الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة عشرة:
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات: 49/ 1]، قرأ يعقوب:(لا تقدموا)، وقرأ الباقون: لا تُقَدِّمُوا (1).
فيكون المعنى على اختيار يعقوب النهي عن التقدم على النّبي صلى الله عليه وسلم في المشي، والقيام بسائر الأفعال، وذلك على تقدير حذف إحدى تاءتي: تتقدموا (2). وهي فعل لازم، وبمثل قراءة يعقوب قرأ الضحاك (3) أيضا.
وأما قراءة الجمهور فقد جاءت بفعل متعد من غير التصريح بالمفعول، وقد حذف المفعول إيذانا بالعموم، ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدم، وقريب من ذلك قوله سبحانه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق: 96/ 1]، فقد حذف المفعول ليشمل كل قراءة نافعة، وثمة وجه آخر لحذف المفعول هنا أورده الزمخشري إذ قال: إنه لم يقصد قصد مفعول، ولا حذفه، بل توجّه بالنّهي إلى نفس المتقدم كأنه قيل: لا تقدموا على التّلبس بهذا الفعل، ولا تجعلوه منكم بسبيل كقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ (4)[غافر: 40/ 67].
وثمرة الخلاف:
تظهر فيما تحصل من معان جديدة ومفيدة، فمقتضى الآية هنا النهي عن التقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلا؛ كما دلّت قراءة يعقوب، وقولا؛ كما دلّت قراءة الباقين. فهي إذن مشتملة على وجوب الأدب معه صلى الله عليه وسلم وعدم التّقدم عليه، ومشتملة أيضا على وجوب طاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم فيما أمر به. وليس ثمة سبيل لاستخلاص ذينك المعنيين من هذه الآية إلا من خلال تعدّد القراءات كما رأينا.
قال القاضي ابن العربي المالكي: الآية أصل في ترك التّعرض لأقوال النّبي صلى الله عليه وسلم، وإيجاب
(1) النّشر في القراءات العشر لابن الجزري 175. وعبارة طيبة النّشر:
تقدموا ضموا اكسروا لا الحضرمي
…
...
…
...
(2)
الكشاف للزمخشري 3/ 552.
(3)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/ 30.
(4)
الكشاف للزمخشري 3/ 552.