المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة - العملية الإرشادية

[محمد محروس الشناوي]

فهرس الكتاب

- ‌ مقدمة

- ‌الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌تعريف الإرشاد

- ‌علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى:

- ‌مراجع الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته

- ‌مدخل

- ‌خصائص المرشد

- ‌أولاً: العلم

- ‌ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية

- ‌ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد

- ‌مراجع الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية

- ‌تعريف العلاقة

- ‌أهمية العلاقة في الإرشاد:

- ‌خصائص العلاقة الإرشادية:

- ‌القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية:

- ‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة

- ‌مهارات الاتصال:

- ‌أولا: السلوك غير اللفظي:

- ‌ثانيًا: استجابات الإصفاء listening responses

- ‌الخلاصة:

- ‌مراجع الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية

- ‌المقابلة الأولى

- ‌مدخل

- ‌ موعد المقابلة:

- ‌ مكان المقابلة: "بيئة الإرشاد

- ‌مدة الجلسة:

- ‌التحضير للمقابلة:

- ‌أهداف المقابلة الأولى:

- ‌مراجع الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس: تصوير المشكلة:

- ‌التشخيص

- ‌معنى المشكلة:

- ‌مفهوم التشخيص:

- ‌أولًا: التشخيص كتصنيف:

- ‌ثانيا: التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته

- ‌النماذج المستخدمة في عملية التشخيص أو تصوير المشكلات

- ‌النموذج الطبي: the medical model

- ‌نموذج سييى لتصوير المشكلة

- ‌ نموذج لازاروس لتصوير المشكلة "1976

- ‌ نموذج كورميير وكورميير لتصوير المشكلات "1985

- ‌ملاحق

- ‌ملحق رقم 1: المجموعات الشخيصة للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيف dsmiii

- ‌ملحق رقم "5" نموذج لدراسة تاريخ حالة:

- ‌مراجع الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس: الاختبارات النفسية واستخدامها في مجال الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌الدور الذي تعلبه الاختبارات في مجال الإرشاد

- ‌اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد:

- ‌أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد:

- ‌تطبيق الاختبارات، والعوامل التي تؤثر فيه:

- ‌تفسير نتائج الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌العوامل التي تؤثر على درجة المسترشد "المفحوص" على اختبار:

- ‌علاقة التفسير بصدق الاختبار:

- ‌مصادر البيانات:

- ‌أساليب تفسير الاختبارات

- ‌مدخل

- ‌المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية

- ‌توصيل نتائج الاختبارات: "التقرير

- ‌بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد:

- ‌بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد

- ‌أختبارات الاستعدادات

- ‌اختبارات الشخصية:

- ‌مراجع الفصل السادس:

- ‌الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌تسجيل وترميز الملاحظة:

- ‌مزايا وعيوب الملاحظة:

- ‌مراجع الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد

- ‌مدخل

- ‌أهداف الإرشاد:

- ‌الأهداف العامة للإرشاد:

- ‌الأهداف الموجهة للمرشد:

- ‌اختيار وتحديد الأهداف

- ‌مدخل

- ‌مراجع الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع: اختيار طريقة للأرشاد

- ‌توقيت طرق الإرشاد

- ‌محكات اختيار رق "استراتيجيات الإرشاد

- ‌مراجع الفصل التاسع

- ‌الفصل العاشر: طرق الارشاد

- ‌مدخل

- ‌أولًا: القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي

- ‌التعزيز "التدعيم" reinforcement

- ‌ثانيًا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي

- ‌مدخل

- ‌التخلص المنظم من الحساسية systematic desensitization

- ‌مدخل

- ‌وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية:

- ‌صور أخرى للتخلص المنظم من الحساسية:

- ‌التدريب على السلوك التوكيدي

- ‌مدخل

- ‌تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي:

- ‌فينات التدريب التوكيدي

- ‌رابعًا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية

- ‌مدخل

- ‌إعادة الاندماج:

- ‌قانون أولي للعلاقة بين الأشخاص:

- ‌خصائص عملية الإرشاد:

- ‌النتائج الخاصة بالشخصية والسلوك:

- ‌خامسا: الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية

- ‌العلاج العقلاني الانفعالي rational emotive therapy

- ‌سادسًا: الطرق الواقعية

- ‌ الإرشاد باستخدام القراءة:

