المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة التاسعة: قوله تعالى: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ - القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية

[محمد الحبش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌مقدمة بقلم فضيلة الشيخ صادق حبنكة رئيس مجلس قراء دمشق

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول علم القراءات

- ‌الفصل الأول معنى القراءات وغاياتها

- ‌المبحث الأول تمهيد في الحفظ الإلهي للنّص القرآني

- ‌المبحث الثاني الوحي هو المصدر الوحيد للقراءات المتواترة

- ‌المبحث الثالث حكمة القراءات

- ‌المبحث الرابع الأصل اللغوي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث الخامس الأصل الشّرعي لكلمة (قراءة)

- ‌المبحث السادس القراءات والأحرف السبعة

- ‌الفصل الثاني تاريخ القراءات

- ‌المبحث الأول القراءات في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني القرّاء من الصحابة الكرام

- ‌1 - أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه (51 ق. هـ- 13 ه

- ‌2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه (40 ق. هـ- 23 ه

- ‌3 - عثمان بن عفان رضي الله عنه (47 ق. هـ- 35 ه

- ‌4 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه (23 ق. هـ- 40 ه

- ‌5 - طلحة بن عبيد الله (38 ق. هـ- 36 ه

- ‌6 - سعد بن أبي وقاص (23 ق. هـ- 55 ه

- ‌7 - عبد الله بن مسعود (ت 32 ه

- ‌8 - عمرو بن العاص (50 ق. هـ- 58 ه

- ‌9 - أبيّ بن كعب (ت 21 ه

- ‌10 - أبو هريرة (21 ق. 59 ه

- ‌11 - عبد الله بن عمر بن الخطاب (10 ق. هـ- 73 ه

- ‌12 - سالم مولى أبي حذيفة:

- ‌13 - زيد بن ثابت (11 ق. هـ- 45 ه

- ‌14 - معاذ بن جبل (20 ق. هـ- 18 ه

- ‌15 - عبد الله بن عباس (3 ق. هـ- 68 ه

- ‌16 - عبد الله بن عمرو بن العاص (7 ق. هـ- 65 ه

- ‌17 - عبد الله بن الزبير (1 هـ- 73 ه

- ‌18 - عبد الله بن السائب المخزوميّ، أبو السّائب (ت 70 ه

- ‌19 - أنس بن مالك بن النضر الأنصاريّ، أبو حمزة (ت 91 ه

- ‌20 - مجمّع بن جارية (ت 50 ه

- ‌21 - ثابت بن زيد (ت 12 ه

- ‌22 - سعد بن عبيد (ت 16 ه

- ‌23 - أبو الدرداء (ت 32 ه

- ‌24 - حذيفة بن اليمان العبسيّ (ت 36 ه

- ‌(فائدة) موقف مجتهدي الشيعة من مسألة سلامة النّص القرآني:

- ‌1 - العلامة أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القميّ، المشهور بالصدوق (ت 381 ه

- ‌2 - السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي (ت 436 ه

- ‌3 - الشيخ أبو علي الطبرسي، صاحب تفسير مجمع البيان

- ‌المبحث الثالث عصر أئمة القراءة

- ‌1 - قراءة نافع في المدينة:

- ‌2 - قراءة ابن كثير في مكة:

- ‌3 - قراءة أبي عمرو البصري في البصرة:

- ‌4 - قراءة ابن عامر الشامي:

- ‌5 - قراءة عاصم في الكوفة:

- ‌6 - قراءة حمزة في الكوفة:

- ‌7 - قراءة الكسائي في الكوفة:

- ‌8 - قراءة أبي جعفر:

- ‌9 - قراءة يعقوب الحضرمي:

- ‌10 - قراءة خلف:

- ‌11 - الحسن البصري (21 - 110 ه

- ‌12 - يحيى اليزيدي (138 - 202 ه

- ‌13 - ابن محيصن (…- 123 ه

- ‌14 - ابن شنبوذ (…- 338 ه

- ‌المبحث الرابع عصر ابن مجاهد وتدوين القراءات

- ‌أهمية الكتاب:

- ‌المبحث الخامس دور الشاطبي في تقرير تواتر القراءات السبعة

- ‌المبحث السادس ابن الجزري ودوره في نشر القراءات

- ‌الباب الثاني أثر القراءات المتواترة في الرسم القرآني

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول تاريخ الرسم القرآني

- ‌المبحث الأول الرسم في عهد النّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني رسم القرآن الكريم في عهد الصحابة

