المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الثالث في النّكاح ‌ ‌المسألة الأولى: قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ - القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

[محمد الحبش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الشيخ صادق حبنكة رئيس مجلس قراء دمشق

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول علم القراءات

- ‌الفصل الأول معنى القراءات وغاياتها

- ‌المبحث الأول تمهيد في الحفظ الإلهي للنّص القرآني

- ‌المبحث الثاني الوحي هو المصدر الوحيد للقراءات المتواترة

- ‌المبحث الثالث حكمة القراءات

- ‌المبحث الرابع الأصل اللغوي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث الخامس الأصل الشّرعي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث السادس القراءات والأحرف السبعة

- ‌الفصل الثاني تاريخ القراءات

- ‌المبحث الأول القراءات في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني القرّاء من الصحابة الكرام

- ‌1 - أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه (51 ق. هـ- 13 ه

- ‌2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه (40 ق. هـ- 23 ه

- ‌3 - عثمان بن عفان رضي الله عنه (47 ق. هـ- 35 ه

- ‌4 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه (23 ق. هـ- 40 ه

- ‌5 - طلحة بن عبيد الله (38 ق. هـ- 36 ه

- ‌6 - سعد بن أبي وقاص (23 ق. هـ- 55 ه

- ‌7 - عبد الله بن مسعود (ت 32 ه

- ‌8 - عمرو بن العاص (50 ق. هـ- 58 ه

- ‌9 - أبيّ بن كعب (ت 21 ه

- ‌10 - أبو هريرة (21 ق. 59 ه

- ‌11 - عبد الله بن عمر بن الخطاب (10 ق. هـ- 73 ه

- ‌12 - سالم مولى أبي حذيفة:

- ‌13 - زيد بن ثابت (11 ق. هـ- 45 ه

- ‌14 - معاذ بن جبل (20 ق. هـ- 18 ه

- ‌15 - عبد الله بن عباس (3 ق. هـ- 68 ه

- ‌16 - عبد الله بن عمرو بن العاص (7 ق. هـ- 65 ه

- ‌17 - عبد الله بن الزبير (1 هـ- 73 ه

- ‌18 - عبد الله بن السائب المخزوميّ، أبو السّائب (ت 70 ه

- ‌19 - أنس بن مالك بن النضر الأنصاريّ، أبو حمزة (ت 91 ه

- ‌20 - مجمّع بن جارية (ت 50 ه

- ‌21 - ثابت بن زيد (ت 12 ه

- ‌22 - سعد بن عبيد (ت 16 ه

- ‌23 - أبو الدرداء (ت 32 ه

- ‌24 - حذيفة بن اليمان العبسيّ (ت 36 ه

- ‌(فائدة) موقف مجتهدي الشيعة من مسألة سلامة النّص القرآني:

- ‌1 - العلامة أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القميّ، المشهور بالصدوق (ت 381 ه

- ‌2 - السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي (ت 436 ه

- ‌3 - الشيخ أبو علي الطبرسي، صاحب تفسير مجمع البيان

- ‌المبحث الثالث عصر أئمة القراءة

- ‌1 - قراءة نافع في المدينة:

- ‌2 - قراءة ابن كثير في مكة:

- ‌3 - قراءة أبي عمرو البصري في البصرة:

- ‌4 - قراءة ابن عامر الشامي:

- ‌5 - قراءة عاصم في الكوفة:

- ‌6 - قراءة حمزة في الكوفة:

- ‌7 - قراءة الكسائي في الكوفة:

- ‌8 - قراءة أبي جعفر:

- ‌9 - قراءة يعقوب الحضرمي:

- ‌10 - قراءة خلف:

- ‌11 - الحسن البصري (21 - 110 ه

- ‌12 - يحيى اليزيدي (138 - 202 ه

- ‌13 - ابن محيصن (…- 123 ه

- ‌14 - ابن شنبوذ (…- 338 ه

- ‌المبحث الرابع عصر ابن مجاهد وتدوين القراءات

- ‌أهمية الكتاب:

- ‌المبحث الخامس دور الشاطبي في تقرير تواتر القراءات السبعة

- ‌المبحث السادس ابن الجزري ودوره في نشر القراءات

- ‌الباب الثاني أثر القراءات المتواترة في الرسم القرآني

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول تاريخ الرسم القرآني

- ‌المبحث الأول الرسم في عهد النّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني رسم القرآن الكريم في عهد الصحابة

- ‌1 - الوثيقة الأولى:

- ‌2 - الوثيقة الثانية:

- ‌أول جمع للقرآن:

- ‌المبحث الثالث الرسم العثماني

- ‌خط المصاحف:

- ‌مصاحف الصحابة الخاصة:

- ‌المبحث الرابع أثر الرسم العثماني في ضبط القراءات

- ‌الفصل الثاني نقط القرآن الكريم وشكله

- ‌المبحث الأول مرحلة شكل القرآن وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الثاني نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب شكل القرآن

- ‌المبحث الثالث مرحلة نقط القرآن الكريم وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الرابع نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب تنقيط القرآن

- ‌الفصل الثالث تحسينات الرّسم القرآني وأثرها في القراءات

- ‌تمهيد:

- ‌فمن النوع الأول:

- ‌ومن النوع الثاني:

- ‌المبحث الأول: الألف الخنجرية

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن المصاحف المطبوعة اليوم بسبب إثبات الألف الخنجرية

- ‌المبحث الثاني: إثبات الحروف المتروكة

- ‌المبحث الثالث: إثبات الهمزات

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات الهمزات

- ‌المبحث الرابع: إثبات علامات المدّ

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات المدّ

- ‌المبحث الخامس: إثبات علامات الصلة

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات الصلة

- ‌المبحث السادس: علامات الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌نماذج من صيغ الأداء المتواترة التي يتعذر الإتيان بها على المصاحف الشائعة بسبب رسم قاعدة الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌المبحث السابع: وجوه أخرى

- ‌الباب الثالث أثر القراءات المتواترة في الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد في طبيعة اختلاف القراءات وجدواها:

- ‌تمهيد في تصنيف الأحكام الشرعية الناشئة من اختلاف القراءات المتواترة:

- ‌جدول إحصائي بالأحكام الشرعية ([الأحكام الاعتقادية])

- ‌[جدول إحصائي بالأحكام الشرعية] الأحكام الفقهية

- ‌الفصل الأول الأحكام الاعتقادية

- ‌تمهيد في طبيعة الخلافات في الأحكام الاعتقادية:

- ‌تمهيد في علاقة القراءات بالمحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الأول الإلهيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني النّبوات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌المسألة الرابعة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث الغيبيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في العمل والجزاء

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌الفصل الثاني الأحكام الفقهية

- ‌المبحث الأول العبادات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني في المعاملات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث في النّكاح

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في الحدود

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الخامس في الجهاد

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌فائدة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌المبحث السادس في الأيمان

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث السابع في الأقضية

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌الباب الرابع الخاتمة

- ‌خاتمة:

- ‌اقتراحات:

- ‌أولا- الجمع الصوتي للقرآن الكريم:

- ‌ثانيا- مشروع إصدار مصحف القراءات:

- ‌ثالثا- مشروع كتابة مصحف عثمان:

- ‌رابعا- مشروع إحياء الرّوم في النّطق العربي:

الفصل: ‌ ‌المبحث الثالث في النّكاح ‌ ‌المسألة الأولى: قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ

‌المبحث الثالث في النّكاح

‌المسألة الأولى:

قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ [البقرة: 2/ 229].

قرأ حمزة، وأبو جعفر، ويعقوب:(إلا أن يخافا) بضم الياء، وحجته قوله بعدها:

فَإِنْ خِفْتُمْ فجعل الخوف لغيرهما، ولم يقل:(فإن خافا).

وقرأ الباقون: إِلَّا أَنْ يَخافا (1)، وحجتهم ما جاء في التفسير: إِلَّا أَنْ يَخافا أي: إلا أن يخاف الزوج والمرأة ألا يقيما حدود الله فيما يجب لكل واحد منهما على صاحبه من الحقّ والعشرة (2).

‌وثمرة الخلاف:

إن قراءة حمزة يحتجّ بها من جعل الخلع إلى السلطان، فقد جعل الله أمر المخالعة مقيّدا بمعرفة السلطان أن الزوجين يمكن أن يتجاوزا حدود الله بنشوز أو شذوذ، تحمل عليه الكراهية، من دون أن يتوصلا إلى اتفاق حول المخالعة، فيطلّق عليهما السلطان استنادا إلى قراءة حمزة.

أما قراءة الجمهور فإنها تجعل الخوف خوفهما، فينقطع بذلك سبيل التّطليق على الزوجين بدون إرادتهما.

(1) انظر سراج القاري لابن القاصح العذري، ط البابي الحلبي 162. وعبارة الشاطبي:

وضم يخافا فاز والكل أدغموا

تضارر وضم الراء حق وذو جلا

وعبارة ابن الجزري في ضمّ جعفر، ويعقوب في الدّرة المضية:

واضمم أن يخافا حلا أب

...

...

وانظر كذلك: تقريب النّشر لابن الجزري 96.

(2)

حجة القراءات لأبي زرعة 135.

ص: 283

وهذه عبارة القرطبي في ذلك: «حرّم الله تعالى في هذه الآية ألا يأخذ إلا بعد الخوف ألا يقيما حدود الله، وأكّد التّحريم بالوعيد تعدى الحدّ، والمعنى أن يظن كل واحد منهما بنفسه ألا يقيم حقّ النكاح لصاحبه حسب ما يجب له فيه لكراهة يعتقدها، فلا حرج على المرأة أن تفتدي، ولا حرج على الزوج أن يأخذ، والخطاب للزوجين، والضمير في أَنْ يَخافا لهما، وأَلَّا يُقِيما مفعول به، و (خفت) يتعدى إلى مفعول واحد، ثم قيل: هذا الخوف هو بمعنى العلم، أي أن يعلما ألا يقيما حدود الله، وهو من الخوف الحقيقي، وهو الإشفاق من وقوع المكروه، وهو قريب من معنى الظّن، ثم قيل: إِلَّا أَنْ يَخافا استثناء منقطع، أي لكن إن كان منه نشوز فلا جناح عليكم في أخذ الفدية، وقرأ حمزة:(إلّا أن يخافا) بضم الياء على ما لم يسمّ فاعله، والفاعل محذوف وهو الولاة والحكام، واختاره أبو عبيد.

قال: لقوله عز وجل: فَإِنْ خِفْتُمْ قال: فجعل الخوف لغير الزوجين، ولو أراد الزوجين لقال: فإن خافا، وفي هذا حجة لمن جعل الخلع إلى السلطان. قلت: وهو قول سعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين. وقال شعبة: قلت لقتادة: عمّن أخذ الحسن الخلع إلى السلطان؟ قال: عن زياد، وكان واليا لعمر وعلي. قال النحاس: وهذا معروف عن زياد، ولا معنى لهذا القول لأنّ الرجل إذا خالع امرأته فإنما هو على ما يتراضيان به، ولا يجبره السلطان على ذلك، ولا معنى لقول من قال: هذا إلى السلطان. وقد أنكر اختيار أبي عبيد وردّ، وما علمت من اختياره شيئا أبعد من هذا الحرف، لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى، أما الإعراب فإن عبد الله بن مسعود قرأ: إِلَّا أَنْ يَخافا تخافوا، فهذا في العربية إذا ردّ إلى ما لم يسمّ فاعله قيل: إلّا أن يخافا، وأما اللفظ فإن كان على لفظ يَخافا وجب أن يقال: فإن خيف. وإن كان على لفظ فَإِنْ خِفْتُمْ وجب أن يقال: إلّا أن تخافوا.

وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال: لا يحلّ لكم أن تأخذوا مما آتيتموه شيئا، إلا أن يخافا غيركم ولم يقل جلّ وعزّ: فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية، فيكون الخلع إلى السلطان. قال الطحاوي: وقد صحّ عن عمر وعثمان جوازه دون السلطان.

وكما جاز الطلاق والنكاح دون السلطان فكذلك الخلع، وهو قول الجمهور من العلماء (1).

(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ط دار الكاتب العربي القاهرة 3/ 138، 139. وانظر أيضا الدّر المنثور للسيوطي، ط دار المعرفة 1/ 286، وفيه عن عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئا إلا أن يخافا

ص: 284

ومع تقرير النحاس في إعراب القرآن أن هذا الوجه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى مع موافقة القرطبي له في ذلك، غير أن ذلك لا يعني عدم وجوبه، فقد أوجبته ثلاثة أشياء:

ثبوت التواتر وموافقة الرسم وموافقة وجه من العربية، وحيث تمّ ذلك كله كما حققه ابن مجاهد في السبعة (1)، والجزري في النشر (2)؛ وجب المصير إليه والتماس تأويله.

ولعل أقرب الوجوه إلى الدلالة على إسناد (يخافا) إلى الغيبة، هو ما عطفت به الآية في قوله سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ والخطاب كما ترى للحكام والمتوسطين في هذا الأمر إن لم يكن حاكما، وقد سمّى حسن العشرة حُدُودَ اللَّهِ إعظاما لها أن تهجر أو تهمل.

ويجب التّنويه هنا إلى أن الخلع لا يحتاج إلى قاض في إيقاعه (3)، فإذا اتّفق الزوجان على المخالعة لم يكن للقضاء أن يقبل أو يرفض، ولكن: هل يملك القاضي الخلع على الزوج إن طلبت الزوجة ورفض الزوج؟

هذا ما اختاره الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ودليلهم على ذلك قراءة حمزة، وأبي جعفر، ويعقوب، وكذلك حمل الأحاديث الواردة في معنى المخالعة على ذلك إذ ليس في سائرها توضيح لإقرار الزوج بإيقاع المخالعة، بل ورد فيها أمره صلى الله عليه وسلم للزوج بإجراء المخالعة.

عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت إلى النّبي صلى الله عليه وسلم فقالت:

يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام،

ألا يقيما حدود الله، قال: هذا لهما، فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله، قال: هذا لولاة الأمر، فلا جناح عليها فيما افتدت به، قال: إذا كان النّشوز والظلم من قبل المرأة فقد أحلّ الله له منها الفدية، ولا يجوز خلع إلا عند سلطان، فأما إذا كانت راضية مغتبطة بجناحه مطيعة لأمره، فلا يحلّ له أن يأخذ مما آتاها شيئا. وتخريج قتادة هذا جامع لمعنى القراءتين على فرش قراءة واحدة.

(1)

تقريب النّشر لابن الجزري 96.

(2)

السبعة في القراءات لابن مجاهد 182.

(3)

هذا الذي ذكرناه هو المشهور من فعل الصحابة والسلف، وقد ترجم الإمام البخاري لباب الخلع بقوله: وأجاز عمر الخلع دون السلطان. (انظر الجامع الصحيح للبخاري، كتاب الطلاق 12/ باب الخلع)، لكن نقل ابن حجر في الفتح عن الحسن البصري المشهور الذي قدمناه آنفا من جواز إيقاع الخلع من قبل السلطان. انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري 9/ 394، حديث رقم (5273).

ص: 285