- ‌الإرشاد باسختدام الأنشطة

- ‌ الإرشاد بإتاحة المعلومات للمسترشد:

- ‌ نموذج إسلامي لمعالجة الغضب:

- ‌مراجع الفصل العاشر:

- ‌الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية

- ‌معنى التقويم

- ‌أهداف التقويم في الإرشاد:

- ‌إجراءات التقويم:

- ‌أولا: ماذا نقيس أبعاد الاستجابة:

- ‌ثانيا: كيف نقيس أساليب القياس

- ‌ثالثا: متى نقيس؟ وقت القياس

- ‌مراجع الفصل الحادي عشر:

- ‌الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد

- ‌أهمية إنهاء العلاقة الإرشادية termination of counseling

- ‌مراجع الفصل الثاني عشر:

- ‌الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للأرشاد ethical standards

- ‌مدخل

- ‌أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد

- ‌العلم

- ‌ الخبرة:

- ‌ رعاية مصلحة المسترشد:

- ‌ سرية المعلومات:

- ‌ العلاقة الإرشادية:

- ‌ كرامة المهنة:

- ‌جوانب عامة:

- ‌مراجع الصل الثالث عشر

- ‌أولا: العربية

- ‌ثانيا: الأجنبية

- ‌الفصل الرابع عشر: التسجيل،النماذج، التقارير

- ‌أولًا: التسجيل

- ‌ثالثا: التقارير

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة

‌الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة

"

الأبعاد الأساسية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة"

يرى كثير من الباحثين في مجال الإرشاد أن الشروط التي حددها كارل روجرز في صياغته عن العلاقة الإرشادية تعتبر أبعادًا أساسية تقع في قلب العملية الإرشادية، وهذه الأبعاد هي:

1-

التطابق.

2-

التفهم القائم على المشاركة.

3-

التقدير الإيجابي غير المشروط.

وقد أضاف كارخوف وبيرنسون "1977" Carkhuff & Berenson بعدا رابعا، وهو دقة التعبير Specifity of expression.

1-

التطابق "الأصالة""Congrunce" Genuiness:

يقصد بالتطابق أو الأصالة أن يكون المرشد قادرا على أن يكون هو نفسه بدون الحاجة إلى واجهة مهنية يختبئ وراءها، والمرشد الأصيل هو الذي لا يختبئ وراء قناع، أو يكتفي بأداء "دور المرشد"، وهو يوصل أصالته في العلاقة؛ لأنه يكون واعيا بمشاعره، وتصرفاته على النحو الذي يعايشها؛ ولأنه يكون صادقا وأمينا، ومباشرا في اتصاله بالمسترشدين، فإن استجاباته اللفظية "أقواله" تكون متمشية مع ردود فعله الداخلية، ومع استجاباته غير اللفظية، كما أنها تتصف بالتلقائية، وهذا النمط من التفاعل الخالي من الزيف يسهل عملية الثقة من جانب المسترشد حيث لا يحتاج للمرور في طبقات من الدفاعات، والواجهات ليرتبط مع المرشد، إن المرشد الذي يكون آمنا مع نفسه منفتحا على مشاعره واستجاباته، وأفكاره واتجاهاته سوف يعطي الفرصة للمسترشد ليشعر بالأمن والأمان.

إن الأصالة من جانب المرشد تسهم في وجود علاقة ذات فاعلية علاجية مع المسترشد يتقريب المسافة الانفعالية بينهما، وكذلك بمساعدة المسترشد على التطابق مع المرشد، وأن يرى في المرشد شخصا آخر مشابها لذاته، وتقوم الأصالة من جانب المرشد على خمس عناصر أساسية هي:

المساندة بالسلوكيات غير اللفظية، وسلوك الدور، والتطابق، والتلقائية في التعبير عن النفس، والانفتاح.

