المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: استجابات الإصفاء listening responses - العملية الإرشادية

[محمد محروس الشناوي]

فهرس الكتاب

- ‌ مقدمة

- ‌الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌تعريف الإرشاد

- ‌علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى:

- ‌مراجع الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته

- ‌مدخل

- ‌خصائص المرشد

- ‌أولاً: العلم

- ‌ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية

- ‌ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد

- ‌مراجع الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية

- ‌تعريف العلاقة

- ‌أهمية العلاقة في الإرشاد:

- ‌خصائص العلاقة الإرشادية:

- ‌القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية:

- ‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة

- ‌مهارات الاتصال:

- ‌أولا: السلوك غير اللفظي:

- ‌ثانيًا: استجابات الإصفاء listening responses

- ‌الخلاصة:

- ‌مراجع الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية

- ‌المقابلة الأولى

- ‌مدخل

- ‌ موعد المقابلة:

- ‌ مكان المقابلة: "بيئة الإرشاد

- ‌مدة الجلسة:

- ‌التحضير للمقابلة:

- ‌أهداف المقابلة الأولى:

- ‌مراجع الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: تصوير المشكلة:

- ‌التشخيص

- ‌معنى المشكلة:

- ‌مفهوم التشخيص:

- ‌أولًا: التشخيص كتصنيف:

- ‌ثانيا: التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته

- ‌النماذج المستخدمة في عملية التشخيص أو تصوير المشكلات

- ‌النموذج الطبي: the medical model

- ‌نموذج سييى لتصوير المشكلة

- ‌ نموذج لازاروس لتصوير المشكلة "1976

- ‌ نموذج كورميير وكورميير لتصوير المشكلات "1985

- ‌ملاحق

- ‌ملحق رقم 1: المجموعات الشخيصة للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيف dsmiii

- ‌ملحق رقم "5" نموذج لدراسة تاريخ حالة:

- ‌مراجع الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: الاختبارات النفسية واستخدامها في مجال الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌الدور الذي تعلبه الاختبارات في مجال الإرشاد

- ‌اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد:

- ‌أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد:

- ‌تطبيق الاختبارات، والعوامل التي تؤثر فيه:

- ‌تفسير نتائج الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌العوامل التي تؤثر على درجة المسترشد "المفحوص" على اختبار:

- ‌علاقة التفسير بصدق الاختبار:

- ‌مصادر البيانات:

- ‌أساليب تفسير الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية

- ‌توصيل نتائج الاختبارات: "التقرير

- ‌بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد:

- ‌بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد

- ‌أختبارات الاستعدادات

- ‌اختبارات الشخصية:

- ‌مراجع الفصل السادس:

- ‌الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌تسجيل وترميز الملاحظة:

- ‌مزايا وعيوب الملاحظة:

- ‌مراجع الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌أهداف الإرشاد:

- ‌الأهداف العامة للإرشاد:

- ‌الأهداف الموجهة للمرشد:

- ‌اختيار وتحديد الأهداف

- ‌مدخل

- ‌مراجع الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: اختيار طريقة للأرشاد

- ‌توقيت طرق الإرشاد

- ‌محكات اختيار رق "استراتيجيات الإرشاد

- ‌مراجع الفصل التاسع

- ‌الفصل العاشر: طرق الارشاد

- ‌مدخل

- ‌أولًا: القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي

- ‌التعزيز "التدعيم" reinforcement

- ‌ثانيًا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي

- ‌مدخل

- ‌التخلص المنظم من الحساسية systematic desensitization

- ‌مدخل

- ‌وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية:

- ‌صور أخرى للتخلص المنظم من الحساسية:

- ‌التدريب على السلوك التوكيدي

- ‌مدخل

- ‌تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي:

- ‌فينات التدريب التوكيدي

- ‌رابعًا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية

- ‌مدخل

- ‌إعادة الاندماج:

- ‌قانون أولي للعلاقة بين الأشخاص:

- ‌خصائص عملية الإرشاد:

- ‌النتائج الخاصة بالشخصية والسلوك:

- ‌خامسا: الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية

- ‌العلاج العقلاني الانفعالي rational emotive therapy

- ‌سادسًا: الطرق الواقعية

- ‌ الإرشاد باستخدام القراءة:

- ‌الإرشاد باسختدام الأنشطة

- ‌ الإرشاد بإتاحة المعلومات للمسترشد:

- ‌ نموذج إسلامي لمعالجة الغضب:

- ‌مراجع الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌معنى التقويم

- ‌أهداف التقويم في الإرشاد:

- ‌إجراءات التقويم:

- ‌أولا: ماذا نقيس أبعاد الاستجابة:

- ‌ثانيا: كيف نقيس أساليب القياس

- ‌ثالثا: متى نقيس؟ وقت القياس

- ‌مراجع الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد

- ‌أهمية إنهاء العلاقة الإرشادية termination of counseling

- ‌مراجع الفصل الثاني عشر:

- ‌الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للأرشاد ethical standards

- ‌مدخل

- ‌أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد

- ‌العلم

- ‌ الخبرة:

- ‌ رعاية مصلحة المسترشد:

- ‌ سرية المعلومات:

- ‌ العلاقة الإرشادية:

- ‌ كرامة المهنة:

- ‌جوانب عامة:

- ‌مراجع الصل الثالث عشر

- ‌أولا: العربية

- ‌ثانيا: الأجنبية

- ‌الفصل الرابع عشر: التسجيل،النماذج، التقارير

- ‌أولًا: التسجيل

- ‌ثالثا: التقارير

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ثانيا: استجابات الإصفاء listening responses

‌ثانيًا: استجابات الإصفاء listening responses

ثانيا: استجابات الإصغاء: Listening Responses:

إن الاتصال "التخاطب" عملية ذات اتجاهين، ويعتبر الإصغاء النصف المكمل للكلام، ولا تقل أهمية الإصغاء الجيد عن أهمية الكلام الجيد، وإن كان الإصغاء أكثر صعوبة، هل يمكن مثلًا لأحدنا أن ينصت لنصف ساعة دون أن يسمح لأفكاره بالتجول "السرحان"؟ إن الإنصات الجيد فن يتطلب تركيز كل الإمكانيات العقلية للفرد، وبصفة عامة فإن الناس بوسعهم أن يتكلموا بصورة أفضل من أن ينصتوا.

إن الإصغاء من جانب المرشد يعتبر مطلبًا أساسيا لكل الاستجابات، والفنيات الأخرى في الإرشاد، وعندما يخفق المرشد في أن ينصت، فإن المسترشد قد يشعر بالإحباط، وعدم الرغبة في التعبير عما في نفسه "الانفتاح"، وقد يناقش مشكلة أخرى غير المشكلة الأساسية، كما قد يقترح المرشد أساليب علاجيه بشكل متعجل.

يرى كورميير وكورميير "1985" أن الإصغاء أو الإنصات يشتمل على ثلاث عمليات: استقبال رسالة، وتشغيل الرسالة "أي معالجة المعلومات التي تشتمل عليها الرسالة"، وإرسالة رسالة. انظر شكل "6".

شكل "7" عملية الإصغاء.

إن كل رسالة يوجهها المسترشد "سواء كانت لفظية، أو غير لفظية" هي منبه "مثير" يتلقاه المرشد ويحلله، وعندما يرسل المسترشد رسالة فإن المرشد يتلقاها. واستقبال الرسالة عملية ضمنية غير ظاهرة، بمعنى أنه لا يمكننا أن نرى كيف ولا ماذا يستقبل المرشد، ويمكن أن يحدث إخفاق في استقبال كل الرسائل عندما يتوقف المرشد عن الانتباه "الحضور".

ص: 88

وبمجرد أن يتلقى المرشد الرسالة ينبغي تحليل مضمونها بشكل من الأشكال "تشغيل المعلومات".

وهذه العملية، أي التشغيل أو التحليل مثل الاستقبال غير ظاهرة؛ لأنها تجري داخل عقد المرشد، ولا ترى من خارجه إلا من بعض التعبيرات غير اللفظية التي تبدو على المرشد، وتشتمل المعالجة على التفكير حول الرسالة ومعرفة معناها، وعملية معالجة، أو تحليل الرسالة الصادرة من المسترشد هامة؛ لأن العمليات العقلية، والأحاديث الذاتية والإعداد العقلي، والرؤية تعد المسرح للاستجابة الظاهرة، والأخطاء التي تحدث في معالجة رسالة المسترشد بدقة تحدث غالبا عندما تقف تحيزات المرشدين، أو النقاط العمياء لديهم حاجزًا يحول دون تعرفهم على أجزاء الرسالة، أو تفسيرهم للرسالة دون تشويش، وقد يستمع المرشد إلى ما يود سماعه بدلًا من سماع الرسالة الموجه إليه، والتي أرسلها المسترشد.

