الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) (1)، وهو كما ترى في معنى الولاية بحذف تاء المضارعة من (تولّي).
وثمرة الخلاف:
أن الآية العظيمة اشتملت على وعيد شديد في حقّ المفسدين في الأرض وقاطعي الأرحام، وأشارت إلى أن هذه المفاسد تتحصل عادة في أمرين اثنين:
الأول: هو التّولّي والإعراض عن كتاب الله، وهو ما دلّت له قراءة الفتح.
الثاني: هو الولاية على شئون العباد إذا لم يلتزم الوالي أمر الله ونهيه على قدم الاستقامة، وقد دلّت لذلك قراءة الضّم.
وهكذا فقد أفاد تعدد القراءة وجها جديدا من التّحذير والتّنبيه لولاة الأمور؛ إذ أمروا بتقوى الله عز وجل فيما خوّلهم من أقدار العباد، وفي مثل هذا المعنى تواترت الأخبار عن النّبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«ما من إمام ولا وال بات ليلة سوداء غاشّا لرعيّته إلّا حرّم الله عليه الجنة، وعرفها يوجد يوم القيامة من مسيرة سبعين سنة» (2).
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الولاة يجاء بهم يوم القيامة فيقومون على جسر جهنم، فمن كان مطواعا لله يناوله الله بيمينه حتى ينجيه، ومن كان عاصيا انخرق به الجسر إلى واد من نار يلتهب التهابا» (3).
واشتهر في هذا المعنى قول النّبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لما سأله الإمارة: «يا أبا ذر! إنك تسأل الإمارة، وإنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذ بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها» (4).
(1) ذكر هذا الوجه الزمخشري في الكشاف 3/ 536. وانظر كذلك معجم القراءات القرآنية 6/ 192.
(2)
أخرجه الطبراني عن عبد الله بن مغفل، انظر كنز العمال رقم (14643).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن بشر بن عاصم، انظر كنز العمال رقم (14638).
(4)
أخرجه مسلم في الجامع الصحيح، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، رقم الحديث (1204).