الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصادر البيانات:
لا يقف عمل المرشد على تفسير البيانات التي يحصل عليها من الاختبارات، وإنما يمتد تفسيره ليشمل مجموعة أخرى من المصادر، وعلى سبيل المثال، فإن البحوث قد أظهرت أن هناك علاقة بين انحراف الشباب وبين تماسك، أو عدم تماسمك الأسر التي جاءوا منها، وبذلك تصبح دراسة أسرة الفرد المعرض للانحراف مصدرا للبيانات التي يمكن استخدامها في توقع الانحراف.
وبصفة عامة فإن البيانات التي يقوم دليل على وجود علاقة بينها، وبين ما تحاول تفسيره يجب أن تؤخذ الاعتبارات في عملية التفسير، ويجب أن نتحقق من صدق البيانات التي لا نحصل عليها من الاختبارات بنفس الطريقة التي نتحقق بها من صدق البيانات التي نحصل عليها من الاختبارات.
أساليب تفسير الاختبارات
مدخل
…
أساليب تفسير الاختبارات:
هناك أسلوبان أو طريقتان تتبعان عادة في تفسير درجات الاختبارات، أولاهما تعتمد على الأرقام والمتوسطات، والانحرافات المعيارية، ومعادلات الانحدار وغيرها، وهي تتعامل بشكل أساسي مع الأرقام، والقوانين التي تحكم العلاقات، وتعتمد على الموضوعية أما ثانيتهما فهي تعتمد على الحس الشخصي، وعلى الحدس الذي يقوم به المختص سواء كان مرشدا، أو معالجا نفسيا، وتعرف الطريقة الأولى بالطريقة الإحصائية، أو الاكتوارية للحكم Statistical or Actuarial، وأما الثانية فتعرف بالطريقة الإكلينيكية Clinical، وفي رأي جولدمان أن هذه الطرق تمثل جسورا بين البيانات التي يحصل عليها المرشد، والتفسيرات التي يصل إليها، ومن هنا تسمى الطريقة الأولى: الجسر الإحصائي Statistical Bredge والثانية الجسر الكلينيكي: Clinical Bridge، وهناك مدافعون عن كل جسر "طريقة" من هذه الجسور، ومن أشهر من ناقش هاتين الطريقتين، أو هذين الجسرين ميهل "1954" Meehl في كتابه الذي صدر بعنوان "التوقع الإكلينيكي مقابل التوقع الإحصائي Clinical vs Statistical Prediction"، وسوف نناقش هاتين الطريقتين، ثم نعقد مقارنة بينهما، "شكل 10، وشكل 11".
أولًا: الطريقة الإحصائية، أو الجسر الإحصائي Statistical Bridge
وتعني هذه الطريقة بالمعالجة الآلية Mechanical للبيانات، حيث يتم التعامل مع البيانات بشكل موضوعي دون الغوص فيها بشكل شخصي من جانب المرشد، والجسور الإحصائية أو الطرق الإحصائية للتفسير هي تلك الطرق ذات الطبيعة الكمية الإمبيريقية التي تربط بين درجة الاختبار، أو مجموعة من الدرجات من ناحية، مع خاصة أو مجموعة من السلوكيات البشرية من جهة أخرى -على النحو المبين في شكل 11، والطريقة الإحصائية أو الجسر الإحصائي، تختلف في مستوى تعقيدها، وسوف نتناولها بحسب التدرج في مستوى الصعوبة "التعقيد".
وتعتبر الجسور الإحصائية المصدر المباشر للمعادلات، وجداول التوقع، وغيرها من الأساليب المستخدمة في إجراء التفسيرات الميكانيكية "الآلية"، كما أنها تسهم بشكل ما في التفسيرات غير الآلية، والتي تعتمد بشكل ما على معرفة المرشد بيانات إحصائية مثل جداول المعايير ومعاملات الصدق، والفرق بين الطرق الميكانيكية أو الآلية، والطرق غير الميكانيكية، هو أن الأولى يكون الاستخدام المطلق للقوائم والمعادلات، وغيرها من الوسائل المستخدمة في الجسور الإحصائية، أما الطرق غير الميكانيكية "غير الآلية"، فهي تستفيد بالإضافة إلى ذلك من المعلومات غير الكمية التي تتوافر لدى المرشد، وكذلك من عملية بناء النموذج التي سيأتي الحديث عنها عند التحدث عن الطرق غير الآلية "الإكلينيكية".
