الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجدت بخط الميورقى، أن الفقهاء أخرجوه من مكة فى جمادى سنة ثلاث وستين، ولم يزد على ذلك. ووجدت بخطه: أنه توفى فى السابع والعشرين من رجب سنة سبع وستين وستمائة بطيبة (1).
وقد أرخ وفاته برجب من هذه السنة الشريف الحسينى فى وفياته، وذكر فيها مولده كما سبق.
589 ـ أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطى:
روى عن أبيه، وعلى بن عباس.
وروى عنه الطبرى، والحافظ أبو الفضل الجارودى.
وذكر ابن قانع فى وفياته، أنه توفى سنة إحدى وثلاثين ومائتين بمكة.
590 ـ أحمد بن عبد الناصر بن عبد الله بن عبد الناصر التميمى المكى:
روى عن أبى الفتوح الحصرى ـ فيما أظن ـ وأظن أنه كان حيا فى رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة.
591 ـ أحمد بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا سليمان، ويلقب شهاب الدين:
أمير مكة، ورئيس الحجاز، ولى إمرة مكة شريكا لأبيه ومستقلا، ثم شريكا لابنه محمد، ستا وعشرين سنة، تنقص يسيرا نحو شهرين كما سيأتى بيانه، ونشير إلى ما يوضح ذلك مع شيء من حاله.
وذلك أنه كان ينظر فى الأمر بمكة نيابة عن أبيه أيام مشاركة أبيه وعمه ثقبة فى إمرة مكة، فى سنة ستين وسبعمائة، ولما عزلا فى هذه السنة بأخيهما سند، وابن عمهما
(1) يقصد المدينة المنورة وطيبة أحد أسمائها.
589 ـ انظر ترجمته فى: (اللباب 1/ 402، تهذيب الكمال 31، تذهيب التهذيب 1/ 19، تهذيب التهذيب 1/ 58، خلاصة تهذيب الكمال 9، سير أعلام النبلاء 13/ 152).
591 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 59، النجوم الزاهرة 11/ 308، إنباء الغمر 1/ 320، نزهة النفوس 1/ 146، المنهل الصافى 1/ 389، العقود اللؤلوية 2/ 187، الدرر الكامنة 1/ 202، خلاصة الكلام 33/ 34، الأعلام 1/ 168).
محمد بن عطيفة السابق ذكره، توجه عجلان، وابناه أحمد وكبيش فى جماعة من ألزام عجلان إلى مصر، فلما وصلوها قبض على عجلان وابنيه أحمد وكبيش، واعتقلوا ببرج بقلعة الجبل بمصر، وأقسم صاحب مصر السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون أن لا يطلقهم ما دام حيا؛ لأنه كان شديد الحنق على عجلان، وابنه أحمد، لأمور منها: أن أحمد بن عجلان صد الضياء الحموى الآتى ذكره عن الخطابة بالمسجد الحرام، بعد أن برز إلى المسجد فى شعار الخطبة، فى موسم سنة تسع وخمسين وسبعمائة، رعاية للقاضى شهاب الدين الطبرى الآتى ذكره.
وكان السلطان قد ولى الخطابة للضياء الحموى، ثم نقل المذكور من برج القلعة إلى الإسكندرية، لما سمع السلطان بفتك بنى حسن فى عسكره الذى ندبه إلى مكة فى موسم سنة إحدى وستين وسبعمائة. ولم يزالوا فى الاعتقال حتى قبض على السلطان المشار إليه، ثم أطلقوا.
وولى عجلان إمرة مكة شريكا لأخيه ثقبة، وتوجه عجلان وجماعته إلى مكة، بعد الإعراض عن تجهيز العسكر الذى كان الناصر حسن عزم على إرساله إلى الحجاز لتمهيد أمره والفتك بكل من يوجد فيه من بنى حسن والأعراب. وسبب الإعراض عن ذلك، زوال ملك الملك الناصر المذكور.
ولما وصل عجلان وجماعته إلى وادى مر، لقوا به ثقبة عليلا مدنفا، ثم مات ثقبة بعد أيام قليلة فى أوائل شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة، فبادر عجلان وجماعته إلى مكة، وأشرك معه ولده أحمد فى إمرتها، وأمره بالطواف بالبيت، وأمر عبد السلام المؤذن أن يدعو له إذا طاف على زمزم وبعد المغرب، على عادة أمراء مكة فى ذلك، وجعل له ربع المتحصل لأمير مكة يصرفه فى خاصته، وعلى عجلان تكفية العسكر.