أما العملية الثالثة في الإصغاء، فهي تشتمل على الرسائل اللفظية، وغير اللفظية المرسلة من جانب المرشد، وفي بعض الأحيان فإن المرشد يستقبل، ويحلل الرسالة بدقة، ولكنه يجد صعوبة في توجيه رسالته للمسترشد نظرا لنقص مهاراته، ويمكن للمرشد أن يتعلم كيف يستخدم استجابات الإصغاء في توجيه رسالة للمسترشد، والمشكلات الخاصة بتوجيه الرسائل يمكن تصحيحها بسهولة أكبر من تصحيح الأخطاء المتصلة باستقبال الرسالة وتحليلها.

الإصغاء كمطلب أساسي:

يعتبر الإصغاء أساس عملية الإرشاد كلها، وإذا تصورنا أن كل جلسة إرشادية تشتمل على بداية، ووسط، ونهاية، فإن الحضور "الانتباه"، والإصغاء تعتبر الأساليب الرئيسية للمرشد للجزء الأول من الجلسة "المقابلة"، أو المرحلة الأولى من الإرشاد، كما أن الإصغاء يلعب دورا أساسيا في بداية كل مقابلة.

ومن بين الصعوبات التي تواجه المرشدين في عملهم، عملية تحقيق التوازن بين الإصغاء القليل، والإصغاء الزائد، فإذا كان الإصغاء هو الأداة الوحيدة في الإرشاد، فإن

ص: 89

الجلسات ستنقصها الوجهة، وإذا ما أخفق المرشد في الإصغاء، فإن الجلسات ستصبح رتيبة "مركبة من خطوات"، وذلك على حساب المسترشد، ويشير إيجان "1982" Egan إلى أن المرشد الذي يتعجل، ويتجاوز مرحلة الإصغاء إلى مرحلة التصرف، والإجراءات Action إنما يشبع حاجاته الخاصة أكثر من إشباع حاجات المسترشد.

الإصغاء وعلاقته بقنوات الإحساس:

إن الإصغاء الفعال يشمل الحواس الرئيسية الثلاث، وهي البصر والسمع، والخبرات اللمسية، وفي المعتاد أن نسمع من المسترشد كلمات تعبر عن الحواس والإحساس، مثلا: واضح، انظر، يظهر، يبدو، اسمع، أخبر، أصوات، انصت، أشعر، أحس، أمسك، ألمس..

ولما كانت استجابات الإصغاء إحدى الطرق لتوصيل التفهم القائم على المشاركة "التعاطف" وكذلك الانتباه، فمن الضروري أن نحاول المضاهاة بين اختيار المسترشد للكلمات المعبرة عن الإحساس، واستجاباتنا عن طريق الإصغاء.

أنواع استجابات الإصغاء:

تشتمل استجابات الإصغاء على أربعة أنواع من الاستجابات هي: الاستيضاح Clarification، وهو سؤال يوجهه المرشد للمسترشد عقب رسالة غامضة، وتبدأ عادة بسؤال مثل: هي تعني أن

؟ هل تقصد أن تقول

؟ مع تكرار أو إعادة صياغة كل، أو جانب من رسالة المسترشد التي قالها.

وشبيه بالاستيضاح، إعادة الصياغة Paraharsing، ويقصد بها إعادة صياغة الجانب الخاص بمحتوى الرسالة، والذي يصف موقفا أو واقعة، أو شخصا أو فكرة.

وعلى النقيض من ذلك نجد أن الانعكاس "أو العكس" Reflection هو أيضا عملية إعادة صياغة، ولكن لمشاعر المسترشد، أو للجانب الوجداني من رسالته، وعادة فإن الجزء الخاص بالمشاعر يظهر مشاعر المسترشد حول محتوى رسالته، وعلى سبيل المثال فإن المسترشد قد يشعر بخيبة الأمل "جانب وجداني" حول تدني أدائه في الاختبارات "محتوى".

ص: 90

أما التلخيص فهو امتداد لإعادة الصياغة والانعكاس، ويشتمل الربط بين جانبين مختلفين، أو أكثر من جوانب الرسالة، وإعادة صياغتها.

وفيما يلي مثال لرسالة يوجهها أحد المسترشدين للمرشد:

منذ أن توفي والدي وأنا أحس بارتباك شديد من كل حياتي، لقد كان كل شيء في حياتنا، يتحمل المسئوليات ويتخذ القرارات، لقد تغيرت كل حياتنا، وأصبحت شديد الانشغال، قل نومي، ضعف بدني، وأخشى أن تتدهور دراستي.

والاستجابات التالية تمثل أنواع الاستجابات الأربع التي يوجهها المرشد لهذا المسترشد باعتبارها استجابات إصغاء:

1-

الاسيتضاح: هل تقصد القول بأن إحدى المصاعب الكبيرة التي تواجهك الآن هي خوفك من تحمل المسئولية بعد وفاة والدك؟

2-

إعادة الصياغة: فهمت من كلامك أنه منذر وفاة والدك أصبحت أنت الذي تتحمل مسئولية أسرتك، ويقع على عاتقك اتخاذ القرارات الهامة في حياتها.

3-

الانعكاس: أنت تشعر بالانشغال حول مدى قدرتك على تحمل مسئولية هذه الأسرة.

4-

التلخيص: الآن بعد أن توفى والدك، فإنك تواجه بعض الصعوبات، والانشغال حول ما ينتظرك من مسئوليات بالنسبة للأسرة.

ويهمنا أن نؤكد هنا أنه نتيجة للفروق الفردية بين من يتعامل المرشد معهم "المسترشدين" لا يمكن أن ينتظر المرشد أن يرى نفس النتيجة التي يتوقعها من أي استجابة من الاستجابات الأربع مع كل فرد يعمل معه، وفيما يلى عرض موجز لهذه الأنواع الأربعة من الاستجابات الخاصة بالإصغاء.

1-

الاستيضاح: Clarification:

لما كان المسترشد يعبر عن معظم رسائله من الإطار المرجعي الخاص به، فإن هذه الرسائل قد تكون غامضة أو مشوشة، وقد يحدث التشوش في رسالة المسترشد "تعبيره"

ص: 91

نتيجة استخدام ضمير الجمع مثل نحن أو هم، أو استخدام كلمات مبهمة مثل:"انت تعرف"، أو كلمات ذات معاني مزدوجة.

وعندما يكون المرشد غير متأكد من معنى الرسالة، فإن استيضاحها سيساعد على التحقق من مقصد المسترشد.

ويقصد بالاستيضاح أن يطلب المرشد من المسترشد أن يوضح بشكل أكبر عبارة غامضة أو محيرة، وعادة فإن طلب التوضيح يكون في شكل سؤال يبدأ عادة بعبارات مثل:

"هل تقول أن

".

"هل تحاول أن تصف لي ذلك

".

"هل يمكن أن توضح ذلك

".

ويهدف الاستيضاح إلى جعل الرسالة التي صدرت من المسترشد واضحة وصريحة "أي خالية من الغموض"، ولتثبيت دقة إدراكات حول الرسالة، كذلك يستخدم الاستيضاح عندما تريد أن تتحقق مما سمعته في رسالة المسترشد.

ويشتمل الاسيتضاح على أربع خطوات هي:

1-

التعرف على المحتوى اللفظي وغير اللفظي لرسائل المسترشد، ماذا أخبرك المسترشد؟

2-

التعرف على ما إذا كانت هناك أجزاء غامضة، أو مبهمة أو مشوشة تحتاج إلى التعرف على دقتها.

3-

تقرير بداية مناسبة للعبارة التي تستوضح بها "السؤال".

هل يمكن وصف

؟

هل يمكن توضيح

؟

هل تقصد أن تقول

؟

ص: 92

4-

تذكر أن تتعرف على مدى فاعلية إسلوبك في الاستيضاح بمراقبة استجابات المسترشد.

إعادة الصياغة: "الصيغة البديلة" Paraphrase:

ويقصد بها إعادة صياغة الكلمات، والأفكار الأساسية للمسترشد، وهو يشتمل على الانتباه الانتقائي الموجه نحو الجانب المعرفي من رسالة المسترشد مع ترجمه الأفكار الأساسية فيها في كلمة من عندك، وبذلك فإن إعادة الصياغة لا تعني مجرد ترديد لما ذكره المسترشد، وإنما ينبغي إعداد الصياغة الجديدة في كلمات تقود إلى مزيد من المناقشة، أو مزيد من الفهم من جانب المسترشد، ومما يساعد على ذلك أن تضغط على أكثر كلمات المسترشد أهمية، وكذلك أكثر أفكاره التي عبر عنها أهمية.

