الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومائتين، وكانت خلافته عشر سنين. وكان ذا سطوة وشجاعة وحزم ورأى وجبروت، وكان أسمر مهيبا معتدل الشكل. تغير مزاجه لإفراطه فى الجماع، وعدم الحمية فى مرضه. وعاش أربعين سنة. ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة، وهى توسعة المسجد الحرام بما بقى من دار الندوة (1)، وتحليته للكعبة، كما ذكرنا فى المقدمة.
562 ـ أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، قاضى مكة وخطيبها، شهاب الدين أبو العباس المكى:
ذكر أنه ولد سنة ثمان عشرة وسبعمائة بمكة. وسمع من قاضيها نجم الدين الطبرى كتاب: ذخائر العقبى، والسمط الثمين، عن جده المحب الطبرى مؤلفهما إجازة إن لم يكن سماعا، وأجاز له، ومن عيسى بن عبد الله الحجى: صحيح البخارى، ومن القاضيين جمال الدين الحنبلى، وجمال الدين المطرى: ثلاثياته، وعلى الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: سنن أبى داود، وعلى الآقشهرى، وأبى عبد الله الوادى آشى: التيسير لأبى عمرو الدانى، وعلى أبى محمد عبد الله بن موسى بن عمر ابن الزواوى: الجزء الثانى، من حديث مؤنسة خاتون بنت الملك العادل أبى بكر بن أيوب من أوله إلى حديث:«ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان» (1) وأجاز له،
(1) دار النّدوة: بمكة أحدثها قصى بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهى دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصى، ولفظه مأخوذ من لفظ الندى والنادى والمنتدى، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله أى يذهبون قريبا منه ثم يرجعون. انظر: معجم البلدان (دار الندوة).
562 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 51، إنباء الغمر 1/ 403، الدرر 1/ 153، والمنهل الصافى 1/ 325).
(1)
أخرجه البخارى فى صحيحه فى باب حلاوة الإيمان حديث رقم (16) من طريق: محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفى قال: حدثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار» .
أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (128) باختلاف فى اللفظ، من طريق: إسحاق ابن إبراهيم، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر، ومحمد بن بشار، جميعا عن الثقفى، قال ابن أبى عمر: حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبى قلابة، عن أنس، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن ـ
وغير ذلك كثيرا، على جماعة غيرهم، وبعض ذلك بقراءته.
وطلب العلم، فقرأ الفقه على جماعة من الأئمة، وهم: الشيخ نجم الدين الأصفونى، وبه تخرج وعنه أخذ الفرائض والجبر والمقابلة، والسيد شرف الدين محمد بن الحسين نقيب الأشراف (2) بالقاهرة، والحافظ صلاح الدين العلائى، وأذن له فى الفتوى والتدريس، والشيخ جمال الدين الإسنائى، وعنه أخذ أصول الفقه، وقرأ بالسبع متقنا لذلك على الشيخ برهان الدين المسرورى، وأذن له فى الإقراء، فأقرأ ودرس، وأفتى، وانتفع به الناس. وحدث.
سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وجماعة من شيوخنا وأصحابنا، ولم يقدر لى السماع منه، لكنه أجازنى غير مرة باستدعاء شيخنا ابن سكر.
وأول ولايته أنه باشر فى الحرم، ثم ناب فى الحكم عن صهره القاضى تقى الدين الحرازى، ثم عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى فى الخطابة، ثم وليها بعده على ما كان عليه، خلا تدريس «بشير» فإنه صار لابن أخيه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وناب له فتجمّل به، واستمر حتى صرف عنه لخالى القاضى محب الدين النويرى، فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين.
وتوجه بعد صرفه إلى مصر طمعا فى المنصب، فعرض عليه مع بعض الوظائف فلم يقنع إلا بالجميع، ففاته الجميع، ثم عاد إلى مكة، واستمر مصروفا حتى مات، غير أنه حكم فى واقعتين نيابة عن خالى.
وتوفى فى آخر الثلث الأول من ليلة السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بمكة، وصلّى عليه بعد طلوع الشمس عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة على أبيه. وكثر الأسف عليه لوفور محاسنه، وكان معظما عند الناس من شبابه، وكان دخل فى مبدأ الكهولة بلاد المغرب واجتمع بأبى عنان بن أبى الحسن المرينى، صاحب فاس (3)، فأكرمه وعظمه.
ـ يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف فى النار». (2) الأشراف: هم جماعة المنتمين، بالنسب، إلى البيت النبوى الشريف، وكان كبيرهم يلقب بالنقيب، وما زال هذا المنصب موجودا بمصر حتى الآن.
(3)
فاس: مدينة عظيمة، وهى قاعدة المغرب، وهما مدينتان مقترنتان يشق بينهما نهر كبير يسمى وادى فاس. انظر معجم البلدان (فاس)، الروض المعطار 434، 435، الإدريسى 75/ 50، البكرى 115 وما بعدها، ابن الوردى 14، صبح الأعشى 5/ 154.