الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الزبير بن بكار: صحب الحارث بن نوفل النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه واستعمله على بعض أعمال مكة، وانتقل إلى البصرة واختط بها دارا فى ولاية عبد الله بن عامر، قال: وذكر أن أبا بكر أو عمر استعمله على مكة، وولد له على عهد أبيه، وذكر أنه أكبر ولد أبيه، وأن أباه كان يكنى به. انتهى. وهذا الكلام هو الذى أشرنا إلى أنه يأتى ذكره.
وقد قيل فى وفاته غير ما سبق؛ لأن ابن الأثير قال: مات آخر خلافة عمر، وقيل: توفى فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنه، وهو ابن سبعين سنة. انتهى.
وأفاد الذهبى فى تاريخ وفاته ما لم يفده غيره؛ لأنه جزم بوفاته سنة خمس وثلاثين. كذا ذكره فى تاريخ الإسلام.
وممن قال بأنه توفى فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنه بالبصرة، أبو حاتم الرازى، وأبو حاتم بن حبان.
روى الحارث بن نوفل، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عائشة، وعنه ابنه عبد الله، وحفيده الحارث بن عبد الله، وأبو مجلز لا حق بن حميد.
948 ـ الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، أبو عبد الرحمن:
له صحبة ورواية. أسلم يوم فتح مكة على ما ذكر ابن سعد، وابن البرقى ومصعب
948 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1050، مغازى الواقدى 42، 58، 71، 96، 199، 203، 594، 784، 785، 820، 831، 895، 946، طبقات ابن سعد 1/ 155، 2/ 116، 5/ 3، 111، 6/ 3، 7/ 283، طبقات خليفة 299، المحبر 139، 176، 453، 473، 501، البرصان والعرجان 11، 12، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2385، المعارف 281، 342، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 445، الجرح والتعديل الترجمة 429، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 292، جمهرة ابن حزم 145، المستدرك للحاكم 3/ 277، الاستيعاب ترجمة 452، تلقيح فهوم أهل الأثير 178، معجم البلدان 1/ 137، 3/ 729، أسد الغابة ترجمة 979، تاريخ الإسلام للذهبى 2/ 86، سير أعلام النبلاء 4/ 419 ـ 421، العبر 1/ 22، الكاشف 1/ 198، تجريد أسماء الصحابة، الترجمة 1042، الوافى بالوفيات 11/ 249 ـ 251، البداية والنهاية 7/ 93، تهذيب ابن حجر 2/ 161 ـ 162، خلاصة الخزرجى الترجمة 1169، شذرات ابن العماد 1/ 30). وله أخبار كثيرة فى التواريخ المستوعبة لعصره ولا سيما كتب السيرة والمغازى وتواريخ الطبرى وابن الأثير وابن كثير والذهبى وغيرهم.
الزبيرى، وابن أخيه الزبير بن بكار. وقال محمد بن سعد: عن محمد بن عمر، يعنى الواقدى: حدثنى سليط بن مسلم عن عبد الله بن عكرمة، قال: لما كان يوم الفتح دخل الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبى ربيعة، على أم هانئ بنت أبى طالب، فاستجارا بها، وقالا: نحن فى جوارك، فأجارتهما، فذكر الحديث.
وقال: قال الحارث بن هشام: وجعلت أستحيى أن يرانى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر رؤيته إياى فى كل موطن مع المشركين. ثم أذكر برّه ورحمته وصلته. فألقاه وهو داخل إلى المسجد. فتلقانى بالبشر، ووقف حتى جئته وسلمت عليه. وشهدت شهادة الحق. فقال: الحمد لله الذى هداك، ما كان مثلك يجهل الإسلام. قال الحارث: فوالله ما رأيت مثل الإسلام جهل! .
قال محمد ابن عمر: وشهد الحارث بن هشام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل. قال: وقال أصحابنا: لم يزل الحارث بن هشام مقيما بمكة بعد أن أسلم، حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو غير مغموص عليه فى إسلامه. فلما جاء كتاب أبى بكر الصديق رضى الله عنه، يستنفر المسلمين إلى غزو الروم، قدم الحارث بن هشام وعكرمة بن أبى جهل، وسهيل بن عمرو، على أبى بكر الصديق رضى الله عنه المدينة، فأتاهم فى منازلهم، فرحب بهم وسلم عليهم، وسرّ بمكانهم، ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام. فشهد الحارث فحل وأجنادين. ومات بالشام فى طاعون عمواس. فتزوج عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابنته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وهى أخت عبد الرحمن بن الحارث، فكان عبد الرحمن يقول: ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وقال عبد الله بن المبارك، عن الأسود بن شيبان السدوسى، عن أبى نوفل بن أبى عقرب: خرج الحارث بن هشام من مكة للجهاد فجزع أهل مكة جزعا شديدا. فلم يبق أحد يطعم، إلا خرج يشيعه، حتى إذا كان بأعلى البطحاء، أو حيث شاء الله من ذلك، وقف ووقف الناس حوله يبكون.
