الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجدت بخط عبد العزيز بن المؤذن، أربعين حديثا من رواية المذكور وجماعة من أقاربه مخرجة عن القاضى شمس الدين بن العماد، والقاضى تقى الدين بن رزين، وأبى اليمن بن عساكر إجازة، خرجها الآقشهرى فى سنة ست وثلاثين للمذكورين، وما حدث بها منهم سوى الحجى، على ما وجدت فى النسخة التى وقعت لى.
وذكر لى صاحبنا الشيخ خليل الأقفهسى أنه وقف على الأصل بخط الآقشهرى، وليس فيها سماع على أحد من المذكورين.
583 ـ أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق، بن القاسم بن عبد الله العقيلى الجزولى، الشيخ شهاب الدين النويرى:
تردد إلى مكة مرات، وسمع بها فى سنة ست وتسعين وستمائة على الفخر التوزرى أكثر صحيح البخارى، ثم سمعه بكماله على الصفى والرضى الطبريين فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ثم استوطنها وتأهل بها بابنة قاضيها نجم الدين الطبرى.
وولى ـ على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ـ تدريس الحديث بالمنصورية بمكة، ثم انتقل إلى المدينة، وأقام بها حتى مات فى عصر يوم الأحد سادس عشر المحرم سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بعد المغرب بالبقيع (1) قريبا من الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه مما يلى الطريق.
نقلت خبر وفاته من كتاب «نصيحة المشاور» لابن فرحون، لأنه ذكره فيه، وذكر أنه من إخوانه فى الله، العلماء الربانيين أصحاب الأحوال والمكاشفات، وذكر أنه صلى إلى جانبه يوما لما أضل قدوم الحاج إلى المدينة الشريفة، فكانت صلاته كلها وسوسة بما يجئ به الحاج، وما يكون من وظائفه، وما يجئ منها وغير ذلك. فذكر له الشيخ شهاب الدين مع ما وقع فى خاطره على سبيل الإنكار. قال: وله كرامات لا يسع ذكرها هاهنا. انتهى.
وكان جده سيدى الشيخ الولى العارف القاضى رضى الدين أبو القاسم عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق فى الصلاح بالمحل الأعلى، وله كرامات كثيرة مشهورة. من أشهرها حكاية البقرة، وهى أن رجلين تداعيا عنده فى بقرة، وكان مع أحدهما محضر
583 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 112).
(1)
البقيع: بفتح أوله، وكسر ثانيه، وعين مهملة، هو بقيع الغرقد، مقبرة المدينة. انظر: معجم ما استعجم (البقيع).
بملكها، فيه شهود أدوا فيه عنده، فسأله من بيده المحضر، الحكم به، وتسليم البقرة إليه، فقال له: كيف أسلمها إليك وهى تقول إنها لخصمك، وتخبر أن المحضر زور، فاعترف بذلك وأظهر التوبة وسلمها لخصمه. ولما اتصلت هذه الحكاية بقاضى القضاة عماد الدين عبد الرحمن بن السكرى قاضى الديار المصرية، عزله عن نيابته، وكتب إليه يقول له: كان ينبغى لك أن تعمل فى القضية بظاهر الشرع وتسلم البقرة لمن أثبتها، فلما اتصل به ذلك قال لمن حضر: اشهدوا على أنى قد عزلته وذريته من بعده، فعزل القاضى عماد الدين، ولم يعد إلى القضاء ولا وليه أحد من ذريته، حتى إن حفيده القاضى عماد الدين، نوه له غير مرة بالولاية، وربما وصلت له الخلعة، ورسم بكتابة تقليده، فيعدل عنه إلى غيره، ولا يتم أمر تصديقا لما أخبر به القاضى رضى الدين الشهيد الناطق.
وكان ولى القضاء بالبهنسا (2) وغيرها من الصعيد الأدنى، وتوفى فى ذى القعدة سنة ست عشرة وستمائة شهيدا بظاهر دمياط، وبنى عليه مشهد، فيعرف بمشهد الشهيد الناطق.
وسبب شهرته بذلك، أنه كان يحرض أصحابه على القتال، ويرغبهم فى الجنة، وتلا عليهم قوله تعالى:(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ)[آل عمران: 169] فلما قتل، قال له قاتله: أنت تقول: إن الله قال: (وَلا تَحْسَبَنَ) ـ الآية فها أنت الآن ميت، فاستوى جالسا وقال: نعم أحياء ورب الكعبة، وتلا الآية إلى آخرها، فأسلم.
نقلت وفاته من «التكملة» للمنذرى، وذكر أنه تفقه على مذهب الإمام مالك، وصحب جماعة من الصالحين، وانتفع به جماعة. وكان موصوفا بالصلاح والخير والإيثار، محبا للفقراء مكرما لهم، ينقطع إلى ما يفضى براحتهم، مبالغا فى ذلك.
وذكر أن العقيلى، بفتح العين، ولم يبين إلى من هذه النسبة، وهى إلى عقيل بن أبى طالب على ما اشتهر عن [ .... ] (3) قال فى تعريفه: الجزولى.
وحكاية البقرة وما يتعلق بها، نقلتها من تاريخ الشيخ شهاب الدين أحمد بن
(2) البهنسا: مدينة بصعيد مصر فى الجهة الغربية من الخليج الخارج من معظم النيل وهى عامرة بالناس جامعة لأمم شتى ومن هذه المدينة إلى مصر سبعة أيام وبهذه المدينة تعمل الستور البهنسية. انظر: الروض المعطار 114، الإدريسى 50، جنى الأزهار 10، معجم البلدان (البهنسا).
(3)
ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.