واستمرا على ذلك مدة، ثم إن بعض بنى حسن، حسنوا لأحمد بن عجلان، أن يسأل أباه فى السماح له بربع آخر من المتحصل، وحملهم على ذلك الحنق على عجلان، لزعمهم أنه قصر فى حقهم، فامتنع عجلان عن موافقة ابنه على ذلك، وهم بمباينته، ثم ترك، لتحققه أن بنى حسن قصدت بذلك تحصيل شيء منه، ورأى أن إسعاف ابنه بمراده أولى من إسعافهم بقصدهم منه، فإنه قد لا يفيده، وصار لأحمد نصف المتحصل ولأبيه مثله، ولكل منهما نواب تقبض ما يخصه واستمرا على ذلك إلى أن ترك عجلان ما كان له لابنه أحمد.
وقيل أن سبب تركه لذلك، أنه كان رغب فى أن يكون ابنه محمد بن عجلان ضدا لولده أحمد، بأن يفعل فى البلاد فعلا يظهر به محمد، ويغضب منه أحمد، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه؛ لأنه كان قوى عليه، وينال بذلك مقاصد من ابنه أحمد، فكتب عجلان ورقة إلى ابنه محمد، يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان، وأن يأخذ من خيل أبيه ما شاء، ويذهب إلى نخلة، فيأخذ منها أدرعا له هناك مودعة، ويأخذ ممن هى عنده ما يحتاج إليه من المصروف، فوصلت ورقته إلى ابنه محمد، وهو فى لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد، فأوقفهم على ورقة أبيه، فاستغفلوه وبعثوا بها إلى أخيه أحمد، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر، فقصد أحمد أباه فى جمع كثير، معاتبا له على ما فعل، وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد، وشق عليه ذلك كثيرا، فاعتذر لأحمد، وما وجد شيئا يتنصل به إلا السماح له بترك الإمرة، وظن أنه يعجز عما يشترطه عليه عوضا فى الترك.
وكان فى نفسه ثلاثمائة ألف درهم فيما قيل، بعضها فى مقابلة الإمرة، وبعضها فى ثمن خيل يبيعها له أبوه لعدم حاجته إليها، إذ لم يكن أميرا، فالتزم أحمد مقصود أبيه من المال، وأعانه عليه جماعة من التجار.
فلما تيسر له المبلغ المطلوب منه، ندم أبوه ورام أن يعرض عن قوله فما قدر عليه، وما وسعه إلا الموافقة، فاشترط على ابنه أيضا أن يكون له بعض الرسوم التى لأمير مكة ـ وبلغنى أنه رسم مصر ـ وأن يديم له ذلك مدة حياته، مع الخطبة له والدعاء على زمزم، فالتزم له ابنه بذلك، وأشهد كل منهما على نفسه بما التزمه، جماعة من أعيان الحرم، وأنهى هذا الحال لصاحب مصر، أن عجلان ترك نصيبه فى الإمرة لابنه أحمد، وأنه والمجاورين يسألون تقرير أحمد فى ولاية مكة بمفرده؛ فأجاب السلطان إلى ذلك. وذكر لى بعض الناس، أن ذلك كان فى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وذكر لى بعضهم ما يدل على أنه قبل ذلك بسنتين أو نحوهما. والله أعلم.
واستمر أحمد منفردا بالإمرة، إلى أن أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد فى سنة ثمانين وسبعمائة، وما كان لمشاركته فى ذلك أثر؛ لأن السيد أحمد هو القائم بمصالح العسكر، وإليه النظر فى جميع الأمور، واشتمل على ذلك إلى أن مات السيد أحمد.