فلما رأى جزع الناس، قال: أيها الناس، إنى والله ما خرجت رغبة بنفسى عن أنفسكم، ولا اختيار بلد عن بلدكم. ولكن كان هذا الأمر، فخرجت فيه رجال من قريش، والله ما كانوا من ذوى أسنانها ولا فى بيوتاتها، فأصبحنا والله لو أن جبال مكة ذهبا، فأنفقناها فى سبيل الله، ما أدركنا يوما من أيامهم، وايم الله لئن فاتونا به
فى الدنيا، لنلتمسن أن نشاركهم به فى الآخرة، فاتقى الله امرؤ. فتوجه غازيا إلى الشام واتبعه ثقله، فأصيب شهيدا.
وقال الزبير بن بكار: قال عمى مصعب: وخرج ـ يعنى الحارث بن هشام ـ فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأهله وماله من مكة إلى الشام، فتبعه أهل مكة يبكون عليه، فرق وبكى، ثم قال: أما لو كنا نستبدل دارا بدار وجارا بجار، ما أردنا بكم بدلا، ولكنها النقلة إلى الله عزوجل، فلم يزل حابسا نفسه ومن معه بالشام مجاهدا، ولم يبق من أهله وولده غير عبد الرحمن وأم حكيم بنت الحارث، حتى ختم الله له بخير.
وقال محمد بن سعد عن محمد بن عمر الواقدى: حدثنا يزيد بن فراس، عن سنان بن أبى سنان الدئلى، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقدم عليه سهيل بن عمرو والحارث بن هشام وعكرمة بن أبى جهل، فأرسل إلى كل واحد منهم بخمسة آلاف وفرس.
قال الواقدى: هذا أغلط الأحاديث، إنما قدموا على أبى بكر، وكان أول الناس ضرب خيمة فى عسكر أبى بكر بالجرف، عكرمة بن أبى جهل، وقتل بأجنادين فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، فكيف يكون فى خلافة عمر رضى الله عنه؟ هذا لا يعرف.
وأما سهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فقد شهدا أجنادين، الحارث بن هشام يحمل راية المسلمين يوم أجنادين، فكيف يكون مع عمر رضى الله عنه. ومات بالشام فى طاعون عمواس.
وقال محمد بن عبد الله الأنصارى، عن أبى يونس القشيرى: حدثنى حبيب بن أبى ثابت، أن الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبى جهل، وعياش بن أبى ربيعة، ارتثوا يوم اليرموك. فدعى الحارث بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمة، فقال الحارث: ادفعوا إلى عكرمة، فنظر إليه عياش بن أبى ربيعة، فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم، حتى ماتوا وما ذاقوه. رواه محمد بن سعد عن الأنصارى. وقال فى آخره: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فأنكره، وقال: هذا وهل، روايتنا عن أصحابنا جميعا من أهل العلم والسير، أن عكرمة بن أبى جهل، قتل يوم أجنادين شهيدا، فى خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، لا اختلاف بينهم فى ذلك. وأما
عياش بن أبى ربيعة، فمات بمكة. وأما الحارث بن هشام، فمات بالشام فى طاعون عمواس، سنة ثمانى عشرة. وهكذا ذكر غير واحد فى تاريخ وفاته. وقد روى أنه بقى إلى زمن عثمان رضى الله عنه.
روى يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شهاب، عن أبى بكر بن عبد الرحمن: أن الحارث بن هشام كاتب عبدا له فى كل أجل شيء مسمى. فلما فرغ من كتابته، أتاه العبد بماله كله، فأبى الحارث أن يأخذه وقال: لى شرطى، ثم إنه رفع ذلك إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه، فقال عثمان: هلمّ المال اجعله فى بيت المال، فتعطيه فى كل أجل ما يحل، وعتق العبد. قال يونس: هذا قول مالك وأهل المدينة.
وقال عبد الله بن المبارك عن حنظلة بن أبى سفيان: سمعت سالم بن عبد الله، قيل له: فيمن نزلت هذه الآية: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). فقال: كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم، يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فنزلت هذه الآية. كذا رواه حنظلة عن سالم مرسلا. ورواه عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: «اللهم العن الحارث، اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن صفوان بن أمية» (1) فنزلت: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)[آل عمران: 127]. فتاب عليهم، فأسلموا وحسن إسلامهم.
وقال الزبير: حدثنى مصعب بن عثمان، قال: حدثنى نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فجلسا عنده، وهو بينهما. فجعل المهاجرون الأولون يأتون عمر رضى الله عنه، فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، ينحّيهما عنهم، وجعل الأنصار يأتون عمر رضى الله عنه، فينحّيهما عنهم كذلك، حتى صاروا فى آخر الناس. فلما خرجا من عند عمر رضى الله
(1) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب تفسير القرآن حديث رقم (3004) من طريق: أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم الكوفى، حدثنا أحمد بن بشير، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد اللهم العن
…
فذكره
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه وقد رواه الزهرى عن سالم عن أبيه لم يعرفه محمد بن إسماعيل من حديث عمر بن حمزة وعرفه من حديث الزهرى.
