الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية:
تعتبر طريقة التخلص المنظم من الحساسية أسلوبا هاما لمساعدة المسترشدين في التغلب على استجابات القلق والمخاوف التي أشرطت لمواقف أو أحداث خاصة. وقبل أن نصف هذه الطريقة نود أن نشير إلى أن الأشخاص الذين يبحثون عن علاج لقلق نوعي محدد المصدر "لتمييزه عن القلق الطليق أو المعمم" ينقسمون إلى مجموعتين:
ففي المجموعة الأولى تكون المشكلات الخاصة بهؤلاء الأفراد مرتبطة بوجود قلق غير منطقي "أو خوف غير منطقي" ومثل هؤلاء الأفراد يفيد أسلوب التخلص المنظم من الحساسية بشكل كبير في علاجهم. وينظر إلى القلق على أنه غير منطقي إذا كان هناك دليل على أن الفرد القلق أو الخائف لديه المهارات الكافية للتغلب على ما يخاف منه، ولكنه اعتاد على تجنب الموقف الذي يحدث فيه الخوف، وإذا لم يستطع تجنب هذا الموقف فإن أداءه يكون في مستوى أدنى من قدراته. فالسائق الذي لديه خبرة ومهارة في قيادة السيارات قد يتجنب قيادة السيارة تماما في أعقاب تعرضه لحادث، وإذا قاد السيارة فإنه قد يقودها بمهارة أقل مما يعتاد عليه بسبب نقص انتباهه نتيجة لما يعانيه من قلق.
أما المجموعة الثانية، فإن الخوف فيها يكون منطقيا إلى حد ما، سواء كان مرجع ذلك إلى نقص المهارات المناسبة لدى الفرد، أو بسبب وجود خطورة حقيقية في الموقف الذي يخاف منه أو كليهما. وفي مثل هذه الحالات فإن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية لا يكفي وحده كأسلوب علاجي أو إرشاد، بل قد يكون غير مناسب بالمرة كعلاج في مثل هذه الحالات، فمثلا السائق حديث العهد بقيادة السيارات نتوقع منه أن يتجنب استخدام طريق جبلي وعر في يوم ممطر. وقد تؤدي عملية التخلص المنظم من الحساسية إذا نجح المعالج في استخدامها في هذه الحالة إلى نتائج قاتلة بالنسبة لهذا السائق "لإقدامه على مخاطرة أكبر من مستوى قدراته". ومن ثم فإن المعالج أو المرشد
قد يتجه في هذه الحالة إلى مساعدة السائق على اكتساب مزيد من المهارة في قيادة السيارات من خلال إرشاده إلى مراكز التدريب المناسبة بدلا من مساعدته على التخلص من الخوف الذي يعتبر في مثل هذه الحالات خوفا معقولا ومنطقيا.
إن مهمة تحديد ما إذا كان الخوف منطقيا أم غير منطقي تقع على المرشد أو المعالج، فإذا حدد أن الخوف أو القلق الموجود لدى المسترشد غير منطقي، فإن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية يصبح الأسلوب المناسب للعلاج.
ويعتمد استخدام هذه الطريقة في بدايته على ما يقدمه المرشد أو المعالج من شرح مبسط حول هذه الطريقة، ومن تحديده للخطوات الثلاث السابق ذكرها وهي:
1-
التدريب على الاسترخاء "الاستجابة المضادة للخوف أو القلق".
2-
إعداد مدرج للقلق.
3-
مرحلة العمل "عملية التخلص المنظم من الحساسية".
1-
التدريب على الاسترخاء:
يتم هذا التدريب في غرفة هادئة ذات إضاءة خافتة، وتكون بعيدة عن الضوضاء الخارجية وبها أثاث بسيط، ومن المفضل أن تشتمل الغرفة على أريكة حيث يمكن تيسير الاسترخاء عن طريق استلقاء المسترشد عليها، فإذا لم تتوافر الأريكة فيمكن استخدام كرسي كبير ومريح.
وتبدأ الخطوة الأولى في الاسترخاء بأن يجلس المسترشد على الأريكة أو الكرسي، ويسند ظهره إليه "أو يستلقي على الأريكة" ثم يغمض عينيه.
ويبدأ المعالج بأن يقول:
"سوف أقوم بتدريبك على كيفية الاسترخاء، وسوف أطلب منك أثناء التدريب أن تقوم بشد بعض العضلات في جسمك ثم إرخائها، وهكذا في بقية عضلات الجسم، هل تتابعني؟ ".