وكان بعد موت أبيه عزم على السفر إلى جهة ينبع، فقيل لحرب أميرها، وقيل لإزالة أمر بوادى الصفراء (1) أمر بإزالته لضرر حصل منه للحاج، فلما نزل الهدة هدة بنى
(1) الصّفراء: بلفظ تأنيث الأصفر من الألوان، وادى الصفراء: من ناحية المدينة، وهو واد كثير النخل والزرع والخير فى طريق الحاج وسلكه، وبينه وبين بدر مرحلة، قال عرّام بن ـ
جابر، متوجها لقصده، بلغه أن بنى عمه أولاد ثقبة، بانوا عنه، وحالفوا عليه بعض بنى حسن من ذوى عبد الكريم، فأعرض عن قصده، وبعث إلى مكة فرسانا لصونها، وكشف عن خبرهم، فبلغه أنهم توجهوا صوب وادى نخلة، وأنهم لقوا فى طريقهم سليمان بن راشد أحد تجار مكة وابنه حسب الله، واختطفوهما وذهبوا بهما معهم إلى الشرق وساروا فى أثرهم إلى أن بلغ سولة (2) بنخلة اليمانية، فأشير عليه بالمقام هناك، وأن يبعث إليهم فرسانا لاستنقاذ ابن راشد وابنه، فبلغتهم فرسانه وهم فى كثرة وغفلة، فأوهموهم أنه فى الأثر، ففروا وظفروا أصحاب أحمد بابن راشد وابنه، وعادوا بهما إليه، ورجع أحمد بعد ذلك إلى مكة، ثم توصل بنو عمه إلى نخلة ومعهم أفراس عديدة، فقصدهم بعض بنى حسن، وأوهمهم أنه يصل إليهم جماعة من بنى حسن لميلهم إليهم، حنقا على أحمد بن عجلان، وبينما هم على ذلك، وإذا بخيل أحمد بن عجلان قد دهمتهم مع عسكره، ففر بنو ثقبة، وما سلمت أرواحهم إلا بجهد وقبض على بعض جماعتهم، وأعانهم على ذلك أنهم ظفروا بطليعة ذوى ثقبة، فلم يتيقظوا لأصحاب أحمد، ورجع عسكره إلى مكة، ولمّ بنخلة خوفا من البيات بها، بعد أن كان أجمع على ذلك، ثم توصل بنو عمه المشار إليهم إلى مصر، بعد قتل الأشرف شعبان صاحب مصر، وكتب لهم القائمون بعده إلى أحمد بن عجلان بملاطفتهم وإكرامهم، ورسموا لهم بأن يصرف لهم فى كل سنة ستين ألف درهم، وقالوا لهم: إذا لم يرض عزلناه، وأحسنوا إليهم بشيء يتجهزون به.
فوصلوا إلى أحمد وأعلموه الخبر، فلاطفهم وأرضاهم فيما رسم لهم به، وتوالفوا مدة، ثم حصل كدر فى نفسه منهم، ومن عنان بن مغامس بن رميثة، ومن أولاد مبارك بن رميثة، لميلهم عليه مع صاحب حلى (3)؛ لأن أحمد بن عجلان رغب فى أن يزيده صاحب حلى فى العادة التى جرت بأن يسلمها إليه صاحب حلى، فلم يوافق على الزيادة لعظمها، واستعان عليه بالقواد العمرة، فما أفادوه، فاستعان القواد بعنان، وبنى
ـ الأصبغ السّلمى: الصفراء قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون كلّها، وهى فوق ينبع مما يلى المدينة وماؤها يجرى إلى ينبع. انظر: معجم البلدان (الصفراء).
(2)
سولة: قلعة على رابية بوادى نخلة تحتها عين جارية ونخل، وهى لبنى مسعود بطن من هذيل. انظر: معجم البلدان (سولة).
(3)
حلى: بالفتح ثم السكون، بوزن ظبى، قال عمارة اليمنى: حلى مدينة باليمن على ساحل البحر، بينها وبين السرين يوم واحد، وبينها وبين مكة ثمانية أيام. انظر: معجم البلدان (حلى).
ثقبة، فالتزموا لهم بأن يخذلوا أحمد بن عجلان عن قصده لصاحب حلى.
وكان قد أجمع على ذلك، فإن لم يطعهم مالوا عنه إلى صاحب حلى. وحلفوا له على ذلك، وحلف معهم عليه بنو مبارك.
وبلغ ذلك أحمد بن عجلان وهو بمكان يقال له أم غراب، قريب من الحسبة (4)، ودوقة (5)، وهو على يوم من حلى للمجد فى السير، فلاطف أحمد صاحب حلى، وقنع منه بزيادة دون التى فى نفسه، وأمر عنانا بمباينته، فبان عنه ونهب إبلا كثيرة للأعراب، وحصل أفراسا وسلاحا، فلاطفه أحمد، فاستدعاه إليه، فحضر إليه وأكرمه، ثم أغرى حسن بن ثقبة لعتبهم عليه، فى أمر خفر جوارهم فيه. ومن عادة العرب أن يقتل من خفر جوارهم.