ص: 61

وفي جانب السلوكيات غير اللفظية، فإنه بوسع المرشد أن يستخدم مجموعة من التصرفات التي تنقل للمسترشد أصالة في تقبله، وبشرط ألا يبالغ في هذه التصرفات كذلك، فإن المرشد الذي لا يركز بشكل مبالغ فيه على دوره الإرشادي، وسلطته في العملية الإرشادية يمكن أن يوصل للمسترشد أصالته، أما التطابق فيقصد به أن يكون هناك اتساق تام بين أقوال ومشاعر، وتصرفات المرشد، وبالنسبة للتلقائية، فتعني أن يعبر المرشد عن أحاسيسه كما يعايشها دون تعديل أو تزييف، وأن يكون ملامسا لخبرته الشخصية كما يعني الانفتاح أن ينقل المرشد جانبا من خبراته إلى المسترشد، وهذه الجوانب كلها من شأنها أن تنمي ثقة المسترشد في نفسه، وكذلك ثقة المرشد في نفسه، وبالتالي الثقة بين المرشد والمسترشد.

2-

التفهم القائم على المشاركة Empathic Understanding:

إن القدرة على المشاركة الوجدانية "التعاطف" في العلاقة الإرشادية تستدعي أن يستجيب المرشد بحساسية، ودقة لمشاعر المسترشد، وخبراته كما لو كانت تخصه، والمشاركة الوجدانية تعني قدرة المرشد على تبني الإطار المرجعي الداخلي للمسترشد، بحيث يمكن فهم العالم، والمعاني الخاصة بالمسترشد بدقة، ومن ثم توصيلها من جديد إليه، وهذه العملية، التي تسمى "تقمص التجربة" تشبه العلاقة التي يكونها القارئ مع بطل الرواية التي يقرؤها، وقد وصف ترواكس وميتشيل Truax & Mitchell هذه العملية على النحو التالي:

"عندما نحاول معرفة بعض من رغباته، أو بعض من حاجاته وبعض من إنجازاته، وبعض من إخفاقاته، وبعض من قيمه، فإننا نجد أنفسنا نعيش مع الشخص الآخر على النحو الذي نفعله مع بطل إحدى الروايات

ونصل إلى أن نعرف الشخص من وجهة نظر إطاره المرجعي الداخلي، ومن ثم نكسب بعض التفهم، وبعض التذوق لخبراته كما يعيشها من لحظة للحظة أخرى.. "1971، ص315".

ولكي يستجيب المرشد بتفهم قائم على المشاركة لما يقوله المسترشد، فإن المرشد يحتاج أن يكون حساسا لاتصالات المسترشد سواء كانت لفظية، أو غير لفظية، وأن يكون

ص: 62

مدركا لها، ويقصد بالحساسية في هذا المضمار وجود وعي زائد بالشخص الآخر "المسترشد"، كما أن الإدراك يشير إلى القدرة على الفهم، والحساسية مهارة أساسية تسمح للمرشد أن يتعرف على مشاعر المسترشد، كما أن الإدراك مهارة معرفية تمكن المرشد من أن يتعرف على مثير الشعور، "أي المثير الذي ولد الشعور" وهاتان المهارتان: الحساسية والإدراك تتضافران مع لتنتجا الاستجابة المتقدمة المتمثلة في التفهم القائم على المشاركة.

إن المشاركة تعطي الفرصة للمرشد أن يسمع، وأن يستجيب لمشاعر المسترشد، أي لغضب المسترشد ولامتعاضه، ولخوفه، ولعدائيته، ولاكتئابه، ولفرحه، وعدما يستطيع المرشد أن يصغي بدقة العالم المسترشد، وأن يتعرف بدقة على المشاعر التي يعايشها هذا المسترشد، فإن المسترشد، فإن المسترشد يصبح أكثر قدرة على الإصغاء لنفسه، والمشاركة تسمح للمرشدين أن يعبروا عن أنفسهم بينما يحتفظون باستقلالهم وفرديتهم.

وكذلك فإن التفهم القائم على المشاركة يتضمن تبني المرشد للإطار المرجعي للمسترشد، وهذا يتضمن الإصغاء للمسترشد بدون إصدار أحكام، وبينما يعبر المسترشد عن أفكاره، ومشاعره وقيمه واتجاهاته وآماله، وطموحاته، فإن المرشد يصغي بدون أن يصف أيا منها بأنه صحيح أو خاطئ، حسن أو قبيح، وهذا الاتجاه اللاتقويمي يجعل المسترشدين أكثر تقبلا لأنفسهم.