مثال: المسترشد: أنا أعرف أنه لن يفيد حالة الاكتئاب التي لدى أن أجلس في المنزل، أو أنام في السرير طول اليوم.

المرشد: معنى ذلك أنك تعرف أنك تحتاج أن تتجنب البقاء في السرير، أو الجلوس في البيت طوال اليوم حتى تساعد في التخلص من حالة الاكتئاب.

مثل هذه العبارة تحمل كثيرًا من الشبه لما قاله المسترشد، وقد يكتفي المسترشد بالاستجابة لها بإيماءة تدل على الموافقة ولكنه لا يتوسع، وقد يشعر المسترشد أن المرشد يسخر منه بتقليد ما قاله.

وقد تكون العبارة التالية أفضل وأكثر فعالية:

أنت على وعلى بأنك بحاجة إلى أن تخرج من عزلتك، وتبتعد عن البقاء في السرسر حتى تقلل من حالة الاكتئاب عندك.

وتهدف استجابات إعادة الصياغة إلى مجموعة جوانب، منها أنك تخبر المسترشد أنك قد فهمت رسالته، وإذا كان الفهم كاملا، فإن المسترشد سيزيد من توسيع وتوضيح أفكاره، كذلك فإن إعادة الصياغة تشجع المسترشد على المضي نحو فكرة رئيسية.

ص: 93

وبشكل أعمق، كذلك يمكن عن طريق إعادة الصيغة مساعدة المسترشد على التركيز على موقف، أو واقعة أو فكرة أو سلوك معين، ويساعد على توقف المسترشد عن المضي في تكرار قصته، كذلك فإن إعادة الصياغة يساعد المسترشد الذي يحتاج إلى اتخاذا قرارات حيث تساعده على شحذ فكره، وأخيرا فإن إعادة الصياغة يفيد عندما يريد المعالج أن يركز على المحتوى؛ لأن الانتباه للجانب الوجداني في تعبيرات المسترشد أمر سابق لأوانه من وجهة نظره.

ويشتمل أسلوب إعادة الصياغة على الخطوات التالية:

1-

انتبه إلي واسترجع رسالة المسترشد بإعادة قولها لنفسك سرا.

2-

تعرف على محتوى الرسالة بأن تسأل نفسك: ما هو الموقف، الشخص، الموضوع، الفكرة أو الموقف الذي تناقشه هذه الرسالة؟

3-

تخير بداية مناسبة أو جذرًا لعبارة تعيد بها صياغة رسالة المسترشد، حاول أن تتخير بداية تناسب العبارات التي استخدامها المسترشد ليشير إلى الإحساس.

4-

ترجم المحتوى الرئيس أو التراكيب الأساسية إلى كلماتك الخاصة، ووجهها في صورة كلام "صورة لفظية" للمسترشد.

5-

احكم على فاعلية صياغتك الجديدة عن طريق الإصغاء، وملاحظة استجابة المسترشد لما قمت بإعادة صياغته.

مثال:

المسترشد: من الصعب على أن أستمر في الجمع بين العمل والدراسة، والاهتمام بشئون أسرتي، إنني أقول لنفسي دائما أني سأنهار فجأة في يوم من الأيام.

المرشد: يبدو كما لو أنك تمر بصعوبة في الموازنة بين التزاماتك، حيث تزداد هذه الالتزامات بالنسبة للوقت المتاح لك حاليا.

ص: 94

3-

عكس "انعكاس" المشاعر Reflection of feeling:

رأينا كيف أن استجابة إعادة الصيغة تهتم بالجانب المعرفي من رسالة المسترشد.. أما عكس المشاعر فإنها تركز على المحتوى الوجداني، ويشبه عكس المشاعر عملية إعادة الصياغة، ولكنها تضيف إليها نبرة عاطفية، أو محتوى عاطفيا يفتقد في إعادة الصياغة، وتوضيح الأمثلة التالية هذا الفرق:

المسترشد: إن كل شيء قد اختلف معي، الحياة تضيق أمامي، لقد انفض عني الأصدقاء حتى المال لم يعد عندي منه شيء.

المرشد "إعادة الصياغة": مع ذهاب الأصدقاء، وضياع المال ليس أمامك شيء يمكنك القيام به الآن.

المرشد: "يعكس المشاعر": أنت تشعر بالضجر بسبب الظروف التي تمر بها الآن.

نلاحظ هنا أن المرشد قد استخدم كلمة تدل على وجدان "انفعال"، وهي الضجر في استجابته العاكسة ليتحول إلى مشاعر المسترشد الناتجة عن موقف معين.

ولانعكاس المشاعر خمسة أهداف رئيسية هي:

1-

أن هذه الاستجابة إذا استخدم بدقة، وفاعلية تساعد المسترشدين على الشعور بأنهم مفهومون "أن المرشد قد تفهمهم".

2-

يشجع الانعكاس المسترشدين على التعبير عن المزيد من مشاعرهم "سواء الموجبة أو السالبة" حول مواقف، أو أشخاص معينين أو غيرها.

3-

مساعدة المسترشدين على التعامل مع المشاعر، وهو أمر هام في الانفعالات، والمشاعر الشديدة مثل الخوف والغضب.

4-

استخدام انعكاس المشاعر مع المسترشد الذي يعبر عن مشاعر سالبة تجاه الإرشاد يقلل الصراغ الذي يمكن أن يحدث إذا حاول كل من الطرفين أن يكون مسموعا، ولا يحاول أيهما أن يصغي، واستخدام هذا الأسلوب يجعل المسترشد يعرف أن

ص: 95

المرشد يفهم مشاعره، وهذا من شأنه أن يقلل حدة الغضب، أو يزيله، وبالتالي يصبح المسترشد أكثر استقبالا، ويهيئ المرشد لاستخدام الأساليب الإرشادية.

5-

يساعد الانعكاس المسترشد على التمييز بدقة المشاعر المختلفة، وفي المعتاد أن يستخدم المسترشدون كلمات مثل: قلق، أو عصبي، وهي تخفي مشاعر وانفعالات أعمق مثل الاستياء والاكتئاب، وتساعد استجابة المرشد التي يعكس فيها مشاعر المسترشد على تحسين فهم المسترشد للحالات المختلفة للمزاج.

خطوات عكس المشاعر:

ربما تكون عملية عكس المشاعر من الأمور الصعبة؛ لأن المشاعر يجري تجاهلها أو يساء فهمهما في كثير من الأحوال.. وتشتمل استجابة عكس المشاعر على ست خطوات هي:

1-

الإصغاء لكلمات المشاعر أو الوجدان، وهي عادة تقع في سبع مجالات رئيسية هي الغضب، والخوف، وعدم التأكد، والحزن، والسعادة، والقوة، وأخيرا الضعيف، والتعرف على هذه المجالات يسهل التعرف عليها في تعبيرات المسترشدين، ويوسع من المفردات التي يمكن للمرشد أن يستخدمها لوصفها.

2-

راقب السلوك غير اللفظي "التصرفات" التي ترافق الرسالة اللفظية التي يوجهها المسترشد -وقد سبق أن أشرنا إلى بعض هذه التصرفات من تعبيرات الوجه، والصوت، ووضع الجسم وغيرها.

3-

عكس المشاعر في صورة لفظية مرة أخرى للمسترشد باستخدام كلمات أخرى، ويعتبر اختيار هذه الكلمات أمرا هاما لمهارة المرشد في أن يعكس للمسترشد مشاعره.

4-

بدء عبارة الانعكاس ببداية مناسبة، وكلما أمكن تكون هذه البداية متسقة مع أسلوب المسترشد في التعبير عن مشاعره مثلًا:

"يظهر أنك غاضب الآن" بصري.

ص: 96

"تبدو كما لو كنت غاضبا الآن""بصري"

"من الواضح لي أنك غاضب الآن""بصري"

"سمعتك تذكر أنك غاضب الآن""سمعي"

"إن أذني تخبراني أنك غاضب الآن""سمعي"

"أستطيع أن ألمس أنك غاضب الآن""لمسي"

"دعنا نلمس غضبك""لمسي"

5-

إضافة الموقف الذي تحدث فيه المشاعر، ويتم ذلك بإعادة صياغة مختصرة.

