الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه: أن جماز بن حسن هذا، سار إلى الناصر يوسف ابن العزيز محمد بن الظاهر غازى بن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب الشام وحلب، يستعين به على أبى سعد، يعنى على بن قتادة، وأطمعه بقطع خطبة صاحب اليمن. فجهز له عسكرا، وسار به إلى مكة، فلما وصل إليها نقض عهد الناصر، واستمر يخطب لصاحب اليمن.
فلما كان فى سنة ثلاث وخمسين، أخرجه منها راجح بن قتادة، فلحق ينبع. انتهى.
هكذا وجدت هذه الحكاية، وهى على ظاهرها لا تستقيم؛ لأنها تقتضى أن جماز بن حسن هذا ولى مكة فى حياة ابن عمه أبى سعد بن على بن قتادة، والمعروف أنه إنما وليها بعد قتل أبى سعد، ولا يمكن أن تستقيم هذه الحكاية، إلا أن يكون جماز بن حسن هذا، استعان بالملك الناصر المشار إليه، على أبى نمى بن أبى سعد، ويكون ذكر أبى نمى، سقط سهوا من النسخة التى رأيتها من تاريخ ابن خلدون.
وفى هذا التأويل بعد، على أنى لم أر ما يؤيد هذه الحكاية التى تأولنا لصحتها. والله أعلم بحقيقة ذلك كله.
وجماز بن حسن هذا، جد الأشراف ولاة ينبع فى عصرنا.
909 ـ جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود ابن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن حسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى، عز الدين أبو سند:
أمير المدينة النبوية، هكذا وجدته منسوبا فى نسخة سقيمة من كتاب:«نصيحة المشاور» لقاضى المدينة الشريفة، بدر الدين عبد الله بن محمد بن فرحون اليعمرى المدنى المالكى، وقال: كان شجاعا مهيبا سايسا حازما ذا رأى وهمة عالية، رقت همته إلى أن قصد صاحب مكة، وهو الأمير نجم الدين أبو نمى محمد بن صاحب مكة أبى سعد حسن ابن على بن قتادة الحسنى، وحاصره وانتزع منه مكة، واستولى عليها، وحكم فيها.
وأقام فيها مدة يسيرة، ثم عادت إلى أبى نمى، وذلك فى سنة سبع وثمانين وستمائة. انتهى.
وقد ذكرنا فى ترجمة أبى نمى شيئا من حاله مع جماز بن شيحة هذا، فأغنى عن إعادته.
وقد ولى الأمير جماز أمر المدينة، بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة، فى سنة سبع وخمسين وستمائة.
وكان فى حياته مؤازرا له ومساعدا، ثم انتزعها منه ابن أخيه مالك بن منيف بن شيحة فى سنة ست وستين وستمائة، فاستنجد عليه عمه بأمير مكة وغيره من العربان، فلم يقدروا على نزعها.
فلما رحلوا عنها عجزا، سلمها له ابن أخيه مالك بن منيف، فاستقل بها جماز بن شيحة من غير منازع، حتى سلمها هو لابنه الأمير منصور بن جماز فى سنة سبعمائة، لأنه كان أضر وشاخ وضعف، ثم مات فى سنة أربع وسبعمائة. انتهى.
ولنذكر من ولى إمرة المدينة بعد جماز بن شيحة هذا، إلى عصرنا هذا، لما فى ذلك من الفائدة، فنقول: لم يزل منصور بن جماز بن شيحة أميرا على المدينة، حتى قبض عليه فى موسم سنة ست عشرة وسبعمائة بالمدينة، وجهز إلى مصر، ثم وصل منها إلى المدينة ومعه عسكر. وقد عاد إلى الإمرة فى ربيع الأول سنة سبع عشرة. فاستولى على المدينة بعد أن صد عنها، ثم انتزعت منه، ثم عادت إليه بعد قتال فى جمادى الأولى من سنة سبع عشرة، واستمر حتى قتل فى رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وقتله قريب له غرة عن سبعين سنة، ثم وليها بعده ولده كبيش، حتى انتزعها منه عمه ودى بن جماز، فى صفر سنة سبع وعشرين، مع ابنه عسكر وجماعة. وتوجه ودى إلى مصر، طمعا فى الإمرة، فاعتقل بها.
وولى الإمرة بها طفيل بن منصور، بعد قتل أخيه كبيش بن منصور، فى يوم الجمعة سلخ رجب فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وكان وصول طفيل فى الحادى والعشرين من شوال، من سنة سبع وعشرين إلى المدينة، واستمر حاكما بها ثمان سنين وثلاثة عشر يوما، ثم وليها ودى بن جماز، وجاء الخبر بولايته فى شوال سنة ست وثلاثين، واستمر إلى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فملك طفيل المدينة عنوة.
واستمر ودى معزولا، حتى مات فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة. واستمر طفيل على الإمرة، حتى عزل فى سنة خمسين. فخرج منها بعد أن نهبها أصحابه ثم قصد مصر، فاعتقل بها حتى مات معتقلا، فى شوال سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. وكان الذى وليها بعد عزله، الأمير سعد بن ثابت بن جماز.
وكان دخوله المدينة يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة خمسين وسبعمائة. وقرئ تقليده يوم الجمعة خامس عشرى الحجة.
وفى سنة إحدى وخمسين، ابتدأ فى عمل الخندق الذى حول السور، ومات ولم يكمله.
وكان موته فى الثامن عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين، ووليها بعده فضل ابن قاسم بن جماز، واستمر فى الولاية إلى أن مات بعد تمرض شديد فى سادس عشرى ذى القعدة سنة أربع وخمسين، وهو الذى أكمل الخندق الذى عمله سعد بن ثابت، ثم وليها بعده مانع بن على بن ودى بن جماز.