ثم يبدأ المعالج بعد ذلك في خطوات الاسترخاء، خطوة خطوة، ومن المفضل أن يتم توجيه تعليمات الاسترخاء بصوت هادئ مريح، وتستغرق كل خطوة حوالي عشر ثوان يتخللها فترة راحة بين 10، 15 ثانية بين كل خطوة والخطوة التالية لها، ويستغرق التدريب كله حوالي نصف ساعة "انظر موضوع الاسترخاء".
ويفضل في الجلسة الأولى للاسترخاء أن يقوم المرشد او المعالج أيضا باستخدام خطوات الاسترخاء مع المسترشد حتى يمكن للمسترشد أن يلاحظ إذا لزم الأمر كيف يقوم المرشد بذلك، كما ننصح المرشد بأن يجعل مدة الفواصل بين الخطوات مناسبة للمسترشد الذي يعمل معه كما يشجعه على أن يمارس الاسترخاء بنفسه في المنزل ويفضل أن يكون ذلك بواقع مرتين في اليوم، كما يمكن أن نساعد المسترشد على هذا الأداء عن طريق تسجيل الخطوات على شريط كاسيت يستخدمه المسترشد بعد ذلك في المنزل، وقد يحدث في بعض الأحيان أن يشعر بعض الأفراد بعدم الارتياح أثناء الجلسة الأولى للتدريب على الاسترخاء وبالتالي فإنهم قد لا يصلون إلى الاسترخاء العميق على الوجه المطلوب، وفي مثل هذه الحالات فإن التدريبات المنزلية قد تساعدهم على تمام ذلك، وفي المعتاد، فإن التدريب على الاسترخاء يستغرق جلستين أو ثلاث جلسات، ويمكن للمرشد أو المعالج أثناء التدريب أن يستخدم بعض العبارات المشجعة أو المساعدة "خذ نفسك بشكل طبيعي"
…
"احتفظ بعضلاتك مسترخية"
…
لاحظ كيف تحس الآن أن عضلاتك دافئة وثقيلة ومسترخية"1.
وفي بعض الحالات قد يصبح من الصعب على بعض الأفراد أن يتمموا الاسترخاء حيث يصبح من الصعب على البعض أن يسترخي في وجود الآخرين، أو أن يغمض عينيه لفترة تزيد على بضع ثوان، بل إن البعض "وهم قلة"، يخافون من الاسترخاء، وقد أوصى كل من برادى "1966 Brady وفرايدمان Friedman باستخدام بعض العقاقير مثل البريفيتال "ميتا هيكستون الصوديوم"، كما استخدام البعض مزيجا من غازي ثاني أكسيد الكربون والأكسجين "وولبيه ولازاروس 1966 Wolpe & Lazarus، وولبيه 1977".
1 يعود تطور أسلوب الاسترخاء إلى جاكوبسون "1938" Jacobson.
2-
إعداد مدرج القلق:
من الضروري أن يحدد المرشد مصدر القلق لدى المسترشد سواء كان هذا المصدر مواقف أو أفكارا، ويمكن أن يتم ذلك باستخدام أساليب تقدير وتحليل السلوك "انظر الفصل الخاص بتصوير المشكلة" حيث يمكن أن يتم ذلك باستخدام المقابلة أو أسلوب التسجيل الذاتي أو الملاحظة أو المذكرات الشخصية أو باستخدام بعض الاستبيانات الخاصة بالخوف، على سبيل المثال قائمة المخاوف "انظر الملحق"، أو باستخدام بعض القياسات الفيزيولوجية.
وبعد تحديد المثيرات المولدة للقلق، فإنها تقسم إلى مجموعات تبعا للعناصر المشتركة بينها. فمثلا قد يشعر شخص ما بالقلق من نقد الآخرين له ومن حساسية الذاتية العالية ومن سوء فهم الآخرين له، ومثل هذا الشخص تكون مخاوفه مركزة حول موضوع عام للخوف وهو الخوف من الأحكام الاجتماعية المضادة "الآراء السلبية حول الشخص". كذلك قد تجمع بعض المثيرات تبعا لحادثة معينة مثل الطلاق، ومثل هذه المجموعة تصبح الأساس الذي يبنى عليه مدرج مكاني وزماني Spatio-temporalhierarchy.
