الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم. انتهى.
ذكره الذهبى فى التجريد، فقال: تميم بن أسيد.
862 ـ تميم بن الحارث بن قيس بن عيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى:
ذكر ابن عبد البر: أنه كان من مهاجرة الحبشة، هو وأخواه سعيد، وأبو قيس ابنا الحارث، وقتل تميم يوم أجنادين. وكان أبوهم من المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذى يقال له ابن الغيطلة، وهو اسم أمه، وهى امرأة من بنى كنانة.
ذكره ابن عبد البر، وقال: لم يذكر ابن إسحاق تميم بن الحارث فى مهاجرة الحبشة فى نسخة ابن هشام. وذكر بشر بن الحارث السهمى مكان تميم.
863 ـ تغرى برمش بن يوسف التركمانى الحنفى:
نزيل القاهرة والحرمين، يلقب زين الدين، ويكنى أبا المحاسن.
عنى فى بلاده بالعلم فيما ذكر، ثم أتى القاهرة وهو شاب، وعنى فيها بفنون من العلم، وأخذ بها عن جماعة من الأكابر، منهم: الشيخ جلال الدين التبانى الحنفى. وكان يستحضر فيما يذكره من المسائل، أو يجرى عنده فيها ذكر، ألفاظ بعض المختصرات فى ذلك، ولكنه كان قليل البصارة والذكاء. وكان يستحضر كثيرا من الكلمات المنكرة الواقعة فى كلام ابن عربى الصوفى وغيره من الصوفية. وكان يبالغ فى ذم ابن عربى وأتباعه، وربما أعدم بعض كتبه بالمحو أو الإحراق. وربما ربط «الفصوص» منها إلى ذنب كلب فيما قيل. وكان قد سأل عن ابن عربى، وعن كتبه، شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيتى وغيره من أعيان علماء المذاهب الأربعة بالقاهرة، فأفتوه بذم ابن عربى وكتبه وجواز إعدامها، وصار يعلن ذم ابن عربى وأتباعه وكتبه، ويكرر ذلك عصرا بعد عصر.
وكان قد صحب جماعة من الترك بمصر؛ واستفاد بصحبتهم جاها وتعظيما عند أعيان الناس بالقاهرة وغيرها وقتا بعد وقت، فى دولة الملك الظاهر وابنه الملك الناصر والملك المؤيد ـ زاده الله تأييدا ونصرا ـ وكتب له مرسوما يتضمن الإذن له فى إنكار المنكرات المجمع عليها، وأن يعينه على ذلك الحكام.
862 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 236، الإصابة ترجمة 841، أسد الغابة ترجمة 518).
863 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 218 رقم 764، شذرات الذهب 7/ 157، المنهل الصافى 4/ 56).
وكان يرسل إليه فى كل سنة من السنين التى جاور فيها بالحرمين، بصلة تقوم بكفايته، وجرت له على يده صدقات بالحرمين، منها صدقة من القمح فى سنة سبع عشرة وثمانمائة، وصدقة من الذهب فى سنة ثمانى عشرة، وصدقة من الدراهم المؤيدية والقمصان فيما بعد ذلك. وكان يخطئ كثيرا فى صرف ذلك، لإعطائه من ذلك جانبا طائلا لمن لا يستحق أو لتفضيله لمن لا يستحق على من يستحق فى العطاء، ونالته الألسنة بسبب ذلك كثيرا، وبسبب منعه المؤذنين من المدائح النبوية وغيرها فى المنائر ليلا، ومنع المداحين من إنشاد ذلك، فى الأوقات التى جرت عادة الناس بكثرة الاجتماع فيها بالمسجد الحرام، ومنعه الخطباء من الصغار فى ليالى ختم القرآن العظيم، فى شهر رمضان، وإيقاد مشاعل المقامات التى بالمسجد الحرام، فى الأوقات التى جرت العادة بها فى العشر الأخير من رمضان، وليلة العيد، وليلة هلال شهر رجب، وليلة هلال شهر ربيع الأول وغيرها، لما يحصل للمصلين والطائفين من كثرة التشويق، بسبب ارتفاع أصوات المشار إليهم، ولما يحصل من كثرة اجتماع الرجال والنساء لسماع الخطب، ورؤية الوقيد.
وكان منعه من ذلك فى أثناء سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، بعد أن وافقه على ذلك جماعة من فقهاء مكة. وكتبوا له خطوطهم بذلك. وكتب له بمثل ذلك غيرهم من علماء القاهرة.
ثم إن بعض من كتب له من فقهاء مكة، حمله ما جبل عليه من كثرة الهوى وحط النفس، على أن قال بخلاف ما كتب به خطه، لمخالفة تغرى برمش له فى هواه، وسعى عند بعض حكام مكة من جهة الدولة، فى الإذن فى إيقاد مشاعل المقامات، والمديح فى ليلة هلال رجب من سنة عشرين وثمانمائة. فوافقه الحاكم على ذلك، وفعل ذلك فى الليلة المذكورة.
ولما عرف بالوقيد تغرى برمش، خرج من منزله بالمدرسة المجاهدية بمكة لمنع ذلك، ولم يكن له علم بموافقة الحاكم المشار إليه على ذلك، فناله من العامة أذى عظيم، من عظيم الذم، وربما أن بعضهم أوقع به الفعل، ولولا دفع بعض من يعرفه من الترك عنه، لكثر تضرره مما ناله من ذلك. وكان ذلك فى غيبة صاحب مكة عنها. فلما حضر إليها، أنكر على من أمر به، أو أشار به من جهته وغيرهم، وأمر باتباع اختيار تغرى برمش فى ذلك.