ويرى روجرز أنه عندما يصبح بوسع المرشد أن يتعرف على العالم الداخلي للمسترشد بدون أن يفقد هويته الخاصة في العملية، فإن التغيير يصبح حينئذ محتمل الحدوث، كما يحدد برامر وشوستروم "1982" أن الاستجابة بالمشاركة للمسترشد تعني التفكير معه، وليس له أو حوله.

3-

الاحترام أو التقدير الإيجابي Respect or Pegard:

يعني التقدير الإيجابي، أو الاحترام القدرة على تقدير المسترشد كشخص له قيمة وله كرامة، وتوصيل التقدير الإيجابي للمسترشد يؤدي عددا من الوظائف في تكوين علاقة إرشادية فعالة منها أنه يوصل للمسترشد رغبة المرشد في العمل معه، وكذلك

ص: 63

اهتمامه به كشخص وتقبله له، ويحدد روش وبوردن "1957" Raush and Bordin أربعة جوانب أساسية للتقدير الإيجابي وهي: وجود إحساس بالالتزام نحو المسترشد، وبذل الجهد لفهم المسترشد، وتعليق "حجب" الأحكام النقدية، والتعبير عن قدر معقول من الدفء.

وقد لاحظ كارخوف وبيرينسون أن التقدير الإيجابي، أو احترام الآخرين ينشأ من احترام الذات، وأن المرشدين الذين لا يحترمون خبراتهم وأفكارهم، ومشاعرهم الشخصية سيجدون صعوبة في احترام أفكار، ومشاعر الآخرين، كذلك فإن توصيل الاتجاه الخاص بالدفء، والاهتمام والتقدير للمسترشد يقوم إلى حد بعيد على أساس من التفهم القائم على المشاركة.

وهناك علاقة بين التقدير الإيجابي، وبين أصالة المرشد أو تطابقه في العلاقة، فالمرشد الذي لا يحترم قدرة المسترشد على مواجهة الحياة، والتعامل مع مشاعره واستجاباته سيجد صعوبة في أن يسهم بأفكاره ومشاعره، وردود الفعل لديه حول سلوك المسترشد، وهو إسهام ضروري لنمو هذا المسترشد، بمعنى آخر فإنه بدون احترام المرشد للمسترشد، فإن هذا المرشد سيجد صعوبة في مواجهة

المسترشد في إطار العلاقة، وبذلك فإن الاحترام الذي يكنه المرشد للمسترشد يساعد المرشد على أن يكون صادقا، ومتطابقا في العلاقة إن الدفء والمشاعر الإيجابية يمكن للمرشد أن يوصلها للمسترشد بطرق لفظية "بالكلام"، وكذلك بطرق غير لفظية.

فمن الطرق اللفظية أن يقول المرشد: "إني مهتم بمشكلتك" "موضوعك أنا مهتم

به" "أنت ستكون موضع اهتمامي".

أما الأساليب غير اللفظية فمنها:

نظرة العينين، نبرة الصوت، تعبيرات الوجه، وضع الجلوس، القرب من المسترشد، ولمسات الحنو.

4-

متانة ودقة التعبير Concreteness & Specifity of expression:

أضاف كارخوف وزملاؤه بعدا رابعا للأبعاد الذي تحدث عنها ورجرز، "التطابق،

ص: 64

والتفهم القائم على المشاركة، والاحترام أو التقدير الإيجابي"، وهذا البعد الجديد أطلقوا عليه المتانة أو دقة التعبير، وقد عرف كارخوف، وبيرنيسون هذا البعد بأنه: يشتمل على التعبير الطليق، والمباشر، والكامل عن مشاعر، وخبرات معينة بصرف النظر عن محتواها الانفعالي "1977، ص13" كما حددا وظيفة هذا البعد الجديد في العلاقة الإرشادية على النحو التالي:

1-

تضمن المتانة أن استجابة المرشد تكون قريبة من مشاعر وخبرات المسترشد.

2-

تنهض المتانة بالدقة في تفهم المسترشد، كما تكمن إزالة سوء الفهم والتعرف عليه عندما تصاغ الخبرات، والمشاعر في اصطلاحات محددة.

3-

تدفع المتانة أو دقة التعبير، المسترشد لأن يتعامل بتحديد كبير مع مجالات المشكلات، والصراعات الانفعالية.

