الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب بيع القلادة)
إِذا كَانَت القلادة يُحِيط الْعلم بِوَزْن مَا فِيهَا من الذَّهَب (وَيعلم أَنه أقل من الذَّهَب)(الَّذِي) بِيعَتْ بِهِ، أَو لَا يُحِيط الْعلم بوزنه إِلَّا أَنه يعلم فِي الْحَقِيقَة أَنه أقل من الثّمن الَّذِي بِيعَتْ بِهِ القلادة وَهُوَ ذهب، فَالْبيع جَائِز، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنا رَأينَا الذَّهَب لَا يجوز أَن يُبَاع بِذَهَب إِلَّا مثلا بِمثل، ورأيناهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي دينارين أَحدهمَا فِي الْجَوْدَة أفضل من الآخر صَفْقَة وَاحِدَة، بدينارين متساويين فِي الْجَوْدَة، أَو بِذَهَب (غير) مَضْرُوب جيد، أَن البيع جَائِز. فَلَو كَانَ ذَلِك مردودا إِلَى حكم (الْقِسْمَة) كَمَا ترد الْعرُوض إِذا بِيعَتْ بِثمن وَاحِد، إِذا لفسد البيع، لِأَن الدِّينَار الرَّدِيء نصِيبه أقل من وَزنه إِذا كَانَت قِيمَته أقل من قيمَة الدِّينَار الآخر. فَلَمَّا اتَّفقُوا على صِحَة البيع، وَكَانَت السّنة قد ثبتَتْ بِأَن الذَّهَب تبره وعينه سَوَاء، ثَبت بذلك أَن حكم الذَّهَب فِي البيع إِذا كَانَ بِذَهَب على غير (قسْمَة) الْقيم، وَأَنه مَخْصُوص فِي ذَلِك الحكم بِحكم دون سَائِر الْعرُوض الْمَبِيعَة صَفْقَة وَاحِدَة، وَأَن مَا يُصِيبهُ من الثّمن هُوَ وَزنه لَا مَا تصيبه قِيمَته.
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ عَن (حَنش) أَنه قَالَ: " كَانَ مَعَ فضَالة بن عبيد (فِي غزَاة) ، فَصَارَت لي ولأصحابي قلادة فِيهَا ذهب وورق وجوهر، فَأَرَدْت أَن
أشتريها، فَسَأَلت فضَالة فَقَالَ: انْزعْ ذهبها فاجعله فِي كفة، وَاجعَل ذهبك فِي كفة، لَا تَأْخُذ إِلَّا مثلا بِمثل، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يَقُول: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا (يَأْخُذن) إِلَّا مثلا بِمثل ".
قيل لَهُ: الْأَمر بالتفصيل من قَول فضَالة، فقد (يجوز أَن) يكون أَمر بذلك على أَن البيع لَا يجوز عِنْده فِي (هَذَا) الذَّهَب حَتَّى يفصل، وَقد يجوز أَن يكون أَمر بذلك لإحاطة علمه أَن تِلْكَ القلادة لَا يُوصل إِلَى علم مَا فِيهَا من الذَّهَب وَإِلَى مِقْدَاره إِلَّا بعد أَن يفصل، أَو يكون مَا فِيهَا من الذَّهَب أَكثر من الثّمن.
يُؤَيّد هَذَا مَا روى (أَبُو دَاوُد) : عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: " اشْتريت يَوْم خَيْبَر قلادة بِاثْنَيْ عشر دِينَارا فِيهَا ذهب وخرز، ففصلتها فَوجدت فِيهَا أَكثر من اثْنَي عشر دِينَارا، / فَذكرت ذَلِك للنَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: لَا تبَاع حَتَّى تفصل "
وَأما قصَّة مُعَاوِيَة مَعَ أبي الدَّرْدَاء، فَيجوز أَن تكون تِلْكَ فِيهَا من الذَّهَب أَكثر مِمَّا اشْتريت بِهِ أَو بِيعَتْ بنسيئة.