المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌ مقدمة

- ‌الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌تعريف الإرشاد

- ‌علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى:

- ‌مراجع الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته

- ‌مدخل

- ‌خصائص المرشد

- ‌أولاً: العلم

- ‌ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية

- ‌ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد

- ‌مراجع الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية

- ‌تعريف العلاقة

- ‌أهمية العلاقة في الإرشاد:

- ‌خصائص العلاقة الإرشادية:

- ‌القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية:

- ‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة

- ‌مهارات الاتصال:

- ‌أولا: السلوك غير اللفظي:

- ‌ثانيًا: استجابات الإصفاء listening responses

- ‌الخلاصة:

- ‌مراجع الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية

- ‌المقابلة الأولى

- ‌مدخل

- ‌ موعد المقابلة:

- ‌ مكان المقابلة: "بيئة الإرشاد

- ‌مدة الجلسة:

- ‌التحضير للمقابلة:

- ‌أهداف المقابلة الأولى:

- ‌مراجع الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: تصوير المشكلة:

- ‌التشخيص

- ‌معنى المشكلة:

- ‌مفهوم التشخيص:

- ‌أولًا: التشخيص كتصنيف:

- ‌ثانيا: التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته

- ‌النماذج المستخدمة في عملية التشخيص أو تصوير المشكلات

- ‌النموذج الطبي: the medical model

- ‌نموذج سييى لتصوير المشكلة

- ‌ نموذج لازاروس لتصوير المشكلة "1976

- ‌ نموذج كورميير وكورميير لتصوير المشكلات "1985

- ‌ملاحق

- ‌ملحق رقم 1: المجموعات الشخيصة للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيف dsmiii

- ‌ملحق رقم "5" نموذج لدراسة تاريخ حالة:

- ‌مراجع الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: الاختبارات النفسية واستخدامها في مجال الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌الدور الذي تعلبه الاختبارات في مجال الإرشاد

- ‌اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد:

- ‌أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد:

- ‌تطبيق الاختبارات، والعوامل التي تؤثر فيه:

- ‌تفسير نتائج الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌العوامل التي تؤثر على درجة المسترشد "المفحوص" على اختبار:

- ‌علاقة التفسير بصدق الاختبار:

- ‌مصادر البيانات:

- ‌أساليب تفسير الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية

- ‌توصيل نتائج الاختبارات: "التقرير

- ‌بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد:

- ‌بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد

- ‌أختبارات الاستعدادات

- ‌اختبارات الشخصية:

- ‌مراجع الفصل السادس:

- ‌الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌تسجيل وترميز الملاحظة:

- ‌مزايا وعيوب الملاحظة:

- ‌مراجع الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌أهداف الإرشاد:

- ‌الأهداف العامة للإرشاد:

- ‌الأهداف الموجهة للمرشد:

- ‌اختيار وتحديد الأهداف

- ‌مدخل

- ‌مراجع الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: اختيار طريقة للأرشاد

- ‌توقيت طرق الإرشاد

- ‌محكات اختيار رق "استراتيجيات الإرشاد

- ‌مراجع الفصل التاسع

- ‌الفصل العاشر: طرق الارشاد

- ‌مدخل

- ‌أولًا: القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي

- ‌التعزيز "التدعيم" reinforcement

- ‌ثانيًا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي

- ‌مدخل

- ‌التخلص المنظم من الحساسية systematic desensitization

- ‌مدخل

- ‌وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية:

- ‌صور أخرى للتخلص المنظم من الحساسية:

- ‌التدريب على السلوك التوكيدي

- ‌مدخل

- ‌تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي:

- ‌فينات التدريب التوكيدي

- ‌رابعًا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية

- ‌مدخل

- ‌إعادة الاندماج:

- ‌قانون أولي للعلاقة بين الأشخاص:

- ‌خصائص عملية الإرشاد:

- ‌النتائج الخاصة بالشخصية والسلوك:

- ‌خامسا: الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية

- ‌العلاج العقلاني الانفعالي rational emotive therapy

- ‌سادسًا: الطرق الواقعية

- ‌ الإرشاد باستخدام القراءة:

- ‌الإرشاد باسختدام الأنشطة

- ‌ الإرشاد بإتاحة المعلومات للمسترشد:

- ‌ نموذج إسلامي لمعالجة الغضب:

- ‌مراجع الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌معنى التقويم

- ‌أهداف التقويم في الإرشاد:

- ‌إجراءات التقويم:

- ‌أولا: ماذا نقيس أبعاد الاستجابة:

- ‌ثانيا: كيف نقيس أساليب القياس

- ‌ثالثا: متى نقيس؟ وقت القياس

- ‌مراجع الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد

- ‌أهمية إنهاء العلاقة الإرشادية termination of counseling

- ‌مراجع الفصل الثاني عشر:

- ‌الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للأرشاد ethical standards

- ‌مدخل

- ‌أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد

- ‌العلم

- ‌ الخبرة:

- ‌ رعاية مصلحة المسترشد:

- ‌ سرية المعلومات:

- ‌ العلاقة الإرشادية:

- ‌ كرامة المهنة:

- ‌جوانب عامة:

- ‌مراجع الصل الثالث عشر

- ‌أولا: العربية

- ‌ثانيا: الأجنبية

- ‌الفصل الرابع عشر: التسجيل،النماذج، التقارير

- ‌أولًا: التسجيل

- ‌ثالثا: التقارير

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ سرية المعلومات:

4-

‌ سرية المعلومات:

تشتمل عملية الإرشاد على عمليات للحصول على المعلومات وتشغيلها والاستفادة منها. وهذه المعلومات تتعلق في جانب منها بالمسترشد، ويكون هو المصدر الأول لها حيث يحصل عليها المرشد باستخدام مجموعة من الأدوات في مقدمتها المقابلة والملاحظة، ثم الاختبارات والسجلات، ومن المتخصصين من خلال تقاريرهم. كما أن جانبا من المعلومات في الإرشاد يكون لدى المرشد حيث يقدم للمسترشد، وهذا الجانب يشتمل على معلومات يقدمها المرشد للمسترشد حول سلوك المسترشد وتفسير مشكلته، وحول استعداداته وميوله وقدراته وظروفه الراهنة، وبعض توقعاته المستقبلية، وكذلك معلومات عن المجتمع وعن الأعمال والفرص المتاحة أمامه، وعن بعض المصادر والمؤسسات التي يمكن أن تساعد المسترشد في مواجهة مشكلاته واتخاذ قراراته.

ولأن المرشد بحاجة إلى معلومات من المسترشد عن نفسه وعن ظروفه وبيئته وأسرته وعن ماضيه "أحيانا" وعن حاضره، ولأن بعضا من هذه المعلومات يتسم بدرجة كبيرة من الخصوصية؛ فإن المسترشد غالبا ما يلجأ إلى تغليف هذه المعلومات ولا يعطيها لأحد. إلا أنه في إطار علاقة إرشادية آمنة تحددها قواعد أخلاقية تشرح للمسترشد، فإنه يبوح بها للمرشد، ومن هنا تقتضي القواعد الأخلاقية لكل التخصصات التي تعمل مع الإنسان، والتي تقوم أساسا على الاستفادة من معلومات تتصل بحياته، بأن هذه المعلومات تتمتع بالسرية ولا يجوز للمتخصص وهو في حالتنا "المرشد" أن يبوح بها لأحد، أو ينقلها إلى هيئات أخرى إلا بإذن من المسترشد. إلا أنه تحقيقًا للمصلحة العامة ومصلحة الفرد، فإن المبادئ المتعارف عليها في الإرشاد تنص على أنه يستثنى من مبدأ السرية الحالات التي يتحقق فيها المرشد أن المسترشد قد يلحق الضرر بنفسه "كأن يكون عازما على الانتحار، أو لديه نوايا لذلك" أو يلحق الضرر بغيره سواء كان فردا آخر، أو أفرادا، أو المجتمع.

وتعني سرية المعلومات أن يتخذ المرشد كافة الإجراءات التي تكفل صون المعلومات التي تخص المسترشد. فبالنسبة للمعلومات الموثقة سواء التي سجلها المرشد أثناء الجلسات الإرشادية، أو تلك التي حصل عليها في صورة اختبارات نفسية أو سجلات أو وثائق رسمية أو غيرها يكون من الواجب على المرشد أن يوفر طريقة لحفظها تكفل عدم وقوعها في أيدي الآخرين ممن لا يقدّرون مسئولية سرية المعلومات. وبالنسبة للمعلومات الرسمية منها مثل نتائج الاختبارات، فإن المرشد لا يتبادلها مع غيره إلا بإذن من المسترشد نفسه، وفي حدود ما يفيد التخصصات الأخرى التي تعمل لمصلحة الطالب، كأن يعطي الخطوط العريضة الخاصة بقدرات الطالب للمدرس، أو يوضح بعض الجوانب المتصلة بتشكياته البدنية للطبيب. أما المعلومات التي يدلى بها المسترشد في إطار الجلسات الإرشادية وفي إطار ما يعلمه عن سرية المعلومات، فإن المرشد لا يعطيها لأحد إلا في حالة توقع وجود خطر بالنسبة للمسترشد أو لآخرين، وهو في هذه الحالة يعطي المعلومات المتصلة بهذا الجانب "جانب الخطر أو الضرر" فقط.