إن هذا البعد من العلاقة الإرشادية يعمل بصورة أكبر من الأبعاد الثلاثة الأولى على تحريك المسترشد خلال العملية الإرشادية بتشجيعه على استكشاف مشكلات حياته وعلاقاته بالآخرين، وفي رأي إيجان Egan أن منطق عملية الإرشاد ينطبق على المتانة: فإذا كان المرشد دقيقًا في تعبيره بقدر الإمكان عندما يستجيب للمسترشد، فإن المسترشد بدوره سيتعلم أن يكون دقيقًا في التعبير عن استكشافه لسلوكه.

وقد يحدث في حالات كثيرة أن يكون المسترشد غير قادر على التعبير عن مشاعره في صورة دقيقة، وهنا تقع على المرشد مسئولية مساعدته على أن يصبح أكثر ملامسة لمشاعره، ويقوم المرشد بذلك عن طريق الاستجابة للمشاعر الخاصة بالمسترشد، وللمثير الذي ولدا هذا الشعور، فإذا أوضح المسترشد أنه مشوش أو محبط، فإن المرشد يحاول أن يتعرف بشكل أدق على الإحساس الذي يعايشه المسترشد، وأن يحاول كذلك تحديد المثير الخاص بهذا الشعور.

ص: 65

الاتصال في العلاقة الإرشادية Communication:

يعني الاتصال "التخاطب" عملية متبادلة بين شخصين على الأقل أحدهما مرسل والثاني مستقبل، والاتصال لا يقصد به الكلام الموجه لشخص آخر، وإنما هو الكلام مع شخص آخر، إنه عملية يجب أن تسير في كلا الاتجاهين، ويعني ذلك بالنسبة للإرشاد أن يكون من المرشد للمسترشد، ومن المسترشد للمرشد.

والموضوع الذي يجري توصيله هو الذي يفهمه المستقبل، أما الذي لم يفهمه فإنه لم يتم توصيله، ولهذا فينبغي ألا يقصر المرشد اهتمامه بما يقوله هو والمسترشد، وإنما يهتم أيضا بما يفهمه المسترشد، وبما يدركه في إطار العلاقة الإرشادية، ويتوقف مدى فهم المسترشد للمرشد على ثلاثة عوامل أساسية هي:

1-

علاقة المعلومات بحاجات المسترشد.

2-

العلاقة مع المعلومات الموجودة في المجال الإدراكي للمسترشد.

3-

انفتاح المجال الإدراكي للمسترشد لحظة الاتصال.

ولكي تكون المعلومات ذات فاعلية، فإنها يجب أن ترتبط بالمشكلات، والاهتمامات الراهنة للمسترشد، وسوف يستقبل المسترشد ما يحتاجه، ولكن الحاجات الفورية تكون أكثر إلحاحا، ومثابرة عن تلك الخاصة بالمستقبل.

والمعلومة أو الخبرة تكون أكثر دلالة للفرد عندما تكون مرتبطة بوعيه الحالي، وعندما يكتشف شخص ما العلاقة بين المعلومات الجديدة، أو الخبرات لما يفهمه فعلا، فإن ذلك سيعطيه معنى جديدًا، وأحد الإحباطات التي تحدث في الاتصال تكون نتيجة أن أحد طرفي الاتصال لم ينجح في معاونة الثاني على إدراك المعلومة الجديدة في الوعي الحاضر، إذ من الصعب أن نستوعب الأفكار الجديدة عندما لا تكون متسقة مع تلك الموجودة لدينا فعلا.

ومن العوامل الأساسية الهامة في الاتصال انفتاح المسترشد، وعندما يشعر الفرد بالتهديد، فإنه سيصبح أكثر انغلاقًا أمام الاتصال الجديد، وأمام الكشف عن معلومات جديدة عن نفسه، ويمكن أن نصور انفتاح المسترشد من خلال التعرف على نموذج جوهاري للوعي.

ص: 66

نموذج جو هاري للوعي Johari،s Awareness Model:

طور هذا النموذج جولفت وهاري إنجهام "1963" Joe Luft & Hary Ingham، ويعرف باسم نافذة جوهاري The Johari widow ويساعد هذا النموذج، أو هذه النافذة على تصوير عملية الاتصال المنفتح بين المرشد والمسترشد ويوضح شكل "4" أنه في أي علاقة بين شخصين يوجد أربعة أنواع من المعلومات تمثلها الخلايا الأربع "أو الأرباع" الخاصة بالنافذة، ففي الخلية رقم "1" هناك المعلومات التي يعرفها الفرد عن نفسه "المسترشد"، وكذلك يعرفها عنه الطرف الآخر في الاتصال "المرشد".

