المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يروى في التفسير (1) أنهم اقترحوا الآيات، وقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ - القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

[محمد الحبش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الشيخ صادق حبنكة رئيس مجلس قراء دمشق

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول علم القراءات

- ‌الفصل الأول معنى القراءات وغاياتها

- ‌المبحث الأول تمهيد في الحفظ الإلهي للنّص القرآني

- ‌المبحث الثاني الوحي هو المصدر الوحيد للقراءات المتواترة

- ‌المبحث الثالث حكمة القراءات

- ‌المبحث الرابع الأصل اللغوي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث الخامس الأصل الشّرعي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث السادس القراءات والأحرف السبعة

- ‌الفصل الثاني تاريخ القراءات

- ‌المبحث الأول القراءات في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني القرّاء من الصحابة الكرام

- ‌1 - أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه (51 ق. هـ- 13 ه

- ‌2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه (40 ق. هـ- 23 ه

- ‌3 - عثمان بن عفان رضي الله عنه (47 ق. هـ- 35 ه

- ‌4 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه (23 ق. هـ- 40 ه

- ‌5 - طلحة بن عبيد الله (38 ق. هـ- 36 ه

- ‌6 - سعد بن أبي وقاص (23 ق. هـ- 55 ه

- ‌7 - عبد الله بن مسعود (ت 32 ه

- ‌8 - عمرو بن العاص (50 ق. هـ- 58 ه

- ‌9 - أبيّ بن كعب (ت 21 ه

- ‌10 - أبو هريرة (21 ق. 59 ه

- ‌11 - عبد الله بن عمر بن الخطاب (10 ق. هـ- 73 ه

- ‌12 - سالم مولى أبي حذيفة:

- ‌13 - زيد بن ثابت (11 ق. هـ- 45 ه

- ‌14 - معاذ بن جبل (20 ق. هـ- 18 ه

- ‌15 - عبد الله بن عباس (3 ق. هـ- 68 ه

- ‌16 - عبد الله بن عمرو بن العاص (7 ق. هـ- 65 ه

- ‌17 - عبد الله بن الزبير (1 هـ- 73 ه

- ‌18 - عبد الله بن السائب المخزوميّ، أبو السّائب (ت 70 ه

- ‌19 - أنس بن مالك بن النضر الأنصاريّ، أبو حمزة (ت 91 ه

- ‌20 - مجمّع بن جارية (ت 50 ه

- ‌21 - ثابت بن زيد (ت 12 ه

- ‌22 - سعد بن عبيد (ت 16 ه

- ‌23 - أبو الدرداء (ت 32 ه

- ‌24 - حذيفة بن اليمان العبسيّ (ت 36 ه

- ‌(فائدة) موقف مجتهدي الشيعة من مسألة سلامة النّص القرآني:

- ‌1 - العلامة أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القميّ، المشهور بالصدوق (ت 381 ه

- ‌2 - السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي (ت 436 ه

- ‌3 - الشيخ أبو علي الطبرسي، صاحب تفسير مجمع البيان

- ‌المبحث الثالث عصر أئمة القراءة

- ‌1 - قراءة نافع في المدينة:

- ‌2 - قراءة ابن كثير في مكة:

- ‌3 - قراءة أبي عمرو البصري في البصرة:

- ‌4 - قراءة ابن عامر الشامي:

- ‌5 - قراءة عاصم في الكوفة:

- ‌6 - قراءة حمزة في الكوفة:

- ‌7 - قراءة الكسائي في الكوفة:

- ‌8 - قراءة أبي جعفر:

- ‌9 - قراءة يعقوب الحضرمي:

- ‌10 - قراءة خلف:

- ‌11 - الحسن البصري (21 - 110 ه

- ‌12 - يحيى اليزيدي (138 - 202 ه

- ‌13 - ابن محيصن (…- 123 ه

- ‌14 - ابن شنبوذ (…- 338 ه

- ‌المبحث الرابع عصر ابن مجاهد وتدوين القراءات

- ‌أهمية الكتاب:

- ‌المبحث الخامس دور الشاطبي في تقرير تواتر القراءات السبعة

- ‌المبحث السادس ابن الجزري ودوره في نشر القراءات

- ‌الباب الثاني أثر القراءات المتواترة في الرسم القرآني

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول تاريخ الرسم القرآني

- ‌المبحث الأول الرسم في عهد النّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني رسم القرآن الكريم في عهد الصحابة

- ‌1 - الوثيقة الأولى:

- ‌2 - الوثيقة الثانية:

- ‌أول جمع للقرآن:

- ‌المبحث الثالث الرسم العثماني

- ‌خط المصاحف:

