الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة:
قوله تعالى: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف: 12/ 64].
قرأ حمزة، والكسائي، وحفص، وخلف: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً بالألف.
وحجتهم قوله عز وجل حكاية عن إخوة يوسف: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [يوسف: 12/ 63]، فقال يعقوب حين قالوا: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً، وأخرى وهي أن في حرف عبد الله- بن مسعود-:(فالله خير الحافظين) جمع حافظ.
وقرأ الباقون: (فالله خير حفظا)، وحجتهم: قوله: وَنَحْفَظُ أَخانا [يوسف: 12/ 65]، فلما أضافوا إلى أنفسهم قال يعقوب:(فالله خير حفظا) من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم.
قال الفرّاء: (حفظا) تجعل ما بعد (خير) مصدرا، وتنصب على التفسير، وتضمر بعد (خير) اسم المخاطبين. فكأن تقديره:(فالله خيركم حفظا). وجرى مجرى قولك: (فلان أحسن وجها)، تريد:(أحسن الناس وجها) ثم تحذف القوم، فكذلك (خيركم حفظا)، ثم تحذف الكاف والميم. قال الزّجاج:(حفظا) منصوب على التمييز، و (حافظا) منصوب على الحال، ويجوز أن يكون (حافظا) على التمييز أيضا (1).
وثمرة الخلاف:
أن قراءة حمزة والكسائي أفادتنا حكما ضروريّا، وهو أن من أسماء الله الحسنى: الحافظ، ومثل هذا الاسم لا يكون إلا عن توقيف، قال اللّقاني:
واختير أن اسماه توقيفية
…
كذا الصفات فاحفظ السمعية (2)
(1) حجة القراءات، 362. وانظر سراج القاري، 258.
وعبارة الشاطبي:
…
/
…
يشاء نو
…
ن دار وحفظا حافظا شاع عقّلا
وانظر تقريب النشر 127، حيث جزم بضم خلف إليهم.
(2)
انظر جوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللّقاني، وشروحها كثيرة، ورقم البيت (39).
وقد ورد التصريح في الكتاب العزيز باسمه تعالى الحفيظ في مواضع كثيرة:
وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [سبأ: 34/ 21].
إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [هود: 11/ 57].
كما ورد اسمه سبحانه (الحافظ) بصيغة الجمع مرة واحدة في سورة الأنبياء في قوله سبحانه:
وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ [الأنبياء: 21/ 82].
وحيث تواترت القراءة فقد وجب المصير إليها، ولا خلاف بين الأمة أن الحافظ اسم من أسماء الله الحسنى، تباركت أسماؤه وجلّت صفاته، وإن هذه القراءة إن لم تستقلّ بجواز إطلاق هذه التسمية فقد وكّدت ذلك. ولا نزاع فيما دلّت عليه قراءة الجمهور من أن المولى سبحانه خير حفظا، فهو مما أجمع عليه الموحدون.