فما تم لأحمد مراد فى عنان؛ لأن أحمد بن ثقبة نهى عن قتله. ولما عرف ذلك أحمد، أغرى عنانا بأحمد بن ثقبة؛ لأن أخاه حسن بن ثقبة ممن اتهم بقتل محمد بن مغامس أخى عنان، ومن عادة العرب أن لا يقتصروا فى القصاص على القاتل، بل يقتلوا غيره من جماعته، إذا كان أحشم من القاتل، فكاد عنان أن يفعل ما أمره به، ثم ترك، وعرف عنان وبنو ثقبة بما كان من أحمد بن عجلان فى حقهم؛ فسافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر، وشكيا من أحمد بن عجلان تقصيرا كثيرا، فرسم لهما صاحب مصر الملك الظاهر بخطام فى الزاملة خمسة وسبعون درهما، وبأبى عروة قرية بوادى مر، بيد أمير مكة، وغير ذلك مما يكون، ربع المتحصل لأمير مكة.
وكان أحمد قد اتبعهم بكبيش وهدية سنية للملك الظاهر، فرأى كبيش من الدولة إقبالا على عنان، فالتزم بالموافقة على ما رسم به السلطان لعنان، وحسن بن ثقبة، وسالمهما حتى توصل إلى مكة، فعرف أحمد بن عجلان الخبر، وقال له: لابد من موافقتك على ما رسم به لعنان أو قتله، فمال إلى قتله، وسئل أحمد فى أن يخبر عنانا وحسن بن ثقبة، ففعل، وثوثق الساعى فى ذلك منه.
وكان الساعى لعنان فى الجيرة، حسن بن ثقبة. فحضر إليه عنان فى أيام الموسم، ثم فرّ منه عنان والناس بمنى، ولحقه حسن بن ثقبة؛ لأنه لم يوافق على ما وصلا به، ثم إن
(4) الحسبة: واد بنيه وبين السرين، سرى ليلة من جهة اليمن. انظر: معجم البلدان (الحسبة).
(5)
دوقة: واد طريق الحاج من صنعاء فى اتجاه تهامة. انظر: معجم البلدان (دوقة).
أبا بكر بن سنقر الجمالى أمير الحاج المصرى وغيره من أحباب أحمد بن عجلان؛ قالوا لعنان وابن ثقبة: ارجعا إلى أحمد، فإنه يجيب إلى ما طلبتما، ونكتب إليه بذلك فلا يخالف. وهذا أخوه محمد يرجع معكما.
وكان توجه إلى مصر مغاضبا لأخيه وطالبا لخير يحصل له بمصر، وحسنوا لمحمد أن يرجع معهما، وأنهم يأمروا أحمد بكرامته؛ فرجعوا إلى أحمد، ولم يتوثق محمد من أحمد لمن قدم به، ظنا منه أنه لا يخفره، وأنه إذا لم يوافق على مقصودهما ردهما إلى مأمنهما.
ومن الناس من يقول: إنه ندب أخاه محمدا لإحضارهما، فحضرا معه لذلك، واجتمعوا بالسيد أحمد، وقد جلس لهم مجلسا عامّا فيه الترك والعبيد، وقرر معهم أن يقبضوا على عنان وحسن بن ثقبة إذا أشار إليهم بذلك.
فلما أشار بذلك قبضوا عليهما، وركب من فوره إلى أحمد بن ثقبة، وقبض عليه وعلى ولده على بن أحمد.
وكان أحمد بن ثقبة مظهرا طاعة أحمد بن عجلان ومعرضا عن موافقة أخيه حسن وعنان، فما أفاده ذلك، وقيد الجميع وضم إليهم أخاه محمد بن عجلان؛ وسجن الخمسة بأجياد (6) مدة يسيرة، ثم بالعلقمية، واستمروا بها إلى موسم سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وفى أولها كان القبض عليهم، وفى موسمها نقلهم إلى أجياد، وفى موسمها وصل إليه كتاب السلطان من مصر بإطلاقهم فلم يفعل، ونقلهم بعد الموسم من أجياد إلى العلقمية عند المروة، وكادوا أن يفلتوا منها فى أثناء سنة ثمان وثمانين، ففطن لهم وردوا، غير عنان فإنه نجا وتوصل إلى مصر، وكان من أمره ما يأتى ذكره.