وإذا كان المرشد ممن يقع عليهم دور تعليمي تجاه غيرهم ممن يتدربون على الإرشاد أو يتلقون دراسات عنه، فإن المرشد قد يحتاج لأمثلة من واقع عمله. وفي هذه الحالة، فإنه إذا استخدم أمثلة من الحالات التي عمل أو يعمل معها، فعليه أن يتأكد من إخفاء المعالم

ص: 517

الأساسية للحالة التي يعرضها، وفي مقدمة ذلك الاسم والسن والكلية أو المدرسة وغيرها مما يمكن أن يدل من قريب، أو بعيد على شخصية المثال الذي عرضه.

إن قاعدة السرية من القواعد الهامة التي تعتبر موضوع عديد من القضايا التي تُقَام ضد المرشدين سواء لاختراقها، أو لعدم الاستفادة من الحدود الموضوعة عليها.

وقبل أن نختم هذا الجانب نورد هذه القضية التي شهدها المجتمع الأمريكي منذ حوالي عشر سنوات والتي عرفت بقضية تاراسونا. وتتلخص وقائع هذه القضية في أن أحد الطلاب في جامعة كاليفورنيا كان يتردد على أحد الأطباء النفسيين بعيادة الجامعة، وفي أثناء الجلسات العلاجية صرح هذا الطالب أنه ينوي قتل زميلة له، وقد قام الطبيب نتيجة لذلك بإبلاغ الشرطة والتي بدورها أحضرت الطالب وأخذت عليه تعهدا بعدم التعرض للفتاة. ورغم ذلك فقد نفّذ الطالب جريمته وقتل هذه الطالبة.

ثم إن أهل الطالبة قاموا بمقاضاة الطبيب حيث نظرت المحكمة العليا هذه القضية، وأدانت الطبيب في مسئوليته عن عدم اتخاذ الإجراءات التي تفرضها عليه المبادئ الأخلاقية من ضرورة إبلاغ من يهمه الأمر عندما يلوح له أن خطرا يهدد المسترشد أو غيره، وقالت المحكمة: إنه على الرغم من أن جهاز الشرطة جهاز هام في المجتمع إلا أنه ليس مسئولا بشكل مباشر عن حماية كل فرد، وأنه كان من الواجب على هذا الطبيب أن يبلغ الطالبة نفسها "التي يتهددها الخطر" وكذلك أسرتها لإمكان اتخاذ الاحتياطات الوقائية.

ومن الغريب حقا أن تطالعنا الصحف العربية في أخبارها عن الجرائم أن طالبا يقتل أبويه بمسدسه ثم يصرح الطبيب الذي كان يعالجه نفسيا بأنه كان يتوقع ذلك حيث كان يكرر أمامه بعض الأفكار الهذائية. ومع أن الطبيب كان على صلة بوالد الجاني "وهو أستاذ أيضا بكلية الطب" فإنه لم يحذره من احتمال وقوع مثل هذا الحادث، مع أن الجاني والذي شخصت حالته على أنها فصام بارانويدي كان من المتوقع أن يأتي بهذا العمل أو ما يماثله

وقد تكررت مثل هذه الحالة مرة أخرى في مدينة الإسكندرية حيث أطلق شاب النار على والديه فأرداهما قتيلين، واتضح أنه كان يعالج من حالة اكتئابية. كذلك فقد قام

ص: 518

أحد الطلاب بقتل زميلة له داخل مبنى الجامعة ثم خرجت الصحف بتصريح للطبيب النفسي الذي كان يعالج لديه الطالب الجاني يقول فيه: إن الطالب قد أخبره بأنه ينوي الإقدام على هذا العمل.