أما الخلية رقم "2"، فتيشير إلى المعلومات التي يرى الفرد ألا يبوح بها، أو يكشفها للآخرين، مثل المخاوف، جوانب القلق، الشكوك، الحياة الجنسية، المشاجرات والخلافات مع الآخرين، مشاعر الصراع ومشاعر التشويش.

وتشير الخلية الثالثة إلى المعلومات التي يعرفها الآخرون عن الفرد، ولكنه لا يعرفها عن نفسه، وتعرف أحيانا بالمنطقة "العمياء"، أو منطقة "النفس الكريه" Bad Breathe أما الخلية الرابعة، فتشتمل على الجوانب الفضولية حول الذات، والتي لا يملك أي من الطرفين جوابا كافيا، أو معلومات جيدة حولها: لماذا لا أستطيع أن أضبط غضبي؟ لماذا لا أستطيع أن أتوقف على التدخين؟

معلوم للآخر غير معلوم للآخر

شكل "4" نموذج -نافذة- جوهاري Johari window

ص: 67

ويمكن أن ندرك من واقع تعرفنا على نافذة جوهاري أن الاتصال الأولى المنفتح بين المرشد، والمسترشد يهتم بمساعدة المسترشد على أن يشعر بالأمن، وعدم التهديد "من خلال التقبل والاحترام، والمشاركة والأصالة التي يظهرها المرشد في العلاقة الإرشادية"، وبذلك فإن المسترشد يحرك بعض المعلومات من الخلية رقم "2"، والتي تشتمل على المعلومات التي يحاول المسترشد أن يحجبها، إلى الخلية رقم "1" التي تمثل منطقة المعلومات المعروفة للمسترشد وللمرشد.

وهذه العملية لا تكون سهلة بالنسبة لمعظم المسترشدين إذ قد تكون هذه المعلومات لم يسبق أن أطلع المسترشد أحدًا عليها، وربما يرجع ذلك لطبيعة محتواها، المتمثل عادة في مشاعر الغضب والخوف والقلق، وكذلك بعض الأفكار غير المقبولة، ويجد المسترشد أنه من الصعب عليه أن يواجهها، ويتعامل معها، وليس من الغريب أن يسمع المرشد من المسترشد أنه لم يسبق له أن تحدث بهذه المعلومات مع أحد غيره، وعندما يحدث ذلك فإن شعور المسترشد هنا يكون الإحساس بالتنفيس أكثر من كونه إحساسا بالقلق.

ويساعد استخدام نموذج أو نافذة جوهاري للوعي على تفهم مستويات العمق في العلاقات بين الأشخاص، وكذلك معنى الثقة، وكل المعلومات التي يعرفها المسترشد عن نفسه يمكن وضعها إما في خلية رقم "1"، أو خلية رقم "2"، كذلك فإن أي معلومات يعرفها شخص عن الآخر يمكن وضعها في الخلية رقم "1"، أو الخلية رقم "3"، وفي العادة فإن الناس يختارون بين أن يحتفظوا أو يبوحوا بالمعلومات الخاصة بأنفسهم "المعلومات التي في الخلية رقم "2" كذلك، فإنهم يختارون بين أن يشتركوا أو يحجبوا المعلومات، والانطباعات التي لديهم عن الآخرين "خلية رقم3".

ويمكن أن نقدر مدى قوة العلاقة بين أي شخصين على أساس من مقدار، ونوع المعلومات التي سوف يختار كل منهم أن يشترك بها مع الآخر "أي تحركه من الخلية رقم2 إلى الخلية رقم1"، وكلما زادت كمية وأهمية المعلومات التي يختار الفرد أن يشارك بها مع غيره زاد التركيز في العلاقة وازداد عمق الثقة، وعلى العكس من ذلك فإن عدم الثقة يمكن أن ننظر إليه على أنه يرتبط مباشرة مع كمية، ونوع المعلومات التي يختار الفرد ألا يطلع عليها غيره، والفرق بين العلاقة القوية والعميقة، والعلاقات السطحية هو كمية

ص: 68

المعلومات التي يرغب كل طرف في أن يشترك بها مع الآخر، ومن الواضح أنه من المهم للمرشد أن يكون هو الشخص الذي يمكن لكثير من الناس أن يطوروا معه علاقات شخصية عميقة.