والمشكلة التي تقابلنا في هذا الصدد هي أن المعالج قد يقسم المثيرات بناء على موضوع أو حادث غير مناسب، فعلى سبيل المثال فإن الخوف من الوجود في المركبات العامة المزدحمة أو المصاعد أو في ساعات الذروة للمرور، هذه كلها يجمعها موضوع واحد هو الخوف من الزحام البشري، على حين أن الموضوع الحقيقي الذي يجمع بينها ربما يكون الخوف في منطقة محدودة؛ ولهذا فإن عملية اختيار موضوعات أو عناصر مشتركة تعتبر من المهارات التي ينبغي على المعالج أن يدرب نفسه عليها.
وبعد تحديد مصادر القلق وتقسيمها إلى مجموعات، فإن المعالج يتولى تحديد ما يحتاج منها إلى علاج، فهناك مخاوف تكون ذات طبيعة تكيفية يحتاجها الفرد في حياته، فالطالب الذي يخاف من مسايرة زملائه في المدرسة في سلوك التدخين في دورات المياه لا يمكن أن تعالجه من هذا الخوف؛ لأن مثل هذا الخوف يعتبر مرغوبا وصحيا وله
قيمة تكيفية. كذلك من الممكن أن نعزل بعض المخاوف أو نؤجل علاجها لأنها لا تمثل أهمية ضاغطة بالنسبة لمشكلات المسترشد الأساسية. وهناك مخاوف تقوم على أساس من مفاهيم وإدراكات خاطئة "مثلا الخوف من الإصابة بأمراض عقلية"، وربما يكون أفضل علاج في هذه الحالة استخدام أسلوب تعليمي، لكن في نفس الوقت هناك مخاوف مرضية تنشأ من الخبرات السابقة والارتباطات الانفعالية، وليس من مجرد تصورات خاطئة، ومثل هذه المخاوف هي التي نستخدم معها عادة أسلوب التخلص التدريجي من الحساسية.
أما الخطوة التالية في إعداد مدرج القلق فهي أن نأخذ كل مجموعة من مثيرات الخوف، "عادة يكون لدى المسترشد مجموعتان أو أكثر من هذه المجموعات" وترتب هذه المجموعات في شكل تدرج قائم على ترتيب المثيرات تبعا لكمية القلق أو الخوف التي تولدها لدى المسترشد مع وضع الجوانب التي تولد أقصى درجة من القلق في قمة المدرج وأقلها في القاعدة. وقد تفيد القياسات الفيزيولوجية في هذا الترتيب، ولكن من المعتاد أن نعتمد على التقدير الشخصي للمسترشد نفسه عن كمية القلق التي يعايشها في الموقف الطبيعي "موقف الخوف". ولكي يسهل عليه التقدير يمكن أن نستخدم المقياس الذي اقترحه وولبيه، حيث تمثل الدرجة 100 أسوأ درجات القلق الذي يمكن للفرد أن يتخيله وتكون الدرجة صفر هي أدنى مستوى أي عدم وجود القلق، وتعرف وحدات هذا المقياس "التدريج" بوحدات القلق الشخصية، وبذلك فإن المسترشد يعبر عن درجة قلقه في صورة درجات "وحدات" بين صفر، 100، ويرى وولبيه ألا تزيد الفروق بين الفقرات المتتابعة عن 5-10 وحدات، وبذلك فقد نحتاج إلى إضافة فقرات جديدة كلما دعت الحاجة لذلك.
وفيما يلي مثال لمدرج القلق والخوف:
مدرج القلق لطالب لديه قلق شديد من الامتحانات:
ليلة الامتحان حيث يبدأ أول الامتحانات في الصباح "أعلى درجة للقلق 100".
عند قراءة السؤال الأول من الامتحان.
عند انتهاء المحاضرات النظامية والإعلان عن جداول الامتحانات.
عندما يبدأ الأساتذة في تذكير الطلاب ببعض الجوانب الخاصة للامتحانات.
عند بدء الفصل الدراسي والأساتذة يتحدثون عن مطالب المقررات "أدنى درجة صفر".
3-
مرحلة العمل "إجراءات التخلص المنظم من الحساسية":
بعد أن يتم تدريب المسترشد على الاسترخاء وإعداد مدرج القلق، تبدأ عملية التخلص المنظم من الحساسية والتي تتم إما في الواقع الملموس للحياة in vivo أو عن طريق التخيل Covert وهو الأكثر شيوعا. وإذا كان المسترشد يعاني من أكثر من نوع من المخاوف وأعددنا معه أكثر من مدرج لهذه المخاوف فإن العلاج يركز في البداية على أكثر هذه المخاوف أهمية بالنسبة له، وقد يمكن للمرشد أن يتعامل في الجلسة الواحدة مع أكثر من مدرج للخوف.