ومن الملاحظ أنه في كل مرة يقرر فيها هؤلاء الأطباء أنهم كانوا يعالجون هؤلاء الجناة، فإن محاميي هؤلاء الجناة يستفيدون من شهادة وتقارير هؤلاء الأطباء ليصلوا إلى إعفاء الجاني من المسئولية وتنتهي كل قضية إلى إيداع الجاني في مصحّة للأمراض النفسية. والسؤال الذي نطرحه هنا هو: إذا كانت مسئولية مثل هذه الجريمة تسقط عن الجاني لوجود "اختلال في قواه العقلية" فمن يتحمل المسئولية إذن؟ لا شك أن الطبيب أو المعالج النفسي متخصص في هذا المجال، ويدرك من التشخيص أن هناك مآلا للمرض يجب عليه أن يتوقعه وأن يحسب حسابه، فالشخص الذي لديه حالة اكتئاب شديدة تكون لديه ميول انتحارية، وفي نفس الوقت تدفعه تشاؤماته إلى قتل آخرين من ذوي الصلة القريبة به كالوالدين أو الأبناء أو الزوجة أو الزوج تحت إطار الخوف عليهم من مستقبل مظلم. وبعض الحالات المرضية الأخرى مثل حالات الفصام البارانويدي التي توجد فيها هذاءات "ضلالات في التفكير" مع الهلاوس السمعية أو البصرية، فإن احتمالات القتل كبيرة، وفي هذه الحالة قد يكون القتل موجها إلى أشخاص قريبين في أسرة المريض أو بعيدين عنه، ولكنهم ذوو صلة بالهذاءات التي لديه، مثلا رؤساؤه في العمل. فإذا كان الطبيب أو المعالج أو المرشد يدركون مآل هذه الأمراض من واقع تدريبهم وخبرتهم، ألا يكون من الضروري أن يتخذوا الإجراءات المناسبة لتنبيه من يتوقع أن يقع عليهم الخطر، وقبل ذلك وأهم منه أنهم -نتيجة لتقدير هذا الخطر- يمكن أن يطلبوا إيداع المريض أحد المستشفيات النفسية؟

والمرشد يحتاج دائما أن يكون مطلعا على الأنظمة والقوانين التي تطبق في المجتمع الذي يعمل فيه، وأن يدرك مسئوليته تجاه المسترشد وتجاه المجتمع في إطار هذه القوانين، وأن عليه واجبا في رعاية مصلحة المسترشد، كما أن عليه التزاما أيضا في دفع الضرر عن الآخرين وعن المجتمع بوجه عام.

ص: 519

وقد ناقشت لجنة الأخلاقيات المنبثقة عن الجمعية الأمريكية لعلماء النفس American Psychological Association والتي يحكم عمل أعضائها قواعد أخلاقية محددة، ناقشت هذه اللجنة إحدى القضايا التي وقف فيها أحد المرشدين لمحاكمته في قضية تتلخص في أن فتاة صغيرة كانت تتردد عليه بصحبة والدتها للإرشاد في بعض المشكلات الانفعالية، وقد علم المرشد أن هذه الفتاة تتعرض لاعتداءات من زوج أمها "مما يحرمه الدين" وعندما واجه المرشد الأم بذلك استعطفته ألا يطور القضية حيث إن زوجها هو مصدر دخلهما ومعيشتهما، واستجاب المرشد لذلك، إلا أن الفتاة وهي تلميذة بإحدى المدارس المتوسطة بدأت في التعامل مع مرشدة طلابية في المدرسة، وأخبرتها أيضا بما أخبرت به المرشد من قبل. ولأن المجتمع الأمريكي كان قد شهد في السنوات الأخيرة موجة من حالات الاتصال غير المشروع يقع فيها اعتداء على أطفال تربطهم بالمعتدين عليهم رابطة تحريم، فقد أصدرت الحكومة الأمريكية قانونا يلزم بالإبلاغ عن هذه الحالات لاتخاذ ما يلزم لحماية الطفل المعتدى عليه؛ لهذا فلم تتردد هذه المرشدة وقامت بإبلاغ جهة الاختصاص كما أبلغت الجمعية الأمريكية لعلماء النفس والتي ترخص للمشتغلين في مهن الإرشاد والعلاج النفسي بالعمل الإرشادي أو العلاجي، أبلغت هذه المرشدة عن زميلها في المهنة لمخالفته النظام. وهي بالطبع هنا قد استخدمت مبدأين من مبادئ الأخلاق التي تحكم عمل المرشدين، أحدهما يتصل بالسرية والتي يجب عدم الالتزام بها إذا توقع المرشد وقوع خطر على المسترشد أو على آخرين، والثاني يتصل بحماية المهنة من الداخل وواجبات الأعضاء عندما يعلمون بمخالفات يرتكبها زميل أو زملاء في المهنة مما يؤدي إلى إضرار بالمهنة، كذلك فإنها استخدمت مبدأ العمل لمصلحة المسترشد بسعيها لحماية الطفلة. وقد أثبتت لجنة الأخلاقيات أن هذا المرشد مدان؛ إذ يعلم بوجود نظام "قانون" لحماية الأطفال يوجب عليه أن يخطر جهات الاختصاص، وأنه قد تحقق من وجود ضرر يقع على هذه الطفلة ومع ذلك فقد تغاضى عن ذلك.

