الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول الإلهيّات
المسألة الأولى:
قوله تعالى: ملك يوم الدين [الفاتحة: 1/ 4].
قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وقرأ الباقون بغير ألف:
ملك يوم الدين.
وليس في هذا الموضع من المتواتر إلا هذان الوجهان (1).
وقد احتجّ أبو زرعة للقولين في كتابه حجة القراءات، فنقل عن أصحاب القصر احتجاجهم بنظائر ذلك في الكتاب العزيز: يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ [الجمعة: 62/ 1]، وكذلك: مَلِكِ النَّاسِ* إِلهِ النَّاسِ [النّاس: 114/ 2 - 3]، فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 23/ 116]. فهذه كلها تقرأ عند الكل بالقصر، وكان أبو عمرو البصري (2) يقول:«ملك تجمع مالكا، ولكن مالك لا تجمع ملكا» ، وهو ما عبّر عنه أبو عبيد القاسم بن سلام (3) بقوله:«إن كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا» ، وكان أبو عمرو يقول:«هلا قلتم: فتعالى الله المالك الحق؟» (4).
(1) النّشر في القراءات العشر لابن الجزري.
وعبارة الشاطبي:
ومالك يوم الدين رواية ناصر/
…
/
…
/
…
فرمز بالنون إلى عاصم وبالراء إلى الكسائي وهذه طريقته.
وعبارة ابن الجزري في الدّرة:
…
/
…
/
…
/ ومالك حز فز والصراط فأسجلا
(2)
أبو عمرو البصري القارئ واللغوي المشهور، انظر ترجمته ص 63.
(3)
أبو عبيد القاسم بن سلام الخراساني الهروي (51/ 224): أول من جمع القراءات وصنف فيها، انظر ترجمته ص 61.
(4)
حجة القراءات لأبي زرعة ص 77.
وأضاف أبو زرعة إلى حجج من روى بالقصر حججا أخرى تدل أنه كان يرى هذا الرأي إذ لم ينسبها لقائل بعينه فقال:
«وحجة أخرى وهي أن وصفه بالملك أبلغ في المدح من وصفه بالملك، وبه وصف نفسه سبحانه؛ فقال: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فامتدح بملك ذلك، وانفراده به يومئذ، فمدحه بما امتدح نفسه به حق وأولى من غيره، والملك إنما هو من ملك لا من مالك، لأنه لو كان منه لقال:
(الملك اليوم؟) بكسر الميم (1).
وقال ابن الجوزي: وقراءة ملك أظهر في المدح؛ لأن كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا (2).
ثم أورد حجة من قرأ بالمدّ فنقل عنهم قولهم: «إن مالكا يحوي الملك ويشتمل عليه ويصير الملك مملوكا لقوله جلّ وعزّ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: 3/ 26]، فقد جعل الملك للمالك، فصار مالك أمدح» (3).
واستدلّ كذلك بأن شاعرا جاء إلى النّبي صلى الله عليه وسلم يشكو امرأته فقال: «يا مالك الملك، وديّان العرب» ، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم:«مه! ذلك الله» (4).
ويستدلّ كذلك من قرأ بالمدّ، بأن قراءة المدّ فيها زيادة حرف، وزيادة المبنى تدلّ على زيادة المعنى غالبا، كذلك فإنها تفيد في زيادة الحسنات، إذ تعهد الله عز وجل لقارئ القرآن لكل حرف بعشر حسنات، وهذه الآية العظيمة في سورة الفاتحة، وهي مما يتكرر في كل ركعة، وفي أحوال كثيرة، فتكون زيادة هذه الألف، وقد ثبتت بالتواتر أرجى في تحصيل الحسنات (5).
ونشير إلى أن لفظة (مالك) هنا رويت في المتواتر بوجهين اثنين كما أسلفنا، ولكنها
(1) المصدر نفسه ص 77.
(2)
زاد المسير في علم التفسير 1/ 13.
(3)
حجة القراءات ص 77.
(4)
المصدر نفسه، وكذلك فقد أخرج الحديث أحمد بن حنبل في مسنده 2/ 201 بصيغة:
يا مالك الناس وديّان العرب
…
إني لقيت ذربة من الذّرب
وفي إسناده معن بن ثعلبة المازني، وصدقة بن طيلسة، وكلاهما مجهول.
(5)
يدلّ له حديث: «من قرأ القرآن كتب الله له بكل حرف عشر حسنات» ، وهو حديث أخرجه الديلمي عن أنس.
رويت أيضا على ثلاثة عشر وجها آخر، فيكون مجموع ما قرئت به خمسة عشر وجها، ونوردها هنا لتكون إشارة تدلّ لغيرها أن في قراءات الآحاد والشّواذ وجوها كثيرة لا يصلح أن تهمل فتفوت منها فوائد كثيرة:
1 -
مالك: قرأها عاصم، والكسائي (1)، وكذلك يعقوب، وخلف بن هشام القارئ (2).
2 -
ملك: قرأها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة (3).
3 -
ملك: رويت عن عائشة، وسعد بن أبي وقاص (4).
4 -
ملك: رويت عن أنس بن مالك (5).
5 -
مالك: رويت عن أبي هريرة، وقرأ بها الأعمش، والمطوعي (6).
6 -
ملك يوم: رويت عن علي بن أبي طالب، وقرأ بها يحيى بن يعمر (7)، وقرأ بها أبو حنيفة (8).
7 -
ملك: قرأ بها الشعبي، وأبو عثمان النّهدي (9).
8 -
ملك: رويت عن أبي هريرة، وقرأ بها عاصم الجحدري (10).
9 -
مالك يوم: رويت عن عمر بن عبد العزيز، وقرأ بها عون بن أبي شداد العقيلي (11).
10 -
مالك يوم: قرأ بها أبو عبيد، وعون العقيلي بن أبي شداد (12).
(1) قال الشاطبي: ومالك يوم الدين رواية ناصر: (وعند سراط والسراط لقنبلا).
فأخبر أن المرموز إليهما بالراء والنون من: راويه ناصر قرأ بالمد (مالك) فتعيّن أن تتمة السبعة قرءوا بالقصر، وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة.
(2)
تقريب النشر في القراءات العشر، ص 7.
(3)
المصدر السابق، وكذلك اختيار الشاطبي في البيت السابق يدلّ على أن بقية السبعة قرءوا بالقصر.
(4)
انظر البحر المحيط لأبي حيان، ص 20.
(5)
انظر جامع البيان في تفسير القرآن للطبري، ط دار المعارف، 1/ 139.
(6)
انظر تفسير الكشّاف للزمخشري، ط انتشارات آفتاب، 1/ 57.
(7)
انظر إملاء ما منّ به الرحمن للعكبري، 1/ 4.
(8)
انظر تفسير الكشّاف للزمخشري، ط انتشارات آفتاب، 1/ 57.
(9)
انظر إملاء ما منّ به الرحمن للعكبري، 1/ 3.
(10)
انظر إملاء ما منّ به الرحمن للعكبري، 1/ 3، وتفسير الكشّاف: 1/ 9.
(11)
انظر البحر المحيط، 1/ 20.
(12)
انظر جامع البيان للطبري، 1/ 129.