عنه، قال الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: ألم تر ما صنع بنا؟ قال له سهيل: أيها الرجل، لا لوم عليه، ينبغى أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعى القوم فأسرعوا ودعينا فأبطأنا.
فلما قام الناس من عند عمر رضى الله عنه، أتياه فقالا: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت اليوم، وعلمنا أنا أتينا من أنفسنا، فهل من شيء نستدرك به؟ فقال لهما: لا أعلم إلا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها رحمهما الله تعالى. فترك الحارث بن هشام ابنه عبد الرحمن بن الحارث، وترك سهيل بن عمرو بنت ابنه فاخته بنت عنبة بن سهيل، فحملا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهما صغيران، فترحم على أبويهما وأجلسهما على فخذيه، وقال: زوّجوا الشريد الشريدة، عسى الله أن ينشر منهما، ففعلوا. وولى تزويجهما عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن مصعب بن عبد الله الزبيرى: كان مذكورا شريفا، أسلم يوم فتح مكة، يقولون إن أم هانئ بنت أبى طالب، استأمنت له فأمنه النبىصلى الله عليه وسلم.
وقال الزبير بين بكار: كان شريفا مذكورا، وله يقول كعب بن الأشرف اليهودى، وهو من طيئ من أهل الجبلين، وأمه من بنى النضير [من الكامل]:
نبئت أن الحارث بن هشامهم
…
فى الناس يبنى المكرمات ويجمع
ليزور يثرب بالجموع وإنما
…
يبنى على الحسب القديم الأرفع
قال: وشهد الحارث بن هشام بدرا مع المشركين، وكان فيمن انهزم يومئذ، فعيره حسان بن ثابت، فقال (2) [من الكامل]:
إن كنت كاذبة الذى حدثتنى
…
فنجوت منجا (3) الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم
…
ونجا برأس طمرة ولجام
فقال الحارث بن هشام يعتذر من فراره يومئذ (4)[من الكامل]:
القوم أعلم (5) ما تركت قتالهم
…
حتى رموا فرسى بأشقر مزبد
فعلمت أنى إن أقاتل واحدا
…
أقتل ولا يبكى (6) عدوى مشهدى
(2) انظر: ديوان حسان بن ثابت 346.
(3)
فى الديوان: منجى.
(4)
انظر: الاستيعاب ترجمة 452.
(5)
فى الاستيعاب: الله يعلم.
فصددت (7) عنهم والآحبة فيهم (8)
…
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
قال: ثم غزا أحدا مع المشركين، ولم يزل متمسكا بالشرك حتى أسلم يوم فتح مكة، استأمنت له أم هانئ بنت أبى طالب، وكان لجأ إلى منزلها واستجار بها، فتفلت عليه علىّ بن أبى طالب ليقتله، فقالت أم هانئ للنبى صلى الله عليه وسلم حين دخل منزلها ذلك اليوم: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن أمى، أجرت رجلا فأراد أن يقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت. وأمنه، ثم حسن إسلام الحارث بن هشام.
وذكر ابن عبد البر: أن الأصمعى زعم أنه لم يسمع بأحسن من اعتذار الحارث بن هشام، عند فراره يوم بدر بأبياته هذه. وذكرها ابن عبد البر وزاد فيها بيتا بعد الأول وهو (9):
ووجدت ريح الموت من تلقائهم
…
فى مارق (10) والخيل لم تتبدد
وأنشد صدر البيت الأول على غير ما سبق فى اللفظ؛ لأنه قال: الله يعلم ما تركت قتالهم، والباقى سواء. وكذا البيتان الأخيران إلا لفيظات؛ ففى اللفظ لا فى المعنى.
قال ابن عبد البر: وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، قال: وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، ذكر الحارث بن هشام وفعله فى الجاهلية فى قرى الضيف وإطعامه الطعام فقال: إن الحارث لسرى وإن كان أبوه لسريا، ولوددت أن الله تعالى هداه إلى الإسلام.
وقد روى عنه أبو نوفل بن أبى عقرب، واسم أبى عقرب معاوية بن مسلم الكنانى. وروى عنه ابنه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: وذكر الزهرى: أن عبد الرحمن ابن سعد المقعد، حدثه أن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أخبره عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، أخبرنى بأمر أعتصم به، فقال:«املك عليك هذا» ـ وأشار إلى لسانه ـ قال: فرأيت أن ذلك يسير. ومن رواة ابن شهاب لهذا الحديث عنه من يقول: قال عبد الرحمن: فرأيت أن ذلك شيء يسير، وكنت رجلا قليل الكلام، ولم أفطن به، فلما رمته فإذا لا شيء أشدّ منه.
(6) فى الاستيعاب: يكنى.
(7)
فى الاستيعاب: فصدفت.
(8)
فى الاستيعاب: دونهم
(9)
انظر الاستيعاب ترجمة 452.
(10)
فى الاستيعاب: مأزق.