مثلا: يقول المسترشد: أنا لا أستطيع أن آخذ اختبارات، إنني أكون قلقا ولا يكون أدائي متناسبًا مع ما بذلت من جهد.

في هذه الرسالة فإن الوجدان هو القلق، والموقف هو أداء الامتحانات.

يقول المرشد عاكسًا لمشاعر المسترشد: أنت تشعر أنك مشدود كلما أخذت اختبارًا.

6-

التعرف على مدى فاعلية عكسك لمشاعر المسترشد من خلال ملاحظة استجاباته، وردود فعله وتصرفاته.

مثال: طالب تخلف عن فرقته، يقترب موعد اختباره، ويشعر بالخوف من الامتحان، ويخشى أن تتكرر تجربة الرسوب.

يقول المرشد: أفهم أنك حزين لرسوبك العام الماضي، وأنك تشعر بالقلق مع اقتراب موعد الاختبارات.

التلخيص: Summerization:

كثيرًا ما نلمس في موقف الإرشاد أنه بعد أن يتحدث المسترشد لفترة من الوقت، فإن الرسائل التي يوجهها في حديثه توحي بوجود خطوط، أو أنماط متسقة يمكن أن

ص: 97

نسميها موضوعات Themes، وهذه الموضوعات تكرر بشكل، أو بآخر في حديث المسترشد، ويمكن للمرشد أن يتعرف عليها، ويلتقطها من خلال إصغائه إلى ما يتكرر مرة بعد الأخرى ويحدث تركيز عليه، وهذه الموضوعات تدلنا على ما يحاول المسترشد أن يخبرنا به، وما يحتاج منا أن نركز عليه في جلسات الإرشاد، ويمكن للمرشد أن يستجيب للموضوعات التي يطرحها المسترشد باستخدام استجابة التلخيص، ويمكن القول أن التلخيص هو تجميع اثنين، أو أكثر من إعادة الصياغة، أو عكس المشاعر لتركيز "ضغط" رسائل المسترشد، أو الجلسة نفسها.

الأغراض التي يستخدم فيها التلخيص:

1-

الربط بين مجموعة من العناصر في رسائل المسترشد.

2-

التعرف على موضوع مشترك يبدو واضحا من عدة رسائل.

3-

يعتبر التلخيص وسيلة تساعد المرشد على إيقاف استرسال المسترشد فيما يشبه الحكايات، فهو أداة جيدة لمقاطة المسترشد.

4-

يساعد التلخيص على تهدئة الجلسة، وإعطاء فرصة لالتقاط الأنفاس.

5-

مراجعة التقدم الذي تم إحرازه في جلسة أو أكثر.

6-

وسيلة هامة لإنهاء الجلسات وافتتاحها، وكذلك عند إنهاء عملية الإرشاد كلها.

خطوات التلخيص:

يتطلب التلخيص الانتباه الدقيق، والتركيز على الرسائل اللفظية، وغير اللفظية للمسترشد، ويشتمل التلخيص على الخطوات التالية:

1-

انتبه إلي واسترجع رسالة، أو رسائل المسترشد بإعادتها على نفسك سرًّا.

2-

تعرف على الأنماط، أو الموضوعات أو العناصر العديدة في هذه الرسائل، وماذا كرر المسترشد مرة تلو الأخرى.

3-

تخير بداية مناسبة لعبارات التلخيص، واستخدم فيها ضمير المخاطب "أنت"، أو يا فلان.

ص: 98

4-

تخير الكلمات التي ستستخدمها في الملخص.

5-

قوم استجابة التخليص عن طريق الإصغاء للمسترشد، وملاحظة موافقته أو إنكاره لما قلت.

أمثلة للتلخيص:

1-

"يمكن القول: إن الظروف الأسرية التي تعيش فيها غير مستقرة بشكل ما في الوقت الحالي، وإن والدك طلق والدتك منذ فترة وجيزة، ثم تزوج بأخرى وبدأت أنت تشعر بالتعاطف مع أخوتك الصغار الذين تأثروا بشكل كبير بهذه الأحداث مما شغلك بعض الوقت عن دراستك

".

2-

"إذا أردنا أن نلخص ما قمنا به في هذه الجلسة، فبوسعنا أن نقول أننا قد تعرفنا بشكل عام على مشاغلك في الوقت الحاضر، ومن أهمها ميلك للعزلة، وصعوبة الدخول إلى النوم وعدم التركيز أثناء الدرس

".

3-

"أستطيع أن أقول من واقع ما عرضة أنك تشعر بأن زملاءك لا يحبونك، وأنهم يسخرون منك من رواء ظهرك -وأن بعض من كانوا يصادقونك قد انفضوا عنك

".

4-

"فهمت من حديثك عن مشكلتك أنك ما إن تدعى للإجابة على سؤال حتى تتغير كل أحوالك، فيدق قلبك بشدة حتى لكأنه سيخرج من صدرك -وتتصب عرقا، وترتعش كل أطرافك، ويتوقف الكلام في حلقك- ويبدأ زملاءك ينظرون إليك انتظار أن تتكلم، ولكن دون جدوى

".

5-

"تقول: إن والدك كان إلى وقت قريب مثال الأب المحب لأولاده المهتم بشئونهم يتابع كل أنشطة حياتهم، ولكن لظروف في عمله بدأت أحواله تنقلب رأسا على عقب فابتعد عنكم، وبدأ يدمن المخدرات، وتغيرت معاملته معكم من العطف إلى الغلظة، ومن الاهتمام إلى عدم تلبية حتى الحاجات الأساسية لكم الأمر الذي ترتب عليه مجموعة من المشكلات داخل الأسرة

".

ص: 99

ثالثا: استجابات التصرف: Action Responese:

إن استجابات الإصغاء التي تناولها، الاستيضاح، وإعادة الصياغة، وعكس المشاعر، والتلخيص، تشتمل على الاستجابة لرسائل المسترشد من الإطار المرجعي لهذا المسترشد، أي من منطلق وجهة نظر المسترشد، ومع ذلك فإنه في وقت ما من الإرشاد يجد المرشد أن عليه أن يتحرك وراء الإطار المرجعي للمسترشد، وأن يستخدم استجابات ناشئة عن البيانات التي حصل عليها حول المسترشد، وأيضا إدراكاته عن هذا المسترشد، وهذه الاستجابات هي التي اصطلح على تسميتها استجابات التصرف "استجابات الإجراءات"، وهي استجابات نشطة، وليست من النوع المنعقد على المسترشد، وعلى حين يكون تأثير استجابات الإصغاء على المسترشد تأثيرًا غير مباشر، فإن استجابات التصرف يكون لها تأثير مباشر عليه، وتبنى استجابات التصرف في كثير من جوانبها على إدراكات المرشد، وافتراضاته بجانب رسائل المسترشد وسلوكياته. ونركز في حديثنا على أربعة أنواع من استجابات التصرف هي -التساؤلات Probes أو المسابير، والمواجهة Confrontation، التفسير Inter pretation إعطاء المعلومات Information giving، والغرض الأساسي من استجابات التصرف من وجهة نظر إيجان "1982" Egan هو مساعدة المسترشدين على أن يروا الحاجة للتغير، والتصرف من خلال إطار مرجعي أكثر موضوعية.

توقيت استخدام استجابات التصرف:

من الأمور الصعبة في استخدامات استجابات التصرف عملية التوقيت، أي تحديد الوقت الذي نستخدم عنده هذه الاستجابات في المقابلة الإرشادية، وكما رأينا من قبل فإن بعض المرشدين يميلون إلى القفز إلى استجابات التصرف قبل الإصغاء، وتكوين الألفة مع المسترشد، وبصفة عامة فإن استجابات الإصغاء تعكس فهم المسترشدين لأنفسهم، وعلى العكس من ذلك فإن استجابات التصرف تعكس فهم المرشدين للمسترشدين، ويمكن استخدام استجابات التصرف بشكل أكبر في المقابلة، طالما كان المرشد دقيقا في بناء الأساسي لعمليات الحضور والإصغاء، وتساعد قاعدة الإصغاء على زيادة مدى استقبالية

ص: 100

المسترشد لرسالة التصرف الصادرة عن المرشد، وإذا بنى المرشد على أدائه، وإدراكاته بسرعة أكبر من اللازم، فإن المسترشد قد يستجيب بالإنكار والدفاعية، بل وربما بالانسحاب من الإرشاد، وعندما يحدث ذلك فإن المرشد يحتاج إلى أن يتراجع إلى مستوى أقل فضولية في التأثير، وأن يزيد من الإصغاء على الأقل إلى حين تكوين أساس قوي من ثقة المسترشد فيه.