- ‌1 - الوثيقة الأولى:

- ‌2 - الوثيقة الثانية:

- ‌أول جمع للقرآن:

- ‌المبحث الثالث الرسم العثماني

- ‌خط المصاحف:

- ‌مصاحف الصحابة الخاصة:

- ‌المبحث الرابع أثر الرسم العثماني في ضبط القراءات

- ‌الفصل الثاني نقط القرآن الكريم وشكله

- ‌المبحث الأول مرحلة شكل القرآن وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الثاني نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب شكل القرآن

- ‌المبحث الثالث مرحلة نقط القرآن الكريم وعلاقتها بضبط القراءات

- ‌المبحث الرابع نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب تنقيط القرآن

- ‌الفصل الثالث تحسينات الرّسم القرآني وأثرها في القراءات

- ‌تمهيد:

- ‌فمن النوع الأول:

- ‌ومن النوع الثاني:

- ‌المبحث الأول: الألف الخنجرية

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن المصاحف المطبوعة اليوم بسبب إثبات الألف الخنجرية

- ‌المبحث الثاني: إثبات الحروف المتروكة

- ‌المبحث الثالث: إثبات الهمزات

- ‌نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات الهمزات

- ‌المبحث الرابع: إثبات علامات المدّ

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات المدّ

- ‌المبحث الخامس: إثبات علامات الصلة

- ‌نماذج من أداء وجوه القراءات المتواترة التي غابت بسبب إثبات علامات الصلة

- ‌المبحث السادس: علامات الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌نماذج من صيغ الأداء المتواترة التي يتعذر الإتيان بها على المصاحف الشائعة بسبب رسم قاعدة الإدغام والإخفاء والإظهار

- ‌المبحث السابع: وجوه أخرى

- ‌الباب الثالث أثر القراءات المتواترة في الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد في طبيعة اختلاف القراءات وجدواها:

- ‌تمهيد في تصنيف الأحكام الشرعية الناشئة من اختلاف القراءات المتواترة:

- ‌جدول إحصائي بالأحكام الشرعية ([الأحكام الاعتقادية])

- ‌[جدول إحصائي بالأحكام الشرعية] الأحكام الفقهية

- ‌الفصل الأول الأحكام الاعتقادية

- ‌تمهيد في طبيعة الخلافات في الأحكام الاعتقادية:

- ‌تمهيد في علاقة القراءات بالمحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الأول الإلهيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني النّبوات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌المسألة الرابعة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث الغيبيّات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة عشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في العمل والجزاء

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌الفصل الثاني الأحكام الفقهية

- ‌المبحث الأول العبادات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشر:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثاني في المعاملات

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الثالث في النّكاح

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الرابع في الحدود

- ‌المسألة الأولى:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث الخامس في الجهاد

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الرابعة

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌فائدة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة التاسعة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌فائدة:

- ‌المسألة العاشرة:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الحادية عشرة:

- ‌المبحث السادس في الأيمان

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌وثمرة الخلاف:

- ‌المبحث السابع في الأقضية

- ‌المسألة الأولى:

- ‌ثمرة الخلاف:

- ‌الباب الرابع الخاتمة

- ‌خاتمة:

- ‌اقتراحات:

- ‌أولا- الجمع الصوتي للقرآن الكريم:

- ‌ثانيا- مشروع إصدار مصحف القراءات:

- ‌ثالثا- مشروع كتابة مصحف عثمان:

- ‌رابعا- مشروع إحياء الرّوم في النّطق العربي:

الفصل: ‌ ‌المسألة التاسعة: قوله تعالى: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ

‌المسألة التاسعة:

قوله تعالى: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف: 18/ 51].

قرأ سائر العشرة إلا أبا جعفر: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً.

وقرأ أبو جعفر: (وما كنت متّخذ المضلّين عضدا)(1).

وظاهر أن الضمير بالضم للمتكلم يعود إلى المولى سبحانه وتعالى إذ لم يتّخذ سبحانه عضدا من المضلّين، وفي قراءة أبي جعفر، فإن الضمير بالفتح للمخاطب، وهو النّبي صلى الله عليه وسلم.

وقد أورد الألوسي في روح المعاني أن الحسن وشيبة قرآ بمثل ما قرأ يعقوب (2)، والمعنى أنه لا يصح لك الاعتضاد بهم إذ مرادهم تنضر الناس من الدخول في الإسلام،

وأشار إلى أن ذلك نزل حين طلب المشركون من النّبي صلى الله عليه وسلم أن يخصهم بمجلسه، ويطرد عنهم فقراء المسلمين (3).

