الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي:
يمكن القول بأن جوزيف وولبيه Wolpe هو المؤسس الأول لطريقة التدريب على السلوك التوكيدي، وإن كانت الأسس العامة لهذا التدريب قد أوردها أندرو سالتر Salter ضمن كتاباته عن العلاج بالفعل المنعكس "1948" أي: قبل بدء المرحلة النشطة للعلاج السلوكي التي بدأت مع كتابات وولبيه عن طريقة الكف بالنقيض "1958" بعشر سنوات.
وتشتمل الطريقة التي وصفها سالتر على ستة أنواع رئيسية من التدريبات، هي:
1-
التحدث عن المشاعر:
ويشتمل هذا النوع من التدريبات على التعبير لفظيا عن أي شعور لدى الفرد مثلا يقول:
"أنا أقدر هذا الشخص، وكذلك أحترم كل عمل يعمل من أجله".
"لم يكن ذلك تصرفا ذكيا مني".
"أفضل أن أشرب الشاي".
2-
استخدام تعبيرات الوجه:
وتشتمل هذه التدريبات على ممارسة التعبير بالوجه بما يتلاءم مع الانفعالات التي يعايشها الفرد مثل الفرح والخوف والحزن والضيق والغضب.
3-
التعبير عن الرأي الشخصي في حالة مخالفته للرأي المطروح:
وفيه يمارس الشخص تعبيره عن رأيه الشخصي حين يكون لديه رأي يختلف عن الرأي المطروح من الآخرين.
4-
استخدام ضمير المتكلم بدلا من ضمير الغائب:
ويشتمل هذا الجانب على التدريب على التعبير عن الذات، ونسبة الأحداث والخبرات لها بدلا من نسبتها إلى ضمير الغائب أو المبني للمجهول.
"لقد قمت بمقابلة ناجحة" بدلا من "لقد كانت مقابلة ناجحة".
"كانت أسئلتي هامة" بدلا من "لقد كانت الأسئلة هامة".
5-
التعبير عن الموافقة عندما يكون هناك اقتناع أو فائدة أو رضا:
وفي هذه الحالات، فإنه لا بأس بأن يعبر الفرد عن أنه يوافق على ما عبر عنه، أو ذكره آخرون مثلا يقول:
"وأنا أيضا أؤيد هذا الاتجاه".
"وأنا أوافق على ما قاله زميلنا فلان
…
".
"وأنا أشارككم الرأي في أن الاجتماع هام
…
".
"وأنا أيضا أحب هذا الطراز من السيارات".
6-
ممارسة الارتجال في الحديث:
ويقصد به أن يتدرب الفرد على الكلام الحر في صورة مرتجلة، ودون اللجوء بكثرة إلى الكلمات المعدة مسبقا أو الموجهة عن طريق الكتابة.
وفي الوقت الذي ظهر فيه كتاب سالتر "1948" كان وولبيه يستخدم هو أيضا أسلوب التدريب التوكيدي، فوجد في كتاب سالتر تشجيعا على الاستمرار في استخدام هذه الطريقة في العلاج، إلا أنه رغم الاتفاق على استخدام هذه الطريقة، فقد كانت هناك اختلافات في وجهات النظر بين الاثنين. فعلى حين كان سالتر يرى أن التدريب التوكيدي "التدريب على الاستثارة" من الممكن استخدامه مع كل الحالات، وأن السلوك التوكيدي يمكن أن يعمم إلى مواقف كثيرة، فإن وولبيه كان على العكس من ذلك يرى أنه ليس من الضروري أن نستخدم التدريب التوكيدي مع كل مسترشد أو مريض، وكذلك
ليس من الضروري أن يعمم المسترشد هذا السلوك إلى مواقف أخرى. وعلى سبيل المثال فقد لا يجد المسترشد صعوبة في أن يعبر عن تبرّمه من سلوك أحد زملائه، ومع ذلك فإنه قد لا يستطيع أن يعبر عن ذلك إزاء رئيسه في العمل.
ومن بين الباحثين الذين ساهموا بشكل مباشر، أو غير مباشر في تطوير فنيات التدريب التوكيدي مورينو "1946، 1955" Moreno الذي ذاعت شهرته كمؤسس لطريقة السيكودراما Psychodrama في العلاج النفسي، والتي تقوم على تمثيل درامي للاتجاهات والصراعات التي يمثلها المرضى من واقع الحياة، وترتكز هذه الطريقة بشكل كبير على التلقائية والارتجال. وتعتبر السيكودراما كطريقة لتمثيل الأدوار Role Playing شبيهة بإحدى الفنيات التي يستخدمها وولبيه بشكل أساسي في طريقته للتدريب التوكيدي، وتعرف هذه الفنية بالاسترجاع المتكرر للسلوك أو تكرار السلوك Rehearsal، غير أن هناك نقاط اختلاف بين الطريقتين منها أن السيكودراما تجعل ضمن أهدافها التنفيس والاستبصار، وهي جوانب لا يهتم بها المعالجون السلوكيون بشكل أساسي. ومن الأساليب العلاجية التي تتصل بشكل غير مباشر بطريقة التدريب التوكيدي تلك الطريقة التي استخدمها كيلي "1955" Kelly والتي تعرف بطريقة الدور الثابت Fixed Role وهي مزيج بين علم النفس السلوكي وعلم النفس المعرفي، وتشتمل على استخلاص صورة لفرد خرافي متحرر من القلق ومن المشكلات السلوكية التي تسبب اضطرابا للمسترشد، ثم إرشاد المسترشد إلى تمثيل هذا الدور. وهذه الطريقة التي اقترحها كيلي تشبه أسلوب الاسترجاع المتكرر للسلوك "تكرار السلوك"، الذي اقترحه وولبيه في التدريب التوكيدي. كذلك فإن إلبرت أيليس Ellis صاحب نظرية العلاج العقلاني الانفعالي يستخدم في علاجاته تدريبات تتشابه مع التدريب التوكيدي.
إن الملاحظات المتكررة للمؤلف، وكذلك نتائج البحوث تشير إلى أن نقص السلوك التوكيدي يصاحبه انخفاض في تقدير الفرد لذاته Self-esteem، ويرتبط كذلك بالخجل "ارتباطا عكسيا"، فكلما زاد السلوك التوكيدي نقص الخجل لدى الفرد. وكذلك فإن السلوك التوكيدي يزداد لدى الأفراد ذوي الضبط الداخلي عنه لدى الأفراد ذوي الضبط الخارجي "بداري والشناوي 1987، الدماطي 1993".
وتوجد في الوقت الحاضر مجموعة من المقاييس التي تساعد المرشد والمعالج على التعرف على مستوى السلوك التوكيدي لدى الفرد مما يساعد على التعرف على هذه المشكلة في بدء العمل الإرشادي. ومن بين هذه المقاييس المقياس الذي طوّره جالاس وباشتين "1974"، والمقياس الذي طوّره جامبريك وريكي "1971".
وكذلك المقياس الذي أعدّته راثوس "1973" Rathus، وقد نُقل إلى العربية واستُخدم في عدد من البحوث "بداري والشناوي 1987".
ويمكن للمرشد أن يستفيد من العبارات المستخدمة في هذه المقاييس في عمله الإرشادي في تصوير المشكلة. وفي الغالب، فإن المشكلات التي يعرضها المسترشدون والتي تدل على نقص في السلوك التوكيدي ترتبط بالخوف أو القلق الاجتماعي والخجل والقلق بصفة عامة، والشكوى من اضطرابات الكلام، وكذلك في بعض حالات الاكتئاب.