أ- جسر المعايير: The Norm Bridge:
وفي هذه الطريقة يكون هناك مقارنة مباشرة بين الدرجة الخام التي يحصل عليها الفرد، "أو درجة محولة أو معيارية" مع جدول للمعايير".
مثال: حصل أحمد على درجة في مقياس الميل البحثي في قائمة هولاند للتفضيل المهني تقع في المدى المتوسط.
"ب" تحليل الصحائف النفسية:
في هذه الحالة تقارن درجات الفرد على اختبارين، أو أكثر "أو على جزءين من الاختبار" مع مجموعة معايير.
جـ- جسر التمييز: The Discriminant Bridge
وتسمح هذه الطريقة بمقارنة الفرد مع مجموعتين، أو أكثر في الوقت نفسه، وتستفيد هذه الطريقة من معادلة التمييز، اختبارات دلالة الفروق بين المجموعات مثل النسبة الحرجة Critical Ratio، ومربع كاي Chi Square، وتحليل التباين، وتشتمل هذه الطرق بصفة عامة على تطبيق الاختبارات على مجموعتين مختلفتين، أو أكثر من مجموعتين "مثلا من تخصصات مهنية مختلفة، أو تخصصات جامعية مختلفة"، ثم حاسب درجة باستخدام أحد مقاييس النزعة المركزية "الوسط -الوسيط- المنوال" لكل مجموعة من المجموعات، وذلك على الاختبار، أو الاختبار الفرعي، ثم تقارن هذه الدرجات مع بعضها البعض لتحديد ما إذا كانت الفروق بين المجموعات التي تدرسها ذات دلالة إحصائية، ويعقب ذلك في بعض الأساليب أن تشتق معادلة يمكن أن نعوض فيها بدرجة شخص واحد، فينتج لدينا رقم يدل على مدى تشابه درجات هذا الشخص مع الدرجات الخاصة بالمجموعة المرجعية.
جسر الانحدار: The Regression Bridge:
في هذه الطريقة تستخرج معادلات انحدار تمثل العلاقة بين محك "الخاصة أو السلوك الذي نتوقع له"، ومتغير أو متغيرات يعتقد الباحث أن لها علاقة بهذا المحك، ويستخدم لذلك الانحدار البسيط، والانحدار المتعدد.
على سبيل المثال قد نحصل على معادلة مثل:
ص= 57 وس1 + 1.12 س2-66
حيث ص هي المعدل التراكمي المتوقع.
س1 هي نسبة الذكاء.
س2 عدد ساعات الدراسة.
66 ثابت "يمثل نقطة -تقاطع خط الانحدار مع المحور الصادي".
وفي بعض الأحيان تحسب جداول تعرف بجداول الخبرة المتعددة Multiple experiencetable كذلك الجدول الذي حسبه لين "1950" Lin في دراسته التي أجراها في جامعة وسكنسون حيث يدخل الباحث درجة الطالب في اختبار ACE "اختبار المجلس الأمريكي"، وتقديره في المدرسة الثانوية ليحصل من الجدول على توقع لتقديره في الجامعة، والدرجات التي يدخلها الباحث سواء بالنسبة لاختباره المجلس الأمريكي ACE، أو تقدير الطالب في الدراسة الثانوية تكون في صورة مئينات Percentiles.