التغيرات التي تحدث في خلايا نافذة جوهاري أثناء الإرشاد:

تساعد نافذة جوهاري على وصف جانب الوعي الذاتي في عملية الإرشاد. وعندما يبدأ المسترشد في الكلام عن نفسه مع المرشد، فإن كمية المعلومات التي تكون معروفة لكل من المسترشد، والمرشد تتسع بينما تضيق كمية المعلومات المعلومة للمسترشد وحده، وتكون غير معلومة للمرشد، أي المعلومات الخاصة "خلية رقم2".

ويوضح هذه العملية شكل رقم "4" حيث يزداد حجم الخلية رقم "1"، وينقص حجم الخلية رقم "2".

معلومة للمرشد غير معلوم للمرشد

شكل "5" عملية المشاركة في الإرشاد كما تصورها نافذة جوهاري نتيجة بدء المسترشد في المشاركة بمعلوماته:

ومع استمرار التفاعل، فإن المرشد يبدأ في صياغة انطباعات، وفروض حول المسترشد، وحول دوافع هذا المسترشد لتصرفاته، وفروض حول كيف يؤثر سلوك المسترشد على الآخرين من حوله، وافتراضات حول آراء المسترشد، وتفسيرات لنشوء مشاعر قوية مثل القلق، والغضب، والشك، والتشوش، وكثير من هذه الفروض التي يضعها المرشد لا تكون جزءًا من وعي المسترشد، ويمكن أن ننظر لها على أنها تقع في

ص: 69

الخلية رقم3- أي المعلومات غير المعروفة للمسترشد، ولكنها معروفة للمرشد، وفي مراحل تالية فإن جانبا هاما من عملية الإرشاد يتمركز حول تبادل هذه الفروض، والملاحظات مع المسترشد "أي توصيلها له"، وهنا نجد استخدام رسائل موجهة من المرشد تبدأ بضمير المتكلم "أنا"، وكذلك المواجهة البناءة مع المسترشد تشكلان قواعد اقتراب المرشد من مشاركة المعلومات، وعندما يجعل المرشد هذه الملاحظات، والفروض متاحة للمسترشد ليفكر فيها ويكتشفها، فإن التحرك يكون من الخلية رقم "3" إلى الخلية رقم "1" في نافذة جوهاري، ويبدأ المسترشد في معرفة المزيد عن نفسه، وتصبح وتصحب مجموعة من الأشياء المجهولة "العمياء" أكثر قربا للفهم، ومع مرور الوقت فإن ما حدث خلال هذه العملية يمكن تصويره في نافذة جوهاري، كما في شكل "5"، ويصبح بوسع المرشد والمسترشد أن يفهما سويا واقع المسترشد بشكل أكبر، ويقل ذلك الجانب المجهول حول المسترشد وسلوكه، وهذه العملية تعتبر عملية موجهة لفهم الذات واكتشافها، وقد تكون هذه العملية مؤلمة في بعض الأحيان.

معلومة للمرشد غير معلوم للمرشد

شكل "6" العلاقة بين خلايا نافذة جوهاري بعدما يزود المرشد المسترشد بانطباعاته:

إن العلاقة الإرشادية ابتداء من انفتاح المسترشد، وثقته في المرشد تجعل بعض المعلومات "أو كثيرًا منها" التي كان المسترشد يخفيها عن الآخرين متاحة للمرشد، وبذلك تتحرك من الخلية رقم "2" إلى الخلية رقم "1"، ومع استمرار العلاقة وبدء المرشد في التعامل بصراحة مع المسترشد، فإنه يدلي بانطباعاته، وافتراضاته حول سلوك المسترشد مما يجعل جزءًا من المعلومات المتاحة للمرشد وغير المعروفة للمسترشد، تدخل إلى وعي المسترشد، ويتعامل معها وتصبح في الخلية رقم "1"، وذلك يمكن القول أن الاتصال في الإرشاد يكون هدفه زيادة وعي المسترشد بمشكلته، ومن ثم زيادة الجانب الواضح من السلوك، واتساع الخلية رقم

"1"، وضيق باقي الخلايا.

ص: 70