الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصله و (اقررن) مثل: (اعضضن)، فحذفوا الراء الأولى لثقل التّضعيف، وحوّلوا فتحتها إلى القاف، وحذفوا الألف أيضا لأن القاف تحركت فصار (وقرن) كما قال:«هل أحست صاحبك» أي «هل رأيت» ، والأصل: هل أحسست.
وقرأ الباقون: (وقرن) بكسر القاف (1). احتمل أن يكون من (الوقار) تقول: وقر يقر (والأمر منه قروا) وللنساء: (قرن) مثل: (عدن، وكلن) مما تحذف منه الفاء وهي واو، فيبقى من الكلمة:(علن) وإن كان من (القرار) فيكون الأمر: (اقررن) فيبدل من العين الياء كراهة التضعيف، كما أبدل في (قيراط) و (دينار)، فتضمر لها حركة الحرف المبدل منه، ثم تلقي الحركة على الفاء، فتسقط همزة الوصل لتحرك ما قبلها، فنقول:(قرن)، كما يقال من (وصل يصل): صلن. والأصل: (اوقرن) فحذفت الواو لأنها وقعت بين كسرتين، واستغني عن الألف لتحرك القاف، فصار: قرن على وزن (علن). ويحتمل أن يكون من (قررت في المكان أقرّ)، وإذا أمرت من هذا قلت:(واقررن) بكسر الراء الأولى، فالكسر من وجهين: على أنه (الوقار)، ومن (القرار) جميعا (2).
وثمرة الخلاف:
أن الآية العظيمة أمرت نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بأمرين اثنين:
1 -
الوقار في البيوت، وهو لزوم السكينة والأدب، وهو ما دلّت له قراءة الجمهور بالكسر.
2 -
الاستقرار في البيوت، وعدم الخروج منها إلا لضرورة أو عذر، وهو ما دلّت له قراءة المدني وعاصم.
وبالجملة فكلاهما مطلوب من نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بدلالة القرآن الكريم.
ولا ريب أن ذلك في حقّ نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الوجوب لأنه أمرّ لهنّ، وهو من نساء المؤمنين من بعدهنّ بمنزلة المندوب.
(1) سراج القاري لابن القاصح العذري، ط البابي الحلبي 328. وعبارة الشاطبي:
وقرن افتح إذ نصّوا يكون له ثوى
…
يحلّ سوى البصرة
…
...
(2)
حجة القراءات لأبي زرعة 577.
ولا يخفى أن ذلك كله مقيد بما دون الضرورة، وإلا فلا خلاف أنهن لا حرج عليهنّ في الخروج من البيوت إذا دعت إلى ذلك مصلحة ضرورية لهنّ أو للأمة، وعلى ذلك يحمل خروج السيدة عائشة رضي الله عنها حين خرجت للثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه.