الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابة ابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وروي عن بعض السلف عن ابن عباس أيضا أن الرّفث هو التّعريض بذكر النّكاح.
أخرج سفيان بن عيينة عن طاوس قال: سألت ابن عباس عن قوله: فلا رفث، قال:
الرّفث الذي ذكر هنا ليس الرّفث الذي ذكر في أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة: 2/ 187]، ذاك الجماع، وهذا العراب بكلام العرب، والتعريض بذكر النكاح (1)، وروى عنه ابن المنذر أيضا قوله: الرّفث غشيان النّساء والقبل والغمز وأن يعرض لها بالفحش من الكلام (1).
المسألة التاسعة:
قوله تعالى: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التّوبة: 9/ 19].
انفرد عيسى بن وردان في رواية أبي جعفر في وجه عنه فقرأ: (أجعلتم سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر)(3).
وهذا الوجه من القراءة لم يشتهر عن أبي جعفر، فقد قرأ راوياه: ابن جماز وعيسى بن وردان كقراءة الجمهور، ولكن نقل الشطوي عن عيسى بن وردان عن أبي جعفر أنه قرأ بالوجه المذكور (4)، ولولا أن ابن الجزري أورده في النّشر لأعرضنا عنه، واكتفينا بما قرأ به الجمهور.
وينشأ من هذه القراءة أيضا مشكلة في الرسم، إذ لا تستقيم صحة هذه القراءة إلا مع مطابقتها للرسم العثماني في أحد المصاحف كما قدمناه من قبل، ولم أجد أحدا من محققي مصاحف عثمان أشار إلى هذا الوجه في الخلاف، ولا يتصوّر إدراج ابن الجزري لهذا الوجه في المتواتر إلا مع تيقنه من مطابقته للرسوم في أحد المصاحف العثمانية، إذ يستفاد من قول ابن الجزري:
(1) الدّر المنثور للسيوطي 1/ 219.
(3)
تقريب النّشر لابن الجزري 120. وليس في طيبة النّشر إشارة إلى ذلك. لكن أورد ابن الجزري هذا الوجه أيضا في نظمه (الدّرة المضية في القراءات الثلاث تتمة العشرة) وعبارته في ذلك:
وقل عمرو معها سقاة الخلاف بن
…
...
…
...
(4)
تقريب النّشر لابن الجزري 120.
وكل ما وافق وجه النحو
…
وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن
…
فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل وجه أثبت
…
شذوذه لو أنه في السبعة (1)
فيستفاد من ذلك أن ابن الجزري ملتزم بهذه الشروط الثلاثة، فلا يصح إدراجه لهذا الوجه في المتواتر إلا مع الجزم بأنه اطّلع على وجه في المرسوم مطابق لما أدى إليه هذا الوجه.
ومؤدى قراءة أهل الأمصار نفي التسوية بين سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام، وبين المؤمنين، وهو كما ترى مقابلة بين فعل وذات، وهو ما نجت منه رواية الشطوي عن ابن وردان، إذ جعلت المقابلة بين ذات وذات، بين سقاة الحاج، وعمارة المسجد الحرام، وبين المؤمنين بالله واليوم الآخر.
ولكن هذا الإنكار على قراءة الجمهور لا محل له ولا داعي إليه، ففي القرآن العظيم من مقابلة الذات بالأفعال كثير، من ذلك: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الحشر: 59/ 9].
ففيه عطف الدار وهي ذات على الإيمان وهو معنى، وذلك على قول من قال: إن الإيمان هو العقيدة الموصوفة؛ إذ جزم كثير من المفسرين أن الإيمان هنا اسم ذات أيضا؛ إذ جعلوه اسما للمدينة المنورة.
وحيث ثبت تواتر قراءة الجمهور وموافقتها للرسم والنحو فلا مساغ للإنكار، والذي يميل إليه القلب أن المروي عن ابن وردان ليس متواترا، إذ مع مخالفته لرسم المصحف فإن ابن الجزري نفسه أعرض عنه في الطيبة ولم يشر إليه (1)، واكتفى بالإشارة إلى هذا الوجه في النشر، وقد أورده محتفا بقرائن التوهين فقال: انفرد الشطوي عن ابن وردان بذلك، فكأنه جزم أنه ليس في المتواتر من ذلك شيء.
ولكنه كان من قبل قد أوردها في نظم الدّرة المضية مشيرا إلى الخلاف فيهما أيضا (3).
(1) انظر تقريب النشر 120.
(3)
انظر إتحاف البررة بالمتون العشرة 141.