وبلغنى أن أحمد بن عجلان كتب إلى الملك الظاهر صاحب مصر، يسأله فى رد عنان إليه، فكتب إليه: وأما ما ذكرت من جهة عنان، فإن الله سبحانه وتعالى يقول:(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)[التوبة: ]. واستمر المذكورون فى سجن أحمد حتى مات، فكحلوا بعده بنحو عشرة أيام، وألم لذلك الناس، وما حصل للراغب فى ذلك راحة، وكان المتظاهر بذلك محمد بن أحمد بن عجلان، فقتل بعد كحلهم بتسعين يوما، وقتل كبيش بعد كحلهم بسنة، وكانوا ترققوا لمحمد بن أحمد بن عجلان عند كحلهم، فما أفادهم ذلك وترققوا لأبيه بأشعار كتبوها إليه، فما أجدت، فتم على كل منهم ما قضى الله به عليه.
(6) أجياد: بفتح أوله وسكون ثانيه، موضع بمكة يلى الصفا. انظر: معجم البلدان (أجياد).
وكان لأحمد بن عجلان سيرة مشكورة ومحاسن مذكورة؛ لأنه كان كثير العدل فى الرعية مكرما للتجار، وسمح لهم بأشياء كثيرة، فكثر ترددهم إليه، فأثرى وكثر ماله مما كان يحصل له منهم من الموجبات والهدايا السنية، وقرر بينه وبينهم ضرائب معروفة فى الزكائب والزوامل، فلم يكن يتعدى ذلك، وقرر أمورا يسمح لهم بها فيما لا يريدون فيه بيعا من الأزواد والقرطلات وغيرها مما يختص بالتاجر وأتباعه، فما خالف ذلك.
وكان نوابه بجدة معه فى أرغد عيش؛ لأنهم كانوا يكارمون بالأسقاط ويكارمهم بالهدية، ويعلم بذلك السيد أحمد بن عجلان، فلا ينالهم منه كبير ضرر، وإنما يؤدبهم بغرامة لطيفة، وكان يحسن لبنى عمه ذوى رميثة بأشياء مقررة لهم فى كل شهر تقوم بكفايتهم.
وذلك فيما قيل غرارتان فى كل شهر، وأربعمائة درهم، وقيل مائتا درهم، وقيل ثلاثمائة غير ما يزيدهم على ذلك من منافع يسألونها منه.
ولهم عليه رسوم فى كل موسم، كل سنة عشرة آلاف درهم لكل نفر، يزيد بعضهم سرا على ذلك، وربما بلغت الزيادة لبعضهم عشرة أخرى.
وكان يحسن كثيرا إلى من سواهم من بنى حسن من الأشراف والقواد وعبيده وأتباعه. وما وجد بالإحسان إليهم إلا خيرا؛ لأنه ملك ما لم يملكه غيره من الخيل والسلاح والعبيد، وبلغت خيله نحو أربعمائة وعبيده نحو ثمانمائة، على ما قيل فيهما، وما تأتى ذلك لمن كان قبله من أمراء مكة المقاربين لعصره، ويسر الله تعالى له عقارا طائلا جدا بوادى مر، عظم انتفاعه به، وذلك خيوف (7) أحياها، فملكها من غير شريك فيها، وهى الأصفير، والبحرين (8) والبثنى والحميمة (9)، وأحيا أيضا
(7) والمفرد خيف: وهو ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (خيف).
(8)
البحرين: هكذا يتلفظ بها فى حال الرفع والنصب والجر ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم إلا أن الزمخشرى قد حكى أنه بلفظ التثنية فيقولون: هذه البحران. وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان. قيل: هى قصبة هجر، وقيل: هجر قصبة البحرين وقد عدها قوم من اليمن، وجعلها آخرون قصبة برأسها وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة وربما عد بعضهم اليمامة من أعمالها. انظر: معجم البلدان (بحرين).
(9)
الحميمة: بلد من أرض الشراة من أعمال عمان فى أطراف الشام. وأيضا اسم لقرية ببطن مرّ من نواحى مكة بين سروعة والبريراء فيها عين ونخل. انظر: معجم البلدان (الحميمة).