- ‌مصاحف الصحابة الخاصة:

- ‌المبحث الرابع أثر الرسم العثماني في ضبط القراءات

- ‌الفصل الثاني نقط القرآن الكريم وشكله

- ‌المبحث الأول مرحلة شكل القرآن وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الثاني نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب شكل القرآن

- ‌المبحث الثالث مرحلة نقط القرآن الكريم وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الرابع نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب تنقيط القرآن

- ‌الفصل الثالث تحسينات الرّسم القرآني وأثرها في القراءات

- ‌تمهيد:

- ‌فمن النوع الأول:

- ‌ومن النوع الثاني:

- ‌المبحث الأول: الألف الخنجرية

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن المصاحف المطبوعة اليوم بسبب إثبات الألف الخنجرية

- ‌المبحث الثاني: إثبات الحروف المتروكة

- ‌المبحث الثالث: إثبات الهمزات

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات الهمزات

- ‌المبحث الرابع: إثبات علامات المدّ

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات المدّ

- ‌المبحث الخامس: إثبات علامات الصلة

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات الصلة

- ‌المبحث السادس: علامات الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌نماذج من صيغ الأداء المتواترة التي يتعذر الإتيان بها على المصاحف الشائعة بسبب رسم قاعدة الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌المبحث السابع: وجوه أخرى

- ‌الباب الثالث أثر القراءات المتواترة في الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد في طبيعة اختلاف القراءات وجدواها:

- ‌تمهيد في تصنيف الأحكام الشرعية الناشئة من اختلاف القراءات المتواترة:

- ‌جدول إحصائي بالأحكام الشرعية ([الأحكام الاعتقادية])

- ‌[جدول إحصائي بالأحكام الشرعية] الأحكام الفقهية

- ‌الفصل الأول الأحكام الاعتقادية

- ‌تمهيد في طبيعة الخلافات في الأحكام الاعتقادية:

- ‌تمهيد في علاقة القراءات بالمحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الأول الإلهيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني النّبوات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌المسألة الرابعة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث الغيبيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في العمل والجزاء

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌الفصل الثاني الأحكام الفقهية

- ‌المبحث الأول العبادات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني في المعاملات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث في النّكاح

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في الحدود

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الخامس في الجهاد

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌فائدة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌المبحث السادس في الأيمان

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث السابع في الأقضية

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌الباب الرابع الخاتمة

- ‌خاتمة:

- ‌اقتراحات:

- ‌أولا- الجمع الصوتي للقرآن الكريم:

- ‌ثانيا- مشروع إصدار مصحف القراءات:

- ‌ثالثا- مشروع كتابة مصحف عثمان:

- ‌رابعا- مشروع إحياء الرّوم في النّطق العربي:

الفصل: يروى في التفسير (1) أنهم اقترحوا الآيات، وقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ

يروى في التفسير (1) أنهم اقترحوا الآيات، وقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الإسراء: 17/ 93] .. إلى قوله: حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ فأنزل الله:

قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (2)، أي لعلها إذا جاءت لا يؤمنون على رجاء المؤمنين.

وقال آخرون: بل المعنى: (وما يشعركم أنّها إذا جاءت يؤمنون) فتكون (لا) مؤكدة للجحد كما قال: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ بمعنى: (وحرام عليهم أن يرجعوا). قال الفرّاء: «سأل الكفّار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآية التي نزلت في الشعراء إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ» .

وقال المؤمنون: يا رسول الله سل ربّك أن ينزلها حتى يؤمنوا، فأنزل الله: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ أي (إذا جاءت يؤمنون) و (لا) صلة كقوله: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ أي أن تسجد.

وقراءة حمزة، وابن عامر:(إذا جاءت لا تؤمنون) بالتاء. وحجتهما قوله:

وَما يُشْعِرُكُمْ. قال مجاهد: قوله: وَما يُشْعِرُكُمْ خطاب للمشركين الذين أقسموا، فقال جلّ وعزّ: وما يدريكم أنكم تؤمنون.

وقرأ الباقون: بالياء، إخبار عنهم. وحجتهم قوله: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ولم يقل: (أفئدتكم)(3).

‌وثمرة الخلاف:

أن القراءتين غير متعارضتين في المعنى؛ وإن أوهم السياق التّعارض، وهي على تقدير التقرير، أو المفعولية، تفيد أن المشركين لن يؤمنوا ولو جاءتهم الآيات، وهذا قررته آيات كثيرة:

(1) الكلام هنا نقل عن أبي زرعة في الحجة كما سيأتي.