ثانيا: الطريقة الإكلينيكية، أو الجسر الإكلينيكي The Clinical Bridge
"لا زلنا في هذه الطريقة نحاول أن نعبر بين نقطتين، وهاتان النقطتان تبقيان كما هما في الجسر الإحصائي -فعند أحد الطرفين توجد البيانات الخاصة بمسترشد "من الاختبارات، أو سجلات المدرسة أو المقابلات"، وعند الطرف الثاني توجد
المواقف، أو الأنشطة التي يأخذها الفرد في اعتباره للالتحاق بها، أو الانضمام إليها "برنامج كلية، مهنة، زواج، علاج نفسي"، والنموذج الأساسي هو نفسه: فنحن نقف عند طرفي نهر ومعنا المسترشد، نحاول أن نساعده على استكشاف الطرف الآخر "الشاطئ الثاني" للنهر بحيث يمكنه أن يقرر: أي من المجتمعات في الشاطئ الثاني يمكنه أن يعيش فيه، ويكون السؤال الذي نطرحه: أي الجسور يناسب حاجتنا بشكل أفضل؟
ولكن في الواقع أن الموقف يكون أكثر تعقيدًا حيث لا يقودنا أي جسر إلى الأماكن التي نأخذها في الاعتبار، وإنما فقط إلى نقاط يمكن أن نرى منها هذه الأماكن بل، وفي
بعض الأوقات لا تكون الرؤية واضحة تمامًا، وأكثر من ذلك أنه في الشاطئ المقابل لا يمكن للمرء أن يميز بشكل جيد بين الجسور، بحيث إنه في كل مرة يكون المرء قد رأى المنظر من النهاية البعيدة للجسر الإحصائي أو الإكلينيكي، وأن عليه أن يعود إلى هذا الجانب من النهر، ولكي يرى منظرا آخر من الريف، فإن عليه أن يعبر جسرا آخر، ويمكن للمرشدين أن يساعدوا مسترشديهم لتحديد الجسور، لكي يقوموا برحلات العبور، ولكي يحاولوا أن يروا مناظر مختلفة من الجانب الآخر، للوظائف، للكليات أو لأي جانب، وفيما بعد فإن على المسترشد أن يقوم برحلاته على مسئوليته الخاصة، بدون توجيه من المرشد، ولكن في تلك الحالة يكون قد عرف كيف يدخل إلى المجتمع، "انظر شكل 11"، ولما كانت عملية العبور وحدها هي التي تفرق بين الطريقتين الأساسيتين "الإحصائية والإكلينيكية"، فإن القائم بالتفسير يحتاج إلى المهارات الأساسية نفسها لكلا الجانبين.
ففي جانب منها عليه أن يعرف اختباراته "والمصادر الأخرى للبيانات"، وطبيعتها وخصائصها والمعايير، واستخداماتها، ومع العبور إلى الشاطئ الثاني يجب عليه أن يعرف جانبا كبيرًا عن الأرض هناك، والأنشطة، وأساليب المعيشة، وكما سنرى فيما بعد فإن الطرق الإكلينيكية تتطلب من المرشد مزيدا من المهارات عما تتطلبه الطرق الإحصائية "جولدمان 1971، ص196 Goldman"، بهذا التصوير بدأ جولدمان حديثه عن الطريقة الإكلينيكية، أو الجسر الإكلينيكي لتفسير الاختبارات.
خطوات التفسير الإكلينيكي:
تشتمل الطريقة الإكلينيكية على سلسلة من الاستنتاجات الاستنباطية، والاستدلالية التي تزداد تعقيدا مع التقدم في التفسير "انظر شكل 14"، وكما هو واضح في الشكل، فإن العملية تبدو منطقية ومثالية، ولكن الواقع ليس بهذه المنطقية ولا بهذه المثالية، وإنما يمثل كما يقول جولدمان "1971، ص196" نشاطا عقليا أقل منطقية وتنظيما، وأكثر اعتمادا على الحدس والاختلاف، مع قفزات متكررة إلى الإمام، وإلى الخلف بين المراحل".