وثمرة الخلاف في هذا الباب جليلة وعظيمة، فقد دلّت قراءة الجمهور أن الله لا يتّخذ عضدا من المضلّين، وهذا متّفق عليه بين سائر أهل الملة، ولكن أضافت قراءة أبي جعفر معنى آخر جليلا، وهو أن النّبي صلى الله عليه وسلم لا يتّخذ عضدا من المضلّين، وهو أمر تكويني وتكليفي، ولا يجوز أن يقال بأن النّبي صلى الله عليه وسلم اتّخذ أحدا من المضلّين عضدا له وعونا، بعد أن دلّت لهذا القراءة المتواترة، وقد بيّنت لك جزم ابن الجزري بتواترها (4).

ومن هذه المقدمة يظهر لنا أن السؤال الذي يوجه هنا لعامة الشيعة كيف يمكن أن يكون

(1) تقريب النّشر لابن الجزرى 137.

وعبارة طيبة النّشر:

...

أشهدت أشهدنا، وكنت التاء ضم سواه

...

ولم يأت الشاطبي على ذكر هذه القراءة لأنه اقتصر على السبع.

(2)

روح المعاني للآلوسي 15/ 296.

(3)

المصدر نفسه.

(4)

انظر هامش الصفحة السابقة.

ص: 154

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أبي بكر وعمر وعثمان بجليل الأعمال، وأخطر المسئوليات مما لا ينكره القوم، ثم هم بعد ذلك من المضلّين؟! أليس ذلك طعنا في أمانة النّبي صلى الله عليه وسلم، واتّهاما له بالإعراض عن أمر ربّه بعد أن نهاه عن اتّخاذ المضلّين عضدا وعونا؟! وهكذا فإن اتّهام كبار الصحابة بالفسق والخيانة ما هو في الحقيقة إلا اتّهام مبطن لمقام النّبي صلى الله عليه وسلم؛ الذي نهاه الله عز وجل أن يتّخذ أعوانا من المضلّين.

ومع أني لم أعثر على استدلال بهذه القراءة لأحد من المفسّرين، ولكن القراءة كما ترى من أظهر الأدلة على عدالة الصحابة، واستقامتهم، وتزكيتهم، إذ لا ينازع الشيعة في أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أصهر إلى الشيخين، ودفع ابنتيه إلى عثمان، وعهد إلى الصّدّيق بمعاضدته في الهجرة، واستشار عمر في أمر الأسرى وأمور أخرى، وعهد إلى عثمان بمفاوضة قريش يوم الحديبية، فكيف يسند إليهم هذه الأعمال الجليلة، وهي من أبرز أشكال المعاضدة والمناصرة، ثم يقولون بعد ذلك: إن هؤلاء الصحابة كانوا من المضلّين! وأين يمضون بمذهبهم في وجه هذه الآية المتواترة: (وما كنت متخذ المضلّين عضدا)، والحق أن عدالة الصحابة من المسائل التي تضافرت عليها الأدلة من القرآن والسّنة الصحيحة، وحظيت بإجماع السّلف من أهل السّنة والجماعة، وقد لخّص الإمام أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي مذهب الأمة الإسلامية في عدالة الصحابة ومبررات هذا المذهب بقوله:

«إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حقّ، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسّنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة» (1).

(1) العواصم من القواصم لابن العربي المالكي، ط المكتبة العلمية بلبنان 34.

ويجب الإشارة هنا إلى أنّ ما ذهب إليه أبو زرعة من الجزم بزندقة من يطعن في الصحابة الكرام ليس محل اتّفاق بإطلاق، وإلا للزم من ذلك زندقة الصحابة أنفسهم، إذ إنه استفاض طعن علي في معاوية، وطلحة والزبير، وطعن سعد بن عبادة في خيرة المهاجرين، ومثل ذلك في كتب السّير كثير، وليس هذا محل إحصائه.

وإنما مراد أبي زرعة رحمه الله تجريح من طعن في صدقهم في الرواية عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، فذلك لم ينقل عن أحد من السّلف الصالح، وعلى الرغم مما وقع بين الصحابة من حروب؛ غير أنه لم ينقل عن أحد منهم اتّهام آخر في كذب بالرواية عن النّبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 155