واستمر حتى عزل بجماز بن منصور بن جماز بن شيحة. واستمر جماز حتى قتل فى الحادى والعشرين من القعدة سنة تسع وخمسين وسبعمائة، قتله فداويان، لما حضر لخدمة المحمل الشامى، على عادة أمراء الحجاز، ثم ولى بعده أخوه عطية بن منصور، ووصله التقليد والخلعة، فى ثامن شهر ربيع الآخر سنة ستين وسبعمائة.
واستمر حتى عزل بابن أخيه هبة بن جماز بن منصور فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ثم ولى عطية فى موسم سنة اثنتين وثمانين، بعد مسك ابن أخيه هبة بمكة، واستمر عطية حتى مات فى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بالمدينة. وفيها مات هبة بعد إطلاقه بالفلاة عند أهله، ووليها بعد عطية، جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسينى، واستقل بها حتى شاركه فى الإمرة بالمدينة، ابن عم أبيه محمد بن عطية بن منصور، فى سنة خمس وثمانين، ثم تغلب عليها جماز، وانفرد بالإمرة، ثم عزل منها فى سنة سبع وثمانين، بمحمد بن عطية، واستمر محمد بن عطية حتى مات فى أحد الجمادين سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فوليها جماز، ودخلها بعد كسر رجله ومحاربة على ابن عطية له، ثم انتزعت منه ليلا فى غيبته عنها، فى أحد الربيعين سنة تسع وثمانين، ووليها ثابت بن نعير ابن منصور بن جماز الحسينى. واستمر بها إلى صفر سنة خمس وثمانمائة، فوليها جماز بن هبة، بعد اعتقاله بالإسكندرية من سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ودخلها فى جمادى الآخرة من سنة خمس وثمانمائة، وسر به أهلها، لما فيه من إعلاء كلمة أهل السنة.
واستمر على ولايته حتى عزل عنها فى ربيع الأول من سنة إحدى عشرة وثمانمائة بالأمير ثابت بن نعير بن منصور، لما سأل فى ذلك الشريف حسن بن عجلان بن رميثة الحسنى، صاحب مكة فى عصرنا، وجعل صاحب مصر الناصر فرج، لابن عجلان هذا، النظر على ثابت وصاحب ينبع، وجميع بلاد الحجاز. وكتب له عنه توقيع بنيابة أقطار الحجاز، ولم يصل الخبر بذلك، إلا بعد وفاة ثابت بن نعير.
وكانت فى صفر من سنة إحدى عشرة، فاقتضى رأى الشريف حسن بن عجلان أن يفوض إمرة المدينة لعجلان بن نعير أخى ثابت، وكان قد تزوج ابنة عجلان موزه، فاستدعاه إلى مكة، وفوض إليه إمرة المدينة، فى آخر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وجهز ابن عجلان إلى المدينة الشريفة، عسكرا مع ابنه السيد أحمد بن حسن، وتوجه عجلان بن نعير إلى المدينة من مكة على طريق الشرق ودخلها العسكران فى النصف الثانى من جمادى الأولى منها، بعد خروج جماز بن هبة منها بأيام.
وكان من خبره، أنه لما بلغه عزله عن المدينة، عمد بعد أيام قليلة، إلى المسجد النبوى، وكسر القبة التى فيه، هى حاصل الحرم، وأخذ ما فيها من قناديل الذهب والفضة.
وكان شيئا كثيرا على ما قيل، وثيابا كثيرة كانت معدة لتكفين الأموات وغير ذلك. وتوجه منها قبل دخول العسكرين بأيام، وتبعه طائفة من العسكرين فلم يدركوه. ولم يزل معزولا حتى توفى، فى جمادى الآخرة من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، بيّته بعض الأعراب وقتله.
وكان وصل لعجلان بن نعير، بإثر قدومه إلى المدينة، توقيع من صاحب مصر بإمرة المدينة، عوض أخيه ثابت بحكم وفاته، بشرط رضى الشريف حسن بن عجلان بذلك. ودامت ولايته إلى أن وصل الحاج الشامى إلى المدينة، فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، ثم زالت ولايته فى هذا التاريخ؛ لأن آل جماز ابن هبة حاربوه فى هذا التاريخ، وهجموا عليه المدينة، فاختفى فى زى النساء، فظفروا به فى قلعتها، وسلموه لأمير الحاج الشافعى؛ لأنه ساعدهم على حربه، بإشارة أمير الركب المصرى. وحمل إلى مكة، وسلم بها إلى أمير الحاج المصرى بيسق، فاحتفظ به وكاد أن ينهزم، ثم فطن له، فاحتفظ به أكثر من الاحتفاظ الأول، ثم أطلق بإشارة صاحب مكة.
وولى المدينة عوضه سليمان بن هبة بن جماز بن منصور، أخو جماز المقتول. ودامت ولايته إلى أن قبض عليه بالمدينة النبوية بعد الحج، لسوء سيرته، فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة خمس عشرة وثمانمائة. وقرر أمير الحاج المصرى بيبغا المظفرى عوضه فى إمرة المدينة، ابن أخيه غرير ـ بغين معجمة وراءين مهملتين بينهما ياء مثناة من تحت ـ بن هيازع بن هبة، وحمل سليمان وأخوه محمد، محتفظا بهما إلى مصر، فسجنا بها.
ومات سليمان مسجونا بالقاهرة، سنة سبع عشرة وثمانمائة، وحمدت سيرة غرير. ودامت ولايته، إلى أن هرب فى ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، متخوفا من القبض عليه، وعاد عجلان إلى إمرة المدينة، ودخلها فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة تسع عشرة.