماليك الذين لأبيه. فقال حسن لعمه: قد فعلت كذا وكذا، فقال: لم أفعل، وأمر حسن الحاضرين بقتله، فلم يفعلوا، وقالوا: أنت أمير وهذا أمير، ولا نمدّ أيدينا إلى أحدكما، فقال له غلامان لقتادة: نحن عبيدك فمرنا بما شئت، فأمرهما أن يجعلا عمامة عمه فى حلقه. ففعلا ثم قتله. فسمع قتادة الخبر، فبلغ منه الغيظ كل مبلغ، وحلف ليقتلن ابنه.
وكان على ما ذكرنا من المرض، فكتب بعض أصحابه إلى الحسن يعرفه الحال بقوله: ابدأ به قبل أن يقتلك، فعاد الحسن إلى مكة.
فلما وصلها قصد دار أبيه فى نفر يسير، فرأى على باب الدار جمعا كثيرا، فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ففارقوا الدار وعادوا إلى مساكنهم، ودخل الحسن إلى أبيه.
فلما رآه أبوه شتمه وبالغ فى ذمه وتهديده، فوثب إليه الحسن فخنقه لوقته، وخرج إلى الحرم الشريف، وأحضر الأشراف وقال: أن أبى قد اشتد مرضه، وقد أمركم أن تحلفوا لى على أن أكون أنا أميركم، فحلفوا له، ثم أنه أحضر تابوتا ودفنه ليظن الناس أنه مات، وكان قد دفنه سرا.
فلما استقرت الإمارة بمكة له، أرسل إلى أخيه الذى بقلعة الينبع على لسان أبيه يستدعيه، وكتم موت أبيه عنه.
فلما حضر أخوه قتله أيضا واستقر أمره وثبت قدمه، وفعل بأمير الحاج ما تقدم ذكره، فارتكب أمرا عظيما، قتل أباه وعمه وأخاه، لقد باع دينه بدنياه، وذلك فى أيام يسيرة، لا جرم لم يمهله الله تعالى، ونزع ملكه وجعله طريدا شريدا خائفا يترقب. انتهى.
وذكر ابن سعيد المغربى مؤرخ المغرب والمشرق، شيئا من خبر حسن بن قتادة هذا، لم أره إلا فى كتابه، فنذكره لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره بعد أن ذكر شيئا من خبر قتادة: وارتفعت فيه الأيدى بالدعاء، فقتله الله تعالى على يد ابنه حسن بن قتادة، واطأ جارية كانت تخدم أباه، فأدخلته ليلا عليه.
قال الزّنجانى مؤرخ الحجاز، وكان وزيرا لأبى عزيز: وإخوته وأقاربه يزعمون أنه قتل أباه خنقا، واستعان بالجارية المذكورة وغلام له فى إمساك يديه. ثم قتلهما بعد ذلك لئلا يخرج الخبر من قبلهما، وزعم للناس أنهما قتلا أباه، وقعد فى مكان أبيه والعيون