وتبدأ الجلسة الأولى في هذه المرحلة -مرحلة العمل أو التنفيذ- بأن نطلب من المسترشد أن يسترخي، أي: أن يدخل إلى الاسترخاء بنفسه، وذلك لمدة خمس دقائق مع الإيحاء له بأنه قد أصبح أكثر استرخاء، وأنه يحقق استرخاء أعمق وأعمق. ويطلب المرشد "المعالج" من المسترشد أن يشير بأصبع السبابة اليمين عندما يصبح في حالة من الاسترخاء والشعور بالراحة
…
وعندما يشير المسترشد بأنه وصل إلى حالة الاسترخاء، فإن المعالج يطلب إليه أن يتخيل مشهدا من المواقف التي حددها في مدرج القلق ويكون هذا المشهد عادة هو أقل المواقف إثارة للقلق، أي: الذي أعطاه المسترشد درجة صفر، ويعرف هذا المشهد بالمشهد الضابط، ويجب أن يكون التخيل لأوضح ما يمكن فيقول المرشد للمسترشد:"تخيل المشهد كما لو كنت تعيشه فعلا" ثم ينتقل بعد ذلك إلى مشهد آخر، وهكذا إلى أن يشير المسترشد بأنه قد بدأ في الشعور بالتوتر، ويكرر المرشد تقديم المشهد الواحد من ثلاث إلى أربع مرات، تستغرق المرة الواحدة حوالي عشر ثوانٍ
…
وفيما يلي مثال لفقرة من حالة خوف "قلق" من الامتحانات:
والآن توقف عن تخيل المشهد، وركز انتباهك مرة أخرى على الاسترخاء
…
والآن تخيل أنك تستذكر دروسك في المنزل في المساء وقد بقي على الامتحان
شهر واحد "وقفة لمدة خمس ثوان"
…
والآن توقف عن تخيل هذا المشهد "وقفة من 10-15 ثانية" والآن تخيل نفس المشهد مرة ثانية
…
أنت وقد بقي على الامتحان شهر تستذكر دروسك في منزلك في المساء "وقفة من 5-10 ثوان"
…
توقف عن تخيل هذا المشهد وفكر في عضلاتك واستمتع بحالة الهدوء التي تمر بها "وقفة 15 ثانية"
…
والآن تخيل أنك تستذكر دروسك في البيت قبل الامتحان بشهر "وقفة من 5-10 ثوان"
…
أوقف المشهد وفكر فقط في حالتك البدنية
…
"Wolpe 1969 p 126".
وتعرض المشاهد التي يتخيلها المسترشد في شكل تصاعدي تبعا للمدرج الذي تم إعداده، وذلك بدءا بأدناها إثارة للقلق وتدرجا معها زيادة حتى نصل إلى أكثر الفقرات إثارة للقلق. وفي المعتاد أن تشتمل الجلسة الواحدة بين 3-4 مشاهد "في المعتاد أن يشتمل مدرج القلق على 20-25 مشهدا" ويمكن تخصيص باقي الجلسة لمناقشة بعض الجوانب المتصلة بمخاوف المسترشد، أو تخصص للقيام بجانب من عملية التخلص المنظم من الحساسية باستخدام مدرج لنوع آخر من المخاوف، أو للعمل مع مشكلة أخرى من مشكلاته.
ويحسن أن يحتفظ المرشد ببطاقات يسجل عليها المشاهد التي عرضها على المسترشد وتاريخ العرض ومدة العرض. ومن المستحسن عدم الانتقال إلى مشهد جديد إلا بعد أن يعايش المسترشد المشهد المعروض لثلاث مرات متتالية بنجاح "أي: بدون أن يشعر بعدم الارتياح" كما يجب على المعالج أن يراقب المسترشد خلال جلسات العلاج ليلاحظ علامات التعب عليه، وأن يستفسر منه عما إذا كان يشعر أن المشاهد المعروضة عليه في الجلسة الواحدة كثيرة، كما يمكن ملاحظة بعض التصرفات والمظاهر أثناء الاسترخاء وأثناء عملية التخيل مثل عدم الاستقرار في المقعد أو الحركة السريعة للجفون أو التمتمة بكلام والعينان مغمضتان.