ونناقش فيما يلي الأنواع الأربعة من استجابات التصرف:

1-

المسابير: "التساؤلات" Probes:

تعتبر المسابير أو التساؤلات جانبا هاما في المقابلة، وتتوقف فاعليتها على نوع السؤال ومدى تكرارية الأسئلة، وفي الواقع فإن توجيه الأسئلة قد يمضي في يسر كما قد يقابل بضيق من المسترشد، ذلك يتوقف على مهارة المرشد، وقد نصادف أحيانا مع بعض المرشدين المبتدئين أنهم يديرون مقابلاتهم على أنها سلسلة من أسئلة، وقد يؤدي ذلك بهم إلى أن يوجهوا الأسئلة غير المناسبة في الوقت غير المناسب، وهذه الطريقة قد تجعل المسترشد ينظر إلى المقابلة على أنها أسئلة، أو تحقيقات بدلا من كونها بيئة للفهم، ويمكن أن تفيد الأسئلة في عمل المرشد حين تسود بينه، وبين المسترشد فترة من الصمت، أو عندما يفتقد الكلمات المناسبة، ويجب ألا يوجه المرشد الأسئلة إلا إذا كان هناك هدف من السؤال الذي في ذهنه.

الأسئلة المفتوحة، والأسئلة المقفلة:

تصاغ معظم الأسئلة الفعالة في صيغة ذات نهاية مفتوحة بادئة بأدوات مثل: ماذا، كيف، متى، أين أو من، والسؤال المفتوح يحتاج إلى إجابة بالتفصيل والشرح، ويستلزم الانفتاح ولا يمكن أن نجيب عليه بنعم أو لا.

ويحتاج المرشد أن يستخدم الأداة المناسبة لما يريده من معلومات، فاستخدام أداة مثل ماذا يستدعي الإجابة بحقائق ومعلومات، أما التساؤلات باستخدام "كيف"، فإنه يرتبط بالتتابعات والعمليات، والانفعالات وتستخدم أداة "لماذا" عندما نبحث عن الأسباب والجوانب الذهنية، كما تثير الأسئلة الموجهة باستخدام "متى""وأين"

ص: 101

المعلومات الخاصة بالوقت والمكان، بينما الأسئلة التي تبدأ بـ "من"، فهي ترتبط بالمعلومات عن البشر، والأسئلة ذات الطرف المفتوح تؤدي مجموعة من الأغراض في المواقف المختلفة للإرشاد مثل:

1-

بدء المقابلة "ماذا تود أن نناقشه اليوم؟ ".

2-

تشجيع المسترشد على التعبير عن مزيد من المعلومات، "ماذا أيضًا يمكنك أن تقوله حول هذا الموضوع"؟

3-

التعرف على أمثلة من سلوكيات أو أفكار أو مشاعر معينة، بحيث يمكن للمرشد أن يفهم الظروف التي تسهم في مشكلة المسترشد "ماذا تفعل في هذا الموقف؟ ""ماذا تفكر في مثل هذا الموقف؟ ""كيف تشعر حول هذا الموقف؟ ".

4-

تنمية التزام المسترشد للاتصال مع المرشد عن طريق طريق دعوته للحديث، وتوجيهه من خلال تفاعل مركز.

وعلى عكس الأسئلة المفتوحة الطرف، فإن الأسئلة المقفلة أو المركز يمكن أن تكون مفيدة إذا احتاج المرشد إلى حقيقة معينة أو معلومة محددة، ومثل هذه الأسئلة تبدأ عادة باستخدام أدوات مثل: هل، ألم، أيس، أيمكنك، أظن، أعتقد، وهذه الأسئلة تكون إجابتها عادة بـ"نعم" أو"لا" أو بإجابة مختصرة، وتعتبر الأسئلة على هذا النحو أدوات هامة جدًّا في مرحلة تحديد المشكلة، وتدخل في إعدادا المقاييس.

وفيما يلي بعض الأمثلة لأسئلة مقفلة:

- من بين المشكلات التي ناقشناها، أيها يشغلك أكثر؟

- هل يوجد من بين أفراد عائلتك من تعرض لحالة اكتئاب؟

- هل تقوم بالبحث عن وظيفة في الوقت الحاضر؟

وتشتمل الأغراض التي تدار من أجلها الأسئلة المقفلة على ما يلي:

1-

تضييق مجال المناقشة عن طريق تحديد إجابة.

2-

جمع معلومات محددة، "هل لا زلت تسكن في نفس المنزل؟ "

ص: 102

3-

التعرف على مستويات المشكلة، "هل لاحظت أي شيء يجعل المشكلة أسوأ؟ "

4-

مقاطعة المسترشد الثرثار، الذي يحكي مجموعة من القصص المتتالية "هل تريد أن نركز الآن على موقف الأسرة الذي تحدثت عنه من قبل؟ ".

ويجب أن ينتبه المرشد إلى المباعدة بين الأسئلة المقفلة؛ لأن زيادة هذا النوع من الأسئلة قد يحبط المناقشة، ويعطي للمسترشد العذر في أن يتجنب الموضوعات الهامة والحساسة.

إرشادات في استخدام التساؤلات:

يمكن للمرشد أن يزيد من فاعلية، وكفاءة استخدامه للأسئلة إذا تذكر بعض القواعد البسيطة في استخدامها.

1-

استخدم أسئلة تركز على مشغولية المسترشد، وعادة فإن الأسئلة الفعالة تبرز من خلالما قاله المسترشد فعلا، وليس من فضول المرشد أو حاجته للانتهاء.

2-

عندما توجه سؤالًا للمسترشد، توقف لتعطيه فرصة كافية للإجابة، وتذكر أن المسترشد قد لا تكون لديه جاهزة، وعندما يكون مطلوبا من شخص أن يجيب بسرعة، فإنه يشعر بالتهديد وهذا بدوره يهدد العلاقة الإرشادية المتصفة بالأمن.

3-

وجه للمسترشد سؤالا واحدا في الوقت الواحد، ولا توجه عدة أسئلة دفعة واحدة، فذلك يؤدي إلى إرباك المسترشد، وقد يجيب على واحد من هذه الأسئلة فقط، وقد يكون أقل الأسئلة أهمية هي الذي اختاره المسترشد للإجابة عليه.

4-

تجنب الأسئلة التي تشتمل على اتهامات أو هجوم، وقد يشعر المسترشد أن الأسئلة هجومية من نبرة صوت المرشد، أو لاستخدامه لأداة الاستفهام لماذا؟ وقد تؤدي الأسئلة الهجومية إلى أن يصبح المسترشد دفاعيا.

5-

تجنب الاعتماد على الأسئلة على أنها الوسيلة الأولى للاستجابة التي تقدمها خلال المقابلة "يستثنى من ذلك جمع البيانات الأولية، أو الحصول على تاريخ المسترشد، أو في جلسات التقويم والقياس"، وفي بعض الثقافات فإن توجيه الأسئلة يعتبر بمثابة الاتهام أو الاقتحام، وهو في جميع الأحوال يجعل المرشد يبدو بمثابة الخبير، ويقلل

ص: 103

مشاركة المسترشد، ومسئوليته كما يثير حالة من الامتعاض أو الاستياء لديه، وقد يؤدي الشعور الذي يتولد لدى المسترشد المتراخي، بأنه في موقف المساءلة، إلى الإضرار به، وتزداد فاعلية الأسئلة عندما تتيح الفرصة لاستبصارات جديدة، وتنمي معلومات جديدة ويمكن للمرشد أن يسأل نفسه أولا السؤال الذي يود أو يوجهه للمسترشد، فإذا وجد إجابة عليه، فإنه لا حاجة حينئذ أن يوجهه للمسترشد، وقد تكون طريقة أخرى من طرق استجابات التصرف أكثر فاعلية، وفائدة في هذه الحالة.

خطوات استخدام الأسئلة:

1-

حدد الغرض من أسئلتك.

2-

تأسيسًا على الغرض حدد أي نوع من الأسئلة يكون أكثر فائدة، أسئلة مفتوحة؟، أم أسئلة مقفلة؟.

3-

تأكد من أن أسئلتك تركز على مشغوليات المسترشد، وليس على المسائل والقضايا التي تهتم بها.

4-

تذكر أن تقدر فاعلية الأسئلة بتحديد ما إذا كانت أهدافها قد تحققت.