(2)

انظر أسباب النزول للجلال السيوطي، سورة الإسراء: 17/ 93.

(3)

حجة القراءات 265. وانظر سراج القاري 213. وعبارة الشاطبي:

وحرّك وسكّن كافيا .. واكسر إنها

حمى صوبه بالخلف درّا وأوبلا

ص: 207

وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [الأنعام: 6/ 6].

وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ [الحجر: 15/ 14 - 15].

وفي توكيد المعنى جاءت الآية التالية: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الأنعام: 6/ 109].

وهذا السياق يدفع توهّم أن تكون الآية عتابا للمؤمنين كما يشعر به قوله سبحانه:

وَما يُشْعِرُكُمْ، على قراءة الفتح.

وهكذا فإن جماهير المفسرين متّفقون على معنى أن الآيات لن تكون سببا لإسلامهم، فلا تنتظروا دخولهم في الإسلام بها إلا أن يشاء الله، ولكن أكثرهم يجهلون.

وللقرطبي في هذه الآية تعليل لطيف أنقله لك بنصّه:

قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ أي قل يا محمّد: الله القادر على الإتيان بها، وإنما يأتي بها إذا شاء. وَما يُشْعِرُكُمْ أي: وما يدريكم إيمانهم، فحذف المفعول، ثم استأنف فقال:

(إنها إذا جاءت لا يؤمنون) بكسر إن، وهي قراءة مجاهد، وأبي عمرو، وابن كثير. ويشهد لهذا قراءة ابن مسعود (وما يشعركم إذا جاءت لا يؤمنون).

وقال مجاهد، وابن زيد: المخاطب بها المشركون، وتمّ الكلام. حكم عليهم بأنهم لا يؤمنون، وقد أعلمنا في الآية بعد هذه أنهم لا يؤمنون، وهذا التأويل يشبه قراءة من قرأ (تؤمنون) بالتاء.

وقال الفرّاء وغيره: الخطاب للمؤمنين، لأن المؤمنين قالوا للنّبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نزلت الآية لعلهم يؤمنون، فقال الله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أي: يعلمكم ويدريكم أيها المؤمنون.

أَنَّها بالفتح، وهي قراءة أهل المدينة، والأعمش، وحمزة، أي: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون. قال الخليل: أَنَّها بمعنى لعلها، حكاه عن سيبويه، وفي التّنزيل:

وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي أنه يزّكّى. وحكي عن العرب: ايت السوق أنّك تشتري لنا شيئا، أي: لعلك، وهو اختيار إمام اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقال أبو النّجم:

ص: 208

قالت لشيبان ادن من لقائه

لأن تغدي القوم من شوائه

وقال عدي بن زيد:

أعازل ما يدريك أنّ منيّتي

إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد

أي: لعلني. وقال دريد بن الصّمة:

أريني جوادا مات هزلا لأنني

أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا

أي: لعلني. وهو في كلام العرب كثير (أنّ) بمعنى لعلّ.

وحكى الكسائي أنه كذلك في مصحف أبي بن كعب: (وما أدراكم لعلها).

وقال الكسائي، والفرّاء: أن (لا) زائدة، والمعنى: وما يشعركم أنها- أي الآيات- إذا جاءت المشركين يؤمنون، زيدت (لا) كما زيدت (لا) في قوله تعالى:

وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ لأن المعنى: وحرام على قرية مهلكة رجوعهم.

وفي قوله: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ والمعنى: ما منعك أن تسجد.

وضعّف الزّجاج، والنّحاس، وغيرهما زيادة (لا) وقالوا: هو غلط وخطأ؛ لأنها إنما تزاد فيما لا يشكل. وقيل: في الكلام حذف، والمعنى: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، أو يؤمنون، ثم حذف هذا لعلم السامع، ذكروا النحاس وغيره (1).

ونقل أبو الشيخ (2) عن ابن عباس قال: أنزلت في قريش ومعناها: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها، قل إنما الآيات عند الله، وما يشعركم يا معشر المسلمين أنها إذا جاءت لا يؤمنون إلا أن يشاء الله فيجبرهم على الإسلام (3).

(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ط دار الكاتب العربي 7/ 64.

(2)

هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان الأصبهاني 274 - 369 هـ، أبو محمد، من حفّاظ الحديث العلماء برجاله، يقال له أبو الشيخ، نسبته إلى جدّه حبّان، فيقال له: أبو الشيخ الحباني، له تصانيف منها: طبقات المحدّثين بأصبهان، كتاب السّنة، كتاب العظمة.

(3)

الدّر المنثورة في التفسير بالمأثور للسيوطي، 3/ 39.

ص: 209