وتبنى عملية التفسير الإكلينيكي على بناء نموذج تصويري للشخص، أو كما يسميه البعض، شخص افتراضي Hypothetical Person، أو تكوين فرضي إكلينيكي Clinical consruct، أو تصوير للشخص Conception of a person أو صورة للمسترشد Picture of conunslee، أو نظرية شخصية Personal theory، وهذا النموذج الذي يشبه واقع الحياة بقدر الإمكان نقارنه مع المواقف المختلفة، أو الأنشطة التي على الشاطئ الثاني "الوظائف، الكليات، إلخ" وتصاغ الأحكام حول كيفية احتمال أن يتفاعل الاثنان معا "الشخص والموقف".
وينبى النموذج من خلال سلسلة من الخطوات تبدأ باستدلالات استقرائية من بيانات الفرد، ثم مقارنة الاستدلالات مع بعضها البعض مع الإبقاء على المتوافق منها ورفض، أو تعديل الأخرى لوجود تعارضات بها، ثم اختبار كل استدلال مع بيانات جديدة، ومن ثم التحرك إلى الخطوة التالية لإعداد فروض تجمع عدة استنتاجات مع بعضها في نمط أوسع، وهذه الفروض تختبر من حيث الاتساق مع غيرها من الفروض حول الشخص، وكذلك مع بيانات جديدة لنرى ما إذا كانت الفروض تقبل هذه البيانات، وعند هذه النقطة يقابل المرشد واحدًا من أكبر التحديات لمرونته، حيث يجب أن يكون قادرًا على أن يتوقف عن، أو على الأقل يعدل من الفرض في مواجهة البيانات المتعارضة، ويمثل هذا الموقف كما يقول بيبنسكي "1954" Pepinsky إحدى الفرص التي يعمل فيها المرشد بوصفه مرشدًا وبوصفه عالما، حيث إنه في الوقت الذي يسعى فيه أن يساعد المسترشد، فإنه يحاول أيضا أن يحتفظ بالاتجاه العلمي، والذي يتمثل في التخلي عن الفرض الذي لا تثبت البيانات الإمبيريقية صحته، وعند هذه النقطة يكون هناك تفكير استدلالي deductive مؤداه: إذا كان هذا الفرض صحيحًا، فحينئذ يترتب عليه أن نحصل على كذا وكذا في الدراسة الأعمق للحالة، فإذا أخفقنا في العثور على "كذا-وكذا"، ووجدنا عكسه فإننا نضطر إلى إثارة تساؤلات حول هذا الفرض.
شكل "14" شكل تخطيطي للعملية الإكلينيكية للتفسير "عن جولدمان 1971 ص196".
ويخلص فيرز "1979" Phares في حديثه عن الطريقة الإكلينيكية لتفسير نتائج الاختبارات إلى القول:
إن التفسير الإكلينيكي يشتمل حينئذ على الإدماج القائم على حساسية لكثير من مصادر البيانات في صورة متسقة عن المسترشد "أو المريض"، كما أنها تحقق وظيفة توليد الفروض، والتي تساعد فيها نظرية جيدة للشخصية، ويفضل البعض مثل ساربين وتافت وبايلي "1960" Sarbin، Taft & Baily أن يركزوا على التفسير الإكلينيكي كنوع من اختبار الفروض الذي يشترك في كثير مع الاستنتاج بالقياس المنطقي Syllogtisic، وهم يصفون الفرز التصنيفي على أن عملية استنتاج تتحرك خلال سلسلة من المراحل تصاغ خلالها الفروض وتختبر.
وبغض النظر عن نظرتنا للتفسير على أنه يبنى على الفرز التصنيفي، أو على الحدس فإن الأمر يتطلب من المرشدين أن يظهروا الجوانب التي تدخل في أحكامهم
"عن جولدمان 1971 ص147".
شكل "16" بعض العناصر في عملية التفسير.
"عن جولدمان 1971 ص145".
وكيف وصلوا من المقدمات إلى الخلاصات، ولا يكفي أن نكون متخصصين إكلينيكيين على مستوى، عال وإنما نحن مسئولون عن نقل مهاراتنا للآخرين سواء كان تحركان، ومرورنا في حاسبات آلية أو عن طريق الحدس". Phares، 1979 p 302.