مثال: المسترشد لقد كان ذلك الصباح تعيسا بالنسبة لي، فقد كانت ذاهبا للامتحان حين تعطلت سيارتي في منقطة بعيدة عن العمران

المرشد: أي امتحان كنت ذاهبا لأدائه؟

2-

المواجهة Confrontation:

المواجهة هي استجابة لفظية، فيها يصف المرشد تلك الفروق، والصراعات والرسائل المختلطة الواضحة في مشاعر المسترشد، وأفكاره وتصرفاته، ويعتقد باترسون وأيزينبرج "1983" Patterson & Eisenberg أن المواجهة هي أداة لتركيز انتباه المسترشد على جانب ما من سلوكه، الذي إذا تغير سيؤدي إلى أداء أكثر فاعلية "ص75".

الغرض من المواجهة:

للمواجهة عدة أغراض يمكن إيجازها فيما يلي:

ص: 104

1-

مساعدة المسترشدين على اكتشاف طرق أخرى لإدراك أنفسهم، أو لإدراك قضية ما مما يؤدي في النهاية إلى تصرفات، أو سلوكيات مختلفة.

2-

مساعدة المسترشد على أن يصبح أكثر وعيا بالفجوات، وصور عدم التطابق في أفكاره، ومشاعره وتصرفاته.

3-

التعامل مع الرسائل المختلطة للمسترشد بتوضيح التناقض الموجود فيها.

4-

التعامل مع الرسائل التي تشتمل على معلومات لا يريد المسترشد أن يتعامل معها.

5-

تعديل سلوكيات المسترشدين أثناء الإرشاد.

إن المواجهة تكون مؤلمة لكلا الطرفين المشتركين فيها، وعملية المواجهة عملية واعية يقررها المرشد، وهي في نفس الوقت تصف يدل على الاهتمام الحقيقي بالمسترشد، والمواجهة في نفس الوقت هي عملية مخاطرة قد تؤدي إلى تغير في طبيعة العلاقة بين المرشد والمسترشد، فإذا لم يدرك المسترشد الاهتمام الذي تحمله عملية المواجهة، أو لم يتقبله أو إذا كان المرشد يقوم بالمواجهة لتصريف مشاعر الغضب التي بداخله نحو المسترشد بدلًا من أن يقدم له انطباعاته، فإن النتيجة ستكون الغربة، أما إذا كان المرشد يهتم بالمسترشد عن صدق، وإخلاص

وإذا كانت دوافعه مبنية على الاهتمام، وكان هذا الاهتمام مفهوما من المسترشد، فإن العلاقة بين المرشد والمسترشد من المحتمل أن تمضي في شكل أعمق، وأكثر انفتاحا وأكثر تركيزا وقوة.

بعض القواعد الإرشادية لاستخدام أسلوب المواجهة:

1-

لا تواجه شخصا آخر إذا لم تكن تنوي زيادة علاقتك معه.

2-

واجه فقط إذا كنت تشعر باهتمام نحو هذا الشخص، فإذا لم تشعر بذلك فلا تواجهه.

3-

استخدم المواجهة إذا كانت العلاقة قد تجاوزت المراحل الأولى في تطورها أو إذا كانت الثقة بينك، وبين المسترشد قد تم تكوينها.

4-

إذا توافرت الشروط الثلاثة السابقة، ولم يكن المسترشد مستعدا للتعامل مع المعلومات بطريقة غير دفاعية، فإن المرشد أمامه خياران: إما أن يتجنب المواجهة، أو أن يساعد المسترشد على أن يصبح جاهزا لاستخدام المعلومات عند تقديمها.

ص: 105

5-

لا تثقل المسترشد بمواجهات تتطلب منه كثيرًا من المطالب في وقت قصير، ابدأ بمواجهة المسترشد بشيء يستطيع القيام به والنجاح فيه، ويذهب كارخوف إلى اعتبار أن استخدام المرشد للمواجهة مرتين متتاليتين أمر مجهد للمسترشد، ويجب أن نتحاشاه.

6-

يجب أن ندرك أن هناك حدودًا للمواجهة، فالمواجهة تلفت نظر المسترشد ووعيه إلى فجوة أو صراع، ويعتبر الوعي بوجود الفجوات خطوة أولى في حل الصراعات، وقد تكون المواجهة، كاستجابة منفردة، غير كافية لتوفير الحل للفجوات الموجودة في رسائل المسترشدين، ويحتاج الأمر إلى استخدام مناقشة إضافية، أو أساليب علاجية مثل أداء الأدوار، تبادل الأدوار، والحوار الجشطلتي وغيرها.

ردود فعل المسترشدين نحو المواجهة:

يحدث في بعض الأحيان أن يخشى المرشد أن يواجه المسترشد حيث لا تكون لديه الخبرة في التعامل مع ردود الفعل التي يمكن أن تصدر عن المسترشد نتيجة لمواجته، ولا نريد أن نخفف من أثر المواجهة على المسترشد، فهناك ردود فعل لا بد أن يتوقعها المرشد حتى من أولئك المسترشدين الذين يقرون بالمواجهة، فإنهم قد ينتابهم القلق أو الضيق، ويمكن للمرشد أن يتوقع أربعة أنواع من ردود فعل المسترشدين بصفة عامة وهي: الإنكار، والتشويش، والتقبل الزائف، والتقبل الصادق.

وفي إنكار المواجهة فإن المسترشد لا يريد أن يعرف، أو يوافق على الرسالة الصادرة عن المرشد، ويمكن أن نستدل من الإنكار أن المسترشد غير مستعد بدرجة كافية لمواجهة السلوك المتناقش أو المشوش، وقد أورد إيجان بعض الأساليب التي يستخدمها المسترشد لإنكار المواجهة "181، 1982 Egan".

1-

التقليل من شأن المرشد: مثلا يقول له: "كيف تعرف وأنت لم تجرب الرسوب؟ ".

2-

يقنع المرشد بأنه لم يفهم ما قاله: "أنا لم أقصد أن أقول ذلك".

3-

التقليل من قيمة الموضوع "ذلك لا يستحق الوقت الذي نضيعه فيه".

ص: 106

4-

يبحث عن مساندة في مكان آخر "لقد أخبرت زملائي عما قلته لي الأسبوع الماضي، ولم يوافق أحد منهم على ذلك".

وفي بعض الأحيان، فإن المسترشد قد يشير إلى التشوش، أو عدم التأكد بالنسبة لمعنى المواجهة، وفي بعض الأحيان قد يكون المسترشد فعلا صادقا في التشوش الذي يجده في كلام المرشد، وهذا يدل المرشد على أن مواجهته لم تكن دقيقة ومحددة، وفي أحيان أخرى يستخدم المسترشد عدم الفهم كستارة ليتجنب التعامل مع أثر المواجهة.

وفي بضع الأحيان قد يبدو أن المسترشد يتقبل المواجهة، ويكون هذا التقبل صادقا إذا استجاب المسترشد برغبة صادقة في تمحيص سلوكه الخاص، وقد يمكن لمثل هؤلاء المسترشدين أن يتعرفوا على التناقضات الموجودة لديهم بل، وأن يواجهوا أنفسهم.

ويحذر إيجان من أن التقبل الذي يظهره المسترشد للمواجهة قد يكون زائفا، ويعتبر ذلك لعبة جديدة يقوم بها المسترشد، وفي هذه الحالة نجد المسترشد يوافق المرشد لفظيا، لكنه بدلا من أن يتابع المواجهة، فإنه يوافق فقط ليجعل المرشد يخرج بانطباع أفضل.

وليس هناك طرق محددة للتعامل مع ردود فعل المسترشدين للمواجهة، وإنما ينصح أن يعود المسترشد مرة أخرى إلى استجابات الإصغاء، وخاصة ما يتصل بإعادة الصياغة، وعكس المشاعر ويهيئ الأساس مرة أخرى للمواجهة، وأن يعود إلى هذا الأساس أيضًا بعد المواجهة.

مثال على ذلك:

المرشد: يبدو أنك تشعر بالحزن؛ لأنك رسبت في الامتحان "عكس المشاعر".

المسترشد: أبدا أنا لا أشعر بأي حزن؛ لأنه سيصبح بإمكاني أن أفهم المقررات بشكل أفضل: "يقول ذلك بصوت خافت وحزين مما يدل على وجود رسالة مختلطة".

المرشد: تقول أنك غير حزين وفي نفس الوقت، فإن نبرة صوتك تحمل الأسى، ويبدو لي أنك تشعر فعلا بالحزن "مواجهة".

ص: 107

المسترشد: أنا لا أعرف ما تتحدث عنه حقيقة "إنكار".

المرشد: أشعر أن ما قلته لتوى قد ضايقك "عكس للمشاعر".

خطوات المواجهة:

تشتمل المواجهة الفعالة على أربع خطوات هي:

1-

لاحظ المسترشد بدقة للتعرف على نوع الفجوة، أو الرسالة المختلطة التي يقدمها، لاحظ المؤشرات اللفظية وغير اللفظية، والسلوكيات التي تدعم وجود التفاوت أو الخلط.