فلم يتجاسر أحد على فعل ما يخالفه، حتى مات تغرى برمش، إلا أن بعض المؤذنين والمداحين، ربما مدحوا فى أوقات قليلة، بعضها بحضرة تغرى برمش، وكثير منها فى غيبته من مكة، وكان انقطاعه بالحرمين بعد حجه من سنة ست عشرة وثمانمائة.
وقد انتفع بصحبته كثيرا، ناس من أهل الحرمين، منهم من المكيين: القاضى عز الدين ابن القاضى محب الدين النويرى، وأخوه كمال الدين أبو الفضل، وسبب ذلك: أن تغرى برمش، جاور بالمدينة النبوية قبل القرن التاسع، وتوقع حصول سوء بها من الشيخ أبى عبد الله المغربى المعروف بالكركى، ففر إلى مكة، فطيب خاطره، وأحسن إليه، قاضيها محب الدين النويرى.
فلما مات، راعى صنيعه فى ولديه وجماعته، وهو ممن قام مع القاضى عز الدين، فى نزع الخطابة بالمسجد الحرام ونظره والحسبة بمكة له، من قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة، ولما وصل لأبى السعادات بن أبى البركات بن ظهيرة توقيع بهذه الوظائف، فى أثناء سنة عشرين وثمانمائة ـ خلا الحسبة ـ عارضه فى ذلك تغرى برمش، بتوقيع وصل للقاضى عز الدين بالوظائف المذكورة، وأن يكون أخوه أبو الفضل نائبا عنه فيها، بعد التوقيع الذى وصل لأبى السعادات بأيام قليلة، باعتبار تاريخها.
وكان وصولهما إلى مكة معا فى وقت واحد، واتفق أن القاضى عز الدين، مات قبل وصول توقيعه، كما أن أبا البركات مات قبل وصول توقيعه بالخطابة، ثم كتب بها لابنه، فرأى الشيخ تغرى برمش وغيره من أعيان مكة، أن توقيع القاضى عز الدين، ناسخ لتوقيع ابن أبى البركات، ومانع له من المباشرة، مع كراهة أكثرهم لمباشرته، ونازع ابن أبى البركات فى ذلك، بحضور صاحب مكة وغيره من قضاتها، والشيخ تغرى برمش.
وتعلق فى ذلك بمثال شريف إلى أمير مكة، يتضمن إعلامه لولاية ابن أبى البركات، وزعم أنه كتب بعد توقيع القاضى عز الدين، ونسب إلى زيادة (ين) فيه بعد عشر، وإنما هو مؤرخ بخامس عشر صفر.
وصمم الشيخ تغرى برمش على منعه من المباشرة، فأساء فى حقه ابن أبى البركات، فكاد الشيخ تغرى برمش أن يضربه، وأن يحثو التراب فى وجهه. ووافق صاحب مكة وغيره من أعيانها، على ما اختاره الشيخ تغرى برمش، من منع ابن أبى البركات من الخطابة، فلم يباشرها إلا بعد وفاة الشيخ تغرى برمش بخمسة وأربعين يوما، لوصول
توقيع إليه بها، وبنظر الحرم والحسبة، مؤرخ بثانى عشر صفر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
وكان قد جاءه توقيع بنظر الحرم والحسبة، فى حادى عشر القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. فباشر ذلك إلى أوائل ذى الحجة منها، وتغرى برمش عليل مدنف. وكان سبب موته استطلاق بطنه من كثرة الأكل. فإنه لما عرض له الإسهال من ذلك، صار يشتهى أشياء كثيرة ضارة له، فتصنع له ويأكلها، وتكرر ذلك منه، فعظم عليه الضرر والتعب، إلى أن مضى لسبيله فى ليلة مستهل المحرم، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، وحمل إليها فيما يحمل فيه الطرحا. ولم يشيعه من الناس إلا القليل.
ومما يحمد من أفعاله: سعيه فى شراء ماء فى قرار عين السلامة، وهى ساعة، يسقى به البستان المنسوب وقفه لنجم العجمى، عند مشهد حبر الأمة، عبد الله بن عباس بالطائف.
وذكر لى أن ثمن ذلك مائة مثقال.
وكان قد اشترى بالمدينة دارا تنسب لأبى مسلم، وذكر أنه أوصى بوقفها على رجلين، يقرأ أحدهما: شرح معانى الآثار للطحاوى، وكتاب العاقبة لعبد الحق الإشبيلى، والتذكرة للقرطبى، ورياض الصالحين، وسلاح المؤمن، وغير ذلك من الكتب التى سماها. والآخر: يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم كل يوم ألف مرة، ثم رجع عن هذه الوصية، ووقف هذه الدار على أقاربه، وأثبت ذلك على بعض الحكام من الحنفية بمكة وحكم بها، وأثبت الموقوف عليهما، وقف الدار عليهما، قبل رجوعه، فيما بلغنا.
وذكر أن ما صدر من تغرى برمش، لم يكن كما زعم وصية منه، وإنما نجز وقفيته.
وكان قليل المداراة للناس، كثير الحب للإقدام المؤلم ممن يعارضه، وإذا ظهر له أن فى فعل شيء مصلحة ما، فعل ذلك، وإن كان تركه أصلح، أو المصلحة أكثر فى فعل غير ما يراه، وهو السبب الأعظم فى إزالة الخلوة التى كانت إلى جنب زمزم فى المسجد الحرام، والزبازيب التى تحتها الأحجار التى عندها. وكان الناس يجلسون عليها، ويتوضون من هذه الزبازيب، لما قيل إن بعض الناس يستنجى هناك، وكان زوال ذلك فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة، بعد وجوده عشر سنين. وعوض عنه السبيل الموجود الآن.