وقد نجد من بين المرشدين أو المعالجين من يأخذ المعلومات التي توضع بين يديه في جلسات الإرشاد على أنها حكايات يتسلى بها في مجالسه، كما أن هناك آخرين يدفعهم فضولهم إلى متابعة هذه المعلومات أو استكمال فصولها أو التحقّق من صحتها بالنسبة

ص: 520

لأطراف يَرِد ذكرهم في كلام المرشد. وهذه كلها إجراءات لا تناسب المبادئ الأخلاقية للإرشاد، ويجب على المرشد الذي يجد في نفسه الرغبة في التحدث عن عمله وعمن ترددوا عليه وعن مشكلات الآخرين وظروفهم أن يبحث جديا في عدم استمراره في هذا العمل، ذلك أنه يفتقد صفة هامة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها، وهو يتخلى أيضا عن سلوك ومهارة، وعن قاعدة أخلاقية، وقد يرتب ذلك ضررا بالغا للمسترشد ولغيره، ولن يسلم المرشد نفسه من أن يقع عليه ضرر نتيجة لهذا الخوض.

ويمكن تلخيص القواعد الأخلاقية المتصلة بالسرية على النحو التالي:

يلتزم المرشد باحترام سرية المعلومات التي يحصل عليها من خلال عمله الإرشادي من المسترشدين، وهو لا يعطى أيا من هذه المعلومات إلا بإذن كتابي من المسترشد فيما عدا تلك الحالات التي يترتب على عدم إعطاء المعلومات فيها خطر واضح للمسترشد أو لآخرين. ويمكن للمرشدين أن يعلموا مسترشديهم بحدود السرية عندما يكون ذلك مناسبا:

أ- المعلومات التي يحصل عليها المرشد في إطار العلاقة الإرشادية، أو البيانات التقويمية التي يحصل عليها باستخدام الاختبارات النفسية مع الأطفال أو الطلاب أو غيرهم، يجري مناقشتها للأغراض المهنية فقط مع الأشخاص الذين لهم علاقة بالحالة "مثلا: المدرسون والأطباء". ويجب أن تشتمل التقارير المكتوبة على البيانات المتصلة بأغراض التقويم فقط، وأن يتحاشى المرشد أي تعد غير مناسب على خصوصية المسترشد.

على سبيل المثال، الطالب الذي يحصل على درجة منخفضة على مقياس للذكاء، يمكن أن يوصل المرشد للمدرس هذه المعلومة في صورة مناسبة لما يتوقع منه من جهد يساعد في الإرشاد، مثلا: هذا الطالب يحتاج لجهد خاص ليصل تحصيله إلى المستوى المناسب.

ب- المرشدون الذين يعرضون معلومات شخصية، تم الحصول عليها أثناء العمل الإرشادي في محاضراتهم أو كتاباتهم أو غيرها عليهم أن يحصلوا على إذن كتابي مسبق قبل هذا العرض، أو يكون عليهم أن يخفوا كل المعلومات المعرفة للشخص والتي تحدد هويته بشكل أو بآخر.

جـ- يتخذ المرشد كافة الاحتياطات لضمان سلامة المعلومات التي يحصل عليها في الإرشاد من أن تصل إلى الآخرين، ومن بين هذه الاحتياطات وجود الأماكن المناسبة للحفظ وعدم إتاحة هذه المعلومات لاطلاع الغير.

د- عندما تدل ظروف المسترشد على أن هناك خطرا واضحا ووشيك الحدوث للمسترشد أو لغيره، فإن المرشد عليه أن يعلم السلطات المسئولة، وعلى المرشد في هذه الحالة أن يستشير زملاءه، ويحسن دائما وكلما أمكن حماية مصلحة المسترشد.

ص: 521