2-

لخص العناصر المختلفة للفجوة أو التفاوت، لتقوم بذلك استخدام عبارة تربط بين أجزاء الصراع بدلا من أن تدحض أي جانب وحده، حيث إن الهدف العام من المواجهة هل حل الصراعات، وتحقيق الاندماج.

مثال للتلخيص:

"أنت من ناحية

ومن الناحية الأخرى فإنك

".

لاحظ أننا ربطنا الأجزاء بحرف العطف "و" بدلا من أن نستخدم كلمات مثل لكن أو رغم ذلك.

3-

تأكد أن تستخدم كلمات مما يستخدمها المسترشد حتى تتمشى المواجهة مع خبرة المسترشد.

4-

تذكر أن تحكم على مواجهاتك، والمواجهة تكون فعالة عندما يقر المسترشد بوجود التفاوت أو الصراع.

مثال:

المسترشد: إنه من الصعب على أن أؤدب ابني، أعرف أني مهمل في ذلك، وأعرف أنه يحتاج إلى حدود، ولكني لم أفعل ذلك، لقد تركت له الحبل على الغارب ليفعل ما يريد "يقول ذلك في صوت منخفض".

ص: 108

هنا يسأل المرشد نفسه عن: التفاوت الذي تحمله هذه الرسالة في شطريها، كيفية تلخيص عناصر التفاوت، ما هي الكلمات التي يستخدمها، والتي تتمشى مع لغة المسترشد.

المرشد: أنت من ناحية تشعر بأنه لا بد من حدود لتساعد ابنك على السلوك القويم، ومن الناحية الأخرى فإنك تترك له العنان ليفعل ما يحب، كيف يمكن الجمع بين هذين الجانبين؟

3-

التفسير Interpretation:

التفسير مهارة تشتمل على تفهم، وتوصيل معنى رسالة صادرة عن المسترشد، وعن صياغة عبارات التفاسير فإن المرشدين يزودون المسترشدين بنظرة جديدة لأنفسهم، أو بتوضيح جديد لاتجاهاتهم أو سلوكياتهم، وفي رأي برامر وشوستروم "1982" Brammer & shostrom أن التفسير يشتمل على "إمداد المسترشد بفرض حول العلاقات، أو المعاني التي تتخلل سلوكياته"، ويرى جونسون "1981" Johnson أن التفسير يفيد المسترشدين؛ لأنه يؤدي إلى الاستبصار، والاستبصار يعتبر مفتاحا لحياة نفسية أفضل، ومقدمة لتعديل فعال للسلوك.

ويعرف كورميير وكورميير "1985" Cormier & Cormier التفسير بأنه "عبارة أو تقرير من جانب المرشد يجدد الرابطة، أو العلاقة السببية بين السلوكيات المختلفة للمسترشد، والوقائع والأفكار، أو تقدم تفسيرا ممكنا لسلوك المسترشد "المشتمل على مشاعره وأفكاره، والتصرفات المشاهدة"، ويختلف التفسير عن استجابات الإصغاء "إعادة الصياغة والاستيضاح، والعكس، والتلخيص" في أنه يتعامل مع الجزء الضمني "غير الظاهر" من رسالة المسترشد، ذلك الجزء الذي لا يتحدث عنه المسترشد بشكل ظاهر أو مباشر. "ص124".

أغراض التفسير:

1-

التفسير الفعال يمكنه أن يسهم في تنمية علاقة إرشادية إيجابية بتعزيز الانفتاح الشخصي للمسترشد، وزيادة وثوقه بالمرشد، وتوصيل اتجاهات الإرشاد للمسترشد.

ص: 109

2-

التعرف على العلاقات السببية أو الأنماط بين الرسائل، والسلوكيات الصريحة والضمنية للمسترشد.

3-

مساعدة المسترشدين على تمحيص سلوكهم من إطار مرجعي مختلف، أو بتفسير مختلف للوصول إلى فهم أفضل للمشكلة.

4-

تحفيز المسترشد لاستبدال سلوكه المنهزم، أو غير الفعال وإحلال سلوكيات أكثر وظيفية محلها.

وفي المعتاد فإن الإطار المرجعي الذي يستخدمه المرشد في التفسير يجب أن يتسق مع التوجيه النظري له، فالتفسير من منطلق نظرية أدلر يختلف عن التفسير من وجهة نظر التحليل الخاص بالتعاملات عنه في المدرسة المعرفية، ومن الملاحظ أن نظرية العلاج الجشطلتي تنظر للتفسير على أنه خطأ علاجي؛ لأنه ينزع المسئولية من المسترشد بينما تنمية المسئولية هدف أساسي في ذلك النوع من العلاج.

القواعد الأساسية للتفسير:

يعتبر التفسير أحد الأنشطة التي يقوم بها المرشد، والتي تساعد المسترشد على مواجهة الصراع، أو المشكلة بدلا من التصرف بدفاعية أو بالهروب منها، غير أن فاعلية هذا الأسلوب تتوقف إلى حد بعيد على مهارة المرشد في استخدامه، وتوقيته لهذا الاستخدام، وتعتبر القواعد التالية أساسية في استخدام استجابة التفسير.

1-

كن دقيقا في توقيت الاستخدام، وفي المعتاد فإن مثل هذه الاستجابة تؤجل للجلسات الأخيرة، ولا تستخدم في الجلسات الأولى، حيث يحتاج التفسير إلى معلومات كافية، وكذلك فإن المرشد يستخدم هذه الاستجابة في وقت مناسب من الجلسة بحيث يكون في الجزء الأول، أو الجزء الأوسط من المقابلة، ولا يستخدمه في نهاية المقابلة.

2-

تأكد من أن تفسيرك قائم على أساس من رسالة المسترشد، وليس على أساس من تحيزاتك، أو قيمك التي تسقطها عليه، مثلا لا تسحب خبرتك مع أولادك على المسترشد".

ص: 110

3-

انتبه إلى صياغة التفسير، ومن المفضل استخدام عبارات مثل، ربما، أو من الممكن أن، أو يبدو لي، أو إني أتساءل

فهذه الأساليب تقريبية وليست قاطعة حتى لا نضع المرشد في جانب ونستحث مقاومة المسترشد، أو دفاعياته نحو التفسير.

خطوات التفسير:

1-

أصغ وتعرف على المعنى الضمني لاتصال المسترشد، ماذا يقول المسترشد بشكل غير مباشر.

2-

ضع تفسيرًا يزود المسترشد بطريقة مختلفة قليلا للنظر في المشكلة، وهذا الإطار المرجعي الجديد للنظر للمشكلة يجب أن يكون نابغا من النظرية التي تستخدمها.

3-

تأكد من نظرتك للقضية أو المشكلة، وإطارك المرجعي يركزان على العوامل الإيجابية دون السلبية "التي لا يمكن للمسترشد أن يعدلها".

4-

تخير الكلمات المناسبة لصياغة التفسير، والتي تناسب كلمات المسترشد.

5-

اختبر فاعلية التفسير الذي قدمته للمسترشد عن طريق تقدير ردود فعل المسترشد له، ابحث عن علامات الإقرار غير اللفظية مثل الابتسام، وكذلك الجوانب اللفظية التي تدل على أن المسترشد يأخذ المسألة من إطار مختلف.

4-

تقديم "إعطاء" المعلومات Informationtd:

في كثير من الحالات، نجد أن المسترشد بحاجة إلى تزويده بمعلومات معينة، فعلى سبيل المثال المسترشد الذي أصيب مؤخرا بحالة عجز، أو إعاقة قد يحتاج إلى تزويده بمعلومات عن فرص التأهيل الممكنة، والطالب الذي وصل إلى نهاية مرحلة دراسية قد يكون بحاجة إلى معلومات حول الفرص التعليمية، والتدريبية المتاحة له.

يعرف كورميير وكورميير إعطاء المعلومات بأنه "الاتصال اللفظي الذي ينقل البيانات، أو الحقائق حول الخبرات والوقائع، والبدائل أو الناس""1985 ص130".

ص: 111

أغراض إعطاء المعلومات:

1-

تعتبر المعلومات ضرورية عندما لا يعرف المسترشد الفرص، والاختيارات المتاحة، وكما يقول جيلات وزملاؤه Gelatt et al، فإن اختيارات الشخص تزداد إذا أمكنه أن يولد بدائل جديدة على أساس من معلومات.

2-

يكون إعطاء المعلومات هاما إذا كان المسترشد غير واع بالنتائج الممكنة لاختيار، أو خطة أو إجراء معين.

3-

يساعد إعطاء المعلومات المسترشد على الحكم على الاختيارات، والإجراءات المختلفة المتاحة له، ويعتبر ذلك الجانب هاما في عملية اتخاذ القرارات.

4-

يساعد إعطاء المعلومات على تصحيح البيانات غير الصادقة، أو غير المتسقة.

5-

يساعد إعطاء المعلومات المسترشدين على تمحيص المشكلات، والقضايا التي كانوا يتحاشونها.

الفرق بين إعطاء المعلومات، وإسداء النصيحة:

هناك اختلاف بين إعطاء المعلومات وتقديم النصيحة، ففي تقديم النصيحة، فإن الفرد الناصح يوصي عادة، أو يصف حلا معينا أو إجراءات معينة يتبعها من ينصت له "المنتصح"، أما إعطاء المعلومات فيشتمل على تقديم المعلومات المناسبة حول قضية أو مشكلة، ويكون القرار المتصل بالإجراءات النهائية صادرا عن المسترشد، ويوضح المثال التالي الفرق بين النصحية وإعطاء المعلومات:

المسترشد: لقد حصلت على الثانوية بمجموع مرتفع، ولكني متحير إلى أي الكليات أتجه.

المرشد "يقدم نصيحة": طالما أن درجاتك مرتفعة لماذا لا تتقدم لكلية الطب.

المرشد "يقدم معلومات": قد يكون من المناسب قبل أن تحدد الكلية التي تتقدم لها أن تتعرف على قدراتك، وميولك وبعض الجوانب الاجتماعية في حياتك، وأن تحصل على معلومات عن الفرص الدراسية المتاحة

ص: 112

أمامك، دعنا نعد هذه المعلومات سويا لتستفيد منها في اتخاذ القرار المناسب.

وفي المثال الأول فإن المرشد قدم توصية "نصيحة" للطالب أن يلتحق بكلية الطب، أما في المثال الثاني، فإنه بدأ في تحديد المعلومات التي ينبغي على الطالب أن يعرفها.

وهناك عدة مخاطر ترتبط بإعطاء النصيحة تجعلها أشبه بالفخ الذي يقع فيه المرشدون وهي:

1-

قد يرفض المسترشد هذه النصيحة، ويرفض معها أيضا كل الأفكار التي عرضها المرشد في محاولة لتأكيد استقلاليته.

2-

إذا قبل المسترشد النصيحة، وقادته هذه النصيحة إلى تصرف غير مناسب عاد عليه بنتاج سيئة، فإنه سيلقي باللائمة على المرشد، وقد ينسحب من الإرشاد قبل إتمامه.

3-

إذا تبع المسترشد النصيحة وكان سعيدا بنتيجتها، فإنه قد يصبح معتمدا بشكل واضح على المرشد، ويتوقع أو يطلب من المرشد المزيد من النصائح في الجلسات التالية:

4-

هناك احتمال أن يسيء المسترشد فهم النصيحة، وقد يسبب ضررا لنفسه، أو للآخرين في محاولته الالتزام بها.

القواعد الأساسية لإعطاء المعلومات:

إن تزويد المسترشد بالمعلومات يجب أن يكون أداة، أو وسيلة للإرشاد وليس غاية في حد ذاته، ويكون إعطاء المعلومات مناسبة بصفة عامة إذا كانت الحاجة للمعلومات ترتبط بشكل مباشر بمشكلات المسترشد وأهدافه، وكذلك عندما يكون عرض ومناقشة المعلومات وسيلة نساعد بها المسترشد على تحقيق أهدافه، ولكي ينجح المرشد في عملية إعطاء المعلومات للمسترشد، فإنه ينبغي عليه أن يأخذ في اعتباره ثلاثة جوانب أساسية تتصل بالإجابة على التساؤلات الآتية: متى نقدم المعلومات؟ ما هي المعلومات التي يحتاج إليها المسترشد؟ وأخيرا كيف تقدم هذه المعلومات؟

ص: 113

وبالنسبة للسؤال الأول "متى نقدم المعلومات"؟ فإنه يتصل بالتعرف على حاجة المسترشد للمعلومات، فإذا كان المسترشد ليس لديه البيانات الكافية، أو كانت البيانات التي لديه يعوزها الصدق، فإنه تكون هناك حاجة للمعلومات، ولكي تكون المعلومات فعالة، فإنها ينبغي أن تعطى للمسترشد في الوقت المناسب، فإذا أعطيت المعلومات قبل وقت الحاجة إليها، فإن المسترشد قد يهملها أو يتجاهلها.

أما ما يتصل بالسؤال الثاني "ما هي المعلومات التي نقدمها"، فهو يتعلق بتحديد المعلومات المفيدة، والمناسبة للمسترشد، وتكون المعلومات مفيدة عندما تكون غير متوافرة للمسترشد، وكذلك إذاك ان لديه الإمكانيات، لأن يستفيد منها، كذلك ينبغي أن نقدم المعلومات الهامة أولا حيث إن الفرد تكون قابليته للتذكر أكبر بالنسبة للأسبق في الترتيب من المعلومات، كذلك يحسن بالمرشد ألا يفرض أنواعا معينة من المعلومات على المسترشد الذي يلمس فيه الإحساس بالمسئولية.

أما "كيف نقدم المعلومات؟ " فإنه جانب هام يتصل بتقديم المعلومات داخل المقابلة الإرشادية، ويجب أن تناقض المعلومات بطريقة تجعلها مفيدة للمسترشد، وأن نشجعه على أن يتلقى المعلومات ويستفيد بها، كذلك ينبغي على المرشد أن يقدم المعلومات بصورة موضوعية، وألا يتجنب المرشد الحقائق لمجرد أنها مؤلمة، كما يحسن عدم إعطاء كمية كبيرة من المعلومات في الجلسة الواحدة، ذلك أن طاقة المسترشد في استيعاب المعلومات محدودة، وكلما زادت كمية المعلومات المعطاة دفعة واحدة، قل تذكرها ولهذا يفضل تجزئة المعلومات على عدة مرات.

ويجب أن يدرك المرشد أن المعلومات تختلف فيما بينها في العمق، وقد يكون لبعضها تأثير انفعالي على المسترشد، وفي العادة فإن المسترشد لا يصدر عنه رد فعل انفعالي إزاء المعلومات البسطية نسبيا، أو المتصلة بحقائق مثل المعلومات الخاصة بإجراءات الإرشاد، أو المعلومات المتعلقة بالتاريخ الوظيفي للمسترشد، ولكن المسترشد قد يستجيب بغضب أو قلق، أو الارتياح للمعلومات المتسمة بالعمق مثل نتائج اختبار، حاول أن تسأل عن رد فعل المسترشد تجاه المعلومات وأن تناقشه، حاول أيضا أن تزيد

ص: 114

من تفهم المسترشد للمعلومات التي قدمتها له، استخدم الورقة والقلم في تقديم المعلومات، واستعن برسم خطوط وتوضيح العلاقات بالنسبة للنقاط الهامة، أو اجعل المسترشد يستخدم الورقة، والقلم في هذه العملية لتحديد النقاط الرئيسية، حاول أن تحصل من المسترشد عن انطباعاته حول المعلومات التي قدمتها له، وأن تراجع معه هذه المعلومات بأن يلخصها، أو يكررها مرة أخرى على مسامعك، حاول أن تحدد أيضا الوقت الذي تتوقف فيه عن التعامل مع المعلومات؛ لأن الاستمرار في تقديم المعلومات سيشجع ميل المسترشد لتأجيل أو تجنب اتخاذ إجراء مناسب.

خطوات إعطاء المعلومات:

هناك ست خطوات أساسية في عملية تحديد متى، وماذا وكيف نقدم المعلومات.

1-

قدر المعلومات التي يحتاجها المسترشد بالنسبة للمشكلة التي لديه.

2-

حدد أكثر الجوانب أهمية لتشملها في عرضك للمعلومات.

3-

حدد كيف يمكنك ترتيب المعلومات في تتابع بطريقة تيسر فهم المسترشد وحفظه.

4-

خذ في اعتبارك كيف يمكنك أن تقدم المعلومات بطريقة يمكن للمسترشد أن يفهمها بها.

5-

قدر التأثير الانفعالي "النفسي" الذي يمكن أن تحدثه المعلومات على المسترشد.

6-

حدد مدى فاعلية عملية إعطاء المعلومات التي قمت بها، وذلك من خلال التعرف على ردود فعل المسترشد تجاهها، وكذلك مدى استخدامه لها في الجلسات التالية.

ص: 115